رئيس التحرير: عادل صبري 05:29 صباحاً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

لاعبون متزايدون وخيوط متشابكة.. ماذا يريدون من ليبيا؟

لاعبون متزايدون وخيوط متشابكة.. ماذا يريدون من ليبيا؟

العرب والعالم

الحرب في ليبيا

لاعبون متزايدون وخيوط متشابكة.. ماذا يريدون من ليبيا؟

محمد أبو المجد 17 يناير 2020 00:10

لا يستطيع أحد إنكار حقيقة أن الخيوط تشابكت إلى حدٍّ مُرْبك في الأزمة الليبية؛ ففي الأسابيع الأخيرة تحوَّلت ليبيا إلى بؤرة اهتمام إقليمية ودولية ساخنة تجتذب لاعبين إقليميين ودوليين بشكل أظهر البلد الغني بالنفط بشكل أوضح في محيطه العربي والإقليمي والأوروبي بشكل غير مسبوق.

 

وشهدت الأزمة في ليبيا تطورات غير متوقعة تمثلت في توافقات لم تكن منتظرة، وتصعيد متسارع على الساحة الداخلية الليبية والإقليمية.

 

أولى التوافقات غير المتوقعة ظهرت بين الأوروبيين والأتراك، وما حدث هو أن الأتراك أظهروا مرونة كبيرة للمرة الأولى منذ فترة، فالأوروبيون منزعجون للغاية من تصعيد عسكرة النزاع في ليبيا حتى لا تشتعل حدودهم الجنوبية على المتوسط في دولة تعد هي الأنشط في جبهات الهجرة غير الشرعية.

 

هنا يظهر انزعاج إيطالي بشكل خاص مما يحدث؛ لأسباب جغرافية تتعلَّق بقرب إيطاليا من ليبيا، وهو ما يفسّر غضب روما مما تعتبره محاولات للعناد من القاهرة وأبوظبي وعواصم أوروبية أخرى، أبرزها باريس، ضد أنقرة وتطالب بتليين مواقف تلك العواصم تجاه أنقرة، ليس حبًّا في تركيا بالطبع، ولكن حرصًا على عدم إعطاء الأتراك المبرر للتصعيد عسكريًا بالتوافق مع الروس في ليبيا.

 

التوافق التركي الروسي

 

وبمناسبة الحديث عن التوافق التركي الروسي، فهذا التوافق يعدّ محددًا رئيسيًا لتعاطي الأوربيين مع أزمة ليبيا هذه الأيام، وهو ما باتت مصر مدركة له.

 

الخلاصة هنا تشير إلى أن الأوروبيين لا يريدون نجاح الخلطة التركية الروسية لصناعة حقل متفجرات خطر على حدودها الجنوبية في المتوسط، وهو أمر استراتيجي لهم.

 

من ناحيتها، تتسلح تركيا بمزيد من التقارب مع الروس، وسيساعد على هذا التقارب رفض قائد قوات الجيش الليبي "خليفة حفتر" التوقيع على هدنة موسكو بإيعاز أمريكي أوروبي مما أغضب الروس.

 

هنا يظهر تلاقٍ وتباعد؛ تلاقٍ أوروبي تركي على أرضية المخاوف المشتركة من روسيا ويعزز هذا التقارب عدم ممانعة تركيا في حل سلمي يكفل استقرار الأوضاع في ليبيا شريطة عدم المساس بحكومة الوفاق في طرابلس، أما التباعد فهو روسي أوروبي وروسي مصري، والقاهرة منزعجة للغاية من التطورات وازدادت غضبا على تركيا.

 

تركيا في الحقيقة تسير على حبل مشدود ورفيع، فهي وإن تقاربت مع الأوربيين على إرادة إرساء استقرار في ليبيا يجب أن تجد مبررًا لاستمرار تقاربها مع روسيا في ليبيا وإلا فإنّ موسكو قد تعمد لإشعال الأوضاع هناك مجددًا بمفردها هذه المرّة.

 

وموقف مصر المتباعد حاليًا من روسيا يمكن أن يتبدل إن لمحت خلافًا بين موسكو وأنقرة.

 

ورغم أنَّ فكرة استقرار ليبيا الذي يريده الأوربيون ووافق عليه الأتراك في مصلحة مصر على المدى القريب، كي تتفرغ القاهرة لأزمتها مع إثيوبيا مثلًا، فإنَّ المصريين على المدى البعيد ينظرون إلى حكومة طرابلس كخطرٍ استراتيجيٍّ؛ حيث تعتبرها واقعة تحت سيطرة ميليشيات محسوبة على الإسلام السياسي، لكن القاهرة قد تؤجل تدخلها ضد حكومة طرابلس لحين تجدّد الظرف الإقليمي والدولي.

 

إسقاط حكومة طرابلس صعب

 

واقعيًا، إسقاط حكومة طرابلس الآن بات شديد الصعوبة لكلّ ما سبق، وتركيا تعتبر الأمر مسألة أمن قومي بسبب ملف غاز المتوسط؛ حيث منحت الاتفاقية البحرية التركية الليبية، أنقرة قُبْلة الحياة في هذا الملعب، إن صحَّ التعبير.

قد يكون من المفيد هنا استعراض الأهداف الاستراتيجية لكل طرف أصبح فاعلا في الأزمة الليبية الآن.

 

 

ماذا تريد تركيا من ليبيا؟

 

واقعيًا، أفضل ما تريده أنقرة هو استمرار الاتفاقية البحرية والأمنية التي تضمن لها نفوذًا بحريًا جديدًا في المتوسط للتنقيب عن الغاز، وعكس حديث الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" مؤخرًا عن بدء منح تراخيص التنقيب في المنطقة البحرية مع ليبيا بالمتوسط في 2020 رغبة أنقرة في تسريع استفادتها من الاتفاقية.

 

وبالتالي فإن اسقاط حكومة "فائز السراج" خط أحمر بالنسبة للأتراك.

 

ماذا تريد روسيا من ليبيا؟

 

يرى المحللون أن موسكو تهدف إلى تأمين تواجد سياسي يستتبعه نفوذ اقتصادي هناك، لاسيما بمناطق الطاقة.

 

علاوة على ذلك، فإن روسيا مهتمة بتأسيس نفوذ على الضفة الجنوبية للمتوسط، على حدود أوروبا الجنوبية.

 

ماذا يريد الأوربيون من ليبيا؟

 

أكثر ما يزعج الأوروبيين حاليًا هو تحول ليبيا إلى ملعب للقوى الإقليمية والدولية، على غرار النموذج السوري.

 

ويريد الأوروبيون، على وجه الخصوص، منع روسيا- باعتبارها خصمًا تاريخيًا ومستمرًا- من تأسيس نفوذها السياسي والاقتصادي على حدودهم الجنوبية، وبالتالي يريدون استقرار الأوضاع الآن كمقدمة لصياغة طريقة لمكافحة هذا التموضع الروسي أو ضبطه.

 

ماذا تريد مصر من ليبيا؟

 

تريد مصر عدم تحول ليبيا إلى قاعدة للنفوذ التركي، أو مكان يضم حكومة محسوبة على الإسلام السياسي، وبالتالي فإنَّ سيطرة "حفتر" على كامل التراب الليبي كان هدفًا مصريًا، خلال الأشهر السابقة، تمهيدًا لتموضع مصري تطمح إليه القاهرة في ليبيا، سياسيًا واقتصاديًا أيضًا.

 

لكن الأهداف المصرية واقعيًا ستتقلص حاليًا لتنحصر في عدم السماح للأتراك بتأسيس نفوذ حقيقي لهم في ليبيا.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان