يعقد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، اليوم الخميس، اجتماعا حاسما في بروكسل مع المسؤولين الأوروبيين، حيث تقوم أنقرة بانعطافة إيجابية نحو الجوار الأوروبي، تحسبا لسياسة غير ودية تجاهها من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن.
ويلتقي أوغلو مع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزف بوريل فيما يستقبله الجمعة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ. ويرحب الأوروبيون بعزم الرئيس التركي على تهدئة العلاقات التي اصبحت مضطربة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم قد لا يكتفون بـ "إعلان النوايا" هذا ويريدون "أفعالا ملموسة" على ما قال بيتر ستانو الناطق باسم بوريل، الاثنين الماضي.
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبرون لوكالة فرانس برس "نأمل أن تتحول أقوال الرئيس التركي سريعا إلى أفعال ملموسة ودائمة تثبت إرادته الحسنة الفعلية حيال الاتحاد الأوروبي". لكنه حذر من "أن احدا لن يغض الطرف. فالاتحاد الأوروبي لا يزال عازما على الدفاع عن مصالحه ومصالح الدول الأعضاء فيه فضلا عن المحافظة على الاستقرار الإقليمي".
نقاط الخلاف
وتتعدد نقاط التوتر بين أنقرة وبروكسل ولا سيما النزاع مع اليونان وقبرص وضلوع تركيا في النزاعات في سوريا وليبيا وناغورني قره باغ والخلاف مع باريس وانتهاكات حظر الأمم المتحدة على الأسلحة في ليبيا والتحركات العسكرية العدائية في شرق المتوسط.
ومد القادة الأوروبيون اليد للرئيس اردوغان في يوليو 2020 لكنه رفضها. وقرر قادة الدول الأوربية في ديسمبر فرض عقوبات على انقرة لاستمرارها في عمليات التنقيب عن الغاز في مناطق متنازع عليها مع قبرص واليونان.
وسيدرج الأوربيون أسماء جديدة على قائمة للعقوبات تضم اسم مسؤولين اثنين في شركة النفط التركية منعا من الحصول على تأشيرات دخول وجمدت أصولهما في الاتحاد الأوروبي. وأوضح جان أسيلبورن ان "العمل على هذه القائمة جار وهو معقد ومن المبكر الحديث عن نتائجه أو الموعد المحدد لإنجازه".
إلا أن دبلوماسيا أوروبيا قال إنه قد يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أسماء عدة خلال اجتماع وزراء الخارجية في 25 يناير الجاري. وأمام أنقرة مهلة شهرين لإقناع الاتحاد الأوروبي بحسن نواياها، حيث يعرض جوزف بوريل تقريرا حول العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وسيقترح خيارات على القادة الأوروبيين خلال قمة تعقد في مارس.
فقدان الثقة
ولا يثق الأوروبيون بالرئيس التركي الذي كانت له مواقف متقلبة في الأشهر الأخيرة. وقال جوزف بوريل "يبقى الكثير لفتح حوار صريح مع تركيا".
إلا أن الظروف تغيرت بالنسبة لاردوغان مع خسارته دعم الولايات المتحدة ووصول جو بايدن إلى سدة الرئاسة. يضاف إلى ذلك أن "مشاكل تركيا الاقتصادية الهائلة" التي لا تسمح لها بقطع الروابط مع أوروبا أكبر شريك تجاري لها.
وأوضح مسؤول أوروبي "الوضع ينهار وهو بصدد خسارة الطبقة الوسطى". وقال دبلوماسي رفيع المستوى ساخرا "يحاول الأتراك نيل الرضا. لكن الأوروبيين ينتظرون لمعرفة إن كان هذا السلوك صادقا ومستداما".
وتعول ألمانيا أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي على التهدئة. وتوجه وزير خارجيتها هايكو ماس الاثنين إلى انقرة للإشادة ب "المؤشرات الإيجابية" الصادرة عن الرئيس التركي و"الإحاطة" بمبادراته. وقالت الإيطالية ناتالي توتشي مديرة "معهد الشؤون الدولية" ومستشارة بوريل "مع بعض الدول، الصفعة لها فعلها. لكن ليس مع تركيا".
وأكد اسيلبورن "نأمل انفراجا دائما في علاقتنا مع تركيا بحيث يصبح لا لزوم لتوسيع العقوبات في مارس. لكن من الضروري التحقق من أننا جاهزون في حال لم يكن للاتحاد الأوروبي أي خيار آخر".
طموح تركي
يأتي ذلك فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنهم لن يتوقفوا حتى تحقيق هدفهم في إنشاء تركيا عظمى و قوية. وتابع: "سنحقق أهدافنا في كافة المجالات من البنية التحتية والخدمات الأساسية وصولا إلى الصناعات الدفاعية".
جاء ذلك في كلمة ألقاها من قصر وحيد الدين بإسطنبول، اليوم الخميس، خلال مشاركته عبر تقنية الفيديو كونفرانس في الاجتماع الموسع لرؤساء فروع حزب العدالة والتنمية.
وأضاف أردوغان أن "استثماراتنا خلال 2020 حققت نتائج جيدة رغم وباء كورونا"، مشددا على أنهم يهدفون لتحقيق طفرة اقتصادية في عام 2021.
وأوضح أنهم اختتموا عام 2020 بنمو إيجابي، في الوقت الذي كانت التوقعات تفيد بانكماش اقتصادات معظم الدول المتقدمة والنامية. وأردف: "سخرنا كافة إمكانات الدولة لجميع المتعثرين بتدابير الوباء"، في إشارة إلى المنح المالية وبرامج الدعم والعديد من الإجراءات التي اتخذت خلال هذه المرحلة.
وذكر أردوغان أن السياسة والاقتصاد العالميين يتجهان نحو إعادة هيكلة جديدة، وأن الحوادث الصغيرة والكبيرة جعلت تركيا مقاومة لكافة أشكال الأزمات. واستطرد: "سننقل بلادنا بإذن الله إلى مكانة يستحقها في النظام العالمي الجديد، وذلك بفضل الهيكلية السياسية والبنية التحتية القوية التي أسسناها خلال السنوات الـ 18 الأخيرة".