رئيس التحرير: عادل صبري 04:57 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

حكومة الفخفاخ تواجه الإجهاض في تونس.. ماذا يمكن أن يحدث؟

حكومة الفخفاخ تواجه الإجهاض في تونس.. ماذا يمكن أن يحدث؟

محمد الوقاد 15 فبراير 2020 22:30

باتت الحكومة التونسية المرتقبة، التي سيشكلها وزير المالية الأسبق "إلياس الفخفاخ" في حكم الميتة، بعد أن أعلنت حركة "النهضة" الانسحاب من تركيبتها وعدم منحها الثقة في البرلمان.

 

وبموجب البند رقم 89 من الدستور التونسي، سيكون للرئيس التونسي "قيس سعيد"، في هذه الحالة، الحق في حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.

 

ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كان الرئيس "سعيد" سيفعل ذلك.

 

وإذا لم يحل البرلمان، فسوف تدخل تونس في أزمة دستورية، حيث سيواصل رئيس الوزراء المؤقت "يوسف الشاهد" الحكم، بينما تناقش البلاد كيفية التعامل مع هذا الوضع غير المسبوق.

 

ماذا يحدث في تونس؟

 

يكمن جوهر القضية في الفكرة السائدة بين جميع الأطراف، وهي أن كل من يحكم تونس في هذه الفترة سيكون مصيره الفشل، وسيدفع ثمنا باهظا في الانتخابات المقبلة.

 

وتدرك الأحزاب السياسية القلق والغضب الشعبي بسبب فشل النظام السياسي في إيجاد حلول للمشاكل التي أدت إلى ثورة ديسمبر 2010 وهي البطالة والفقر والاقتصاد غير المتوازن الذي يفضل المدن الساحلية على المناطق الداخلية.

 

وتدرك الأحزاب أيضا أنه من المستحيل تحقيق أغلبية في التشكيل الحالي للبرلمان.

 

وحتى لو حصلت الحكومة على 109 أصوات ضرورية لتمريرها، فستظل في الواقع قائمة على الانقسامات العميقة حيث تتصارع الأحزاب على ألا يراها الناس ذات صلة بالأزمة الاقتصادية التي لا تظهر أي علامات على التراجع.

 

في البداية، رشحت "النهضة"، "الحبيب الجملي" رئيسا للحكومة، ومع ذلك، كان الرأي السائد بين الجمهور وفي وسائل الإعلام هو أن زعيم حركة النهضة "راشد الغنوشي" يناور وأن "الجملي" جاء لخدمة جميع نوايا وأغراض "النهضة". وقد وضع ذلك "النهضة" في موقف حرج.

 

"النهضة" و"قلب تونس"

 

ولضمان الحصول على 109 أصوات المطلوبة، يحتاج "النهضة" إلى التحالف مع "قلب تونس"، الذي تتهمه قطاعات كبيرة من المجتمع بأنه يمثل النخبة الفاسدة، أو رئيس الوزراء الحالي "يوسف الشاهد"، الذي يُلقى عليه باللوم في العديد من المشاكل الحالية التي تعاني منها تونس.

 

وإذا تحالف "النهضة" مع أي منهما، فسوف يضاعف هذا من مشاكل "الغنوشي" الداخلية، حيث تتصاعد المعارضة لسياسته البراجماتية.

 

وهذا ما يعتقد منتقدوه أنه أحد الأسباب الرئيسية وراء تراجع ما حصل عليه الحزب من أكثر من 89 مقعدا في عام 2011، إلى 69 مقعدا في عام 2014، و53 مقعدا فقط في عام 2019.

 

بموجب الدستور، فإن للبرلمان صلاحيات واسعة. ومع ذلك، أوضحت الانتخابات أن التونسيين ما زالوا ينظرون إلى الرئاسة على أنها أهم منصب، حيث إن نسبة الإقبال على الانتخابات الرئاسية تجاوزت نسبة الانتخابات البرلمانية.

 

وقد انعكس ذلك بوضوح في أعقاب الانتخابات مباشرة، حيث روج مؤيدو "قيس سعيد" لاحتمال تكوين "حكومة رئيس"، وهي فكرة تسعى إلى استخدام الشرعية الشعبية للانتخابات لتجاوز حق البرلمان في تشكيل الحكومة، حيث حصل "سعيد" على نصر ساحق.

 

وبعد فشل محاولات "الجملي" لتشكيل الحكومة، رشح الرئيس "إلياس الفخفاخ".

 

وصرح "الفخفاخ" بأنه يتمتع بتأييد أكثر من مليوني ونصف المليون قدموا للرئيس انتصاره الساحق في الانتخابات، وبالرغم من ذلك ففي حال فشل "الفخفاخ" في تشكيل حكومة في الوقت المخصص، فلن يتمكن الرئيس من اقتراح مرشح آخر.

 

يشار إلى أن الرواية الحالية بين التونسيين هي أنه في حال فشل "الفخفاخ"، فسيكون ذلك في المقام الأول لأن "النهضة" رفضت احترام اختيار الرئيس ورسمت سقوطه، ولأن الأطراف الأخرى تخشى تصاعد التأييد الشعبي لـ"سعيد".

 

أزمة "قيس سعيد"

 

ومن وجهة نظر "النهضة"، فإنها تتبنى الرأي السائد بين الأحزاب السياسية بأن التأييد الشعبي لـ"سعيد" لا يمكن استنتاجه إلا من الجولة الأولى من الانتخابات، حيث حصل على 19% فقط من الأصوات، وليس من الجولة الثانية حيث حصل على أكثر من 70%.

 

وفي رأيهم، ورأي الأحزاب الأخرى، كان السبب الرئيسي وراء الفوز الساحق في الجولة الثانية هو أن العديد من التونسيين شعروا أنه تم وضعهم بين مرشح "الدولة الفاسدة" المزعوم في شخصية "نبيل القروي"، وبين شخصية جديدة نظيفة.

 

بمعنى آخر، يعتقد "النهضة" والأحزاب الأخرى أن "سعيد" لا يتمتع بدرجة الدعم الشعبي التي يجرى الترويج لها، وأن فوزه الانتخابي يعود إلى اختيار التونسيين بين الفساد والمرشح النظيف. ويرى حزب "النهضة"، وبعض الأحزاب السياسية الأخرى مثل "تحالف الكرامة" و"التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب"، بأن أصواتهم المشتركة، التي تجاوزت المليون، تشكل جزءا كبيرا من الأصوات التي ساعدت "سعيد" في الفوز بالجولة الثانية من الانتخابات.

 

وبالتالي، فإن الاعتقاد هو أنه إذا أظهر "سعيد" خصومة مع البرلمان، فسوف يتم الكشف عن قوته الحقيقية، وسيجد الرئيس أن عدد المؤيدين المشتركين للأحزاب السياسية يفوق عدد مؤيديه.

 

ومن المفارقات أن أيا من الأحزاب الرئيسية في البرلمان لا يريد انتخابات أخرى أيضا. فعدم القدرة على التنبؤ بالنتائج، واستطلاعات الرأي الحالية التي تظهر انخفاضا في الدعم للأحزاب الكبيرة، وزيادة الدعم لـ"عبير موسى"، تشير إلى أن التونسيين أصبحوا متعبين بشكل متزايد، ومحبطين من العملية الديمقراطية التي لم تحقق سوى القليل من حيث التغيير الاجتماعي والاقتصادي الحقيقي.

 

وتشعر كافة الأطراف بقلق من أن يجرى معاقبتهم بقسوة في صناديق الاقتراع لو اتهمهم الناس بإعطاء الأولوية للمصالح الشخصية على حساب الشعب. علاوة على ذلك، أنفقت كافة الأطراف موارد كبيرة فيما كانت معركة متنازع عليها في مناخ سياسي منقسم بشدة. ولا توجد رغبة لدى جميع الأطراف لتكرار هذه العملية الشاقة مرة أخرى.

 

هناك ثمة احتمال أخير، يسوقه المحلل "سامي حمدي" بمجلة "إنسايد أرابيا"، وهو أن الأطراف التونسية قد تكون مجبرة على الاتفاق سريعا بشأن حكومة، يعرفون أنها ستنهار لاحقا، ومع ذلك، فإن مثل هذه الحكومة ستشتري - على الأقل - وقتا للأحزاب وتتجنب احتمال إجراء انتخابات مبكرة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان