رئيس التحرير: عادل صبري 10:47 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

داعمة لحفتر وعلاقاتها مستمرة مع الوفاق.. ما هي خطوة روسيا التالية في ليبيا؟

داعمة لحفتر وعلاقاتها مستمرة مع الوفاق.. ما هي خطوة روسيا التالية في ليبيا؟

محمد الوقاد 06 يونيو 2020 22:20

فرض الواقع الجديد في ليبيا، والمتمثل في التقدم الأخير الذي حققته قوات الوفاق، بدعم تركي، حالة جديدة أمام روسيا التي كانت تسعى لتأسيس منطقة نفوذ استراتيجية في ليبيا.

 

وبحسب مراقبين، فإن روسيا تعمل الآن على تكييف استراتيجيتها مع الوضع، خاصة مع التقارير التي تفيد بأن موسكو سحبت العديد من مقاتلي الخطوط الأمامية الذين يعملون جنبًا إلى جنب مع قوات الجيش الوطني الليبي التابع للمشير"خليفة حفتر".

 

ولطالما سعت روسيا لإدخال ليبيا إلى مجال نفوذها المنشود، ففي عام 1945، سعى "جوزيف ستالين" دون جدوى إلى الوصاية على محافظة طرابلس الغربية في ليبيا، ومع ذلك، شهد عهد "معمر القذافي" علاقات إيجابية مع موسكو حيث أصبحت ليبيا عميلاً مهمًا يشتري الأسلحة من الاتحاد السوفياتي منذ السبعينيات إلى ما بعد تفكيك الكتلة السوفيتية في عام 1991.

 

لكن الثورة المدعومة من حلف الناتو في عام 2011 ضد "القذافي" أفقدت موسكو حليفًا لها، وبالتالي فقدت نفوذها، على الرغم من أنها حاولت إعادة تأسيس نفسها في ليبيا من خلال توسيع مشاركتها في البلاد، حيث وقعت شركة النفط الروسية "روسنفت" اتفاقية طاقة مع المؤسسة الوطنية الليبية للنفط في عام 2017، لتعزيز المصالح الاقتصادية لموسكو.

 

الفناء الخلفي لأوروبا

 

ويقول المحلل الروسي "آندريه أونتيكوف" إن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" يقود السياسة الخارجية الجريئة لموسكو ويبدو أنه يسعى إلى إنشاء موطئ قدم في الفناء الخلفي لأوروبا، حيث أصبحت روسيا داعمًا رئيسيًا لـ"حفتر" بعد أن برز وسط حالة عدم الاستقرار في ليبيا بعد الثورة.

 

ولطالما شجب الغرب دور روسيا في ليبيا، ففي الآونة الأخيرة، أدانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة موسكو بعد تقرير الأمم المتحدة الذي سلط الضوء على وجود مرتزقة روس في ليبيا.

 

وقال السفير الأمريكي في ليبيا "ريتشارد نورلاند" إن المرتزقة "لا يحترمون سيادة ليبيا وأمنها الإقليمي".

 

ومع ذلك، ففي الوقت الذي ينظر فيه إلى وجود روسيا على أنه استفزازي، فإن إخفاقات واشنطن وأوروبا في التوسط لحل سلمي فعال لليبيا مكن موسكو من أن تصبح لاعباً أكبر.

 

وقد عكس وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا وتركيا في يناير الماضي مكانة موسكو المتزايدة كوسيط قوي، إلى جانب أنقرة، على الرغم من أنه فشل بعد أن جدد "حفتر" هجومه.

 

وبالرغم أن الادعاءات بأن روسيا قد تسحب دعمها لـ"حفتر" مبالغ فيها، فإن دعم موسكو للجنرال ليس مطلقًا.

 

فقد اتبعت موسكو نهجا متوازنا في ليبيا، في محاولة للحفاظ على التواصل مع جميع الأطراف، بما في ذلك حكومة الوفاق الوطني وتركيا.

 

وبحسب ما أوردته الأنباء، فكرت موسكو حتى في دعم "سيف الإسلام" نجل "القذافي" ليصبح رئيس ليبيا قبل هجوم "حفتر".

 

وقال "ديمتري بيسكوف" المتحدث باسم الكرملين في أبريل الماضي: "في موسكو، ما زلنا مقتنعين بأن الحل الوحيد الممكن في ليبيا هو من خلال الاتصالات السياسية والدبلوماسية بين جميع الأطراف".

 

كما أعرب "بيسكوف" عن دعمه لمؤتمر برلين في يناير، لتعزيز وقف إطلاق النار.

 

تفاهم روسي تركي جديد

 

وسعيا للاحتفاظ بالعلاقات مع حكومة الوفاق الوطني، أدان وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" ما أعلن "حفتر" أنه "تفويض من الشعب الليبي" في أبريل، مشيرًا إلى أن موسكو تعارض مباشرة إنهاء المحادثات السياسية.

 

وبعد انتصارات حكومة الوفاق الأخيرة وهيمنة تركيا اللاحقة في ليبيا، يجادل بعض المحللين بأن روسيا وتركيا قد تنخرطان في المزيد من محادثات السلام، الأمر الذي قد يحد أيضًا من تأثير الدول الأخرى المنخرطة.

 

وقال "عماد الدين بادي" وهو زميل رفيع في المجلس الأطلسي للأبحاث: "من المحتمل أن نرى تقارب دبلوماسي مجددًا بين تركيا وروسيا يتم تصميمه لوقف جميع القوى الأخرى فيما تعمل أنقرة وموسكو كوسيط نفوذ في الغرب وشرق ليبيا".

 

بما أن روسيا لم تحرق أي جسور في ليبيا -بخلاف الإمارات التي تدعم "حفتر" بقوة وبالتالي لديها علاقات سيئة مع حكومة الوفاق الوطني- فيمكنها أيضًا تجربة دعم جهات فاعلة بديلة.

 

ويضيف أن مكانة روسيا كقوة عظمى تمنحها بطبيعة الحال المزيد من النفوذ على جميع الجوانب، ويمكنها أيضًا مقاومة المزيد من الضغوط الإماراتية لدعم "حفتر" بالكامل.

 

وبالنظر إلى عزم "حفتر" مواصلة هجومه، وموقف روسيا الأكثر توازناً، فإن هناك تعارضًا في أهدافهما؛ حيث إنه من الواضح أن موسكو تستخدم "حفتر" فقط كأداة قصيرة المدى للتأثير.

 

من المحتمل أن تستمر روسيا في دعم "حفتر" في الوقت الراهن؛ حيث لا يزال أقوى شخصية في شرق ليبيا.

 

ومع ذلك، ستستمر موسكو في تقييم الخيارات الأخرى، خاصة إذا كان دعمها لـ"حفتر" يؤتي ثمارًا قليلة أو معدومة.

 

وقد تسعى روسيا حتى إلى العمل مع لاعبين آخرين في شرق ليبيا، مثل "عقيلة صالح"، زعيم مجلس النواب في طبرق.

 

وقال "مارك كاتز" أستاذ الحكومة والسياسة في جامعة "جورج ميسون": "أعتقد أن موسكو كانت على استعداد لدعم حفتر طالما رأته فائزًا ويمكن توحيد ليبيا تحت قيادته، ولكن تبين الآن أنه خاسر، والسؤال هو ما إذا كانت موسكو ستحاول العثور على حلفاء آخرين في شرق ليبيا، أو تحقيق السلام مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، أو كليهما"، بحسب ما نقل عنه موقع "إنسايد أرابيا".

 

وسيط بين الشرق والغرب

 

وأضاف: "قد تكون موسكو راضية الآن بنفوذها على الشرق وعلاقاتها الجيدة مع حكومة طرابلس، ولا شك أن موسكو في الغالب ستقدم خدماتها كوسيط بين الشرق والغرب".

 

هناك تكهنات بأن ليبيا قد تنجرف نحو التقسيم بحكم الواقع إذا فشل أي من الجانبين المتحاربين في تحقيق مكاسب دائمة وهزيمة خصمه، وإذا استمرت محادثات التوحيد في التعثر، مع سيطرة حكومة الوفاق الوطني في الغرب والجيش الوطني الليبي في الشرق.

 

يشير صراع روسيا على النفوذ إلى كيفية استخدام ليبيا وشعبها كبيادق لطموحات جيوسياسية دولية مختلفة.

 

يمنع مثل هذا التدخل البلاد من الوصول إلى الاستقرار، ولن تخدم جهود السلام المستقبلية مصالح الليبيين الخاصة، وإنما مصالح دول مثل روسيا والدول الأخرى المشاركة في الصراع.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان