رئيس التحرير: عادل صبري 07:31 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

التهجير يزيد أوجاع المقدسيين.. جراح الفلسطينيين تنزف على أنقاض المنازل

التهجير يزيد أوجاع المقدسيين.. جراح الفلسطينيين تنزف على أنقاض المنازل

العرب والعالم

تزايد طرد العلائلات المقدسية من منازلها

التهجير يزيد أوجاع المقدسيين.. جراح الفلسطينيين تنزف على أنقاض المنازل

أيمن الأمين 21 ديسمبر 2020 11:00

بطرد العائلات الفلسطينية، يصر الاحتلال الصهيوني على تصفية المقدسيين وتهجيرهم من أرضهم وسط تخاذل من البلدان العربية والإسلامية.

 

تهويد مدينة القدس وتصفية القضية الفلسطينية، تزايد خلال الأيام الأخيرة، حيث تصاعدت الانتهاكات الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه، تزامنا مع طرد عائلات فلسطينية.

 

العائلات الفلسطينية دائما تتألم وتدفع الثمن، هكذا عبر أحد أهالي مدينة القدس عما يحدث داخل المدينة المقدسة من قبل جيش الاحتلال.

 

يكاد محمد الصباغ لا يغادر منزله في حي "الشيخ جراح" الفلسطيني شرقي القدس المحتلة خشية إخلائه وأفراد أسرته من المنزل الذي يقيمون فيه منذ عام 1956 بعد لجوئهم من مدينة يافا عام 1948.

 

وتتكون عائلة الصباغ من 5 أسر يبلغ عدد أفرادها 32 فردا، بينهم 6 أطفال وهم يخشون اللجوء الثاني لصالح جماعات استيطانية إسرائيلية.

 

 

وقال الصباغ، لوسائل إعلام عربية: "نحن وجيراننا من العائلات الأخرى في هذه المنطقة لاجئين، فعائلتنا لجأت من يافا (شمال) وهناك عائلات لجأت من حيفا (شمال)".

 

وأضاف: "بعد حرب 1948 لجأنا إلى القدس حيث يتواجد أقارب لنا وقد استضافونا حتى عام 1956، وعندما أقمنا منازلنا هذه بموجب مشروع نفذته الحكومة الأردنية آنذاك بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)".

 

وذكر الصباغ: "في حينه كنا 28 عائلة وقمنا بتكليف محامي يهودي بالدفاع عنا لأن المحامين الفلسطينيين كانوا يخوضون إضرابا عاما، وفي عام 1976 نجح (المحامي) في منع إخلاء 4 عائلات".

 

وقال الصباغ: "عام 1982، توصل المحامي اليهودي ومحامي المستوطنين إلى أنهما لم يتمكنا من تحقيق أي تقدم في المحاكم وعليه فقد أبرما اتفاقا بينهما يقضي بأن تدفع العائلات الفلسطينية إيجارا رمزيا مقابل بقائها بمنازلها مدة 99 عاما".

 

وأردف: "المحامي اليهودي وقع نيابة عن 17 عائلة كانت أوكلته مهمة الدفاع عنها ولكن العائلات رفضت هذا الاتفاق لأن اعترافها بأنها مستأجرة يعني ضمنيا إقرارها بأن الأرض للمستوطنين وهذا غير صحيح".

 

واستطرد: "لم يجر أي تقدم في القضية حتى عام 1997، حينما توفي المحامي اليهودي، فقامت العائلات بتكليف محام فلسطيني بمهمة الدفاع عنها أمام القضاء الإسرائيلي وما زال يقوم بهذه المهمة حتى الآن".

 

 

واستدرك: "في عام 2002 نجح محامي المستوطنين باستصدار قرار بإخلاء عائلة الغاوي من منزلها في الحي ولكن في 2006 نجحت العائلة بالعودة إلى منزلها بعد تقديم التماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية".

 

وقال الصباغ: "إخلاء العائلات الفلسطينية استند إلى الاتفاق الذي توصل إليه المحامي اليهودي مع محامي المستوطنين دون علم السكان".

 

واستدرك: "المحكمة اعتبرت أنه طالما أن هذه العائلات لم تدفع الإيجار فإنها أخلت بالعقد وبالتالي يمكن إخلائها".

 

في عام 2009، تمت دعوة الصباغ وعائلته للقدوم إلى المحكمة بعد تقديم جماعات المستوطنين دعوى إخلاء ضدها، رغم أنها كانت من أصل 11 عائلة لم يشملها اتفاق المحامي اليهودي.

 

وأوضح أنه "في عام 2012 قررت محكمة الصلح الإسرائيلية أن اتفاق المحامي اليهودي يسري على جميع العائلات الـ28 وطلبت من عائلة الصباغ إخلاء منزلها".

 

 

وأردف: "توجهنا إلى المحكمة المركزية ثم إلى المحكمة العليا التي رفضت عام 2018 بحث موضوع الملكية وقررت أن نخلي منزلنا في مارس 2019".

 

واستطرد: "لكننا تمكنا لاحقا من تجميد الإخلاء حتى سبتمبر 2019، ثم تم تمديده إلى يناير 2020".

 

وتابع "توجهنا لاحقا باستئناف إلى المحكمة المركزية وجمدنا الإخلاء ونحن الآن بانتظار قرار المحكمة".

 

وأشار إلى أنه خلال هذه الفترة أصدرت محاكم إسرائيلية قرارات بإخلاء 7 عائلات فلسطينية من منازلها في نفس المنطقة.

 

وما زال الصباغ يحتفظ بصور لوالده وأعمامه في منزلهم في يافا، الذي يقول إن إسرائيليين يقيمون فيه الآن.

 

مآسي الفلسطينيين لم تندمل بعد، ففي مأساة أخرى يرويها الفلسطيني نبيل الكُرد، والذي أكد أن إجباره على الخروج من القدس الشرقية، التي يعيش فيها منذ خمسينيات القرن الماضي، يمثل مصيرا أسوأ من الموت.

 

فالرجل المٌسن (76 عاما) وزوجته وأبناءهما بين عشرات الفلسطينيين المهددين بالطرد من منطقتين في المدينة المتنازع عليها بعد أن قضت محكمة إسرائيلية بأن بيوتهم مبنية على أرض مملوكة لمستوطنين يهود.

 

 

وقال الكُرد لرويترز "أنا هون ربيت، هون كبرت، هون رحت ع المدرسة، هون تخرجت من نص الجامعة، هون تجوزت وخلفت، الوطن إللي عشت فيه هدا البيت، كل ذكرياتي في هدا البيت، أنا يعني متصورش حالي خارج القدس ولا خارج هذا البيت أبدا ولا بحال من الأحوال. لكن... سألوني قلتلهم والله من هدا البيت ماني طالع إلا ع المقبرة".

 

وتعد دعاوى الملكية التي رُفعت ضده وآخرين في حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى نقطة محورية لخطط تنمية المستوطنين في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.

 

وصدر أمر للكُرد في أكتوبر الماضي بإخلاء منزله في غضون 30 يوما.

 

واستأنف نبيل الكرد الحكم أمام محكمة القدس الجزئية مع أن هاجيت عفران، منسقة مشروع مناهض للنشاط الاستيطاني في جماعة السلام الآن تقول إن فرصته ضئيلة في نقض الحكم.

 

وأيّدت ذات المحكمة هذا العام مطالبات عديدة لمستوطنين استنادا لوثائق من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الأمر الذي أثار انتقادات من الاتحاد الأوروبي الذي قال ممثله في القدس إن 77 فلسطينيا معرضون لخطر الترحيل القسري.

 

وفي هذا الصدد، تقول حركة السلام الآن الإسرائيلية (غير حكومية)، في تقرير، إنه "في عام 1970، تم سن قانون الشؤون القانونية والإدارية في إسرائيل، والذي نص، من بين أمور أخرى، على أن اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم في القدس الشرقية عام 1948 يمكنهم استرداد ملكيتها".

 

 

واستدركت الحركة: "من المهم الإشارة إلى أن القانون الإسرائيلي (قانون أملاك الغائبين لعام 1950) لا يسمح للفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم في إسرائيل عام 1948 باستعادتها".

 

وأضافت "هكذا، ودون التصريح بذلك صراحة، ينص القانون الإسرائيلي على قانون لليهود وآخر مختلف للفلسطينيين".

 

وتابعت: "في حالات معينة، كما في حالة الشيخ جراح، يؤدي تطبيق القانون إلى إخلاء اللاجئين الفلسطينيين من منازلهم، وفي الواقع يجعلهم لاجئين للمرة الثانية".

 

وأوضحت أنه "علاوة على ذلك، حرصت حكومة إسرائيل على تعويض جميع اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم عام 1948 ومنحتهم أصولا بديلة داخل إسرائيل".

 

جرائم الاحتلال لم تقف فقط عند هدم منازل الفلسطينيين وتهجير أهالي القدس، بل شملت ملاحقة النشطاء المقدسيين، سواء بالملاحقة أو الاعتقال أو الإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى، أو المنع من السفر، بالإضافة إلى تسليم بعضهم أوامر هدم لمنازلهم.

 

يذكر أنه في العامين 2008 و2009 تم إخلاء 3 عائلات فلسطينية من منازلها في الحي القريب من البلدة القديمة بالمدينة، فيما تلقت 7 عائلات أخرى إنذارات بإخلاء منازلها خلال الأشهر القليلة المقبلة.

 

ولكن في العام 2008 بدأت جماعات المستوطنين بخطوات عملية في إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها بالحي.

 

 

ويمثل الصراع الديمجرافي في مدينة القدس المحتلة، المعضلة الكبرى لدى الاحتلال الإسرائيلي، لذلك يسعى بشتى الوسائل إلى حسم معركته بالمدينة عبر استهداف الوجود الفلسطيني، وتقليص نسبة العرب إلى 12%، لتحويلها إلى مدينة يهودية.

 

وبحسب مركز معلومات وادي حلوة، فإن سلطات الاحتلال أصدرت خلال نوفمبر الماضي 21 قرار إبعاد بحق مقدسيين، منها 17 عن الأقصى، كما واصلت تقييد نشاطات النشطاء وحركتهم بالمدينة، واستدعت عددا منهم للتحقيق، ومنعتهم من المشاركة أو القيام بأي نشاط داخل المدينة.

 

ويبلغ عدد الفلسطينيين في القدس وحدها حوالي 350 ألفًا، يُشكلون 38% من سكانها، بشطريها الشرقي والغربي، وفق معطيات دراسة إسرائيلية نشرها معهد القدس لبحث السياسات مؤخرًا.

 

وبحسب الدراسة، فإن 12800 إسرائيلي هاجروا إلى المدينة خلال العام 2019، في حين أن نسبة البطالة في صفوف سكان المدينة الفلسطينيين، ذكورًا وإناثًا، بلغت 30% قبل أزمة فيروس "كورونا".

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان