رئيس التحرير: عادل صبري 03:28 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعد إطلاق سراح المجرمين.. متظاهرو بورما يشكلون لجانا شعبية

بعد إطلاق سراح المجرمين.. متظاهرو بورما يشكلون لجانا شعبية

العرب والعالم

جانب من مظاهرات بورما

بعد إطلاق سراح المجرمين.. متظاهرو بورما يشكلون لجانا شعبية

متابعات 14 فبراير 2021 11:48

تواصلت التظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري في بورما، رغم تصاعد وتيرة القمع وتزايد الاعتقالات في صفوف المعتقلين، وهو ما دفع المواطنين في عدة مدن لتشكيل لجان شعبية لحماية الناشطين المطاردين من قبل أجهزة الأمن، وسط تحذيرات عسكرية بملاحقة كل من يؤوي ناشطين مطلوبين.

 

ونزل البورميون، صباح اليوم الأحد، ولليوم التاسع على التوالي، إلى الشارع وتجمعوا بالمئات قرب معبد شيوداغون الشهير في وسط رانغون كبرى مدن بورما، للمطالبة بالديموقراطية وتحرير زعيمتهم، رئيسة الوزراء الفعلية، أونغ سان سو تشي.

 

وأظهر مقطع فيديو تم تصويره في أحد أحياء رانغون العاصمة الاقتصادية وكبرى مدن البلاد، العديد من السكان يحتلون شارعاً مُتحدّين حظر التجول، بعد شائعات عن عملية مداهمة للشرطة التي حضرت لاعتقال منشقين.  وطرق هؤلاء على الآواني مردّدين: "نحن، شعب سان تشونغ، هل نحن متّحدون؟ نحن كذلك! نحن كذلك!".

مطاردة النشطاء

يأتي ذلك فيما تجاهل العسكريون الحاكمون في بورما الانتقادات المتعاظمة مشددين قمعهم للتعبئة المتواصلة في البلاد، ونشر المجلس العسكري الحاكم برئاسة الجنرال مين أونغ هلاينغ قائمة تضم أسماء سبعة ناشطين مطلوبين بسبب تشجيعهم على التظاهر.

 

وقال بيان عسكري "إذا عثرتم على أحد الفارين المذكورين في القائمة أو إن توافرت لديكم معلومات عنهم بلغوا أقرب مركز للشرطة. من يؤوي هؤلاء سيواجه ملاحقات بموجب القانون".

 

منذ بدء حركة الاحتجاجات، أوقف العسكريون نحو 400 مسؤول سياسي وناشط وأفراد من المجتمع المدني بينهم صحفيون وأطباء وطلاب. ومن بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه اللائحة مين كو ناينغ وهو احد قادة الحركة الطالبية في العام 1988 الذي أمضى عشر سنوات في السجن لدوره في التظاهرات ضد الحكم الديكتاتوري في تلك المرحلة.

 

وقال ناينغ، قبل ساعات من إصدار مذكرة توقيف في حقه، "يوقفون الناس ليلا وعلينا أن نتوخى الحذر". وأتى كلامه في مقطع مصور نشره السبت عبر فيسبوك منتهكا بذلك حظرا صادرا عن المجلس العسكري باستخدام شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وأضاف "قد يقمعون بالقوة وعلينا أن نكون مستعدين".

صلاحيات استثنائية

وجعلت تظاهرات العام 1988 من اونغ سان سو تشي الشخصية الرئيسية في البلاد المنادية بالديموقراطية ما أدى إلى وضعها في الإقامة الجبرية عدة سنوات قبل أن تصل إلى السلطة في العام 2015.

 

وأوقفت أونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام مرة أخرى في الأول من فبراير الجاري، ولم تشاهد منذ ذلك الحين لكن حزبها الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية تبلغ أنها "بصحة جيدة" وهي محتجزة في مقر إقامتها في نايبياداو عاصمة بورما الإدارية من دون إمكانية التواصل مع أي شخص.

 

ومنح مينغ أونغ هلاينغ، أمس السبت، صلاحيات استثنائية للقوى الأمنية التي بات بإمكانها القيام بمهمات تفتيش في المنازل من دون مذكرات رسمية أو توقيف أشخاص لفترة قصيرة من دون إذن قضائي.

 

ومساء الجمعة تشكلت لجان حراسة شعبية بشكل عفوي عبر البلاد مكلفة حراسة الأحياء في حال قيام السلطات بعمليات لتوقيف معارضين. وأظهر مقطع مصور في حي في رانغون عاصمة البلاد الاقتصادية عددا كبيرا من السكان ينزلون إلى الشارع متحدين حظر التجول المفروض بعد انتشار شائعات حول مداهمة للشرطة لتوقيف معارضين.

 

وقال سكان إنهم شكّلوا فرقاً منهم لتسيير دوريات ليلية في شوارع يانغون، أكبر مدينة في ميانمار، خشية مداهمات الاعتقال التي تنفذها السلطات خاصة بعدما أمر قادة الانقلاب بالإفراج عن آلاف المسجونين، ما ينذر يتصاعد وتيرة الجرائم الجنائية.

 

وفي أحياء مختلفة من المدينة راحت مجموعات، معظم أفرادها من الشبان، تطرق الأواني ليلاً، السبت، وهي تلاحق من تعتقد أنهم مشبوهون لتنبيه السكان إليهم. وقال ميو تيين، وهو من سكان حي ساوث أوكالابا، ويعتزم المشاركة في الدوريات الليلية لوكالة "رويترز": "جميع الشوارع القريبة منّي تشكل أيضاً مجموعات للدفاع عن النفس ضد مثيري المشاكل".

تنديد دولي

وفي السياق، صدرت تنديدات دولية كثيرة بشأن الوضع في بورما في الأسبوعين الأخيرين إلا أنها لم تؤد إلى تغيير موقف الانقلابيين. ويؤكد المجلس العسكري أنه استولى على السلطة محترما الدستور وأمر الصحفيين في البلاد بالتوقف عن الحديث عنه على أنه "حكومة انقلابية".

 

ودعا اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الجمعة العسكريين إلى الإفراج فورا عن كل الأشخاص "المعتقلين تعسفيا" ومن بينهم أونغ سان سو تشي وإعادة السلطة إليهم.

 

وقال المجلس خلال جلسة استثنائية، إنه منذ انقلاب الأول من فبراير "تم اعتقال أكثر من 350 من مسؤولين سياسيين وممثلين للدولة وناشطين وأعضاء في المجتمع المدني، بينهم صحفيون ورهبان وطلاب"، معتبرا أن استخدام العنف ضد المتظاهرين "غير مقبول". وخلال هذه الجلسة، واجه نظام الجنرالات ضغوطاً مع تبني قرار يطالب بالإفراج الفوري عن أونغ سان سو تشي.

 

ونظمت تظاهرات تضامن مع البورميين في تايلاند المجاورة التي تضم جالية كبيرة من العاملين الوافدين من بورما، فضلا عن الولايات المتحدة واليابان وأستراليا. إلا أن الحلفاء الكبار للجيش البورمي، لا سيما روسيا والصين، دعوا إلى عدم التدخل في "شؤون بورما الداخلية".

 

تساؤلات وغموض

ويثير الانقلاب العسكري ضد الحكومة المدنية، العديد من التساؤلات حول الحاجة إلى ذلك التحرك العنيف فيما يحكم الجيش قبضته على السلطة بالفعل، من خلال تحكمه بمفاصل الاقتصاد وسيطرته على ربع مقاعد البرلمان، طبقا للدستور، فضلا عن إمساكه بمعظم الوزارات الحساسة، مثل الدفاع والداخلية والحدود.

 

ويتحدث محللون عن دوافع شخصية لقائد الجيش الجنرال "مين أونغ هلاينغ" الذي تولى مقاليد الحكم عقب الانقلاب، فالجنرال الذي يعد بمثابة الحاكم الفعلي للبلاد كان يستعد للتقاعد بعد عقد كامل من الإمساك بزمام الجيش والسلطة، وهو ربما لم يكن يفضل تلك النهاية الهادئة، ويرغب بقضاء مزيد من الوقت فوق سدة الحكم.

 

ويشير البعض إلى خشية هلاينغ من تقاعد غير مريح، في ظل ما تشهده البلاد من انفتاح على المجتمع الدولي، وتصاعد وتيرة انخراط بورما في التجارة الدولية، بعد عقود طويلة من العزلة بسبب الحكم العسكري القاسي وتجميد الحياة السياسية، ويخشى الجنرال القوي من أن يؤدي ذلك الانفتاح إلى مزيد من التآكل في شعبية ونفوذ الجيش، وصولا إلى تعديل الدستور وإلغاء النصوص التي تمنح القوات المسلحة وضعا مهيمنا على مقاليد الحكم.

 

جرائم حرب

ونجح الجنرال في الحفاظ على سلطة الجيش حتى في ظلّ انتقال ميانمار إلى الحكم الديمقراطي، لكنه واجه إدانات عالمية وعقوبات بسبب دوره المزعوم في مهاجمة الجيش للأقليات العرقية. ومع عودة ميانمار تحت قيادته إلى الحكم العسكري، يبدو أن مين أونغ هلاينغ يسعى لتوسيع سلطته وتحديد مستقبل البلاد القريب.

 

وفي أغسطس 2018 قال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه "يجب التحقيق مع كبار الجنرالات العسكريين في ميانمار ، بمن فيهم القائد العام للقوات المسلحة الجنرال مين أونغ هلاينغ ، ومحاكمتهم بتهمة الإبادة الجماعية في شمال ولاية راخين، فضلا عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ولايات راخين وكاشين وشان".

 

ويرى محللون أن نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة والهزيمة المنكرة التي مني بها حزب التضامن الوحدوي والتنمية الحاكم سابقاً الذي أسسه الجيش قبل أن يسلم السلطة رسمياً في 2011، ربما رأى فيها الجيش مؤشرا كافيا على تآكل شعبيته، بصورة ربما تشجع مستشارة الدولة "أون سان سوتشي"، زعيمة حزب "الرابطة الوطنية للديمقراطية" الحاكم، على المضي قدما في تقليص نفوذ الجيش، حيث لم يحصل حزب التضامن سوى على 33 مقعداً من 476 مقعداً، بخلاف نسبة الـ 25% المخصصة للجيش.

 

وقوة الجيش البورمي ليست عسكرية فحسب، بل هي أيضًا اقتصادية، حيث يمتلك 14٪ من ميزانية الدولة. مع ذلك فإن تمويله يتخطى بكثير ما تشير إليه الأرقام الرسمية إذ يتهم بتهريب المخدرات، والدخول في منظومة الفساد، كما يستفيد من الأرباح التي تجنيها شركات مملوكة له إضافة الى نفوذ واسع في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد البورمي.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان