في سابقة اعتبرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤشر على إمكانية عقد صفقة ناجحة بين البلدين، تبادلت أمريكا وإيران سجينين في تعاون نادر بين البلدين الخصمين اللذين ساءت العلاقات بينهما منذ انتخاب ترامب.
وأفرجت إيران ، السبت، عن الأمريكي من أصل صيني شي يو وانغ المحتجز في إيران منذ ثلاثة أعوام بتهم تجسس، بينما أفرجت الولايات المتحدة عن الإيراني مسعود سليماني الذي كان يواجه اتهامات بانتهاك العقوبات الأمريكية على طهران.
وقال مسئول رفيع بالإدارة الأمريكية إن واشنطن تأمل أن يؤدي الإفراج عن وانغ إلى إطلاق سراح أمريكيين آخرين محتجزين في إيران، مشيراً إلى أن هذه الخطوة مؤشر إلى أن طهران ترغب في التفاوض بشأن قضايا أخرى.
سويسرا من جانبها قدمت التسهيلات الخاصة بتبادل السجينين وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء، وهي الوكالة الرسمية، إن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استقبل سليماني في زوريخ التي قالت الوكالة إنها شهدت عملية التبادل.
وفي بيان أصدره البيت الأبيض لم يذكر ترامب الإفراج عن سليماني لكنه شكر الحكومة السويسرية على مساعدتها في التفاوض للإفراج عن وانغ.
وتمثل سويسرا المصالح الأمريكية في طهران منذ قطع العلاقات بين البلدين بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979.
ترامب: شكرًا إيران
وشكر ترامب إيران على تويتر على ما وصفه «بمفاوضات نزيهة جداً» أدت إلى تبادل السجينين. وقال ترامب إن عملية التبادل أظهرت أن الولايات المتحدة وإيران «يمكنهما عقد صفقة معاً».
في بيان صدر في وقت سابق شكر ترامب الحكومة السويسرية على مساعدتها في المفاوضات التي انتهت بالإفراج عن وانغ.
وأضاف: "يمثل أمن ورفاهية المواطنين الأمريكيين أكبر أولوية للولايات المتحدة. تحرير الأسرى الأمريكيين يمثل أهمية حيوية بالنسبة إلى إدارتي، وسنواصل العمل الدؤوب على إعادة كل مواطنينا المسجونين بشكل غير شرعي في الخارج".
Taken during the Obama Administration (despite $150 Billion gift), returned during the Trump Administration. Thank you to Iran on a very fair negotiation. See, we can make a deal together! https://t.co/rZaY9p8xzV
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 7, 2019
من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على تويتر «سعيد بأن الحكومة الإيرانية كانت بناءة في هذا الأمر.. لن يهدأ لنا بال حتى نعيد إلى الوطن كل أمريكي تحتجزه إيران أو أي بلد آخر حول العالم».
وقال المسئول الأمريكي الرفيع إن الإفراج عن وانغ كان ثمرة ثلاثة أو أربعة أسابيع من المفاوضات المكثفة.
وأبلغ المسئول الصحفيين في مؤتمر صحفي «نأمل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من النجاح مع إيران» ومضى يقول «يحدوني أمل أن يكون الإفراج عن السيد وانغ مؤشراً إلى أن الإيرانيين يدركون أن أسلوب دبلوماسية احتجاز الرهائن يجب أن يتوقف إذا أرادت إيران العودة إلى المجتمع الدولي».
سليماني: الأمريكيين «تافهين»
ولدى وصوله إلى طهران قال سليماني، وهو خبير في الخلايا الجذعية، للصحفيين إن الأمريكيين الذي احتجزوه كانوا «تافهين».
وأضاف «أبلغتهم أن هناك مرضى يحتاجون مساعدتي. قالوا لا أحد يهتم بذلك. دعهم يموتون.. هذا يظهر أن المسئولين الأمريكيين لديهم مشاكل مع الإيرانيين».
وألقت الولايات المتحدة القبض على سليماني في مطار شيكاغو في أكتوبر 2018، لمزاعم محاولته تصدير مواد بيولوجية إلى إيران في انتهاك للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران بسبب برنامجها النووي.
وأعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن سعادته بإتمام الصفقة. وكتب على تويتر "سعيد لأن البروفيسور مسعود سليماني والسيد شيوي وانغ سوف يعودان إلى عائلتيهما قريبا".
Glad that Professor Massoud Soleimani and Mr. Xiyue Wang will be joining their families shortly. Many thanks to all engaged, particularly the Swiss government. pic.twitter.com/1TeZUL0CDG
— Javad Zarif (@JZarif) December 7, 2019
وأعرب ظريف عن "شكر كبير لكل من شارك في هذه القضية، خاصة حكومة سويسرا"، التي تمثل سفارتها في إيران مصالح الولايات المتحدة.
ونشر ظريف تغريدة أخرى ألحقها بصورتين تظهرانه مع العالم الإيراني وهما يستقلان طائرة، وكتب: "في الطريق إلى الوطن".
Going home pic.twitter.com/HZHPDc20aj
— Javad Zarif (@JZarif) December 7, 2019
المسئول الأمريكي قال إنه كان من المقرر أن يمثل سليماني أمام المحكمة في 11 ديسمبر ، لكن الاتهامات ضده أُسقطت.
مضيفاً أنه لم يتم دفع فدية ولن تقدم الولايات المتحدة أي شكل من أشكال التنازلات. وأحال المسئول الأسئلة الخاصة بالوضع القانوني لقضية سليماني إلى وزارة العدل.
إطلاق الأمريكي «رأفة»
فيما ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن إطلاق سراح وانغ استند إلى «ما يمليه الإسلام من قواعد الرأفة».
وأدين وانغ ، طالب الدكتوراة في التاريخ بجامعة برينستون، بتهم تجسس وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات في 2017. ودأبت عائلته وجامعته على قول إنه كان في إيران لعمل بحثي متعلق بدراسته التاريخ ونفى الجانبان عنه تهم التجسس.
وقال مسئول أمريكي ثان إن وانغ سيخضع للفحص الطبي في ألمانيا ومن المتوقع أن يبقى هناك عدة أيام.
من جانبها قالت هوا قو زوجة وانغ لرويترز إنها «سعيدة». وقالت في بيان منفصل «عائلتنا اكتملت مجدداً.. لقد انتظرنا، ابننا شاو فان وأنا، ثلاث سنوات طويلة من أجل هذا اليوم ومن الصعب أن أعبر بالكلمات عما أشعر به بعد لم شملنا مع شي يو».
إلى ذلك قال نزار زكا رجل الأعمال اللبناني المقيم في الولايات المتحدة، والذي أطلقت إيران سراحه في يونيو بعد احتجاز دام أربعة أعوام، لرويترز إنه كان أول من علم بإطلاق سراح وانغ وإنه أبلغ والدة وانغ وزوجته بهذا النبأ.
يشار إلى أن إيران سبق وأن أكدت مرارا استعدادها للتفاوض مع الولايات المتحدة حول موضوع تبادل المعتقلين وسط استمرار توتر بالغ في العلاقات بين البلدين.
ومنذ أيار 2018، تاريخ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران، فرضت واشنطن تدابير عقابية غير مسبوقة ضدّ طهران.
