معركة جديدة يخوضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مجلس الأمن، على خلفية سعيه لفرض عقوبات جديدة على طهران، في حين رفضت أوروبا الأمر.
عقوبات طهران ربما تأخذ الأمر إلى أبعد من ذلك، تحديدا بين واشنطن وأوروبا، بعد إعلان دول أروربية عدم نيتها فرض عقوبات جديدة على إيران، حيث بلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن الدولي أن إعفاء إيران من عقوبات الأمم المتحدة سيستمر بعد 20 سبتمبر الجاري، وهو الموعد الذي تؤكد الولايات المتحدة أنه ينبغي إعادة فرض كل العقوبات فيه.
وتختلف الولايات المتحدة وأوروبا في التعاطي مع الملف الإيراني ومن المتوقع أن يستمر لعدة سنوات مقبلة في حالة فوز ترامب، لكنّ فوز بايدن سوف يعجل بعودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي مرة أخرى.
وفي رسالة لمجلس الأمن الدولي قالت الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران إن أي قرار أو إجراء لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة "سيكون بلا أي أثر قانوني".
ورفعت العقوبات الأممية عن إيران بموجب الاتفاق النووي الذي وقعته مع القوى الدولية عام 2015، لكن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق في عام 2018.
وقال مبعوثو بريطانيا وفرنسا وألمانيا لدى الأمم المتحدة: "عملنا بلا كلل من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي، وما زلنا ملتزمين بذلك".
وأضافوا أنهم لا يزالون ملتزمين بـ"التنفيذ الكامل" لقرار مجلس الأمن عام 2015 الذي دعم الاتفاق، والذي يضم أيضا روسيا والصين.
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال الشهر الماضي إنه قام بتفعيل إجراء مدته 30 يوما في مجلس الأمن يؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران ابتداء من السبت المقبل.
وبموجب هذا الإجراء يستمر أيضا حظر تصدير الأسلحة التقليدية لطهران والذي كان مقررا رفعه في 18 أكتوبر المقبل.
لكن 13 من أعضاء مجلس الأمن الـ15 يقولون إن إجراء واشنطن باطل، لأنها لم تعد طرفا في الاتفاق النووي.
وتقول الولايات المتحدة إنه يحق لها اتخاذ ذلك الإجراء، لأن قرار مجلس الأمن عام 2015 لا يزال يشملها كطرف مشارك.
والثلاثاء الماضي، تعهد بومبيو بأن تمنع واشنطن إيران من شراء معدات عسكرية صينية وروسية، حتى مع اختلاف الحلفاء الأوروبيين مع موقف واشنطن.
وقال بومبيو: "سنتصرف على هذا النحو، سنمنع إيران من حيازة دبابات صينية ومنظومات دفاعية جوية روسية، وبعد ذلك بيع أسلحة لحزب الله"، مضيفا "سنبذل كل ما هو ضروري لضمان تطبيق هذه العقوبات واحترامها".
وبالتزامن مع مساعيها لإعادة فرض العقوبات على إيران، أعلنت الولايات المتحدة أن حاملة طائرات تابعة لها وبوارج بحرية مرت عبر مضيق هرمز ووصلت إلى مياه الخليج أمس الجمعة.
وترسل واشنطن بانتظام مجموعات حاملات طائرات إلى الخليج لإجراء تدريبات ودعم عمليات الولايات المتحدة والتحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، لكن إدارة ترامب سعت إلى تصعيد الضغط على طهران.
ووفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران كثفت أنشطتها في مجال التطوير النووي منذ انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من هذا الاتفاق في 2018.
في المقابل، أكد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، اليوم السبت، أنه لا توجد علاقات مالية أو تجارية لإيران مع أوروبا، لأنها تماهت مع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وقال ولايتي إن تفعيل "آلية الزناد" استعراض مسرحي دعائي من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضجيج لحصد الرأي العام داخل أمريكا.
وشدد ولايتي في حديث لوكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية، على أنه لا يمكن لإيران تطبيق الاتفاق النووي من جانب واحد، فيما لا ينفذ الجانب الآخر التزاماته، مشيرا إلى أن أمريكا انسحبت من الاتفاق النووي، وادعاؤها بتفعيل آلية الزناد باطل لا أساس له.
ولفت إلى أن أطراف الاتفاق النووي الآخرين أطلقوا الوعود فقط وشاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في العقوبات الأمريكية، ولم يلتزم أي منهم بالاتفاق، متهما الدول الأوروبية بأنها "شريكة في العقوبات الأمريكية على طهران".
وأكد مستشار خامنئي أنه لا اعتبار للاتفاق النووي اليوم لأنه ينفذ من جانب واحد فقط.
من جهة أخرى، قال ولايتي إن إيران لا تعول على انتخابات الرئاسة الأمريكية، معتبرا أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم يكن أفضل من الرئيس الحالي دونالد ترامب.
من جهة أخرى، قال ولايتي إن اتفاقات السلام ساهمت في تراجع العرب وتقدم إسرائيل، مؤكدا تمسك إيران بالمقاومة فيما يتبع بعض الخونة المرعوبين نهج الاستسلام مع إسرائيل.
واعتبر ولايتي أن موازين القوى في المنطقة تسير لصالح الدول والتيارات المقاومة لإسرائيل.
يذكر أنه في الثامن من مايو من العام 2018، قررت إدارة ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، لكن الملفت أنّ واشنطن تركت الباب مفتوحًا أمام التفاوض مجددًا من أجل التوصل إلى اتفاق جديد يسدّ كل الثغرات التي في اتفاق صيف 2015 والذي يعتبره دونالد ترامب من أسوأ الاتفاقات التي عقدتها الولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق النووي مع إيران، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، تم التوصل له في يوليو 2015، مع قوى دولية بعد ما يقرب من 20 شهراً من المفاوضات، وقد اعتُبر في حينه انتصاراً كبيراً للدبلوماسية بمنطقة الشرق الأوسط، التي لا تدع الحروب فيها للسياسة مجالاً للتحرك.
واتفقت بموجبه إيران والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا، وهي المجموعة المعروفة باسم "5 + 1"؛ والاتحاد الأوروبي، على رفع العقوبات الدولية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني مقابل تفكيك طهران برنامجها النووي.