رئيس التحرير: عادل صبري 03:21 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

هل تترك أمريكا لبنان يغرق بسبب فزاعة حزب الله؟

هل تترك أمريكا لبنان يغرق بسبب فزاعة حزب الله؟

محمد الوقاد 13 يونيو 2020 23:40

تقدم لبنان في أول مايو الماضي بطلب للحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، لكن الطلب أثار اعتراضات في واشنطن، حيث إن أحد الأطراف الثلاثة الداعمة للحكومة الحالية في بيروت هو "حزب الله".

 

صنفت الولايات المتحدة، إلى جانب العديد من البلدان الأخرى "حزب الله" كمنظمة إرهابية أجنبية، وصعدت العقوبات ضد الحزب كجزء من استراتيجيتها "أقصى ضغط" ضد إيران وحلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

 

بالطبع لا يفترض أن يعمل صندوق النقد الدولي بهدف تعزيز أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة بصفتها أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي، لديها أكبر كتلة من الأصوات (16.51%)، ولديها سجل حافل في مقاومة المساعدة للدول التي تعتبرها راعية للإرهاب.

 

ولكن، سيكون من الخطأ إذا قررت واشنطن معارضة حزمة صندوق النقد الدولي لدولة تعتقد أنها جزئيا في أيدي الإرهابيين.

 

كارثة منتظرة

 

إذا حدث فشل للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، والذي من شأنه أيضًا أن يردع العديد من الجهات المانحة الأجنبية عن المشاركة وفق شروطها، فيمكن أن تكون النتائج كارثية.

 

وفقًا لتقرير صادر عن "مجموعة الأزمات الدولية" في 8 يونيو الجاري؛ فإن الاقتصاد اللبناني يعاني من حالة من الانهيار وسياساته غير مستقرة بشكل خطير.

 

ففي مارس الماضي، تخلفت الحكومة اللبنانية عن سداد ديون خارجية تبلغ 31 مليار دولار، ويعتبر النظام المالي الآن عبارة عن فجوة كبيرة من الأصول منخفضة القيمة.

 

وبلغت قيمة الخسائر نحو 60 مليار دولار، ولا تزال احتياطيات البنك المركزي في حالة استنزاف وقد تنفد قريبًا الدولارات المطلوبة لدفع ثمن الواردات.

 

وفي السوق السوداء؛ التي تعتبر المكان الوحيد الذي تتوافر فيه الدولارات الفعلية، انخفض سعر صرف الليرة اللبنانية بنسبة 60% خلال الأشهر التسعة الماضية.

 

وبما أن لبنان يستورد حوالي 80% مما يستهلكه، فإن تخفيض قيمة العملة يغذي تضخمًا رهيبا، مما يعني أن معظم اللبنانيين فقدوا حوالي نصف قدرتهم الشرائية.

 

وأدى الإغلاق المفروض منذ 15 مارس لمكافحة فيروس "كورونا" إلى تسريع هذا الانحدار.

 

ومع حرمان الشركات من الائتمان وتراجع الطلب، فقد حوالي 20% من القوى العاملة النشطة وظائفهم بالفعل قبل تفشي الوباء.

 

ومع إعادة فتح البلاد تدريجيًا، سيجد العديد من الموظفين الذين أخذوا إجازة بدون أجر أن شركاتهم لا تزال مغلقة وأن وظائفهم قد ولت.

 

وفي حين أن التكلفة الاجتماعية للأزمة لم تضرب بعد بقوتها الكاملة، فإن العواقب يسهل التنبؤ بها.

 

بالنسبة للاحتجاجات التي هزت لبنان منذ أكتوبر 2019، فقد تبددت خلال فترة الإغلاق، لكنها ظهرت من جديد في أبريل 2020.

 

وخلافا لما سبق، فقد تحولت بسرعة إلى العنف، حيث تعرضت فروع البنوك المحلية لإلقاء القنابل الحارقة وقتل أحد المتظاهرين برصاص الجيش في مدينة طرابلس الساحلية الشمالية، كما أدت مظاهرة يوم 6 يونيو الجاري إلى أعمال عنف في وسط بيروت.

 

إذا تحولت الاحتجاجات الاجتماعية إلى أعمال شغب بسبب تدهور الأحوال الاقتصادية فإن قوات الأمن (التي تتحمل فوق طاقتها وتتلقى رواتب بعملة متدهورة القيمة) ستتراجع قدرتها على السيطرة على الوضع.

 

وقد يكون التدهور المتسارع للخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم وشبكة الكهرباء المتدهورة بالفعل، على بُعد أسابيع فقط.

 

فزاعة "حزب الله"

 

يقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية "هيكو ويمين": عندما يقرأ المرء ردود بعض المعلقين والمسؤولين الحكوميين الأمريكيين على الأزمة السياسية والاقتصادية اللبنانية والطلب المقدم من قبل لبنان لصندوق النقد الدولي، فإنه يرى أن جزءً كبيرًا من التركيز لا يزال على "حزب الله"، وتتمحور الأسئلة حول: كيف سيخرب الحزب الإصلاح، وكيف يهدف إلى استغلال الأزمة لتوسيع نطاق نفوذه، وكيف ينبغي الاستفادة من المساعدة لتجريده من سلطته، أو كيف يمكن عزله بالعقوبات ضد حلفائه.

 

ويعتبر "ويمين" هذا التناول مثيرا للجدل، لأن معظم الأحزاب اللبنانية الأخرى، ومن بينهم الحلفاء المخلصين للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعرب، كان لهم حصة كبيرة في شبكات المحسوبية والفساد التي أفقرت البلاد، وستخسر هذه الأحزاب أيضًا من إجراءات الإصلاح الجدية مثل "حزب الله" وربما أكثر.

 

علاوة على ذلك، فإن التركيز على عزل "حزب الله" ونبذ حلفائه، الذين تمثل قوتهم مجتمعة أغلبية واضحة في البرلمان اللبناني، لن يؤدي إلا إلى جعل البلاد غير قابلة للحكم.

 

وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة لحلفاء أمريكا الأوروبيين، الذين يثمنون دور لبنان كمضيف لحوالي 1.5 مليون لاجئ سوري.

 

ويرى الباحث أن الشلل السياسي في بيروت لن يؤدي إلى تقدم الإصلاح، ولا تأييد قضية الحركة المدنية الواسعة التي تحدت النخبة السياسية -بما في ذلك "حزب الله"- منذ أكتوبر 2019، بل على العكس، كلما انحدرت البلاد إلى البؤس، وتفككت مؤسسات الدولة، وتدهور الوضع الأمني، زادت قدرة الأحزاب التي لا تزال تسيطر على الموارد وتوفر الحماية على أسس طائفية، على إعادة تعزيز نفسها، بما في ذلك "حزب الله".

 

ويضيف: "أظهرت التجربة السابقة في جميع أنحاء المنطقة أن تفكك مؤسسات الدولة وتراجع سيطرة الدولة يمكن أن يكون له عواقب خطيرة ومكلفة للغاية، وسيكون من الحماقة المخاطرة بتدمير دولة شرق أوسطية أخرى من أجل تسجيل نقاط جيواستراتيجية".

 

ويؤكد "ويمين" أن لبنان يحتاج إلى دعم خارجي فوري لمنع مؤسسات الدولة من الانهيار واستباق الأزمة الإنسانية الساحقة، وعلاوة على ذلك، يجب على الجهات المانحة الأجنبية والمؤسسات الدولية التركيز على تدابير الإصلاح التي تساعد على استئصال الفساد وتعزيز المساءلة.

 

أما بالنسبة للدور الذي يجب أن يلعبه "حزب الله" أو لا يلعبه في مستقبل لبنان فهو شئ متروك للبنانيين في الجولة المقبلة من الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2022.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان