رئيس التحرير: عادل صبري 08:11 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

انهيار اقتصادي وحرب ضروس وجائحة مميتة.. ما الحل في اليمن؟

انهيار اقتصادي وحرب ضروس وجائحة مميتة.. ما الحل في اليمن؟

محمد الوقاد 14 يوليو 2020 22:51

"لم نشهد من قبل في اليمن وضعًا تتداخل فيه مثل هذه الأزمة الاقتصادية المحلية الحادة مع انخفاض حادٍ في التحويلات، وتناقص كبير في دعم المانحين والمساعدات الإنسانية، وهذا بالطبع، يحدث كله في خضم جائحة مدمرة".

 

ما سبق كان تلخيصًا لأبعاد الأزمة غير المسبوقة التي تعصف باقتصاد اليمن، هذه الأيام، على لسان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "مارك لوكوك" في إحاطته أمام مجلس الأمن بشأن اليمن في 24 يونيو الماضي، وهي كلمات تشير بوضوح إلى أن البلد الذي يرزح تحت وطأة حرب تزداد رحاها ثقلًا عامًا بعد آخر منذ 2015، يدخل الآن نفقا تقبع في نهايته هاوية.

 

اللفظ الأخير "هاوية"، بالضبط هو ما ذكره "لوكوك" في خطابه، وهو ما يعني أن الأمور شديدة الخطورة.

 

وخلال الشهر الماضي، انخفضت قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية إلى أدنى سعر، منذ بدء الحرب في مارس 2015، مسجلا 800 ريال مقابل كل دولار، وسط تحذيرات دولية من مزيد من التراجع.

 

مؤتمر مانحين مع إيقاف التنفيذ

 

في 2 يونيو الماضي، استضافت السعودية برعاية أممية، مؤتمرًا افتراضيًّا للمانحين من أجل اليمن، تعهدت خلاله الدول المانحة بتقديم 1.35 مليار دولار لمساعدة الوكالات الإنسانية على مواصلة تقديم الخدمات الأساسية والطارئة، بما في ذلك تمويل برامج لاحتواء "كورونا".

 

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، خلال كلمته في المؤتمر، جميع الأطراف في اليمن إلى التعاون مع المبعوث الخاص "مارتن جريفيث" لإحراز تقدم في المفاوضات على المستويين الاقتصادي والإنساني من أجل التخفيف من معاناة الناس، موضحا أن عدد الضحايا من المدنيين يزداد كل شهر؛ حيث قُتل أو أُصيب أكثر من 500 شخص منذ يناير 2020.

 

وفي حديثه عن أهم أسباب التدهور الاقتصادي، قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، "مصطفى نصر"، إن "الريال اليمني انخفض في مقابل العملات الأجنبية بمعدل كارثي؛ حيث بلغت نسبة الانخفاض 12% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2020"، بحسب ما نقل عنه موقع "المونيتور".

 

وتتلخص الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض في الصراع العسكري والسياسي المستمر، الذي تزامن مع هجمة المضاربة على العملة الصعبة من قبل التجار البارزين في السوق. ناهيك عن تأثير فيروس كورونا وطباعة كميات من العملات الورقية الجديدة، وهي عوامل ساهمت جميعا في هذا الهبوط المقلق.

 

وجهة نظر حوثية

 

قبل أيام، حمل الخبير المالي عضو مجلس الشورى التابع للحوثيين "أحمد سعيد شماخ" بتحميل السعودية المسؤولية عن انخفاض قيمة العملة وتدهور الاقتصاد في اليمن.

 

ونقل "المونيتور" عن "شماخ" قوله: "تتعرض اليمن لسلسلة من الكوارث المخططة منذ سنوات، ويعد ضرب الاقتصاد هو أحد أبرز الأدوات التي تستخدمها السعودية وحلفاؤها منذ بدء الحرب".

 

وأضاف قائلا: "المؤشرات الاقتصادية تراجعت، والانهيار لا ينتهي، ونمونا الاقتصادي أصبح سالبا. هذه نتائج جهود السعودية وحلفائها لكسب المعركة".

 

وانعكس الانقسام الداخلي على الوضع الاقتصادي في البلاد؛ حيث نقلت الحكومة الشرعية في سبتمبر 2016 البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، العاصمة المؤقتة.

 

وردا على ذلك، أصدر الحوثيون، بصفتهم السلطة بحكم الأمر الواقع في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، قرارا في ديسمبر 2019 بحظر تداول أي أوراق نقدية جديدة تطبعها الحكومة الشرعية، ويتعاملون فقط مع الأوراق النقدية المطبوعة سابقا.

 

وتسبب هذا الانقسام الاقتصادي في مفاقمة الأوضاع المتردية في اليمن، فيما لا يزال اليمنيون يتحملون العواقب وحدهم، في مواجهة ويلات الحرب والانقسام والتدهور الاقتصادي المستمر.

 

اقتصاد الحرب

 

وقال المحلل الاقتصادي اليمني "عبدالواحد الأوبالي" إن سنوات الحرب شكلت ما يسمى بـ"اقتصاد الحرب"، الذي تساهم فيه أطراف مختلفة، عن طريق حرمان النظام المصرفي من وظائفه وطباعة الأوراق النقدية خارج إطاره؛ مما يسهل الصفقات الفاسدة على مستويات مختلفة.

 

وأضاف: "لا يمكن للاقتصاد أن يتعافى أبدا طالما أن الإيرادات الرئيسية من بيع المشتقات النفطية وتحويلات المغتربين، التي يقدرها البنك الدولي بـ3.7 مليارات دولار سنويا- بالإضافة إلى المساعدات التي يقدمها المانحون، لا تصل إلى البنك المركزي في عدن ولا يستفيد منها الاقتصاد".

 

وفي حديثه عن الحل الذي تشتد الحاجة إليه لتقليل أو وقف التدهور والانهيار، أشار "مصطفى نصر" إلى أنه "يجب أولا ممارسة ضغوط دولية جادة لوقف الحرب، وإجبار الأطراف المتنازعة على التوصل إلى سلام حقيقي من أجل استعادة سيطرة الدولة اليمنية على جميع الموارد، وفقا لقواعد الدستور والاتفاقيات الدولية".

 

وأوضح أن "البلاد بحاجة ماسة إلى إدارة اقتصادية مستقلة وموحدة تتحكم في الاقتصاد والبنك المركزي من خلال إجراءات موحدة، دون أي من التقسيمات الحالية".

 

دعم النظام المصرفي

 

وأضاف قائلا: "يجب على دول التحالف تقديم دعم مباشر سريع للبنك المركزي في شكل ودائع مساهمات نقدية لوقف الانخفاض في قيمة العملة، إضافة إلى البدء في جهود إعادة الإعمار".

 

وتحدث "أوبالي" عن الحلول قائلا: "أولا -قبل كل شيء- يجب استعادة النظام المصرفي حتى يصبح البنك المركزي اليمني هو المراقب الوحيد لجميع الإيرادات والنفقات. ولاحقا، يجب إعادة تنشيط مصافي النفط في عدن ومحطة غاز مأرب لإنتاج الكهرباء".

 

وأضاف: "يجب على المغتربين أيضا تحويل أموال من خلال البنوك، وليس السوق السوداء، كما ينبغي اتخاذ إجراءات جدية لمكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين فيه".

 

واختتم "أوبالي" حديثه: "نحن بحاجة أيضا إلى العمل على إجراءات تقشف عاجلة، تشمل هيكلة شاملة للمؤسسات، وتقليل عدد الوزارات والسفارات بهدف النفقات، وإصدار قرار بدفع رواتب قادة ووزراء الحكومة الشرعية بالريال اليمني، وليس بالعملة الصعبة".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان