رئيس التحرير: عادل صبري 01:03 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

بـ «عيون إسرائيلية».. ما العلاقة بين حرب أكتوبر وكورونا؟

بـ «عيون إسرائيلية».. ما العلاقة بين حرب أكتوبر وكورونا؟

العرب والعالم

جولدا مائير وموشيه دايان خلال حرب أكتوبر 73

بـ «عيون إسرائيلية».. ما العلاقة بين حرب أكتوبر وكورونا؟

أدهم محمد 26 سبتمبر 2020 19:18

تطرق الكاتب والمحاضر والسياسي الإسرائيلي السابق الدكتور نحمان شاي إلى حرب السادس من أكتوبر 1973 التي هزمت فيها "إسرائيل" هزيمة نكراء، مؤكدا أنها كانت نتيجة "الغطرسة الإسرائيلية".

 

وتحت عنوان "وباء الغطرسة الإسرائيلي يحتفل بمرور 47 عاما"، اعتبر "شاي" في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه وكما هزم المصريون والسوريون "إسرائيل" في الحرب، فإن فيروس كورونا ولنفس السبب يوشك على الفتك بـ "إسرائيل" التي ادعت زورا قدرتها على تصنيع لقاح مضاد للوباء.

 

إلى نص المقال..

واحد فقط من بين كل ثلاثة إسرائيليين يسيرون بيننا اليوم كان هنا في أكتوبر 1973. واحد فقط من بين كل ثلاثة يمكنه أن يروي انطلاقا من تجربة شخصية الشعور الذي خالجه عندما اندلعت الحرب. عندما تستقر عقارب الساعة اليهودية والإسرائيلية على يوم الغفران في أكتوبر، يخفق قلبي وقلوب الكثيرين بسرعة. ذلك اليوم، صافرات الإنذار تلك التي حددت خطا حادا بين ما كان وما سيكون، سيظل يلازمنا حتى يومنا الأخير.

 

 

كنت وقتها شابا، مفعما بالثقة، مراسلا للشؤون العسكرية، أسير كما الطاووس. ومثلي كان كثيرون. ننتمني جميعا دولة النخبة التي وقبل ست سنوات هزمت خلال ساعتين ونصف ثلاثة جيوش عربية وضاعفت مساحتها ثلاث مرات، من إذن يقدر علينا؟.

 

سار الجنرالات في شوارع تل أبيب كعرسان في يوم زفافهم. احتفل السياسيون بالجمود السياسي. لماذا تتحرك ميليمترا واحدا إذا كان بإمكانك ألا تفعل؟ انفجر الاقتصاد وتدفق النفط من الآبار في سيناء. لم يمر بمثل هذه الأيام شعب إسرائيل. رددنا أغاني النصر.

 

انتشر العفن تحت السطح فقط، وتراكمت أبخرة الغاز. قريبا سيندلع الانفجار. لكننا لم نلاحظ أو نشم لأننا كنا مكفوفين وصم وفاقدين لحاسة الشم. حتى عندما انتشر المصريون والسوريون على طول الخطوط وأزالوا شبكات التمويه، حتى عندما أطلقت أجهزة المخابرات الإنذار وأضيئت الأضواء الحمراء، حتى عندما قال أفضل عملاء الموساد "إن ذلك وشيك"، وهمس (الملك الأردني) حسين في أذن (رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك) جولدا (مائير) بأنهم "على وشك الهجوم"، بقينا غير مبالين، سكارى من نسيم قمم الأيام الستة (حرب يونيو/حزيران 67). بالنسبة لنا لا يمكن لذلك أن يحدث لنا نحن الملوك الجدد للشرق الأوسط.

 

في ظهر يوم 6 أكتوبر، انفجر كل شيء في وجهنا. وصل السوريون إلى منحدرات الجولان، ودم المصريون  خط بارليف، والتقطت صواريخ "سام" الروسية طائراتنا، وأضرمت صواريخ "ساغر" النار في دباباتنا. قالت جولدا إنها "مجرد امرأة عجوز في المطبخ، محاطة بالجنرالات، وإذا لم يعرفوا ماذا يريدون مني؟". ودايان، الذي كان ذات مرة أمل الجميع، قد عرض بالفعل تذخير سلاح يوم القيامة.

 

خدعنا أنفسنا لأننا قمنا منذ ذلك الوقت بإجراء نقد ذاتي. كبر الجيش الإسرائيلي وبات أكثر قوة، وعاد الشعور بالقوة إلى صفوفه، وبدا أن الساسة تعلموا فك شفرة أصوات السلام والتصالح. الجمهور كما تعلم شكك وطرح الأسلحة، وشحذ الإعلام لوحات مفاتيحه وكاميراته لمسح الحكومة بأمشاط حديدية. هل حقا؟.

 

هراء، كل شئ ظاهريا. عدم موثوقية. الرضا عن النفس في التعامل مع وباء كورونا اليوم هو بالضبط نفس الرضا. الثقة بالنفس نفس الثقة والضرب هي نفس الضربة.

 

تسألت دولة الستارت آب (الشركات الناشئة)، لدينا أفضل الأطباء والباحثين، الحاصلين على جائزة نوبل، طب ممتاز، التقطير، إنتل، الطبيعة، العالم أخيرا يعترف بنا، الدول العربية تصنع السلام معنا، إذا ماذا يمثل هذا الفيروس الصغير بالنسبة لنا؟.

 

جاء التصريح الأكثر شيوعا، عندما "أمر" بنيامين نتنياهو وبيني غانتس المعهد البيولوجي في نيس تسيونا بتطوير مصل مضاد لكورونا. قبل شهر صرحوا هناك أنه "بإمكاننا تصنيع 15 مليون حصة". من ماذا بالضبط؟ هذا تصريح إسرائيلي خالص، من سبتمبر 1973، لا أساس له من الصحة. من نحن لنطور؟ فهاهو العالم حشد أفضل العقول، وأكبر شركات الأدوية والعباقرة في مراكز الأبحاث. تم سكب المليارات من الجهود العالمية ولا يوجد لقاح حتى الآن. لكن تحديدا "نحن سنطور". وننقذ البشرية. ونصلح العالم.

 

وهم آنذاك لم يبرح مكانه، لكن تغير. بدلا من البوارج المصرية والدبابات السورية العدو الآن يرانا ولا نراه. بدلا من جيش بالي ووحدات تخزين طوارئ فارغة، يلاقي العدو منظومة صحة جائعة. اليوم كما البارحة تماما، تركنا السياسيين ينخرطون في خلافات تافهة بدلا من إدارة حياتنا بمسؤولية. غضضنا الطرف عن مواجهة التهديد الوشيك. تعاملنا باستخفاق مع التحذيرات التي جاءت من الخارج ووضعت على عتبة بابنا. لم نكن نريد أن نرى أوروبا. اقترحنا "دعهم يأتون ليتعلموا منا".

 

وجدت إسرائيل نفسها لبالغ الخجل على رأس الترتيب العالمي في معدلات الإصابة بفيروس كورونا لأنه لا يوجد هنا ذرة تواضع، أو انحناء الرأس أو إدراك أن هناك أشياء كبيرة علينا في بعض الأرقام.

 

لقد انتصر الجنود والقادة الميدانيون في تلك الحرب. وهرب السياسيون من المسؤولية وتأكدوا من أن الجيش سيدفع الثمن في لجنة "التحقيق" التي شكلوها. بعد أربع سنوات، في عام 1977، تصالح الجمهور معهم وأرسل "ماباي" إلى المعارضة، الحزب الحاكم الذي بدا أبديا في ذلك الوقت، وظل هناك.

 

هل سيعود التاريخ؟ إليكم الأخبار السيئة: القيادة تغيرت آنذاك، لكن الإخفاقات بقيت. في يوم الغفران في الغد، لدينا أسباب كثيرة جدا للقيام بنقذ ذاتي، ونحني رؤوسنا، ونفهم مكاننا، ونتواضع.

 

الكاتب: الدكتور نحمان شاي هو أستاذ زائر في جامعة ديوك في كارولينا الشمالية نيابة عن معهد إسرائيل للدراسات. كان عضوا في الكنيست ونائبا لرئيس الكنيست والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي خلال حرب يوم الغفران ومراسلا عسكريا للتلفزيون الإسرائيلي.

 

 

الخبر من المصدر..

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان