رئيس التحرير: عادل صبري 11:36 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

عبر بوابة الحريري.. هل تدخل السعودية على خط تشكيل حكومة لبنان؟

عبر بوابة الحريري.. هل تدخل السعودية على خط تشكيل حكومة لبنان؟

العرب والعالم

الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله محمد ولي العهد

عبر بوابة الحريري.. هل تدخل السعودية على خط تشكيل حكومة لبنان؟

أيمن الأمين 29 سبتمبر 2020 13:56

عاد الحديث مجددا داخل الشارع اللبناني، حول احتمالية عودة السعودية للمشهد اللبناني، بعد فشل التحركات الفرنسية في تشكيل حكومة جديدة ولملمة جراح اللبنانيين.

 

ومع فشل المبادرة الفرنسية في تشكيل حكومة جديدة، واعتذار مصطفى أديب رئيس الوزراء المكلف قبل أيام، تم طرح اسم المرشح المدعوم من السعودية "سعد الحريري"، لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي نفاه الحريري.

 

ووفق تقارير إعلامية، لم يغب اسم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري، بعد تنحي أديب عن إكمال المهمة، بسبب خلافات الأطياف السياسية حول بعض الحقائب الوزارية، خاصةً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، انتقد موقف الهجوم على الثنائي الشيعي في لبنان وحمّله مسؤولية إفشال تشكيل الحكومة.

 

وأعاد قرار أديب الأزمة اللبنانية إلى مربعها الأول، ووضع المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي، على المحك؛ ما دفع الأخير إلى اتهام النخب السياسية اللبنانية بـ"الخيانة".

 

 

وعلى خلفية تنحي أديب، بادر الفرقاء السياسيون الذين باتوا يضعون مستقبل البلاد على الحافة، بسبب تمسكهم بمصالحهم الطائفية، لتبادل الاتهامات، وإن كانوا جميعاً قد تمسكوا بموقف واحد، مفاده أن مبادرة ماكرون "لم تمُت".

 

الرئيس الفرنسي هو الآخر، وعلى الرغم من هجومه الشديد على الساسة اللبنانيين، فإنه منحهم ستة أسابيع أخرى، كمهلة إضافية لإنقاذ المبادرة، ولم يقف الأمر عند ذلك، فقد بدأ ساكن الإليزيه استخدام أوراق أخرى بالمنطقة لتنفيذ ما يسعى له في البلد الذي يتعامل معه باعتباره جزءاً مهماً من حصته بالمنطقة.

 

ومع تأزم الوضع اللبناني على الصعد كافة، خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت، حاول ماكرون الانفراد برسم خارطة الطريق الجديد للبنان، من خلال طرح مبادرة لتشكيل حكومة مصغرة من 14 وجهاً جديداً، بعيداً عن التقاليد الطائفية المتفق عليها منذ نهاية الحرب الأهلية، نهاية ثمانينيات القرن الماضي.

 

ولم تأتِ تحركات باريس في إطار ترسيخ صورة "الصديق الوفي" التقليدية التي تسعى دائماً لترسيخها، وإنما جاءت أيضاً ضمن محاولات ماكرون تقليص النفوذ التركي المتزايد في شرقي المتوسط، والذي بات لبنان جزءاً أصيلاً منه على ما يبدو.

 

 

وزار الرئيس الفرنسي بيروت مرتين خلال شهر، وتواصل بشكل موسع مع قادته السياسيين، في محاولة لتنفيذ مقترحه القائم على تشكيل حكومة مصغرة من 14 وجهاً جديداً.

 

لكن المقترح الفرنسي اصطدم بتصلُّب الموقف الشيعي المتمثل في حركة "أمل" بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، وحزب الله، الذي يسيطر فعلياً على البلد بشكل أو بآخر.

 

وبعد اعتذار أديب، اعترف ماكرون بالفشل مؤقتاً، لكنه قال إنه لن يتراجع، ولو اقتضى الوصول إلى صيغة لبنانية جديدة. ودخل في تفاصيل التفاصيل، حتى النقاش في "اتفاق الطائف"، معتبراً أنه منح القوة للطائفة السُّنية.

 

وحمّل ماكرون رؤساء الحكومة السابقين مسؤولية القفز فوق المبادرة وأخذها إلى مكان طائفي، يتقاطع مع ما أعلنه خلال زيارته الأولى لبنان، عندما استنتج اللبنانيون من لقاءاته أنها تعزز نفوذ حزب الله في بنية النظام، مقابل انسحاب الحزب من النزاعات الإقليمية وتسوية موضوع سلاحه.

 

وفي معرض انتقاده حزب الله مرر ماكرون، خلال مؤتمر صحفي، قبل يومين، موقفاً مشابهاً عندما قال: "إن على الحزب أن يختار بين أن يكون مليشيا أو حزباً سياسياً".

 

 

كما أشار إلى أن "حزب الله لا يريد تشكيل حكومة ولا تقديم تنازل"، متسائلاً: "كيف يمكن تشكيل هذه الحكومة وهو الذي أكد أنه لا يمكن تشكيلها من دون الشيعة، لأن ذلك غير منطقي".

 

وفي محاولة جديدة لإنقاذ رؤيته، تسربت أنباء عن تواصل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لكي يضغط الأخير على سعد الحريري، للقبول بتشكيل الحكومة المأمولة، خاصةً أن ثمة من يقول إن الأخير هو الذي دفع أديب إلى التنحي عن المهمة.

 

ويُنظر إلى الحريري دائماً على أنه رجل السعودية في لبنان، وقد طُلب منه رسمياً تشكيل حكومة جديدة عقب استقالة حسان دياب؛ على خلفية انفجار مرفأ بيروت الذي أوقع آلاف الضحايا، في أغسطس الماضي.

 

لكن الحريري، الذي أثبتت محكمة العدل الدولية بعد أيام من انفجار المرفأ، تورُّط حزب الله في اغتيال والده رفيق الحريري، وضع شروطاً تقلص سيطرة الحزب على المشهد السياسي إلى حد كبير، وهو ما حدا بالرئيس ميشال عون إلى تكليف أديب بهذه المهمة الصعبة.

 

وبعد تنحي أديب، قال الحريري، إن كل من يحتفل بسقوط المبادرة الفرنسية، لدفع زعماء لبنان المنقسمين إلى تشكيل حكومة جديدة، "سيندم على ضياع تلك الفرصة".

 

المحلل السياسي اللبناني جورج علم، يرى أنه في حال تأكدت هذه التسريبات المتعلقة باتصال ماكرون بولي عهد السعودية، فإن علامات استفهام كبيرة تحيط بهذه الخطوة.

 

 

وفي تصريحات صحفية، أعرب "علم" عن اعتقاده بأن الرياض لن تتدخل لدعم تشكيل أي حكومة تضم حزب الله، خصوصاً أن هذا يعني خروج ولي العهد السعودي عن التنسيق الأمريكي، وهو أمر مستبعد، حسب قوله.

 

ولفت المحلل اللبناني إلى أن موقف الأمريكيين من مبادرة ماكرون كان واضحاً من اليوم الأول، حيث رفضوا تشكيل أي حكومة تضم ممثلين عن حزب الله، "وهو أمر ليس بإمكان ولي عهد السعودية مخالفته".

 

كما أن هذا التدخل السعودي للضغط على الحريري، إن حدث فإنه يخالف حديث الملك سلمان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي حمّل فيه حزب الله مسؤولية كل ما يحدث في لبنان.

 

أما المحلل السياسي اللبناني رياض عيسى فقال، إن العالم والشعب اللبناني كان ينظر إلى المبادرة الفرنسية على أنها الفرصة الأخيرة لتشكيل حكومة جديدة، وخلال شهر من تكليف "أديب" أثبت الرجل أنه الأمل الوحيد لتوحيد للبنانيين عبر تشكيل حكومة اختصاصية تجدد الأمل بلبنان، إلا أن سياسة المحاصصة والكيدية لا زالت مسيطرة على البلد وعرقلت مشاوراته.

 

وأوضح في تصريحات سابقة لمصر العربية، أن أي من المرشحين على حساب فريق الرئيس الحريري، سيكون عنده موقف مماثل لموقف مصطفى أديب، وظهر ذلك من خلال التنازلات التي قام بها الحريري عبر عرضه بإعطاء حقيبة المالية للطائفة الشيعية شرط تسمية اسم الوزير، ومع ذلك رفض الشيعة.

 

وأنهى عيسى كلامه بالقول إن الوضع الآن بلبنان، إما أن نذهب إلى حكومة قريبة من 8 آذار، تكون مقربة من رئيس الجمهورية وحزب الله وإيران وسوريا ومواجهة مع المجتمع الدولي، أو ترك لبنان للفراغ والفوضى، خصوصا أن حركة أمل وحزب الله لن يقبلوا من أي شخص ما لم يقبلوه من أديب، وبالتالي لبنان في وضع حرج، وقد نشهد تدخلات دولية.

 

 

أيضا، وفي تصريحات سابقة لمصر العربية، قال الكاتب الصحفي اللبناني علي رباح، إن :"السؤال الأبرز في لبنان هو: هل هناك فرص لتشكيل حكومة أصلا؟! كافة المعطيات تشير إلى أن مَن عرقل المبادرة الفرنسية، وهو حزب الله، الذي بدأ يضع الشرط تلو الشرط، رغم موافقة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري على حل العقدة الأولى، بموافقته على أن يكون وزير المال شيعيا، وهذا المطلب يعارض الدستور."

 

ورأى رباح أن هذه المعطيات تشير إلى أن حزب الله يحاول ترحيل الحكومة الى ما بعد الانتخابات الأمريكية، أي بعد نحو 40 يوما، مشيرا إلى أن حزب الله الموالي لإيران يظن، بحسب مطلعين، أن مفاوضات إيرانية أمريكية ستعقب الانتخابات الأمريكية، بمعزل عن اسم الشخص الذي سيصل إلى البيت الابيض، وبالتالي سيكون الملف اللبناني أحد الملفات على طاولة المفاوضات هذه.

 

وانطلاقا من هذه المعلومات، رأى رباح أنه "لا يبدو أن الحكومة ستتشكل في القريب العاجل. وبما أن الحريري لن يترشح ولن يرشح، وهذا موقف معظم الشارع السني، فمن الصعب أن يجد حزب الله شخصية سنية من خارج محوره الإقليمي لتولي رئاسة الحكومة. كما أنه لن يقدم حاليا على إعادة تجربة حسان دياب، أي حكومة اللون الواحد."

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان