رئيس التحرير: عادل صبري 04:25 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعصا العقوبات وجزرة المساعدات.. تطبيع وشيك بين السودان و«إسرائيل»

وسط رفض شعبي..

بعصا العقوبات وجزرة المساعدات.. تطبيع وشيك بين السودان و«إسرائيل»

أيمن الأمين 20 أكتوبر 2020 09:58

اقترب السودان من التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فكل المؤشرات تدل على تقارب بين الخرطوم وتل أبيب، كخطوة أولى بعد رفع أمريكا اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب.

 

الموافقة الأمريكية على رفع السودان من قائمة الإرهاب، جاءت على لسان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والذي ربط ذلك بدفع حكومة الخرطوم مبلغ 335 مليون دولار تعويضات لضحايا الإرهاب الأمريكيين وعائلاتهم، وقد نقل التلفزيون السوداني الرسمي عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تأكيده تحويل الأموال.

 

وأضاف ترامب في تغريدة على تويتر أنه سيرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بمجرد أن يتم إيداع المبلغ.

 

في الغضون، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن قرب إعلان التطبيع بين السودان ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث نقلت قناة "I24 الإخبارية" الإسرائيلية الحكومية، اليوم الثلاثاء، عن مصادر وصفتها بالرفيعة أنه من المتوقع أن يصدر خلال الأيام القليلة القادمة إعلان رسمي عن تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسودان.

 

وتوقعت تلك المصادر أن إعلاناً كهذا "على وشك أن يصدر من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".

 

 

كما نقلت عن مصدر في وزارة الخارجية السودانية قوله إن هناك مؤشرات تدل على تفاهمات تمهيدية للبدء في تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، ومنها الإعلان الأمريكي عن رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

 

من جانبه أعرب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك عن شكره للرئيس الأمريكي على تطلعه إلى حذف اسم السودان من قائمة ما تعتبرها واشنطن "دولاً راعية للإرهاب".

 

وأضاف في تغريدة على "تويتر": "هذا التصنيف كلف السودان وأضر به ضرراً بالغاً. إننا نتطلع كثيراً إلى إخطاره الرسمي للكونجرس بذلك".

 

فيما رحب الاتحاد الأوروبي بتوجه الولايات المتحدة لرفع اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب".

 

 

جاء ذلك في تغريدة لرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، تعليقاً على تصريحات الرئيس الأمريكي التي وعد فيها برفع اسم السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب.

 

وقال ميشيل: "وأخيراً تننتهي عزلة الشعب السوداني التي استمرت أعواماً طويلة".

 

من جانبها قالت وزيرة المالية السودانية هبة محمد، مساء أمس الاثنين، إن الخرطوم حولت إلى واشنطن التعويضات المالية المستحقة لضحايا تفجيرات المدمرة "يو إس كول" والسفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا.

 

ونقلت صحيفة "السياسي" السودانية (خاصة) عن الوزيرة قولها: إنه "تم تحويل مبلغ تعويضات ضحايا المدمرة كول وتفجيرات سفارتي نيروبي ودار السلام إلى الحكومة الأمريكية"، مشيرة إلى أن ذلك جاء بتوجيه من حمدوك.

 

 

من جهته، قال رئيس حزب "منبر السلام العادل" السوداني، الطيب مصطفى، إن قضية التطبيع قضية شائكة جدا في المجتمع السوداني، وهو منقسم بين القوى السياسية، والسلطة الحاكمة تتكون من عسكريين ومدنيين، هناك مجلس سيادي منقسم من مدنيين وعسكريين، منهم رئيس عسكري (عبد الفتاح البرهان) ونائب رئيسه عسكري (حمدان حميدتي) هؤلاء يؤيدون التطبيع.

 

وتابع: "هذا واضح جدا من تصريحاتهم، ومن خلال اللقاء الذي أجراه "البرهان" مع "نتنياهو" في العاصمة الأوغندية كامبالا، وهذا معلوم للجميع، ومؤخرا "حميدتي" كرر قولته بأنهم "ماضون في التطبيع"، وهذا ليس من حقه؛ لأن هذا قرار دولة وليس قرار شخص واحد".

 

أما عن موقف القوى السياسية، والكلام للطيب مصطفى، فالأمر مختلف، فالكثير من الأحزاب رافضة للتطبيع، فالأحزاب اليسارية ترفض التطبيع، وجميع الأحزاب الإسلامية أعلنت رفضا قاطعا للتطبيع وهي خارج الحكومة الآن - والشعب السوداني معظمه رافض للتطبيع، لأسباب متعلقة بموقفه الثابت السابق الذي لم يتغير منذ نشأة القضية الفلسطينية.

 

وأضاف مصطفى أن "الولايات المتحدة تضع ثقلها على رقبة الحكومة السودانية حتى تُرغمها على التطبيع، من خلال تقديم "الجزرة" أو بعض المكتسبات، لذلك نجد بومبيو وزير الخارجية الأمريكي - عندما جاء للسودان قدّم وعودا، لكن الحكومة أصرت على أن تُقدّم المساعدات بشكل كامل وتدخل حيز التنفيذ".

 

 

على صعيد آخر، أفتى مجمع الفقه الإسلامي في السودان بعدم جواز التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في كل المجالات.

 

وفي السياق، قال زعيم الحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب، إن واحدة من شيم الشعب السوداني هي وقوفه ضد ظلم وقهر الشعوب الأخرى بشكل عام، ويتضامن معها ويعمل على أساس أن ذلك القهر ضده هو أيضاً.

 

 وبيَّن الخطيب أن محاولات التطبيع الأخيرة كشفت عن سلب الإرادة السياسية، وفرض الإملاءات على البلاد، مفنداً الاعتقاد لدى البعض بأن حل المشاكل السودانية يأتي بالتطبيع مع "إسرائيل"، أو الحل لها في الخارج عموماً، مؤكداً أن المخرج من كل الأزمات موجود في الداخل، وعبر الشعب السوداني.

 

بدوره، شدد زعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، على أن الكيان الصهيوني هو كيان مغتصب يجب محاربته وعدم التطبيع معه.

 

في المقابل، ذكر أبو القاسم إمام، رئيس حركة تحرير السودان، أن تفويت عرض التطبيع الأمريكي يعني بقاء البلاد في عزلتها الدولية والسياسية والاقتصادية، وطالب مجلس الأمن والدفاع بعقد اجتماع طارئ لإجازة العرض الأمريكي.

 

وفي موازاة ذلك، عقدت ثلاثة أحزاب سودانية، هي حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل، وحركة تحرير السودان "الثورة الثانية"، وجبهة الشرق، مؤتمراً صحفيا أعلنت فيه تأييدها لمسار التطبيع مع "إسرائيل" والقبول بالعرض الأمريكي.

 

 

ويأتي الاتفاق لرفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب مقابل دفع تعويضات لأسر ضحايا تفجير سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام، كجزء من تسوية تتضمن تلبية مطالبات أسر ضحايا تفجيرات السفارتين عام 1998، والمدمرة "يو إس كول" قرب شواطئ اليمن، في عام 2000، والتي تتهم واشنطن نظام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير (1989- 2019) بالضلوع فيها.

 

وتدرج واشنطن منذ 1993 السودان على هذه القائمة، لاستضافته آنذاك زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن.

 

وتزامنت جاهزية التعويضات مع عودة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان من الإمارات عقب اختتام مباحثات مع الولايات المتحدة استمرت 3 أيام، وشملت عدة قضايا منها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

 

وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية آنذاك أن الخرطوم وافقت على تطبيع علاقاتها مع "تل أبيب" في حال شطب اسم السودان من قائمة "الإرهاب"، وحصوله على مساعدات أمريكية بمليارات الدولارات.

 

وتأتي هذه التحركات بعد أكثر من شهر على توقيع، أبوظبي والمنامة في واشنطن، منتصف سبتمبر الماضي، اتفاقيتين لتطبيع علاقاتهما مع "تل أبيب"، وهو ما قوبل برفض شعبي عربي واسع واتهامات بخيانة القضية الفلسطينية، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ عربية.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان