رئيس التحرير: عادل صبري 06:17 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بين الانسحاب والبقاء.. كيف أصبح القرار الأمريكي صعبا في العراق؟

بين الانسحاب والبقاء.. كيف أصبح القرار الأمريكي صعبا في العراق؟

محمد الوقاد 09 فبراير 2020 00:30

ترشح الرئيس "دونالد ترامب" لمنصب الرئاسة مع وعد بتقليص عدد القوات الأمريكية في المنطقة إلى الحد الأدنى، لكنه اضطر إلى زيادة عدد تلك القوات.

 

وينقسم العراقيون إلى حد كبير حول حجم الوجود الأمريكي الذي يريدونه في البلاد. لطالما أرادت إيران أن يغادر جميع الأمريكيين و"الناتو" وقوات التحالف التي تواجه تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا عندما صعد التنظيم إلى مستوى كان أكبر من طهران ومن أن يتعامل معه وكلاء العراق.

 

عندما كان تنظيم "داعش" في صعود، رحب العراقيون بالمساعدة الأمريكية، لكن بمجرد انتهاء تهديد التنظيم، جرى إعادة كتابة التاريخ لتصوير هزيمة التنظيم كإنجاز فردي لقوات "الحشد الشعبي" الشيعية.

 

وبمجرد انتهاء التهديد المباشر من "داعش"، بدأت الجماعات العراقية المتحالفة مع إيران حملة مضايقة بإطلاق الصواريخ على المنشآت الأمريكية، وتمت متابعة الهجمات التي شنتها مجموعات مدعومة من إيران بشكل أساسي تجهيزا للرد الأمريكي حتى ضربت الصواريخ في 27 ديسمبر 2019 هدفا أسفر عن مقتل مقاول أمريكي واثنين من ضباط الشرطة العراقية وإصابة العديد من الأفراد الأمريكيين والعراقيين.

 

وردا على ذلك، أمر "ترامب" في 29 ديسمبر بسلسلة من الغارات الجوية على مرافق تخزين الأسلحة والقيادة التابعة لكتائب "حزب الله"، الميليشيا العراقية الأكثر ارتباطا بإيران.

 

انتقام وانتقام مضاد

 

بدأت حلقة من العمل والانتقام الذي أدى إلى هجوم مطول من جانب مؤيدي كتائب "حزب الله" على السفارة الأمريكية في بغداد، تلاه قتل الولايات المتحدة للجنرال "قاسم سليماني"، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري  الإيراني. و"أبو مهدي المهندس"، قائد كتائب "حزب الله" ونائب قائد قوات "الحشد الشعبي".

 

في أعقاب هذه الأعمال العسكرية، وفي بيئة شديدة القسوة أجبرت معظم البرلمانيين السنة والأكراد على مقاطعة التصويت، أقر البرلمان العراقي إجراءً يطلب من رئيس الوزراء "عادل عبد المهدي" سحب الاتفاقات التي تسمح ببقاء قوات التحالف في البلاد.

 

يناقش المحللون عدم اكتمال النصاب القانوني وقوة هذا التفويض وشرعيته، لكن بصرف النظر عن ذلك، فقد أصبح العراق بيئة أقل كرمًا للولايات المتحدة وحلفائها في التحالف مما كان عليه قبل أسابيع قليلة.

 

وجهت إيران، منذ ذلك الحين، ضربة انتقامية، لكنها لا تتسم بأهمية عسكرية.

 

وفي حين لم يكن هذا الرد قوياً بما يكفي، فمن المحتمل أن تواصل إيران توجيه أعضاء الشيعة في البرلمان بمتابعة التشريعات المتعلقة بانسحاب القوات الأمريكية.

 

في الوقت نفسه، يُتوقع من الميليشيات المختلفة تكثيف إجراءات مثل إطلاق الصواريخ أو زرع الألغام.

 

3 قضايا وشرط

 

ويرى المحلل الأمريكي "ديبي روشيس"، في تحليل نشره موقع "ستراتفور"، مؤخرا، أن هناك 3 قضايا أمنية أمريكية رئيسية في العراق وشرط ثابت تحدد بقاء أو انسحاب القوات الأمريكية في البلاد.

 

القضية الأولى هي الاحتفاظ بالقدرة على مواصلة القتال ضد تنظيم "داعش".

 

والقضية الثانية هي الحفاظ على بعض القدرة على تخفيف تأثير إيران الإقليمي.

 

وعن القضية الثالثة، فتتمثل في ضمان بقاء المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في العراق.

 

أما الشرط الثابت، فهو منع وقوع هجوم على قاعدة عراقية تضم موظفي الولايات المتحدة أو قوات التحالف أو أي مجمع دبلوماسي أمريكي.

 

ليس لدى الولايات المتحدة خيارات جيدة إذا طُلب منها سحب جيشها من العراق.

 

لقد أعلن "ترامب" بالفعل عن انتصاره على "داعش"، وسيساعد رحيل الولايات المتحدة عن العراق في الوفاء بوعده للناخبين بتقليص انتشار القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.

 

مبررات البقاء

 

ولكن بالنظر إلى تعليقاته العلنية المعادية عقب تصويت البرلمان العراقي، فمن المحتمل أن يبقي "ترامب" على بعض القوات في العراق لمراقبة إيران أو حماية النفط.

 

ويبدو أنه كان عازما على الانسحاب، كما كان الحال شمالي سوريا، ولكنه قد لا يريد التضحية بقواعد من المحتمل أن تكون هناك حاجة إليها مرة أخرى.

 

وبالرغم أن "ترامب" لا يبدو قلقًا بشأن المنشآت الصغيرة نسبيًا المتبقية في سوريا، فقد طالب علنًا بالتعويض عن الإصلاحات الأمريكية على قاعدة "عين الأسد" الجوية التابعة للجيش العراقي في محافظة الأنبار، والتي تضم عددًا كبيرًا من أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف والتي كانت الهدف الرئيسي لضربة صاروخية انتقامية من إيران.

 

ويبدو أن إدارة "ترامب" تتقاسم مع إدارة الرئيس السابق "باراك أوباما" قناعة أو أمل في أن وجود الولايات المتحدة وحلف الناتو -إلى جانب التدريب والتوجيه والمساعدة في اختيار قوات الأمن العراقية- سوف يتصدى بطريقة ما لقوات "الحشد الشعبي" التي تسيطر على الهيكل الأمني العراقي.

 

ومع الإحباط المستمر لجهود إيران بشأن إنشاء طريق بري عبر العراق إلى سوريا ولبنان لدعم حلفائها السوريين و"حزب الله"، يرى ضباط الجيش العراقي والسياسيون الذين يخشون من النفوذ الإيراني المتنامي في الحكومة وأجهزة الأمن والاقتصاد، ضرورة استمرار الوجود الأمريكي باعتباره السبيل الوحيد لصد حملة إيران  للاستيلاء على السلطة عن طريق المليشيات المسلحة والنفوذ الانتخابي المتزايد.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان