رئيس التحرير: عادل صبري 09:12 صباحاً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

تونس| «النهضة» تحت القصف.. فهل تخسر الحكومة والبرلمان؟

تونس| «النهضة» تحت القصف.. فهل تخسر الحكومة والبرلمان؟

العرب والعالم

الغنوشي وقيس سعيد

تونس| «النهضة» تحت القصف.. فهل تخسر الحكومة والبرلمان؟

أيمن الأمين 14 يوليو 2020 12:05

رهانات سياسية جديدة، تصل إلى أعلى درجات التشويق والإثارة.. إنه المشهد السياسي التونسي والذي لطالما ازداد إثارة خاصة بعدما وصلت أزماته إلى قمة الحكم في بلد مهد الثورات (الرئاسة والحكومة والبرلمان).

 

فبعد يوم من إعلان مجلس شورى حركة النهضة التونسية، موقفه من الحكومة الحالية، التي يقودها إلياس الفخفاخ، بتكليف رئيس الحركة راشد الغنوشي بإجراء مفاوضات مع رئيس الجمهورية والقوى السياسية والاجتماعية لبدء مشاورات تشكيل حكومي جديد، بدت ملامح أزمة بين البرلمان التونسي والرئيس قيس سعيد.

 

الأزمة كشفتها تصريحات الرئاسة التونسية الأخيرة، بعد رفض الرئيس التونسي قيس سعيد  إجراء أي مشاورات لتشكيل حكومة جديدة ما دام رئيس الوزراء الحالي إلياس الفخفاخ، لم يقدم استقالته أو توجه له لائحة اتهام.

 

جاء ذلك في لقاء جمع بين سعيد ورئيس الحكومة، وحضره أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد)، ونشرته الرئاسة التونسية.

 

الرئيس التونسي قيس سعيد

 

وقال سعيد إن "الحديث عن تسيير مشاورات بين رئيس الدولة وعدد من رؤساء الأحزاب حول تشكيل حكومة جديدة هو من قبيل الافتراء".

               

وأضاف أنه "لن تحصل أي مشاورات مع أي كان ما دام رئيس الحكومة كامل الصلاحيات".

 

اتهامات للنهضة

 

وتابع: "إن استقال (رئيس الحكومة) أو تم توجيه لائحة اتهام له في ذلك الوقت رئيس الجمهورية يمكن أن يقوم بمشاورات".

 

وتزامنا مع التوتر السياسي الذي تشهده تونس، وفي منحى آخر، تبدو بوادر أزمة جديدة مع تلميح رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لاستبعاد وزراء حركة النهضة من الحكومة.

 

وأعلن الفخفاخ، أمس الاثنين، في بيان أنه يعتزم إجراء تعديل على تركيبة حكومته خلال الأيام المقبلة ليتناسب والمصلحة العليا للبلاد، حسب تعبيره.

 

إلياس الفخفاخ رئيس حكومة تونس

 

واتهم حركة النهضة، وهي أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم ولها ٦ وزراء و54 مقعدا في البرلمان من جملة 217 مقعدا، بالتحضير لمشهد وصفه بالمأزوم، وخدمة مصالحها الحزبية، والإخلال بمبدأ التضامن الحكومي.

 

واعتبر دعوة النهضة إلى تشكيل حكومة جديدة تهربا من قبل الحركة من التزاماتها وتعهداتها مع شركائها في الائتلاف في خضم ما وصفها بمساع وطنية لإنقاذ الدولة واقتصاد البلاد المنهك، كما وصف موقفها بأنه "انتهاك صارخ واستخفاف بالاستقرار".

 

ويأتي بيان رئيس الحكومة ردا على موقف مجلس شورى حركة النهضة الذي تبنى قرارا يقضي بتكليف رئيس الحركة راشد الغنوشي بإجراء مشاورات مع رئيس الدولة قيس سعيّد والقوى السياسية والمنظمات الاجتماعية، من أجل تشكيل حكومة جديدة بسبب شبهات تضارب المصالح التي أثيرت قبل أسابيع حول الفخفاخ بشأن امتلاكه أسهما في شركات تتعامل مع الدولة تجاريا، وأبرمت معها صفقات بملايين الدولارات، وهو ما يمنعه القانون.

 

رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي

 

في المقابل قال المحامي والحقوقي التونسي، شكيب درويش، إن رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ يريد إثبات أنه لا يخضع للضغوطات السياسية وأن بإمكانه مواجهة حركة النهضة.

 

وبين درويش، في تصريحات صحفية، أن هذا التوجه من قبل الفخفاخ لا يمكن أن يحصل إلا إذا عقد رئيس الحكومة العزم على كسر الجليد مع رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي: الفخفاخ لن يستطيع إخراج النهضة من الحكم إلا بصفقة مرة مع عبير موسي.

 

بدوره، أكد المحلّل السياسي التونسي  صلاح الدين الجورشي، أنّ الفخفاخ دخل منطقة ردّ الفعل وبالتالي دخلت السياسة في مزيد من التجاذبات وتقطيع الواقع السياسي وفق قوله.

 

تعديل وزاري

 

وتابع الجورشي أنّ رئيس الحكومة في حالة دفاع وسيستعمل كل الأوراق التي لديه وربما يلجأ إلى قفزات في الهواء للحفاظ على كرامته وهو انخرط في جبهة عريضة أصبحت موجودة ضد النهضة الآن، وكأنه يريد القول قبل الخروج من المشهد الحكومي أنّه سيوجه ضربات للنهضة، على حد تعبيره.

 

وأشار الجورشي إلى أنّ التراجع بخصوص التعديل الوزاري الذي أعلن عنه الفخفاخ ليس في صالحه لأن صورة رئيس الحكومة في الميزان، وبالنسبة لكيف ستتصرف النهضة مع القرار، فمن الواضح أنها اعتبرت البيان خطوة أخرى معادية لها خاصة وأن البيان تعاضد مع ما قرره رئيس الجمهورية.

 

 

وشدد الجورشي على حالة التقارب والتعاهد والتضامن بين 3 أطراف مهمة هي قيس سعيّد وإلياس الفخفاخ ونور الدين الطبّوبي، قائلا: هؤلاء دخلوا في إطار قطع الطريق أمام النهضة لتعديل الخارطة السياسية، والمشهد السياسي يبدو قريبا من لعبة القمار، إذ لا نعرف أوراق اللاعبين التي سيستعملونها ضد بعضهم البعض.

 

وبين الجورشي أن النهضة أقدمت على خطوة فيها مغامرة، وهي خطوة سياسية لكن ليست دستورية، وربما إزالة الغنوشي تتقاطع حولها الكثير من الأطياف، ودخلت النهضة في مجازفة، إذ تريد أن تحقق من خلالها بعض المكاسب من خلال أقل الخسائر.

 

ويترأس الفخفاخ منذ 27 فبراير الماضي، ائتلافا حكوميا هشا يضم ٤ أحزاب رئيسية وكتلة برلمانية، هي "النهضة" (إسلامية، 54 نائبا من 217)، التيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي، 22)، حركة الشعب (ناصري، 14)، حركة تحيا تونس (ليبرالي، 14)، كتلة الإصلاح الوطني (مستقلون وأحزاب ليبرالية، 16).

 

وكان رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني قد قال الاثنين إن المجلس أقر بأنه لا يمكن الاستمرار مع حكومة تلاحق رئيسها شبهة تضارب مصالح.

 

مجلس شورى الحركة

وأضاف الهاروني أن قرار مجلس الشورى، وهو السلطة العليا داخل الحزب، جاء عقب لقاء جمع رئيس الحركة راشد الغنوشي بالرئيس قيس سعيد، ووصف اللقاء بالإيجابي، مشيرا إلى أن الغاية منه التشاور للخروج من الأزمة.

 

وتابع أن الحديث عن انتخابات مبكرة سابق لأوانه.. وكان الهاروني أشار في وقت سابق إلى أنه تم عرض تقرير على اجتماع مجلس الشورى يكشف أن وضعية رئيس الحكومة لا تساعد على الخروج من الأوضاع الصعبة الراهنة.

 

 

وكانت حركة النهضة قد قبلت على مضض باختيار رئيس الدولة للفخفاخ لقيادة التشكيل الحكومي الحالي، علما أن رئيس الحكومة لا يملك سندا حزبيا، حيث لم يحصل حزبه في الانتخابات التشريعية الماضية على أي من مقاعد البرلمان.

 

وفي الأزمة السياسية الحالية، بدا أن عددا من أحزاب الائتلاف الحاكم، وبسبب خلافاتها مع حركة النهضة، اصطفت إلى جانب الفخفاخ.

 

وفي هذا الإطار، قال وزير الحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو الاثنين في تصريحات للتلفزيون التونسي إن حزبه التيار الديمقراطي المشارك في الائتلاف يدفع نحو خروج حركة النهضة من الحكومة.

 

إسقاط الغنوشي

 

يأتي ذلك في حين قالت ٤ كتل برلمانية إنها جمعت التوقيعات اللازمة لبدء إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) بحجة سوء تسييره البرلمان.

 

في الأثناء، أعلنت هيئة مكافحة الفساد في تونس إحالة الوثائق المتعلقة بالتصريح بالمصالح والمكاسب لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ إلى النيابة العامة في المؤسسة القضائية المختصة بقضايا الفساد المالي، المعروفة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي.

 

وأكدت الهيئة في بيان لها قبل يوم، إحالة وثائق ومعطيات إلى رئاسة البرلمان بشأن صفقة عمومية أحد أطرافها شركة يملك رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أسهما فيها.

 

وكانت قد تشكلت في وقت سابق لجنة برلمانية بمبادرة من كتلتي قلب تونس وائتلاف الكرامة المعارضتين للتحقيق في شبهات حول تضارب المصالح.

 

من جانبه، نفى الفخفاخ هذه التهم، مؤكدا أنه تخلى بشكل طوعي عن أسهمه بهذه الشركات، وأن الصفقات التي أبرمتها كانت سابقة لتوليه مهامه على رأس الحكومة التونسية.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان