رئيس التحرير: عادل صبري 09:52 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

الجزائر.. هل تنجح السلطة في تمرير الاستفتاء على الدستور؟

الجزائر.. هل تنجح السلطة في تمرير الاستفتاء على الدستور؟

العرب والعالم

الاستفتاء على الدستور الجزائري

وسط مقاطعة للأحزاب الإسلامية..

الجزائر.. هل تنجح السلطة في تمرير الاستفتاء على الدستور؟

الجزائر.. أميمة أحمد 31 أكتوبر 2020 11:49

عشية الاستفتاء على الدستور في الجزائر تباينت المواقف، بين الداعين إلى التصويت بـ "لا" شأن الأحزاب الإسلامية (حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية)، أو الدعوة إلى "مقاطعة" الاستفتاء وفق بيان أحزاب البديل الديموقراطية (أحزاب يسارية منها حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية وحزب العمال)، أو دعوة  الناخبين للإقبال على صناديق الاقتراع والحرية بالتصويت "نعم" أو "لا"  حسب "تكتل المسار الجديد" (يتكون من 70 منظمة  مدنية وأحزاب موالية وشخصيات سياسية)، فيما نشرت "أحزاب المعارضة وشخصيات من الحراك" على وسائل التواصل الاجتماعي  هاشتاج "دستورنا هو رحيلكم".

 

من جهتها، حشدت السلطة الأحزاب والجمعيات المدنية "المولاة"  لإقناع الجزائريين بأهمية  تعديل الدستور خلال الحملة الدعائية للاستفتاء، التي  كانت حصرا على الأحزاب والجمعيات المؤيدة لتعديل الدستور، دعوا الجزائريين عبر كافة الوسائل التي وفرتها اللجنة المستقلة للانتخابات، للحملة الانتخابية إلى  التصويت بنعم لأن الدستور المعدل  يؤسس إلى "الجزائر الجديدة" التي وعد بها الرئيس عبد المجيد تبون فور تسلمه مقاليد الحكم بعد انتخابات 12 ديسمبر 2019 ، فيما أقصي معارضو الاستفتاء  من النشاط خلال الحملة الانتخابية بعراقيل إدارية، لم تمنح لهم تراخيص لعقد تجمعاتهم الشعبية في قاعات مغلقة كما ذكروا في بياناتهم..

 

فكانت الحملة الانتخابية بلون واحد مؤيد للاستفتاء، غير أن أجواء كورونا وتدهور القدرة الشرائية للمواطن جعلتهم لا يكترثون بالحملة الانتخابية.

 

 

وتشتد المنافسة بين  تلك  الأطراف، كل يحاول استمالة الناخبين صوبه ، فالمؤيدون يعتبرون الدستور يلبي مطالب "حراك 22 فبراير 2019" الذي أطاح بنظام الرئيس بوتفليقة، بالفصل بين السلطات، وتقليص صلاحيات رئيس الدولة، التي جعلت الرئيس يهيمن على كل مؤسسات الدولة.

 

بينما المناهضون لتعديل الدستور يقدمون حجتهم أن التعديل تم من طرف السلطة وحدها عبر لجنة مُعَينة لم تُضِفْ شيئا للدستور، فلا زالت صلاحيات الرئيس  واسعة،  فعندما يعين رؤساء المحكمة العليا والحكومة ومجلس القضاء وغيرها من مؤسسات تجعلها غير مستقلة، وبالتالي لا يوجد فصل بين السلطات على حد قولهم .ويعتبرون أن تعديل الدستور ليس أولوية في الأزمة الراهنة.

 

على هذه الخلفية تشتد المنافسة على أصوات الجزائريين استعداداً لموعد الاستفتاء في غرة نوفمبر، كيوم رمزي يؤسس لجزائر جديدة حسب رؤية السلطة، ومن جهتهم المعارضون لتعديل الدستور استعانوا بوسائل التواصل الاجتماعي والبيانات لحث الناخبين على رفض مسعى السلطة ، غير أن  المشهد السياسي الراهن – حسب المراقبين-  يجعل دونما عناء نجاح مسعى السلطة بمرور تعديل الدستور، رغم التوقعات بنسبة عزوف كبيرة للناخبين، قد تماثل أقل أو أكثر من نسبة عزوف الناخبين بالانتخابات الرئاسية الماضية ، كانت  المشاركة المعلنة 40%، فيما تقول المعارضة أقل من ذلك لأن بعض الولايات لم تجر فيها الانتخابات.

 

وكان البرلمان الجزائري  بغرفتيه (مجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة)  قد صدّق على مسودة تعديل الدستور وفق المادة 208 من الدستور الحالي.

 

وشارك في التعديلات الدستورية زهاء 600 شخصية أكاديمية وحزبية وثقافية ومجتمع مدني تؤيد تعديل الدستور ، وعرضت الرئاسة الوثيقة المعدلة أنها " دستور توافقي يكرس للجمهورية الجديدة"، من شأنه إحداث القطيعة مع ممارسات النظام السابق، ويقلص صلاحيات رئيس الجمهورية ، ويتماشى مع التغيرات السياسية والاقتصادية في البلاد، ويواكب التطورات على الساحة الدولية.

 

 

أبرز التعديلات الدستورية لدستور 2020

 

  1. دسترة الحراك الشعبي 22 فبراير 2019 في ديباجة الدستور إلى جانب ثورة تحرير الجزائر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي ، كونهما حدثين مفصليين في تاريخ الجزائر،
  2. تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية ، وإعادة توزيعها على الحكومة والبرلمان والقضاء كما كان معمولا به قبل دستور 2016 .
  3.  
  4. دسترة " المهام الخارجية للجيش الشعبي الوطني " لأول مرة بتاريخ الجزائر يمكن للجيش القيام بمهام خارجية لحفظ السلم ، في أعقاب انتهاء الحرب بقرار أممي أو أفريقي أو عربي ، شريطة  موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
  5.  
  6. دسترة  " مكافحة الفساد" لأول مرة تنشأ " هيئة مستقلة " تضع آليات قانونية  لمحاربة الفساد.
  7.  
  8. دسترة نظام خاص لتسيير البلديات، التي تعاني صعوبات تنموية ، وهو المقترح الذي أثار جدلا واسعا حول معايير تصنيف تلك البلديات.
  9.  
  10. إنشاء محكمة دستورية تراقب قرارات السلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية) والمعاهدات الدولية التي تصدق عليها الجزائر.
  11.  
  12. لا يمكن حل الأحزاب والجمعيات وتوقيف نشاط وسائل الإعلام " إلا بقرار قضائي" وإلغاء القرارات الصادرة عن الجهات السياسية أو الأمنية .
  13.  
  14. تسقيف رئاسة رئيس الجمهورية بعهدتين اثنتين متتاليتين أو منفصلتين ، لكل عهدة خمس سنوات.
  15.  
  16. إسناد "رئاسة الحكومة" للأغلبية البرلمانية للمرة الأولى وفي حال أفرزت صناديق الاقتراع "أغلبية رئاسية" يعين رئيس الجمهورية "وزيراً أول" يعني رئيس الحكومة.
  17. إدراج اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام التي لا تخضع للتعديل الدستوري لاحقا.
  18. حظر خطاب الكراهية والتمييز.
  19.  

خمسة موانع لامساس فيها

حددت وثيقة الدستور المعدلة 5 موانع لا يمكن المساس بها مستقبلا ، سواء للمشرع أو رئيس البلاد في أي تعديل دستوري. وتتلخص بالتالي :  "1- الطابع الجمهوري للدولة، و2- نظام ديموقراطي  قائم على التعددية الحزبية ، كان قد أقرها أول دستور تعددي عام 1989 بعد انتفاضة 5 أكتوبر 1988، و3- "الطابع الاجتماعي للدولة، و4- الإسلام  دين الدولة، و5- العربية اللغة الوطنية والرسمية". ولم تذكر تلك الموانع اللغة الأمازيغية رغم وضعها بمادة لوحدها " إدراج اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام التي لا تخضع للتعديل الدستوري لاحقا"

 

 

وهذه التعديلات تكرس نظاما "شبه رئاسي" ، فقد تم 160 تعديلا على دستور 2016 الحالي ، الذي يعتبره بعض الجزائريين يبقى أقل سوءا من الدستور المعروض على الاستفتاء، نظرا للغموض في التعديلات الجديدة، لما فيها من ألغام جديدة زادت من انقسام الجزائريين ، حسب المحامي مصطفى بوشاشي ، أحد شخصيات الحراك الجزائري ،  يرى ضرورة التوافق على مخرج للأزمة الراهنة التي تعيشها الجزائر، وتلبية المطالب الاجتماعية  العاجلة ، وأن الدستور ليس أولوية للجزائريين. 

 

وأضاف  بوشاشي في حديثه لمصر العربية  " لنسلم جدلا بتعديل الدستور فلا يمكن إجراء حوار حقيقي حين نطرح مسودة دستور مُعَدة سلفا ، هذا فضلا عن ظروف وباء كورونا  الاستثنائية لا تسمح بحوار حقيقي ، فأعتقد أن تعديل الدستور لن يكرس الديمقراطية بل يحافظ على نفس النظام الأحادي الشمولي الذي يحرم الجزائريين من حق المشاركة في بناء جزائر جديدة ".

 

فيما يرى الناشط السياسي الصادق أمين، أن "الحراك الذي خرج من أجل منع العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة ونجح في الإطاحة بنظامه، لا يمكن أن ينسب إليه هذا الهاشتاج  "دستورنا في رحيلكم " لأنه لا يعبّر عن أهدافه الكبرى، ومن أهمها بناء مؤسسات ديمقراطية لدولة عصرية حديثة يحكمها القانون ولا تخضع للأهواء".

 

وأضاف في تصريح صحفي أن "المعارضة التي   أخفقت  في منع انتخابات 12 ديسمبر  2019( يقصد الانتخابات الرئاسية الماضية ) على الرغم من سيطرتها على الحراك  حينئذ ، لا تستطيع منع أو حتى التشويش على الاستفتاء الدستوري".

 

ويبقى رهان الجميع سلطة ومعارضة على   الناخبين ، وكان رئيس اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات محمد شرفي قد أعلن عن الهيئة الناخبة وقد بلغت زهاء 24 مليون ناخب.

 

لكل رئيس دستور

 

وبمرور الدستور 2020 تكون الجزائر قد وضعت دستورا بعهد الرئيس عبد المجيد تبون أسوة بالرؤساء السابقين لكل رئيس دستوره، وينفرد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المخلوع بثلاثة دساتير عند كل تعديل للدستور في 2002  جعل اللغة الأمازيغية لغة وطنية و تعديل  2008 فتح سقف عهدات الرئيس ليتمكن من خوض انتخابات العهدة الثالثة والرابعة، 2016 أعاد تسقيف عهدات الرئيس بعهدتين اثنتين، تلك التعديلات  الثلاث  منحته سلطات وصلاحيات واسعة ، مكّنته من حكم الجزائر عشرين عاما " بسلطات ملك " في نظام جمهوري حسب المختصين.

 

وتتهيأ الجزائر للاستفتاء على الدستور في الأول من نوفمبر والرئيس تبون خارج البلاد ، في ألمانيا للعلاج حسب بيان رئاسة الجمهورية، وكانت الرئاسة أعلنت عن إصابة عدد من موظفي الرئاسة بكورونا ، ونصحه الأطباء بحجر طوعي خمسة أيام ، ويمارس مهامه، واللافت قبل نهاية الخمسة أيام أعلنت عن نقله للمستشفى العسكري وحالته مستقرة، ثم نقله إلى ألمانيا.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان