بعد أيام فقط من إعلان اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، المعركة "الأخيرة " الحاسمة للسيطرة على العاصمة الليبية، وفي ظل الهجوم العكسي الذي تنفذه قوات الجيش بقيادة حكومة الوفاق على عدة مواقع وتمركزات لقواته، يبدو أن المدينة المستعصية عليه والتي أصبحت هاجس لدية ستورثه خيبة الأمل.
وكان حفتر قد أعلن مساء الخميس، وبعد 8 أشهر من فشل قواته في اقتحام العاصمة الليبية، بدء "المعركة الحاسمة" للتقدم نحو قلب طرابلس.
وسبق لحفتر أن أصدر إعلانات مماثلة أكثر من مرة، دون أن يتحقق ما توعد به، فعندما بدأ الهجوم على طرابلس، في 4 أبريل الماضي، قال أن قواته ستسيطر على العاصمة في 48 ساعة، غير أن هجومه ما زال متعثرا حتى الآن.
فبعد يومين من سيطرة قوات حفتر على عدة مناطق في محاور عين زارة واليرموك جنوبي العاصمة طرابلس، أعلن الجيش الليبي إعادة السيطرة على عدة مناطق في محاور عين زارة واليرموك جنوبي العاصمة طرابلس.
وقال مصطفى المجعي الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التي أطلقتها الحكومة الليبية للتصدي لهجوم حفتر على العاصمة، الذي بدأ قبل أكثر من 8 أشهر، إن قواته "تمكنت السبت من استعادة السيطرة على مواقع خسرتها في الأيام الماضية بمحوري عين زارة ومحيط اليرموك جنوبي طرابلس".
وأكد أن القوات حكومة الوفاق: "لا تزال تسيطر على الوضع عسكريا ولم يتمكن مسلحي حفتر من اختراق أي تمركزات لها".
ونشر المكتب الإعلامي للجيش الليبي لقطات مصورة لتعزيزات تصل إلى طرابلس، بما فيها قوات برية ومركبات مدرعة، مؤكدا إن قوات الجيش سيطرت على بلدة تاورغاء إلى الجنوب من العاصمة.
وفي وقت سابق السبت، أعلنت قوات الحكومة شن هجوم على تمركزات حفتر في محور "عين زارة" ، وقال بيان أصدره آمر غرفة العمليات الميدانية بعملية "بركان الغضب" اللواء أحمد أبوشحمة، نشره مركزها الإعلامي "أن المدفعية الثقيلة تعاملت بدقة مع تجمعات للمليشيات المتعددة الجنسيات في محيط محور اليرموك".
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، أكد أن قواته صدَّت قوات "الغزاة والمرتزقة"، في إشارة إلى محاولة قوات حفتر التسلل إلى منطقة التوغار جنوبي العاصمة طرابلس.
وعقب التقارير الواردة عن إعادة سيطرة قوات الوفاق على مناطق تمركز قوات حفتر ، خرج الأخير ببيان يغازل فيه مصراته، المدينة التي يشكل مقاتلوها العمود الفقري لقوات الجيش التي أفشلت سعيه للسيطرة على طرابلس على مدى تسعة أشهر.
وطالب حفتر في بيان له أهالي مصراتة ،ثاني كبريات مدن غرب ليبيا، بتأييده وعدم قبول ما أسماه "تخزين الذخائر قرب أحيائه السكنية".
كما دعا إلى "عدم الزج بمدينة مصراته التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لليبيا بأتون معركة الكرامة"، مبديا حرصه على سلامة وحياة المدنيين ، بالرغم من اعتراف قائد طائرة حربية تابعة لقواته أسقطت جنوب مدينة الزاوية، السبت الماضي، بمسئولية طيران حفتر عن قصف أحياء مدنية في طرابلس، ومن بينها "استهداف منزل بمنطقة الفرناج راح ضحيته ثلاث شقيقات"، بحسب الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب" على "فيسبوك" التي نشرت، ليل البارحة اعترافات الطيار الأسير.
وفيما يبدو بداية لتبرير فشل عملية الحسم الأخيرة ، اتهم حفتر تركيا بـ"شحن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمدرعات والمعدات العسكرية المتنوعة من عدة منافذ تركية بحرية وجوية إلى المنافذ البحرية والجوية التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق".
وأضاف حفتر في بيانه إلى أن "هذا الدعم التركي جاء تنفيذاً لالتزام تركيا في الاتفاق المبرم في السابع والعشرين من شهر نوفمبر الماضي، بتقديم دعم عسكري كبير ونوعي لتشكيلات حكومة الوفاق، مقابل شرط توقيعها على اتفاقية الحدود البحرية التي تنازلت بموجبها حكومة الوفاق عن مصالح الشعب الليبي ومصالح دول منطقة شرق البحر المتوسط".
وفيما لا تزال وسائل إعلام حفتر تعلن عن التقدم في كافة المحاور باتجاه قلب العاصمة طرابلس، إلا أن كافة المناطق التي تقول أنها تقدمت إليها ، أعلنت قوات الجيش الليبي إعادة السيطرة عليها ، وهي مناطق يفصلها عن قلب العاصمة أكثر من 30 كم.
فالـ"التقدم في طريق داخل الساعدية والسيطرة على بعض البيوت في التوغار لا يستلزم ساعة صفر وخروجا إعلاميا مدويا تغطيه وسائل إعلام دولية ومحلية بهذا الشكل" بحسب الخبير الأمني الليبي، الصيد عبدالحفيظ.
وأكد الخبير:" أن حفتر كان لديه خطط تتعلق بانتفاضة خلايا نائمة مسلحة موالية له من داخل العاصمة، لكنها فشلت كما فشلت كل محاولاته".
وفي كلمة وجهها إلى الشعب الليبي وبثها التلفزيون الرسمي، الجمعة، قال السراج: "لا تصدِّقوا أكاذيب الواهمين وصفحاتهم، فلا ساعة صفر إلا ساعة أوهام، صدُّوا العُدوان ولقِّنوا الغزاة والمرتزقة والانقلابيين دروساً قاسية".
يشار إلى أن ليبيا، الغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تشهد مواجهات عنيفة منذ الرابع من أبريل عندما شنّت قوات حفتر هجوماً ضخماً للاستيلاء على طرابلس مقرّ حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة، لكنّ الوعد الذي قطعه يومها المشير بتحقيق نصر سريع وكرّره في يوليو بتوقّعه تحقيق "انتصار وشيك" ووعده الثالث الخميس الماضي ، لم يترجم حتى الآن على أض الواقع ولم يحرز أي تقدم لتحقيه.
ويذكر أنه ومنذ بدء القتال لقي أكثر من ألف شخص مصرعهم ونزح أكثر من 140 ألفاً عن ديارهم، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.