رئيس التحرير: عادل صبري 07:52 مساءً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

تنافس جيوسياسي محموم.. هل بات البحر الأحمر أهم ممرات العالم؟

تنافس جيوسياسي محموم.. هل بات البحر الأحمر أهم ممرات العالم؟

محمد الوقاد 19 ديسمبر 2019 23:13

يمثل البحر الأحمر منذ فترة طويلة رابطًا حاسمًا في شبكة من الممرات المائية العالمية الممتدة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى المحيط الهندي والمحيط الهادئ، وهو طريق استراتيجي واقتصادي أطلق عليه أحد مسئولي الدفاع الأمريكيين لقب "الطريق السريع 95 للأرض".

 

وقد شهدت الأعوام الأخيرة فصلًا من التنافس الجيوسياسي غير المسبوق على البحر الأحمر؛ حيث تختفي بسرعة حدود المنطقتين اللتين يربطهما، وهما الخليج العربي والقرن الإفريقي.

 

وسعت القيادات السياسية في دول الخليج الغنية بالموارد، مدفوعة بطموحاتها لتحقيق النفوذ، إلى إبراز القوة عبر مساحات متزايدة من الأرض والبحر. ويشمل ذلك اليمن، موطن إحدى أكثر الحروب دموية في العالم، ومنطقة القرن الأفريقي، التي تستضيف ثلاثة تحولات سياسية حساسة للغاية.

 

وفي كل دولة، تتنافس دول الخليج والمنافسون من الشرق الأوسط على الوصول والوكلاء والتأثير في صراع محتدم من أجل التفوق الإقليمي.

 

في الوقت نفسه، تم تغيير الديناميات الديموجرافية في هذه المنطقة بسبب الهجرة وتدفقات اللاجئين، حيث يتجاوز عدد سكان تلك المنطقة مجتمعين اليوم عدد سكان الولايات المتحدة. وقد تم إنشاء أول قاعدة بحرية خارجية للصين على الإطلاق عند البوابة الجنوبية للبحر الأحمر.

 

تجارة بحرية

 

واحتل الاقتصاد الجغرافي للمنطقة مكانة بارزة؛ فبالإضافة إلى 700 مليار دولار من التجارة المنقولة بحرا التي تعبر بالفعل الطريق كل عام، تسبب طريق الحرير البحري الصيني الجديد، وتصاعد الاستهلاك في أفريقيا، واكتشافات المواد الهيدروكربونية في القرن الأفريقي، في زيادة اهتمام الدول الباحثة عن النفوذ بإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة.

 

وبعد 30 شهرا من العمل المحتدم، يبدو أن الجهود الأولية لإسقاط النفوذ لا زالت تسير في طريقها.

 

وفي عام 2014، قام السعوديون والإماراتيون بشراء النفوذ في السودان وإريتريا لمنع إيران من تأسيس موطئ قدم لها على الجهة الغربية للخليج.

 

وفي العام التالي، أنشأ البلدان قاعدة عسكرية في القرن الأفريقي، من أجل تعزيز موقفهم في الحرب المتنامية ضد الوكلاء الإيرانيين والخصوم الإسلاميين في اليمن.

 

وبحلول عام 2017، تسبب التنافس بين القوى الكبرى في زيادة حدة الصراع حول البحر الأحمر.

 

وعندما أنشأت بكين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي في المنطقة الرابطة بين البحر الأحمر وخليج عدن، بدأت مؤسسة الدفاع الأمريكية، سواء في البنتاجون أو في مقر القيادة المركزية المسؤولة عن أفريقيا والشرق الأوسط والمحيط الهادئ والهندي، في إيلاء اهتمام وثيق للمنطقة.

 

ومع وجود الجيش الصيني عند هذا التقاطع الحيوي لطرق التجارة وحرية الملاحة في جميع أنحاء العالم، أصبحت منطقة القرن الأفريقي فجأة تلعب دورا حاسما في التماس الكبير بين القوة العظمى.

 

وفي الوقت نفسه، تسببت المصالح التجارية المضطربة وأزمات الهجرة في دفع الدول الأوروبية للاهتمام بتطورات البحر الأحمر.

 

الخط الأول

 

ويعتبر الخط الأول من بين خطوط الصراع الستة التي يجب الاطلاع عليها هو الحرب في اليمن، التي دفعت الرياض وأبوظبي عام 2015 إلى إنشاء مواقع عسكرية على الشواطئ الأفريقية القريبة.

 

وعندما تسببت الخلافات مع جيبوتي، بسبب سوء إدارة مزعوم من قبل الإمارات لمينائها التجاري هناك، في منع قوات التحالف الخليجية من إنشاء منصة انطلاق في البلاد، نقل البلدان اهتمامهما شمالا إلى إريتريا.

 

وبعد أن أقنع الزعماء السعوديون والإماراتيون الرئيس "أسياس أفورقي" بوعود الدعم المالي، بدأت الطائرات المقاتلة والسفن الحربية الإماراتية في شن هجمات من إريتريا باتجاه مدينة عدن الساحلية المتنازع عليها، على بعد 150 ميلا فقط إلى الشرق.

 

وبعد هجمات طالت منشأتين نفطيتين سعوديتين في سبتمبر 2019 كشفت عن ضعف القطاع الاقتصادي الأهم في البلاد، بدأت الرياض في التحدث مباشرة مع الحوثيين، عازمة على ما يبدو على إنهاء الصراع الكارثي، ووضع مسافة بين الحوثيين وطهران.

 

وسوف تلعب العديد من القضايا دورها في تشكيل الصفقة النهائية التي سيتم بموجبها إنهاء الحرب في اليمن بما في ذلك الاعتبارات الإقليمية وحقوق السيطرة على الموانئ على ساحل اليمن البالغ طوله 1200 ميل، وضمانات سلامة مضيق باب المندب ذي الموقع الاستراتيجي.

 

وهنا يتكشف الخط الثاني الذي يجب متابعته عبر البحر الأحمر.

 

ولا يزال الصومال أكثر دول القرن هشاشة، حيث كان لدى الرئيس "محمد عبدالله فارماجو" وحكومته بداية مضطربة بشكل خاص في خضم أزمة الخليج.

 

وهناك خط ثالث حول مسألة البحر الأحمر متعلق بإنشاء ما يسمى بمنتدى البحر الأحمر.

 

وقد ذكر تقرير حديث لمؤسسة "بروكنجز" أن الدبلوماسيين من دول ضفتي البحر الأحمر وأوروبا استغرقوا فترات طويلة من العام الماضي في وضع الأسس لما يرون أنه منتدى للحوار متعدد الأطراف.

 

وتدور الفكرة حول إنشاء حدث يمكن أن تتجمع فيه الدول الساحلية لمناقشة المصالح المشتركة وتحديد التهديدات الناشئة وتصميم الحلول المشتركة.

 

وفي تجسيده المثالي، يمكن للمنتدى أن يساعد الدول الأفريقية والخليجية في مواجهة قضايا متنوعة مثل تنمية التجارة، والبنية التحتية، والأمن البحري، والهجرة، وإدارة الصراع.

 

وكحد أدنى، يمكن لمثل هذا المنتدى رفع تكاليف النشاط المزعزع للاستقرار من قبل أي دولة منفردة، وتزويد الدول الأفريقية بمنصة لإشراك دول الخليج في صناعة السياسات بشكل مؤسسي.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان