رئيس التحرير: عادل صبري 07:28 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

اغتصاب وعنف.. نساء تيجراي «غنائم حرب» للأمهرة والإريتريين

اغتصاب وعنف.. نساء تيجراي «غنائم حرب» للأمهرة والإريتريين

عمر مصطفى 24 يناير 2021 15:57

تتكشف يوما بعد آخر فظائع انتهاكات الجيش الإثيوبي في إقليم تيجري، الذي سعى للانفصال سلطة رئيس الوزراء أبي أحمد، ما دفع الأخير لشن حرب ضارية ضد الإقليم استعان فيها بحلفائه في إقليم أمهرة وبقوات إريترية، خاصة أنهما لديهما علاقات صراع تاريخية مع الإقليم.

 

ورغم أن السلطات الإثيوبية ما زالت تفرض قيودا صارمة على دخل الإعلام ومنظمات الإغاثة إلى الإقليم، إلا أن مخيمات الفارين من الحرب إلى السودان المجاور كشفت فصولا قاسية من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان لم تتوقف حتى الآن رغم إعلان السلطات الإثيوبية بشكل رسمي انتهاء القتال في الإقليم.

 

وتشير أحدث بيانات المفوضية إلى أن ما يربو على 56 ألفا عبروا من تيجراي إلى السودان منذ بدء الصراع.

 

وروت بائعة قهوة، تبلغ من العمر 25 عاما، فرت من الحرب في تيجراي إلى مخيم الحمديات للاجئين بالسودان، كيف فصلها جندي إثيوبي عن عائلتها وأصدقائها عند نهر تكزه واقتادها في طريق مختلف وأعطاها حرية الاختيار بين أمرين مفزعين. وأضافت لوكالة رويترز: "قال لي: اختاري إما أن أقتلك أو اغتصبك".

 

وأكد تواضروس تفيرا ليموه الطبيب الذي عالجها لدى وصولها إلى المخيم في ديسمبر لرويترز إنه أعطاها أقراصا لمنع الحمل والأمراض المنقولة جنسيا وأرشدها إلى طبيب نفسي.

 

وقال الطبيب الذي تطوع للعمل مع الهلال الأحمر السوداني إن المرأة روت له أن "الجندي ... هددها بالسلاح واغتصبها. سألته إن كان معه واق ذكري فقال "ولماذا أحتاج لواق؟". ذكر خمسة من العاملين في مساعدة اللاجئين لحساب جماعات إغاثة دولية وإثيوبية أنهم تلقوا تقارير مشابهة عديدة عن وقوع انتهاكات في تيجراي.

 

وأكدت المرأة الشابة لرويترز إن مغتصبها كان يرتدي الزي الرسمي للجيش الاتحادي الإثيوبي. ووصف العاملون الخمسة في مجال الإغاثة المعتدين بأنهم مقاتلون من ميليشيات من منطقة أمهرة الإثيوبية أو جنود بالجيش الإريتري متحالفون مع قوات الجيش الإثيوبي.

 

ودعت الأمم المتحدة قبل أيام إلى وضع نهاية للاعتداءات الجنسية في الإقليم. وقال مكتب براميلا باتن الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع في بيان صدر الخميس الماضي إن من بين عدد مرتفع من الادعاءات ظهرت تقارير مقلقة بصفة خاصة عن أشخاص أرغموا على اغتصاب أقارب أو اضطروا لمقايضة الاحتياجات الأساسية بالجنس.

 

وقال تلفزيون فانا الذي تربطه صلات بالدولة إن تاي اتسكي سيلاسي سفير إثيوبيا لدى الأمم المتحدة أبلغ باتن أمس السبت أن سياسة إثيوبيا تقوم على عدم التهاون مطلقا مع العنف الجنسي.

وسبق أن نفت السلطات الإثيوبية أي انتهاكات حقوقية وأشارت بإصبع الاتهام إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الحزب الحاكم سابقا في الإقليم الذي اتهمت إثيوبيا قواته بالتمرد. وقالت باتن في البيان "أدعو كل الأطراف المشاركة في العمليات العسكرية في إقليم تيجراي إلى الالتزام بسياسة عدم التهاون مطلقا في جرائم العنف الجنسي".

 

وقال البيان إن النساء والبنات في مخيمات اللاجئين داخل إثيوبيا يتعرضن فيما يبدو للاستهداف بصفة خاصة وإن المراكز الطبية تتعرض لضغوط لتنفيذ تدابير طارئة لمنع الحمل واختبارات للأمراض المعدية المنقولة جنسيا. ولم تستطع رويترز التحقق من مصدر مستقل من روايات الاغتصاب.

 

من جانبه، قال جيزاتشو ملونيه المتحدث باسم إقليم أمهرة لرويترز هاتفيا "ليس لدي أي معلومات عن ذلك". وقد نفت إثيوبيا وإريتريا وجود قوات إريترية في إثيوبيا مناقضة بذلك عشرات المقابلات مع شهود عيان وما قاله دبلوماسيون وجنرال إثيوبي.

 

وفي اجتماع لمسؤولي الأمن في مقلي، عاصمة إقليم تيجراي، بثه التلفزيون الإثيوبي هذا الشهر تحدث جندي عن حدوث انتهاكات حتى بعد سقوط المدينة في أيدي القوات الاتحادية. وقال الجندي الذي لم يذكر اسمه "ثار غضبي أمس. لماذا تُغتصب امرأة في مدينة مقلي؟ لن يكون الأمر صادما إذا حدث خلال الحرب ... لكن نساء تعرضن للاغتصاب أمس واليوم في مناطق كانت الشرطة المحلية والشرطة الاتحادية موجودة فيها".

ووصف الطبيب تواضروس بمخيم اللاجئين حالتي اغتصاب أخريين تعامل معها. فقد قالت امرأة إنها هربت من مدينة راويان في تيجراي وتحدثت عن ثلاثة جنود ذكرت أنهم من قوات أمهرة الخاصة طرقوا بابها.

 

وعندما رفضت السماح لهم بالدخول شقوا طريقهم عنوة إلى داخل البيت واعتدوا عليها. وقال أحد العاملين بالإغاثة في بلدة ووكرو لرويترز إن نساء روت كيف تم إجبار أزواج على الركوع ومشاهدة اغتصاب جنود إريتريون زوجاتهم.

 

وقال رجل يعمل بالخدمات الطبية في أديجرات إنه عالج ست نساء تعرضن للاغتصاب من جانب مجموعة من الجنود الذين أمروهن بعدم طلب المساعدة بعد ما حدث. وأضاف أنهن تشجعن على المجيء للعيادة بعد أيام لكن لم تكن هناك أدوية لعلاجهن.

 

وفي مقلي قال أحد العاملين بالخدمات الطبية إن رجلا تعرض للضرب المبرح بعد أن توسل لجنود أن يتوقفوا عن اغتصاب فتاة عمرها 19 عاما. وأضاف أنه عالج الرجل والفتاة. وقالت جمعية الشداي الخيرية في مقلي إنها أعدت 50 سريرا لضحايا الاغتصاب.

وكان مسؤول حكومي محلي في إثيوبيا قد كشف مطلع يناير الجاري أنَّ حوالي 2.2 مليون شخص نزحوا داخل إقليم تيجراي منذ نشوب الصراع هناك في نوفمبر الماضي وإن نصفهم هربوا بعد أن أُحرقت منازلهم.

 

ويفوق العدد الذي كشف عنه جبرميسكل كاسا المسؤول الكبير في الإدارة الانتقالية التي عينتها الحكومة الاتحادية في تيجراي خلال مقابلة أذاعتها قناة (إي.تي.في) الحكومية، تقديرات سابقة لعدد النازحين في الإقليم ذهبت إلى أن 950 ألفًا نزحوا بينهم 50 ألفًا فروا إلى دول مجاورة.

 

ومنعت الحكومة الاتحادية دخول تيجراي بعد نشوب القتال في الرابع من نوفمبر بين قواتها والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وهي حزب سياسي كان يحكم الإقليم.

 

وأعلنت الحكومة النصر في أواخر نوفمبر لكن الجبهة تعهدت بمواصلة القتال. وأثار الصراع في تيجراي تساؤلات عما إذا كان بمقدور رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام لم شمل الجماعات العرقية المنقسمة في البلاد.

 

ورأت مجلة دير شبيجل الألمانية، في تقرير نشرته ديسمبر الماضي، أنه على الرغم من أنّ رئيس الوزراء آبي أحمد يدعي أنه انتصر في معركته ضد إقليم تيجراي، إلا أن السلام لا يلوح في الأفق، حيث يستعد المتمردون لحرب عصابات، وفي غضون ذلك، تتدخل القوات الإريترية في القتال.

 

ونقلت المجلة عن متمرد إثيوبي من أبناء تيجراي يدعى ودي جير، قوله إن "قوات تيجراي تواصل العمل سرا في المدن التي تخلت عنها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، ويقومون بتجنيد المزيد من المقاتلين الشباب لتعزيز قوتهم العسكرية".

 

وتابع: ''انسحبنا من المدن ونقلنا القوات إلى المرتفعات بعد أن أعلن الجيش الإثيوبي أنه سيقصف العاصمة ميكيلي بشكل عام، وقد دخلت القوات الحكومية عمدا المدن من أجل التسبب في وقوع خسائر في صفوف المدنيين''.

 

وزاد قائلا: ''ما زال يدور القتال في العديد من مناطق تيجراي، ولكن ليس في المدن. وطالما تم احتلال قطعة من تيجراي من قبل قوات العدو  من الجيش الإثيوبي، أو القوات الإريترية أو القوات من مقاطعة أمهرة المجاورة، فليس هناك فرصة لإحلال السلام في تيجراي أو في كامل  إثيوبيا''. واستدرك: ''من الأطفال إلى الشيوخ، سنقاتل حتى آخر قطرة دم وندافع عن سيادة الوطن!".

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان