رئيس التحرير: عادل صبري 09:50 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

كورونا يدفع اقتصاد منطقة اليورو إلى الهاوية.. ما خيارات «المركزي الأوروبي»؟

كورونا يدفع اقتصاد منطقة اليورو إلى الهاوية.. ما خيارات «المركزي الأوروبي»؟

العرب والعالم

البنك المركزي الأوروبي

كورونا يدفع اقتصاد منطقة اليورو إلى الهاوية.. ما خيارات «المركزي الأوروبي»؟

أحمد الشاعر 13 ديسمبر 2020 15:29

جدد قرار البنك المركزي الأوروبي بتثبيت معدل الفائدة دون تغيير، مع توسيع برنامجه التحفيزي الخاص بشراء السندات بنحو 500 مليار يورو، حالة الركود والجمود في منطقة اليورو، حيث خيم الهبوط على مؤشرات الأسهم الأوروبية بعد القرار مباشرة الخميس الماضي.

 

وتراجعت أسهم البنوك بنحو 2 بالمائة، بينما ارتفع قطاع النفط والغاز بنحو 1.5 المائة.

ويراقب المستثمرون تطورات طرح لقاح كورونا، كذلك محادثات صفقة التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي التي تنظم العلاقة بعد البريكست.

 

ويرى محللون لسياسات البنك المركزي الأوروبي النقدية، أن القرار لن يدعم الاقتصاد كثيراً أو يحقق معدل التضخم المستهدف، مشيرين إلى أن البنك اتبع نهجًا نمطيا في حل الأزمات التي تعلق فيها المنطقة منذ تفسي كورونا.

 

يقول محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة Allianz SE ، إنهمن خلال توسيع برنامج شراء السندات وتمديده يوم الخميس، اتخذ البنك المركزي الأوروبي قراراً مفهوماً على مستوى السياسة النقدية، ولكن من غير المرجح أن يدعم الاقتصاد كثيراً أو يحقق معدل التضخم المستهدف. على وجه الخصوص، يسلط الضوء على "الجمود النشط" (اتباع نهج نمطي في حل الأزمات) الذي يجد البنك المركزي الأوروبي نفسه عالقاً فيه، ولم يكن إلى حد كبير من صنعه.

 

وتابع أنه بالنظر إلى الظروف الاقتصادية والسوقية التي تواجه البنك المركزي الأوروبي، فإن الغالبية العظمى من مجلس إدارته شعروا بأنه ليس لديهم خيار سوى القيام بالمزيد من التيسير الكمي. وقد أدى ذلك إلى قرارهم بتوسيع "برنامج الشراء الطارئ لمواجهة الجائحة" بمقدار 500 مليار يورو (607 مليار دولار) وتمديده لمدة تسعة أشهر مع جعل تنفيذه أكثر مرونة إلى حد ما، إلى جانب تمديد 12 شهراً للتمويل الداعم للبنوك في إطار الهدف على المدى الأطول المستهدف من عمليات إعادة التمويل. بعد كل ذلك:

 

الاقتصاد الأوروبي ينزلق إلى الركود

 

لا تزال التوقعات بشأن التضخم منخفضة بشكل مخيب للآمال، وهنا أنا أقتبس التعبير الذي استخدمته رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد.

 

قوة سعر صرف اليورو تثير القلق

 

لم تُحسم حالة عدم اليقين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد.

 

مع تقييم الأسواق بالفعل وفقاً لمزيد من إجراءات البنك المركزي الأوروبي، من المحتمل أن يؤدي الفشل في المتابعة إلى إثارة عدم الاستقرار المالي الذي كان من شأنه أن يمتد إلى الاقتصاد الضعيف بالفعل.

 

وعلى الرغم من قولي هذا، من غير المحتمل أن يكون لإجراءات البنك المركزي الأوروبي تأثير كبير على النمو والتضخم والعملة. وفي الواقع ، لا ينبغي الخلط بين القيام بالمزيد من الشيء نفسه على جبهة السياسة النقدية وبين الاحتمال الحقيقي للحصول على نتيجة أفضل بكثير من ذي قبل. إنها حالة كلاسيكية لما يسميه علماء السلوك بالجمود النشط، وهنا نشير إلى أنه اختيار مقصود من قبل البنك المركزي الأوروبي.

 

الصحة العامة ركيزة النمو

 

وفقا لما أقره البنك المركزي الأوروبي ، أصبحت آفاق النمو الآن تعتمد أساسا على توقعات الصحة العامة ، بما في ذلك مدى سرعة اعتماد اللقاحات الفعالة التي تسمح بعودة مجدية إلى المعايير الاقتصادية والاجتماعية الطبيعية. لا يقتصر الأمر على عدم قدرة البنك المركزي الأوروبي على تغيير توقعات النمو بشكل جوهري على المدى القصير ، بل إنه لا يستطيع فعل الكثير بمفرده لمواجهة "الندوب" المستمرة التي تخفض من احتمالية النمو.

 

وفي الوقت نفسه، فإن توقعات التضخم غير مؤكدة على نحو أكبر، لأن التأثيرات الهيكلية أصبحت متعددة الأوجه، وربما تزيد من احتمالات حدوث "تضخم سيئ" إذا جرى تحقيق النتيجة المرجوة من البنك المركزي الأوروبي للتحرك بسرعة نحو هدف التضخم 2% (يستهدف البنك المركزي الأوروبي أن يبقى معدل التضخم أقل من 2% بقليل) في أي وقت قريب. وبالطبع، فإن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) خارجة عن سيطرتها تماما.

 

اليورو

 

بالنسبة للعملة، من الجدير بالملاحظة أن البنك المركزي الأوروبي لم يتخذ الإجراء السياسي الوحيد الذي كان من الممكن أن يكون له تأثير - أي دفع سياسة أسعار الفائدة الأساسية إلى المنطقة السلبية أكثر. وأظن أن هذا يعكس إدراكا عميقا بأن هذا العنصر من أدوات السياسة يُنظر إليه الآن بشكل صحيح على أنه يقدم القليل من الفوائد، بينما يخاطر بأضرار جانبية كبيرة وعواقب غير مقصودة. أيضا لم يوسع البنك المركزي الأوروبي الأوراق المالية المؤهلة بأي طريقة ملحوظة، على الرغم من إدراج السندات الخضراء ذات العائد المتغير "variable-coupon" لجعل التنفيذ الشهري لبرنامج شراء السندات أكثر مرونة من حيث قيمة المبلغ، وهو من المفترض أن يكون أفضل.

 

لا أبدو أنني متفرد وحدي في تفسير أفعال الخميس على أنها "جمود نشط" عن قصد، حيث تشير تصرفات وتصريحات آخرين إلى أنهم قد يكونون متفقين معي أيضا.

 

المركزي الأوروبي يتطلع لصُناع القرار الآخرين

 

في نهاية المؤتمر الصحفي للبنك المركزي الأوروبي الذي أعقب قراره بشأن سياسته، عادت الأسواق الرئيسية إلى مستوياتها قبل الإعلان عن الإجراءات. وفي الوقت نفسه، فإن تأكيد البنك المركزي الأوروبي المتكرر والصحيح على الحاجة إلى صانعي القرار الآخرين لبذل المزيد من الجهد يتفق مع وجهة النظر القائلة بأنه رغم أن المزيد من اتباع نفس ذات السياسة النقدية قد يكون ضروريا وهذا سوف، بل ويجب أن تجري مناقشته بطريقة متزايدة لأنه بالتأكيد ليس كافيا.

 

أفضل ما يمكن أن يقال عن تصرفات البنك المركزي الأوروبي هو أنها تعكس التزام البنك المركزي بعملية تماسك على أمل أن يأتي صانعو اللقاحات وغيرهم من صانعي القرارات للإنقاذ، ويبتعدون عن مسار غير فعال على نحو متزايد مع الأخذ في الاعتبار احتمالية نموذج إستراتيجية "لا خروج" على حد تعبير زميلي السابق في شركة بيمكو "كريس دياليناس". إن الخطر، وهو حقيقي، يكمن في أنه كلما طالت فترة وجوده في هذا الموقف، زادت التهديدات التي تجابه تأثير قراراته على المدى الطويل ومصداقيتها.

 

شلل في أوروبا

 

جورج سوروس، رئيس مجلس إدارة صندوق سوروس ومؤسسات المجتمع المفتوح. وهو أحد رواد صناعة صناديق التحوط، قال إنه يستحسن فكرة قيام الاتحاد الأوروبي بإصدار سندات دائمة، لكنه في الوقت ذاته يقترح أن البلدان الأعضاء ينبغي لها أن تفعل ذلك فرادى.

 

وأكد سوروس  في مقال أخير له، أنه من المستحيل أن يصدر الاتحاد الأوروبي سندات دائمة، لأن البلدان الأعضاء منقسمة بشدة. فقد استخدمت بولندا والمجر حق النقض ضد ميزانية الاتحاد الأوروبي وصندوق التعافي من جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد 19)، أما المجموعة المسماة «الدول المقتصدة الخمس» (النمسا، والدنمارك، وألمانيا، وهولندا، والسويد) فإنها مهتمة بادخار المال أكثر من اهتمامها بالمساهمة في الصالح العام. ولن يشتري المستثمرون سندات دائمة إلا من كيان يعتقدون أنه سيظل باقياً في المستقبل المنظور. كان هذا صادقاً في حالة بريطانيا في القرن الثامن عشر (عندما أصدرت سندات دين الحكومة البريطانية الموحد) والولايات المتحدة في القرن التاسع عشر (عندما وحدت ديون الولايات). ولكن من المحزن أن هذا لا ينطبق على الاتحاد الأوروبي اليوم.

 

وأضاف: "الواقع أن الاتحاد الأوروبي يمر بموقف بالغ الصعوبة. فهو يشهد الآن موجة ثانية من جائحة (كوفيد 19) تهدد بأن تكون أشد تدميراً من الأولى. وقد استخدمت البلدان الأعضاء معظم مواردها المالية في مكافحة الموجة الأولى. وسوف يتطلب توفير الرعاية الصحية وإنعاش الاقتصاد ما يزيد كثيراً على 1.8 تريليون يورو (2.2 تريليون دولار أمريكي) في الميزانية الجديدة وصندوق التعافي المسمى «الاتحاد الأوروبي للجيل التالي». في كل الأحوال، تأخر توفر هذه الأموال بسبب النقض من قِـبَـل المجر وبولندا.

 

ويخشى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن تفرض الفقرة الجديدة الخاصة بسيادة القانون في الاتحاد الأوروبي قيوداً عملية على فساده الشخصي والسياسي. وهو قلق إلى الحد الذي جعله يسارع إلى إبرام اتفاقية تعاون ملزمة مع بولندا، وهو ما من شأنه أن يجر ذلك البلد إلى الأسفل معه.

 

وأوضح سوروس  أن عرض السندات الدائمة ميزة كبرى تتمثل في عدم ضرورة سداد أصل قيمتها على الإطلاق؛ بل تكون الفائدة السنوية المستحقة عليها فقط واجبة السداد. وتتناقص القيمة الحالية المخصومة من أقساط الفائدة المستحقة في المستقبل بمرور الوقت ــ بحيث تقترب من الصِـفر لكنها لن تصل إليه أبداً. ومن الممكن أن يتجاوز قدر معين من الموارد المالية ــ ولنقل مبلغ الـ 1.8 تريليون يورو المخطط له حالياً ــ قيمته عدة مرات إذا استخدم لإصدار سندات دائمة بدلاً من السندات العادية. وهذا من شأنه أن يحل إلى حد كبير المشكلات المالية في أوروبا.

 

وتابع: إيطاليا ليست من البلدان المحظوظة بالقدر الكافي لتتمكن من إصدار سندات دائمة باسمها؛ لكنها رغم ذلك تحتاج إلى الفوائد أكثر من غيرها. وإيطاليا هي الدولة صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي ــ فكيف قد يبدو الاتحاد الأوروبي بدونها؟

 

أشارت أحدث تقديرات رسمية إلى أن اقتصاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة سجل نموا بنسبة 5. 12% في الربع الثالث، متعافيا من الركود الحاد الذي تم تسجيله في الأشهر الثلاثة السابقة.

 

ويأتي التقدير الصادر اليوم متراجعا بصورة طفيفة عن التقديرات التي نشرها مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وأشارت إلى نمو بنسبة 7. 12% .

 

وذكر المكتب، ومقره لوكسمبورج، أن الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسميا لجميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، والبالغ عددها 27 دولة، نما بنسبة 5. 11%. وكانت التقديرات السابقة للمكتب أشارت إلى نمو بنسبة 1. 12%.

 

ولفت المكتب إلى أن هذه الارتفاعات هي الأعلى منذ بدأ نشر إحصاءاته عام 1995 .

 

وتمثل الارتفاعات تعافيا بعد تراجعات كبيرة تم تسجيلها في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام، والتي بلغت 7. 11% في منطقة اليورو و3. 11% في الاتحاد الأوروبي. ومن المرجح أن تنكمش الاقتصادات مرة أخرى بعد تدابير الإغلاق الجديدة التي تم فرضها في الربع الرابع.

 

على أي حال، لا يستطيع الخبراء البوح بأي توقعات بشأن ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي الذي يتخذ من فرانكفورت مقرا له، سوف يتحرك لخفض أسعار الفائدة، ولا سيما ما إذا كان سيخفض سعر الفائدة على الودائع إلى ما دون الصفر، في محاولة لتعزيز الإقراض المصرفي.

 

لكنهم في الوقت ذاته يتوقعون أن يترك المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي سعر إعادة التمويل القياسي للبنك منخفضا عند مستوى تاريخي له، وهو صفر، وسعر الإقراض الهامشي -سعر الفائدة الخاص بالبنك المركزي الأوروبي لليلة الواحد- عند زائد 25ر0%.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان