في مشهد ربما لم يتكرر، سجل المرشح الديمقراطي جو بايدن أمس الاثنين سابقة تاريخية كأول مرشح رئاسي في التاريخ الأمريكي يتحدث إلى تجمع لمسلمي أمريكا قبل إجراء الانتخابات الرئاسية.
ولم يسبق أن تحدث أي مرشح رئاسي سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي مع المسلمين في الولايات المتحدة، في هذا الوقت المتقدم من الحملة الرئاسية.
جاء ذلك عبر استضافة بايدن من قبل منظمة إيماج الناشطة في مجال الحقوق السياسية للمسلمين في الولايات المتحدة خلال برنامج افتراضي على الإنترنت تحت عنوان "قمة مليون صوت مسلم" شارك فيه أكثر من 3 آلاف مسلم أمريكي.
واعتبر بايدن أن المسلمين عانوا من الإساءة والعنصرية رغم مساهماتهم في المجتمع الأمريكي، وأنه بدوره سيقوم بإلغاء حظر السفر الذي فرضته إدارة ترامب على المسلمين منذ اليوم الأول لإدارته قائلا "إذا كان لي شرف أن أكون رئيسا فسوف أنهي الحظر المفروض على المسلمين في اليوم الأول".
من جانبه، قال رئيس مؤسسة "إيماج" وائل الزيات للراديو القومي الأمريكي "كنا بحاجة إلى مشاركة مباشرة مع بايدن في حدث مرئي يقوده المسلمون، كان ذلك أحد المعايير الواضحة التي وضعناها هناك، ونجحنا في ذلك".
وافتتح بايدن كلمته باستدعاء حديث للنبي محمد عليه الصلاة والسلام "من رأى منكم منكرا فليغيره"، وأشاد بتعاليم الرسول، متعهدا بالاستعانة بمسلمين أمريكيين ضمن فريقه الرئاسي.
كما تعهد بايدن بدعم الفلسطينيين ووقف دعم الدكتاتوريات حول العالم، مركزا على ظاهرة الإسلاموفوبيا "التي ساهمت في صعودها سياسات ومواقف الرئيس دونالد ترامب".
وفيما يتعلق بسياسات الشرق الأوسط، أشار بايدن إلى الموقف التقليدي للحزب الديمقراطي الذي ينادي بحل الدولتين ويرفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، خاصة ما يتعلق باستمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية.
وأشاد بايدن بمساهمة مسلمي أمريكا في مواجهة فيروس كورونا المستجد، ولم يتطرق إلى قضايا الإرهاب أو التطرف الإسلامي.
وقال إن "أحد الأشياء التي أعتقد أنها مهمة هو أني أتمنى لو أننا تعلمنا المزيد في مدارسنا عن العقيدة الإسلامية، نحن جميعا نجيء من نفس الجذور البشرية، ونتشارك في نفس المعتقدات الأساسية".
ولا يعرف على وجه اليقين أعداد المسلمين في الولايات المتحدة، ولا يعرف من منهم له حق الانتخاب، لكن تقديرات الخبراء تشير إلى ما لا يقل عن 6 ملايين مسلم أمريكي، بينهم ما يقارب مليون ناخب يتوزعون في كل الولايات.
وقد يلعب الصوت المسلم خاصة مع جهود تسجيل الناخبين دورا مهما في عدد من الولايات المتأرجحة التي تتركز فيها أعداد كبيرة من الأمريكيين المسلمين مثل ولاية ميشيجان، حيث فاز ترامب بالولاية في انتخابات 2016 بفارق ضئيل وصل إلى 0.02% أو أقل من 11 ألف صوت.
ووفق تقارير إعلامية، وخلال تاريخ الحملات الرئاسية الأمريكية شارك المسلمون وتبرعوا بالكثير من الأموال بصفتهم الفردية، سواء المنتمين للحزب الجمهوري أو الديمقراطي.
ولم يسبق أن تشكلت لجنة قومية لتجمع الصوت والمال الإسلامي للعب دور علني ودعم أحد المرشحين للبيت الأبيض.
يذكر أن دراسة لمركز بيو للأبحاث أجريت عام 2018 قدرت أن 13% فقط من المسلمين يعتبرون جمهوريين، في حين يرى 20% منهم أنفسهم مستقلين، ويرى 66% من مسلمي أمريكا أنفسهم ديمقراطيين.
وقبل أيام هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منافسه في انتخابات الرئاسة جو بايدن، قائلا: في حال انتخب بايدن في 3 نوفمبر القادم، فإنه "سيدمر هذا البلد".
في السياق، قال الصحفي كريس والاس إن استطلاعا جديدا لشبكة "فوكس" أظهر تفوق بايدن، ليس فقط في موضوع إدارة الوباء (بفارق 17 نقطة) والتعامل مع الاضطرابات العنصرية (بفارق 21 نقطة)، بل أيضا في كيفية إدارة الاقتصاد، التي طالما مثلت نقطة قوة لترامب.
وأظهر استطلاع جديد مشترك بين صحيفة "واشنطن بوست" وتلفزيون "أيه بي سي نيوز" تقدم بايدن على ترامب في صفوف الناخبين المسجلين في أنحاء البلاد بفارق 15 نقطة (55 مقابل 40%).
ويرى مراقبون، أن دونالد ترامب يعد من أكثر الرؤساء الأمريكيين عنصرية ضد المسلمين، نظرا لما وقع بحق الإسلام إبان فترة ولايته.
وقبل عامين اعترف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ويسعى الآن لدعم الاحتلال أكثر من خلال سرقة الأرض الفلسطينية وتمرير قوانين لضم أراضي بالضفة الغربية والقدس.
من هو جو بايدن؟
ولد جو بايدن في سكرانتون التابعة لولاية بنسلفانيا عام 1942، أصبح محامياً في عام 1969، وانتخب لمجلس مقاطعة نيوكاسل عام 1970.
في عام 1972 انتخب لأول مرة بمجلس الشيوخ وأصبح حينها أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة.
أعيد انتخابه في مجلس الشيوخ 6 مرات، وعندما استقال ليتولى منصب نائب الرئيس كان رابع أكبر عضو في المجلس.
وتولى بايدن منصب نائب رئيس الولايات المتحدة للرئيس السابق باراك أوباما بين عام 2009 و2017.
كان عضواً قديماً ورئيساً سابقاً للجنة العلاقات الخارجية، وعارض حرب الخليج عام 1991.
كما دعا إلى تدخل بلاده وحلف شمال الأطلسي في حرب البوسنة بين عامي 1994 و1995.
وصوت لصالح القرار الذي أذن بحرب العراق عام 2002، وعارض إرسال المزيد من القوات عام 2007.
في عام 2011، عارض تنفيذ المهمة العسكرية التي أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن.
ترشح جو بايدن عن الحزب الديمقراطي للرئاسة في عام 1988 لأول مرة، وترشح مرة أخرى في عام 2008، إلا أنه فشل في المرتين، وفي 12 يناير 2017 أعلن ترشيحه لانتخابات 2020.