رئيس التحرير: عادل صبري 01:35 مساءً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

كيف تحولت نيجيريا إلى دولة فاشلة؟

كيف تحولت نيجيريا إلى دولة فاشلة؟

العرب والعالم

الاقتصاد النيجيري يترنح

كيف تحولت نيجيريا إلى دولة فاشلة؟

تعاني نيجيريا الأمرّين على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظلّ انقسامات مستمرة وأحداث عنف تهدد بقاء الدولة الأفريقية.

 

موقع كونفرسيشن الأسترالي سلط الضوء  في سلسلة من المقالات على المشكلات التي حوّلت نيجيريا إلى "دولة فاشلة".

 

هذا ما جناه الاستعمار

 

رأى الموقع أن أحد أهم أسباب تفشي العنف في نيجيريا يرجع إلى نظرة الاستعمار لها من الأساس باعتبارها مجرد شركات تدر له أرباحا وينهب من خلالها الخيرات الإفريقية وليست دولة أو كيانا يحظى بحقوق مشروعة مما خلق حالة من التشرذم وعدم التوحد ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

 

 

 

وأضاف أن وجهة النظر المفضلة لفهم الحكم الاستعماري لا سيما في أفريقيا اعتادت أن تكون من خلال منظور الحوكمة السياسية وكيفية السيطرة من خلال سلطات محلية أو قومية موالية له.

 

 

 

بيد أن  كونفرسيشن انتهجت منظورا مختلفا فيما يتعلق بنيجيريا حيث ركزت على كيفية ترسيخ الحكم الاستعماري البريطاني من خلال الشركات.

 

 

 

ولفتت أن المستعمر البريطاني لم ينظر إلى نيجيريا باعتبارها دولة بل مشروعاً تجاريًا اعتمد خلاله التاج البريطاني على مجموعة من الشركات لحكم مستعمراته.

 

 

 

ومضى يقول: "الشركة الأكثر بروزا في هذا الصدد كانت "رويال نيجر" التي كانت تحمل اسم "يونايتد أفريكا" حتى عام 1886.

 

 

 

وكانت الشركة تتخذ من جنوب نيجيريا مقرًا لها لكن أنشطتها امتدت إلى المناطق الشمالية.

 

 

 

وتخصّصت الشركة في تجارة الأطعمة الاستوائية والسلع الصناعية وأسست حقوقا تجارية وحوكمية في النيجر بالإضافة إلى بناء قوة عسكرية للتيقن من بقائها وسيطرتها.

 

 

 

وتكرّر هذا النهج الاستعماري المعتمد على البيزنس في مناطق أخرى.

 

 

 

وعلى سبيل المثال، تحدث المؤرخ ويليام دارليمبل عن استعمار بريطانيا لآسيا من خلال شركة " إيست إنديا".

 

 

 

وفي ذات السياق، شرح المؤرخ فيليب جيه ستيرن كيف كانت شركة " إيست إنديا" تتعامل كما لو كانت دولة وتسيطر على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشعب الهند.

 

 

 

وتدحض وجهة النظر هذه  سردًا شائعًا  مفاده أنّ الحكم الاستعماري غير المباشر في نيجيريا بدأ بإعلان أصدره اللورد فريدريك لوجارد في أوائل القرن العشرين.

 

 

 

وباعتباره حاكمًا للمستعمرتين الشمالية والجنوبية، قام اللورد لوجارد بدمجهما وتأسيس "نيجيريا"  عام 1914 بحيث تتولى قيادات محلية الإشراف على الحكم.

 

 

 

واستدرك كونفرسيشن: "لكننا نرى أن الحكم الاستعماري غير المباشر في نيجيريا  بدأ من خلال منح حقوق لشركات مثل "رويال نيجر".

 

 

 

وتابع : "حقيقة أن النظام الاستعماري في نيجيريا بدأ في صورة استكشاف تجاري تعني أن الناتج المستهدف كان إنشاء كيانات مؤسسية لا بلدان.

 

 

 

ونتيجة لذلك، أصبحت نيجيريا مشروعا صناعيا أكثر من كونها مجتمعا من الناس أصحاب حقوق مشروعة في تحديد شؤونهم المحلية.

 

 

 

وواصل التقرير: "الشعب النيجيري وأرضه لم يكن أبدا في نظر المستعمر يستحق حقوقا بل شركات تدر أموالا وتقوم على ممارسات الاستعباد والنهب.

 

 

وتسبب ذلك في خلق مشكلة صعوبة توحيد النيجيريين في حقبة ما بعد الاستعمار البريطاني.

 

 

 

ومضى  تقول: "حقيقة أن الشركات قادت العملية الاستعمارية ارتبطت بعواقب أخرى تتضمن أنها خلقت العنف المنظم وأدت إلى تسليح الشعب وأنظمته الاجتماعية والسياسية".

 

أزمة طاقة

 

تواجه نيجيريا تحديا ثلاثيا يتمثل في توفير إمدادات طاقة يُعتمد عليها وتقليص الانبعاثات الغازية والحفاظ على تكلفة معقولة للمستهلكين.

 

وعلى مدار الأعوام، تدهورت قدرة نيجيريا في توفير إمدادات طاقة حتى أنها لم تعد قادرة على تلبية الطلب المتزايد لأسباب تتعلق بالسياسات واللوائح وإدارة العمليات مما أحدث تأثيرا سلبيا على اقتصاد الدولة الأفريقية.

 

و تعتمد  القطاعات التجارية والصناعية في نيجيريا تعتمد على مولدات البنزين والديزل مما يستهلك حوالي نصف الطاقة الكهربية".

 

ووفقا للموقع الأسترالي ، فإن نقص الطاقة في نيجيريا عرقل نموها الاقتصادي كما تحتاج الدولة إلى تنويع اقتصادها على نحو أوسع نطاقا من الاعتماد على إيرادات النفط والغاز هذا القطاع الذي يتسم بالتقلب الشديد.

 

ومن ناحية أخرى، إذا قام القطاع الخاص المتعطش للطاقة بضخ استثمارات أكبر في توليد الطاقة، فإن ذلك يهدد بزيادة معدل التلوث.


 

بوكو حرام

 

حول أسباب فشل نيجيريا في القضاء على بوكو حرام، استهل الموقع تقريرا بالإشارة إلى الاشتباكات التي تخوضها القوات النيجيرية مع جماعة "بوكو حرام" الإرهابية طوال العقد الأخير، دون إحراز الكثير من التقدم.

 

 

و بعد بعض النجاح  الذي تحقق في تقليص تهديد الجماعة الإرهابية في عامي 2015 و 2016، تجدد عنف بوكو حرام في عام 2017.

 

 

 

وأشار إلى تفاقم الوضع مع ظهور تنظيم الدولة "داعش" الإرهابي في غرب إفريقيا، بجانب عصابات الخطف والسرقة في جميع أنحاء منطقة شمال نيجيريا.

 

 

 

من جانبه، قال كاتب التقرير شريف مولان أستاذ العلاقات الدولية إنه" بعد أن درست هذه الأزمة على مر السنين كعالم سياسي، أرى أنها متجذرة في الفساد والسياسة العرقية والدينية والحزبية."

 

 

 

 واعتبر أن الأمن القومي ينبع من الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والمساواة بين الفئات الاجتماعية.

 

 

 

ولكنه أشار إلى أن ورقة بحثية شارك في تأليفها، أظهرت أن انتماء القادة النيجيريين إلى مجموعات عرقية مختلفة يشكل تحديا للأمن القومي.

 

 

 

وزاد قائلا: " لقد خلصنا إلى أن الحكومة يجب أن تظهر إرادة لقتال الإرهابيين ونبذ المحسوبية، وتجنب الروح العرقية والدينية في الحرب، كما يجب التعامل بحسم مع الفساد.  

 

 

 

ورأى أنه ينبغي تجنب النظر إلى بوكو حرام أو لتنظيم الدولة في غرب أفريقيا على أنهم نيجيريين أو مسلمين، مضيفا "لا ينبغي لقائد مسئول أو وطني أن ينظر إليهما على هذا النحو."

 

 

 

وأكد على ضرورة أن تتحد نيجيريا في نضالها، وأن تتحد ضد الإرهاب وهكذا تتغلب عليه على نحو دائم ومتواصل.

 

 

 

ووجه التقرير أصابع الاتهام إلى أشخاص  في الحكومة يفتقرون إلى الإرادة للقتال بسبب الانتماءات أو العلاقات الدينية والعرقية، حيث يعتبرون أعضاء بوكو حرام من أبناء الشمال أو مسلمين لذا يجب التعامل معهم بحذر.

 

 

 

ورأى أن هناك عاملا آخر وراء عدم تحقيق إنجاز في مواجهة الإرهاب وهو أن بعض كبار العسكريين ونظرائهم المدنيين الذين يديرون الحرب يرون أن ميزانية الحرب وسيلة لا نهاية للحصول على الأموال من أجل الإثراء الشخصي.

 

 

 

وخلال الفترة الأخيرة، نفذت جماعة بوكو حرام العديد من الهجمات في شمال البلاد حيث تسعى إلى إسقاط الحكومة وإقامة دولة إسلامية.

 

 

 

وفي نوفمبر الماضي، أعلنت "بوكو حرام" ذبح 43 مزارعا على الأقل كانوا يعملون في حقول الأرز في مدينة مايدوغوري في شمال شرق نيجيريا، وأصابوا ستة آخرين بجروح.

 

 

 

 ووقع هذا الهجوم في يوم انتخابات ممثلين ومستشارين إقليميين للدوائر الـ 27 في ولاية بورنو. وتم تأجيل هذه الانتخابات عدة مرات منذ عام 2008، نظرا إلى أن بوكو حرام وتنظيم الدولة في غرب إفريقيا ضاعفا هجماتهما الدموية وباتا يسيطران على جزء من الأراضي.

 

 

 

وفي أكتوبر الماضي ذبح مقاتلو بوكو حرام في هجومين منفصلين 22 مزارعا كانوا يعملون في حقول زراعية في مايدوجوري.

 

 

 

وأعلنت الجماعة مسؤوليتها في ديسمبر الماضي عن اختطاف أكثر من 300 تلميذ في ولاية كاتسينا، وذلك رغم إعلان السلطات النيجيرية أن تشكيل عصابي محلي على صلة بالجماعة الإرهابية هو الذي قام بالاختطاف.

 

 

 

وصعد مقاتلو جماعة بوكو حرام و"تنظيم الدولة في غرب إفريقيا" هجماتهم على الحطابين ومربّي الماشية وصيادي السمك، متّهمين إياهم بالتجسس ونقل المعلومات إلى الجيش والفصائل المسلحة المحلية التي تقاتلهم.

 

 

 

وطلبا للحماية، لجأ السكان المحليين شمالي نيجيريا إلى حراسات مسلحة وميليشيات تعمل جنبا إلى جنب مع الجيش.

 

 

 

وأسفر الصراع بين بوكو حرام والحكومة النيجيرية، الذي يستمر منذ عقد من الزمن، عن مقتل حوالي 36 ألف شخص على الأقل وتشريد مليوني شخص من منازلهم، وفقا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة.

 

عملاق يترنح

 

وسلط الموقع الضوء على فشل نيجيريا على مدار 60 عاما منذ الاستقلال في تحقيق الأهداف الاقتصادية التي كان من المفترض أن تصل إليها في ظل ثرواتها الطبيعية والبشرية.

 

 

جاء هذا في تقرير نشره الموقع تحت عنوان:" لا تزال نيجيريا تكافح في سن الستين. لكن الأمل ما زال حيا".

   

 

 يقدر عدد سكان نيجيريا بأكثر من 200 مليون نسمة، وهو ما يعني أن البلاد بها عمالة ماهرة وغير ماهرة بوفرة.

 

 

 

كما يجعلها السكان أرضا خصبة للتجارة العالمية، ونيجيريا غنية أيضا بالموارد المعدنية. إنها أكبر دولة في منطقة جنوب الصحراء، وفي المرتبة 13 في العالم من حيث إنتاج وتصدير النفط.

 

 

 

كان من المفترض أن تجعل هذه الهبات نيجيريا واحدة من الوجهات الرئيسية للاستثمار العالمي. وبفضل ثروتها في البترول والموارد الطبيعية بالإضافة إلى إمكاناتها الزراعية الهائلة، كان من المفترض أن تصبح نيجيريا الآن العملاق الاقتصادي لأفريقيا بلا منازع.

 

 

 

ومع ذلك، بعد مرور 60 عاما على الاستقلال، فإن نيجيريا أشبه بسيارة تكافح من أجل تسلق طريق مرتفع، ولم تستفد من إمكاناتها. وهكذا أصبح عدد سكانها الكبير مصدر ضعف وليس مصدر قوة.

 

 

 

وفي ظل البطالة الجماعية والضغط المفرط على البنية التحتية غير الملائمة وسوء الصيانة، اضطر العديد من النيجيريين إلى البحث عن ثرواتهم في الخارج.

 

 

 

في الوقت نفسه، تجد الشركات الكبرى من البلدان الصناعية والغنية في أوروبا وجنوب آسيا مناخ الأعمال النيجيري مشؤوما.

 

 

 

ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى تدهور البنية التحتية والفساد وانعدام الأمن، حيث أغلقت الشركات الأوروبية الكبرى على مر السنين أو نقلت مصانعها النيجيرية.

 

 

 

وتشير هذه المؤسسات إلى نقص إمدادات الكهرباء المستقرة والفساد المستشري، وكلاهما يعيق سير العمل بسلاسة.

 

 

 

وعند الاستقلال، كانت كل الأنظار تتجه إلى أكثر الدول السوداء اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض.

 

 

 

وكان هناك سبب وجيه لذلك، وهو أن النيجيريين كانوا من رواد الأعمال الفكرية والتعليمية والأعمال والدبلوماسية الدولية والقيادة العسكرية والسياسية.

 

 

 

وعلى صعيد القيادة القارية، كانت غانا فقط هي التي تنافس نيجيريا قبل الاستقلال مباشرة.

 

 

 

وقدمت نيجيريا القيادة والدعم الهائل لبعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو وبلدان أخرى. وقادت الحركة من أجل إنهاء حكم الفصل العنصري في بلدان الجنوب الأفريقي، بما في ذلك جنوب أفريقيا، وزامبيا وزيمبابوي.

 

 

 

 ودعمت حركات التحرير الأخرى، بما في ذلك حركات ناميبيا وأنجولا وموزمبيق والصحراء الغربية.

 

 

 

وفي السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كان نفوذ نيجيريا في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هائلا لدرجة أنه ارتقى إلى مستوى القيادة لعقود.

 

 

 

وجعلتها القوة الاقتصادية أكثر أهمية من الناحية السياسية في إفريقيا، فمع حلول منتصف الثمانينيات، كان صوتها دائما مطلوبا لحل النزاعات داخل الدول.

 

 

 

ولكن هذا الصعود النيجيري تراجع، لدرجة أن الكاتب كارل ماير، اعتبر أن نيجيريا تشهد انهيارا وهو ما رصده في كتابه الكلاسيكي "سقط هذا البيت: نيجيريا في أزمة".

 

 

 

وفي الكتاب رصد ماير سلسلة من المشكلات اعتبرها أسبابا لسقوط نيجيريا، والتي تشمل: تعاقب الإدارات الفاشلة، وعدم الاستقرار السياسي، وبرنامج التكيف الهيكلي الذي دمر الاقتصاد المحلي؛ الإفلاس الأخلاقي في المؤسسات العامة؛ إلغاء الانتخابات الرئاسية لعام 1993 ورد الفعل الدولي، التعصب الديني والعرقي.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان