رئيس التحرير: عادل صبري 10:23 صباحاً | الثلاثاء 19 مارس 2024 م | 09 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

خسائر كورونا العسكرية.. هل تفقد جيوش العالم قوتها؟ (تحليل)

خسائر كورونا العسكرية.. هل تفقد جيوش العالم قوتها؟ (تحليل)

محمد الوقاد 02 أبريل 2020 19:29

وسط تفشي جائحة "كورونا"، تواجه الدول في جميع أنحاء العالم اضطرابات واسعة النطاق، ليس فقط في ملف صحة سكانها واقتصاداتها، لكن بشأن جيوشها أيضًا.

 

وحتى إذا لم يتسبب الفيروس في وفاة شخصيات بارزة، فإنّ إجراءات الحجر الصحي قد تحبط بشدة العمليات العسكرية.

 

وفي الوقت نفسه، قد تضطر القوى العسكرية الكبيرة مثل الولايات المتحدة بشكل متزايد إلى سحب قوات إضافية من الخطوط الأمامية للمشاركة في مواجهة تفشي الفيروس في الداخل.

 

وقد ينتج عن ذلك تداعيات مثل حدوث انتكاسات في القتال ضد العديد من الجهات الفاعلة من غير الدول في الخارج، وربما حتى يؤثر على تطوير القدرات العسكرية على المدى الطويل.

 

وسيكون لشرط عزل القوات عند الإقامة في القواعد تأثير مباشر على الاستعداد العسكري. وظهر هذا الأمر لأول مرة في كوريا الجنوبية، عندما تم تسجيل إصابة داخل قاعدة عسكرية أمريكية.

 

وحتى إذا لم ينتشر المرض على نطاق واسع بين أفراد جيش بلد ما، يمكن لإجراءات الحجر الوقائي وإجراءات العزل الاجتماعي أن تعطل بسرعة جزءا كبيرا من الأنشطة العسكرية التي تعتمد عادة على أعداد أكبر من الأفراد.

 

أمثلة على الاضطرابات

 

وكانت الاضطرابات الأولى من هذا النوع ملحوظة بالفعل في غرف العمليات الأمريكية في العراق؛ حيث قامت الولايات المتحدة مؤخرا بإعادة ترتيب قواتها في عدد أقل من القواعد لعدة أسباب منها الحد من تعرضهم للفيروس.

 

كما علقت القوات الهولندية والبريطانية أنشطة التدريب مع القوات العراقية المحلية لأسباب مماثلة.

 

أيضا، حدت القوات الأمريكية مؤخرا من مشاركتها في تدريبات "ديفيندر يوروب" المخطط له منذ فترة طويلة، والذي كان من المخطط أن تشهد أكبر انتشار متزامن للقوات الأمريكية في أوروبا منذ أكثر من 25 عاما.

 

وإضافة إلى جهود العزل، فإن احتمال تفشي "كورونا" بشكل كبير داخل التشكيلات العسكرية في الميدان له عواقب معقدة أيضا. وقد لا يشل مثل هذا التفشي القدرة على تنفيذ عمليات جديدة فحسب، بل قد يعيق قدرة الوحدات المصابة عن مواصلة العمليات القائمة.

 

وقد تعاني بعض الوحدات أو التشكيلات من عدم تلبية الاحتياجات الطبية اللازمة.

 

وينطبق هذا بشكل خاص على عمليات النشر الصغيرة والبعيدة، التي لا يزال العديد منها يعمل تحت راية "الحرب العالمية على الإرهاب".

 

ومع مرض الجنود، وانخراط آخرين في رعايتهم، قد يصبح من غير الممكن حتى للوحدات المنتشرة ضمان أمنهم الخاص بدرجة موثوقة.

 

ورغم أن معظم الأفراد العسكريين أقل عرضة للإصابة بمرض شديد بسبب الفئة العمرية الشبابية واللياقة البدنية، فإن الحالات الخطيرة من "كورونا" لا يزال من المتوقع إحصائيا أن تحدث داخل الجيوش؛ ما يجعل جهود الاحتواء ضرورية.

 

وبالنسبة لبعض العمليات العسكرية، مثل عمليات القوات البحرية، قد تكون جهود الحجر الصحي أسهل من غيرها.

 

الأساطيل البحرية

 

ويقول "سيم تاك"، المحلل في شركة "ستراتفور" الأمريكية للدراسات الأمنية والاستراتيجية إن إيطاليا، على سبيل المثال، كانت سريعة في عزل اثنين من سفنها البحرية في وقت مبكر من تطور أزمة "كورونا"، كما فرضت البحرية الأمريكية قيودا للحد من الوصول للموانئ، مع ترك 14 يوما على الأقل من الحجر الصحي بين كل زيارتين للميناء.

 

ومن خلال تجنب زيارات الميناء والحجر الذاتي في البحر، يتم تقليل فرصة حدوث إصابات خارجية بشكل كبير، لكن الاحتمالات تبقى حاضرة، كما يتضح من التشخيص الأخير لـ3 بحارة على متن حاملة الطائرات "يو إس إس تيودور روزفلت" بعد زيارة لميناء  في فيتنام.

 

وفي حالة وقوع إصابة داخل سفينة بحرية فإن المرض يمكن أن ينتشر بسرعة، كما يتضح من عدوى "كورونا" المبلغ عنها على السفن السياحية.

 

وقد لا تتمكن المرافق الطبية الموجودة على متن السفينة من معالجة عدد المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية مكثفة بشكل كافٍ. ويثير هذا مرة أخرى تحديات لوجيستية في شكل مساعدة خارجية أو عمليات إجلاء، بحسب "تاك".

 

ويضيف: ولا يمكن ببساطة تبديل أطقم السفن العاملة، أو على الأقل يجب تنفيذ تطهير شامل قد لا يكون من الممكن القيام به في البحر. وينطبق هذا بشكل خاص على الأساطيل البحرية التي بالرغم من عزلها نسبيا، لا يمكن اعتبارها محصنة بالكامل من تفشي المرض.

 

ومن المرجح أن تصبح السفن المتضررة من تفشي المرض غير متاحة للعمل نتيجة لذلك؛ ما قد يقلل مؤقتا من القدرات البحرية في مناطق معينة من مسرح العمليات.

 

الأقسام عالية التخصص

 

نقطة أخرى يثيرها المحلل الأمريكي، وهي إمكانية نشوء اضطرابات مماثلة أيضا في الأصول العسكرية عالية التخصص.

 

ومن الوحدات الطبية العسكرية، إلى صفوف الطيارين المقاتلين وقوات العمليات الخاصة وموظفي الدعم الفني المتخصص والمقاولين المتعاقدين مع الجيوش، سيكون الحجر الصحي على هذه الفئات مكلفا للغاية على قدرات تلك الجيوش في إنجاز مهامها المختلفة.

 

وعلى سبيل المثال، سيكون لخسارة الاستعداد التشغيلي لدى هذه الوحدات عواقب مباشرة جدا على القدرات العامة للجيش الأمريكي وحلفائه على المدى القصير.

 

ولا تعد هذه الوحدات حاسمة بالنسبة لجهود مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة فقط، ولكن أيضا في توفير قدرة الاستجابة في مختلف النقاط الساخنة حول العالم، بما في ذلك كوريا الشمالية وإيران وسوريا والمناطق القريبة من الحدود الروسية.

 

ويبدو أن تفشي "كورونا" يتحرك أيضا في جميع أنحاء العالم بالتسلسل، بدءا بتلك البلدان الأقرب إلى الصين، مركز التفشي الأول.

 

على سبيل المثال، بدأت كوريا الشمالية بالفعل في إحياء مناوراتها العسكرية في مارس، بعد أن تم إغلاقها بشكل كبير خلال شهري يناير وفبراير.

 

وفي غضون ذلك، بدأت الولايات المتحدة للتو في تنفيذ إجراءات تأمين واسعة النطاق.

 

ومع وجود إشارات على أن الصين تتخطى الآن ذروة الأزمة، تستعد الولايات المتحدة لارتفاع متوقع في حالات "كورونا"، يمكن أن يخلق الاختلاف في التوقيت والتأثير فرصا مؤقتة لبعض البلدان في المسارح الإقليمية الخاصة بها.

 

وإذا أصبحت قدرة الرد العسكري محدودة للغاية، حتى لو كان ذلك فقط في مسرح معين، فإن حسابات صانعي السياسة ستكون مقيدة بشكل كبير.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان