منذ 29 يومًا لم تتوقف المعارك بين الجيشين الأرميني والأذربيجاني في إقليم كاراباخ، حيث خلفت المئات من القتلى والجرحى، وتدمير المئات من الأسلحة، وكذلك تحرير الجيش الأذربيجاني عشرات القرى.
ويواصل الجيش الأذربيجاني انتزاع بعض القرى من قبضة الجيش الأرميني في إقليم كاراباخ، رغم النداءات الدولية بوقف آلة الحرب.
وذكرت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان الأحد، أن عملياتها استمرت طوال ليل السبت- الأحد على جبهات آغدرا، وخوجاوند، وفضولي، وهدروت، وغوبادلي، ولاتشين، بالإقليم.
وأكدت أن الجيش الأذربيجاني يواصل عملياته كما هو مخطط له، مع توسيع نطاق المناطق المحررة.
وأضاف أن الجيش الأذربيجاني أحرز تقدما على جبهات خوجاوند وغوبادلي ولاتشين، بعد كسر خطوط القوات الأرمينية، وتكبيدها خسائر كبيرة بتدمير عدد كبير من مدافعها.
وأوضحت أن القوات الأرمينية انسحبت من مواقعها على جبهة غوبادلي بعد خسائرها الكبيرة في صفوف قواتها المقاتلة ومعداتها العسكرية.
وأشارت الدفاع الأذربيجانية إلى قتل قسم كبير من القوات التي استقدمتها أرمينيا إلى جبهة غوبادلي من مدينة تساغكادزور.
وأفادت بتدمير الجيش الأذربيجاني، دبابتين، ومدرعتين، و5 مدافع، و7 سيارات للقوات الأرمينية بمختلف الجبهات في قره باغ.
وأكدت أن الاشتباكات تتواصل على طول خطوط الجبهة، وسيطرة الجيش الأذربيجاني على زمام الأمور.
على الجانب الآخر، تبادلت أرمينيا وأذربيجان، الاتهامات بخرق الهدنة الإنسانية الجديدة، التي تم الاتفاق عليها أمس السبت.
وقد بدأ سريان الهدنة الإنسانية في منتصف الليل الماضي.
وقالت أرمينيا بعد إعلان وقف إطلاق النار، إن الجيش الأذربيجاني شن صباح اليوم الأحد هجوما في الاتجاه الجنوبي من خط التماس في كراباخ، على الحدود مع إيران.
ووفقا للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأرمنية، شوشان ستيبانيان، فإن القوات الأذربيجانية، تتقدم تحت غطاء نيران المدفعية للسيطرة على مواقع جديدة.
من جانبها قالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن الجيش الأرميني انتهك بشكل صارخ وقف إطلاق النار الجديد، بقصفه بالمدفعية مواقع للقوات الأذربيجانية على خط التماس في قره باغ.
في الغضون، أعلن رئيس أذربيجان إلهام علييف استعداد بلاده لتنسيق نظام وقف إطلاق النار في كاراباخ.
في سياق آخر، ذكرت السفارة الأمريكية في أذربيجان، أنها تلقت معلومات عن هجمات وعمليات خطف قد تستهدف مواطنين أمريكيين وأجانب في هذا البلد على خلفية النزاع في إقليم ناغورني كاراباخ.
وقالت البعثة الدبلوماسية على موقعها الالكتروني أوردتها وزارة الخارجية الأمريكية على تويتر إن "سفارة الولايات المتحدة في باكو تلقت معلومات تتمتع بالصدقية عن هجمات إرهابية وعمليات خطف محتملة تستهدف مواطنين أمريكيين وأجانب في باكو".
وأضافت السفارة أن "الرعايا الأمريكيين مدعوون إلى توخي مزيد من الحذر في الأماكن التي قد يجتمع فيها أمريكيون أو أجانب"، بما في ذلك الفنادق الكبيرة في العاصمة، من دون مزيد من التفاصيل عن مصدر هذه التهديدات.
وتتواصل اشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان، منذ 27 سبتمبر الماضي؛ إثر إطلاق الجيش الأرميني النار على مناطق سكنية أذربيجانية، ما أوقع خسائر بشرية بين المدنيين، بجانب أضرار مادية.
ويرى مراقبون أنّ الاتهامات المتبادلة بين أرمينيا وأذربيجان على خرق الهدنة مؤشر على أن الهدنة لن تحترم وأن اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين سوف يفشل مثل سابقه.
ويقول مراقبون إنه لا توجد ضمانات لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في كاراباخ، في ظل هذا النزاع المستعصي المزمن ذي الأطراف المتداخلة.
ويعود الخلاف بين الدولتين اللتين تقعان عند مفترق طرق رئيسية بين أوروبا الشرقية وآسيا الغربية، إلى عام 1921، عندما ألحقت السلطات السوفييتية إقليم كاراباخ بأذربيجان.
لكن في 1991، أعلن الإقليم الاستقلال من جانب واحد بدعم أرمينيا؛ ما تسبب حينها بحرب راح ضحيتها 30 ألف قتيل، وتوقفت بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 1994.
وتتمتع أرمينيا بدعم روسي، ويقول مراقبون إن الوضع القائم في كاراباخ (احتلال الإقليم من قبل أرمينيا) يرضي مصالح روسيا الساعية إلى ترسيخ نفوذها في الجمهوريات السوفياتية السابقة.
وموسكو متحالفة عسكريا مع أرمينيا حيث لديها قاعدة عسكرية، غير أنها تزود كلا الطرفين (ارمينيا وأذربيجان) بأسلحة بمليارات الدولارات.
ومنذ اندلاع الصراع الجديد بين باكو ويريفان، أعلنت تركيا دعمها غير المشروط لأذربيجان، وسط اتهامات لها من قبل أرمينيا بتزويد أذربيجان بمختلف القدرات العسكرية، بل ونشر تكنولوجيا طائرات عسكرية مسيرة تركية في الإقليم، ونقل مرتزقة سوريين إليه.
وتقدم تركيا دعما دبلوماسيا ومعنويا لأذربيجان الشريك الجيوستراتيجي لها والمشابهة لها عرقيا في كون سكانها من العنصر التركي.
وكاراباخ إقليم جبلي تابع لأذربيجان بموجب القانون الدولي، لكن يسكنه ويحكمه منحدرون من أصل أرميني.
وكان الصراع قد اندلع في كاراباخ في فبراير 1988، وقتها أُعلن الإقليم الحكم الذاتي وانفصاله عن جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية.
وفقدت أذربيجان خلال المواجهات المسلحة التي امتدت بين 1992 و1994، سيطرتها على الإقليم وسبع مناطق أخرى متاخمة لها، وأسفرت المعارك عن نزوح مئات الآلاف من الأذريين عن ديارهم في هذه المناطق.
ولم تتمكن المفاوضات التي تجري منذ عام 1992 في إطار مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، برئاسة ثلاثة رؤساء مشاركين - روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، من التوصل إلى تسوية سلمية لهذا النزاع.