رئيس التحرير: عادل صبري 11:54 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

ميزان بوتين الحساس بين أردوغان والأسد.. هل يتهاوى الآن؟ (تحليل)

ميزان بوتين الحساس بين أردوغان والأسد.. هل يتهاوى الآن؟ (تحليل)

محمد الوقاد 05 مارس 2020 19:53

بالتوازي مع انطلاق مباحثات، في ظرف ميداني حساس، بين الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" في موسكو، بات واضحًا أنّ الأخير يجب أن يستخدم مهارته لعدم السماح للأوضاع بأن تتفجر مع تركيا، وفي نفس الوقت يجب أن يحافظ على علاقته الخاصة برئيس النظام السوري، وهو ميزان نجح "بوتين" في إبقائه حيًا بكِفّتين متساويتين تقريبًا.

 

ويفاخر "بوتين" دائمًا بنجاحه في متابعة العلاقات الجيدة مع الحكومات والجهات الفاعلة، حتى تلك المتعارضة بشدة.

وحتى وقت قريب، فعل ذلك، تقريبًا، بنجاح في سوريا.

 

وعلى سبيل المثال، رغم العداء المرير بين إسرائيل وإيران، تمكنت روسيا من العمل عن كثب مع الجانبين.

وبالمثل، تمكن الروس من تحقيق التوازن بين الأكراد السوريين من جهة، وتركيا من ناحية أخرى.

 

 

انهيار مفاجئ

 

وتمكن "بوتين" من تحقيق التوازن بين تركيا ونظام "بشار الأسد"، حيث يعارض كل منهما الآخر في إدلب، شمال غربي سوريا، لكن ذلك انهار الآن بشكل مذهل مع تصاعد الصراع بين القوات التركية والسورية في منطقة إدلب.

 

يريد "بوتين" الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ورئيس النظام السوري "بشار الأسد"، لكن المشكلة تكمن في أن الأخيرين يعارضان بعضهما البعض بشدة.

 

لقد أعلن "الأسد" بثبات عزمه على استعادة كل شبر من سوريا من خصومه، بما في ذلك المعارضة المدعومة من تركيا، التي تجمعت في إدلب بعد أن فقدت الأرض في أماكن أخرى.

 

بالنسبة "لأردوغان"، فإن خسارة إدلب أمام "الأسد" ستؤدي إلى موجة هائلة أخرى من اللاجئين السوريين الذين يفرون شمالا إلى تركيا التي تواجه صعوبة في استيعاب الذين فروا سابقا إلى هناك.

 

وبحسب المحلل والكاتب الأمريكي "مارك كاتس"، يعتمد نجاح موازنة "بوتين" بين الأطراف المتصارعة في وقت واحد على عدم استعداد الأطراف المعنية أو عدم قدرتها على متابعة الصراع الشامل مع بعضها البعض.

 

 

براجماتية الروس

 

ويرى "كاتس"، أن تقديم موسكو المساعدة لكلا الجانبين، يهدف إلى تحقيق تلك الموازنة وتحقيق مصالح روسيا بما في ذلك كسب المال عن طريق بيع الأسلحة والحصول على فوائد اقتصادية أخرى من كلا الجانبين.

 

بطبيعة الحال، فإن كل طرف معارض، ليس سعيدا بدعم موسكو لخصومه، لكن المنطق، كما ترى موسكو، هو أنه لا يمكن لأي منهما قطع أو تقليص العلاقات مع موسكو خشية أن تساعد روسيا خصمه أكثر، بل تأمل موسكو في أن يشجع استعدادها لدعم الأطراف المتنافسة في تحقيق مصالح روسيا من خلال ما يقدمه كل جانب من تنازلات.

 

وبحسب "كاتس"، ففي معظم الأوقات، نجح نهج "بوتين".

 

من وجهة نظر موسكو، يدين "الأسد" ببقائه للتدخل العسكري الروسي في سوريا الذي بدأ في عام 2015.

 

كان نظام "الأسد" يتعرض لتهديد خطير، حتى ذلك الحين، بالرغم من المساعدة الهائلة التي تلقاها من إيران و"حزب الله" والميليشيات الشيعية الأخرى.

 

وفقا لهذا المنطق، على "الأسد" ألا يفعل أي شيء يخاطر بعلاقته مع موسكو.

 

وبالمثل، فإن عداء "أردوغان" المتزايد تجاه أمريكا وأوروبا، وهو ما شجعه "بوتين"، يجب أن يؤدي إلى جعل تركيا أكثر اعتمادا على روسيا.

 

لقد فعل "بوتين" الكثير بالفعل لاستيعاب المصالح التركية في شمالي سوريا، ومع اعتماد الاقتصاد التركي على إمدادات الغاز الروسي وكذلك التجارة، ينبغي على "أردوغان" أيضا ألا يجازف بعلاقته مع "بوتين".

 

وتعتبر العقوبات الاقتصادية التي فرضتها روسيا على تركيا بعد أن أسقطت القوات التركية طائرة عسكرية روسية في أواخر عام 2015 بمثابة تحذير لأنقرة.

 

الأسد وأردوغان الآن

 

لسوء الحظ بالنسبة "لبوتين"، لا يبدو أن "الأسد" ولا "أردوغان" يتقبلان منطقه الآن.

 

إن حقيقة أن التدخل الروسي أنقذ نظام "الأسد" وأعاد فرض حكمه على معظم سوريا جعلت "الأسد" في وضع أقوى بكثير مما كان عليه سابقا لمحاولة استعادة إدلب.

 

وبالمثل، فبدلا من اعتبار تركيا بحاجة لروسيا أكثر من حاجة روسيا إلى تركيا كما يعتقد "بوتين"، يرى "أردوغان" أن روسيا بحاجة إلى تركيا أكثر.

 

وتدل زيارة "أردوغان" الأخيرة لأوكرانيا، وبيان دعمه لها، وكذلك حماس "أردوغان" مؤخرا لحلف "الناتو"، على أن الرئيس التركي يعتقد أن "بوتين" لديه ما يخسره، من خلال إزعاجه في سوريا.

 

علاوة على ذلك، بما أن كلا من "أردوغان" و"الأسد" يعتقدان أن لكل منهما مصالح حيوية على المحك في إدلب، فلا يرغب أي منهما في التراجع، على الرغم من رغبة روسية حقيقية في حل يناسبهما.

 

وبدلا من الحفاظ على علاقات جيدة مع الطرفين المتعارضين كما كانت في الماضي، تواجه موسكو الآن احتمال فقدان النفوذ مع أحد الخصوم أو حتى كليهما.

 

وتشير التقارير إلى أن تركيا غاضبة بسبب ما تعتبره دعما روسيا لهجمات النظام السوري ضد القوات التركية، كما أن دمشق غاضبة أيضا بسبب ما تعتبره دعما روسيا غير كاف، في مواجهة الهجمات التركية الشرسة.

 

لا تستطيع روسيا حقا السماح لتركيا بهزيمة قوات النظام في شمال غربي سوريا؛ لأن ذلك ينطوي على خطر تحفيز المعارضة لها في أي مكان آخر في سوريا.

 

لكن مساعدة نظام "الأسد" في محاربة القوات التركية قد تورط روسيا في صراع أكبر وأطول مما يريد "بوتين".

 

ومع ذلك فإن الضرر الذي لحق بالعلاقات الروسية التركية قد يكون هذه المرة غير قابل للإصلاح.

 

ويعلق "كاتس"، على كل تلك النطورات، قائلا إن توازن "بوتين" بين "أردوغان" و"الأسد" ربما لم يعد مستداما.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان