رئيس التحرير: عادل صبري 08:24 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«عار على الجيش».. بورما تواجه الانقلاب بالعصيان المدني

«عار على الجيش».. بورما تواجه الانقلاب بالعصيان المدني

العرب والعالم

اطباء يحتجون ضد الانقلاب

«عار على الجيش».. بورما تواجه الانقلاب بالعصيان المدني

عمر مصطفى 03 فبراير 2021 21:41

يبدو أن الخبرة السيئة للمواطنين في بورما مع قمع الجيش الوحشي لأي احتجاجات أو مظاهرات مناوئة له خلال فترة الحكم العسكري التي امتدت لعقود، قد دفعتهم إلى تجنب ذلك الطريق لمواجهة الانقلاب العسكري الذي وقع الإثنين الماضي، واللجوء إلى خيار العصيان المدني، الذي يعد أكثر فاعلية ويتضمن احتكاكا أقل مع القوة الغاشمة للقوات المسلحة.

 

وأطلقت مجموعة تدعى "حركة العصيان المدني" صفحة على فيسبوك جمعت اليوم الأربعاء نحو 150 الف مشترك. وتضمنت الصفحة شعارات مثل "عار على الجيش" و"العسكريون لصوص"، حيث لم يتردد أطباء وممرضون في إعلان رغبتهم في الاحتجاج.

 

وكتب هؤلاء العاملون في القطاع الصحي في إعلان مشترك "سنطيع فقط حكومتنا المنتخبة ديموقراطيا" فيما يعترض الجيش على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر وحققت فيها الرابطة الوطنية فوزًا كبيرًا.

 

وأضافوا "لقد توقفنا عن الذهاب إلى المستشفيات التي وضعت حاليًا تحت سلطة عسكرية غير شرعية". ومساء الثلاثاء وفي حي تجاري في رانغون عاصمة البلاد الاقتصادية، كان سكان يقرعون على الطناجر للاحتجاج فيما ردد بعضهم "لتحيا الأم سو" في إشارة إلى أونغ سان سو تشي.

 

الخوف من القمع

وكانت سان سو تشي قد توقعت احتمال حدوث انقلاب فأعدت رسالة خطية قبل اعتقالها حضت فيها الشعب البورمي على "عدم القبول بالانقلاب".

 

لكن الخوف من أعمال انتقامية لا يزال كبيرًا في البلاد التي عاشت منذ استقلالها العام 1948 تحت حكم ديكتاتورية عسكرية على مدى خمسين عامًا. واعتبر فرنسيس وايد وهو مؤلف كتب عن البلاد أن "الشعب يدرك إلى أي حد يمكن أن يستخدم الجيش العنف وعدم اكتراثه بالسمعة الدولية، وهذا يمكن أن يكبح الرغبة في التعبئة".

 

وانقلب الجيش يوم الاثنين بشكل مفاجئ على الانتقال الديموقراطي الهش في البلاد عبر فرض حالة الطوارئ لمدة سنة واعتقل رئيسة الحكومة المدنية بحكم الأمر الواقع أونغ سان سو تشي ومسؤولين آخرين من حزبها "الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية".

 

ونشرت صحيفة "جلوبال نيو لايت أوف ميانمار" الخاضعة لسيطرة الدولة، اليوم الأربعاء تحذيرًا من وزارة الإعلام يقول "بعض المنظمات ووسائل الإعلام ينشر شائعات على شبكات التواصل الاجتماعي". وحذّرت من القيام بمثل هذه الأعمال، داعية السكان الى "التعاون".

وصمة عار

في المقابل، دعا حزب اونغ سان سو تشي (75 عامًا) على فيسبوك "للإفراج" فورا عن الزعيمة البورمية والمسؤولين الآخرين في الحزب منددا ب"وصمة عار في تاريخ الدولة". وأضاف الحزب الذي وصل الى السلطة منذ  الانتخابات التشريعية في 2015، أن على الجيش "الاعتراف بنتيجة" انتخابات نوفمبر.

 

جاء ذلك بعدما وجهت الشرطة في بورما اتهامات لأونغ سان سو تشي زعيمة البلاد باستيراد معدات اتصالات على نحو مخالف للقانون، مضيفة أنها ستظل رهن الاحتجاز حتى 15 فبراير لإجراء تحقيقات.

 

وجاء في طلب قدمته الشرطة إلى المحكمة ويشمل تفاصيل الاتهامات الموجهة لسو تشي (75 عامًا) أنه تم العثور على أجهزة لاسلكي في منزلها بالعاصمة نايبيداو. وذكرت الشرطة أن هذه الأجهزة مستوردة بطريقة غير قانونية وتم استخدامها دون إذن.

 

وطالبت الوثيقة، التي جرى الاطلاع عليها اليوم الأربعاء، باحتجاز سو تشي "لاستجواب شهود وجمع أدلة وطلب المشورة القانونية بعد استجواب المتهمة". وكشفت وثيقة منفصلة أن الشرطة وجهت للرئيس وين مينت الذي أطيح به اتهامات بموجب قانون إدارة الكوارث.

 

وقال حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الذي تتزعمه سو تشي اليوم الأربعاء إن مكاتبه في عدة مناطق من البلاد تعرضت للمداهمة، وحث السلطات على وقف ما وصفها بأنها أفعال غير قانونية بعد فوزه في الانتخابات التي أجريت في الثامن من نوفمبر.

 

وبحسب نائبة في الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية طلبت عدم ذكر اسمها فإن اونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام العام 1991 ووين مينت وضعا "في الإقامة الجبرية" في العاصمة نايبيداو. وذكر متحدث باسم الحزب انه لم يتم اجراء اي اتصال مباشر معها، حتى وأن شاهدها جيران تتنزه في حديقة مقر إقامتها الرسمي. ووعد الجيش بإجراء انتخابات جديدة حين يتم رفع حالة الطوارئ.

دوافع الانقلاب

يثير الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش في بورما ضد الحكومة المدنية، العديد من التساؤلات حول الحاجة إلى ذلك التحرك العنيف فيما يحكم الجيش قبضته على السلطة بالفعل، من خلال تحكمه بمفاصل الاقتصاد وسيطرته على ربع مقاعد البرلمان، طبقًا للدستور، فضلا عن إمساكه بمعظم الوزارات الحساسة، مثل الدفاع والداخلية والحدود.

 

ويتحدث محللون عن دوافع شخصية لقائد الجيش الجنرال "مين أونغ هلاينغ" الذي تولى مقاليد الحكم عقب الانقلاب، فالجنرال الذي يعد بمثابة الحاكم الفعلي للبلاد كان يستعد للتقاعد بعد عقد كامل من الإمساك بزمام الجيش والسلطة، وهو ربما لم يكن يفضل تلك النهاية الهادئة، ويرغب بقضاء مزيد من الوقت فوق سدة الحكم.

 

ويشير البعض إلى خشية هلاينغ من تقاعد غير مريح، في ظل ما تشهده البلاد من انفتاح على المجتمع الدولي، وتصاعد وتيرة انخراط بورما في التجارة الدولية، بعد عقود طويلة من العزلة بسبب الحكم العسكري القاسي وتجميد الحياة السياسية، ويخشى الجنرال القوي من أن يؤدي ذلك الانفتاح إلى مزيد من التآكل في شعبية ونفوذ الجيش، وصولا إلى تعديل الدستور وإلغاء النصوص التي تمنح القوات المسلحة وضعا مهيمنا على مقاليد الحكم.

 

ونجح الجنرال في الحفاظ على سلطة الجيش حتى في ظلّ انتقال ميانمار إلى الحكم الديمقراطي، لكنه واجه إدانات عالمية وعقوبات بسبب دوره المزعوم في مهاجمة الجيش للأقليات العرقية. ومع عودة ميانمار تحت قيادته إلى الحكم العسكري، يبدو أن مين أونغ هلاينغ يسعى لتوسيع سلطته وتحديد مستقبل البلاد القريب.

 

وفي أغسطس 2018 قال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه "يجب التحقيق مع كبار الجنرالات العسكريين في ميانمار ، بمن فيهم القائد العام للقوات المسلحة الجنرال مين أونغ هلاينغ ، ومحاكمتهم بتهمة الإبادة الجماعية في شمال ولاية راخين، فضلا عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ولايات راخين وكاشين وشان".

إدانة دولية

وأثار الانقلاب الذي تزعمه قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلاينغ الذي بات يجمع حاليا كل السلطات تقريبا على رأس حكومة عسكرية، موجة إدانات دولية. وبعدما هددت بفرض عقوبات جديدة، صعدت إدارة جو بايدن لهجتها الثلاثاء ضد بورما، في أول اختبار دولي للرئيس الأمريكي الجديد.

 

وقالت مسؤولة أمريكية "خلصنا إلى أن أونغ سان سو تشي زعيمة الحزب الحاكم في بورما ووين مينت رئيس الحكومة المنتخب أقيلا في انقلاب عسكري".

 

ويعطل هذا القرار القانوني المساعدة المباشرة لدولة بورما. لكن هذا القرار يبقى رمزيا الى حد كبير لأن الجيش البورمي يتعرض أساسا لعقوبات منذ الفظاعات التي ارتكبها جنوده في 2017 ضد أقلية الروهينغا المسلمة، في أزمة دفعت بمحققي الأمم المتحدة الى اتهام بورما بارتكاب "إبادة".

 

ونددت مجموعة السبع الكبرى لأكبر اقتصادات في العالم بالانقلاب العسكري اليوم الأربعاء وقالت إنه يتعين احترام نتيجة الانتخابات. وقالت المجموعة في بيان "ندعو الجيش إلى إنهاء حالة الطوارئ على الفور وإعادة السلطة إلى الحكومة المنتخبة ديمقراطيا وإطلاق سراح جميع من تم احتجازهم دون حق واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون".

وعقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء اجتماعا طارئا في جلسة مغلقة، لكنه لم يتمكن من الاتفاق على نص مشترك. وقال دبلوماسي رفض الكشف عن اسمه إن المفاوضات لا تزال جارية.

 

ومن أجل اعتماد إعلان مشترك، يجب الحصول على دعم الصين التي تملك حق النقض بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي. لكن بكين تبقى الحليف الرئيسي لبورما في الامم المتحدة.

 

وخلال أزمة الروهينغا تصدت الصين لكل مبادرة في مجلس الأمن الدولي معتبرة أن النزاع مع الأقلية المسلمة في البلاد هو من الشؤون الداخلية البورمية.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان