رئيس التحرير: عادل صبري 09:11 صباحاً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بوادر مصالحة خليجية.. هل أرهق الشقاق العرب؟

بوادر مصالحة خليجية.. هل أرهق الشقاق العرب؟

العرب والعالم

هل تلوح في الأفق مصالحة خليجية قريبة؟

بوادر مصالحة خليجية.. هل أرهق الشقاق العرب؟

معتز بالله محمد 29 نوفمبر 2019 20:45

"تصلح الرياضة دائما ما تفسده السياسة" عبارة قالها السفير السعودي في الكويت سلطان بن سعد بن خالد آل سعود، تعليقاً على الأنباء المتداولة حول مصالحة خليجية وشيكة تنهي أزمة مستعصية بدأت في يونيو 2017.

 

وكان السفير السعودي يشير إلى مشاركة منتخبات السعودية والبحرين والإمارات لكرة القدم في بطولة كأس الخليج العربي 24 التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة حتى 8 ديسمبر المقبل في خطوة غير مسبوقة منذ قطع العلاقات.

 

تحقيق المصالحة الخليجية الآن تحديداً والذي سيحدث غالبا بوساطة كويتية، بات في واقع الأمر مطلبا ملحاً لاسيما لطرفي الأزمة الرئيسيين السعودية وقطر، غير أن هناك كثير من التعقيدات تشوب إتمام المصالحة، لاسيما وأن كثيراً من المياه جرت في نهر التحالفات الهادر بالمنطقة منذ إعلان الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة قطع علاقاتها مع الدوحة في 5 يونيو 2017.

 

ومنذ ذلك الوقت فرضت الدول الأربعة "إجراءات عقابية" على قطر؛ بينها إغلاق مجالاتها الجوية أمام الطيران القطري، بزعم دعم الدوحة للإرهاب، وهو ما تنفيه الأخيرة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

 

لقاء سري

ووسط الحديث عن نهاية وشيكة للأزمة الخليجية، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تقريراً تداولته وسائل إعلام غربية وعربية اليوم الجمعة، عن "زيارة سرية" قالت إن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن قام بها، إلى العاصمة السعودية، الرياض، الشهر الماضي.

 

ولم تشر الصحيفة ما إن كان الوزير القطري قد التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال الزيارة، لكنها قالت إنه التقى عددا من كبار المسؤولين السعوديين لمناقشة وضع نهاية للأزمة الخليجية.

 

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع لم تسمه، أن وزير الخارجية القطري قدم عرضا وصفته بـ"المفاجئ" لإنهاء الأزمة الخليجية، لافتا إلى استعداد الدوحة لقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين.

 

فيما قال دبلوماسي من إحدى دول الخليج العربية إنه من المتوقع عقد قمة إقليمية أوائل الشهر القادم في الرياض قد تضع الأساس لتحسين العلاقات وهو أمر بات الآن مرجحا أكثر من أي وقت مضى.

 

وحتى الساعة (16:00 توقيت جرينتش) لم تصدر أي تصريحات رسمية سواء من قطر أو المملكة العربية السعودية حول هذا اللقاء "السري".

 

 

رغبة أمريكية

ويقول مراقبون إن إرهاصات المصالحة الخليجية تغذيها رغبة أمريكية في إنهاء الأزمة، عبرت عن نفسها مؤخراً في بيان لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بشر خلاله بقرب إتمام المصالحة الخليجية.

 

بيان بومبيو جاء عقب لقاء نظيره القطري حمد بن عبد الرحمن آل ثاني في 12 من الشهر الجاري، وأكد على أهمية وجود مجلس تعاون خليجي موحد لمواجهة عدم الاستقرار الإقليمي والقضايا الثنائية والإقليمية الأخرى، بما في ذلك التطورات الأخيرة في العراق وسوريا ولبنان.

 

البحث عن "نصف انتصار"

ويقول مراقبون إن الحديث عن قرب إتمام المصالحة، يأتي في وقت يبحث فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حتى عن "نصف انتصار" أو إنجاز ما لضمان خطوته الأخيرة في اعتلاء العرش.

 

وسجل التحالف العربي بقيادة السعودية إخفات متوالية للتحالف العربي في حرب اليمن التي لم تحقق أهدافها في ظل استمرار الحوثيين في السيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014، بل وتهديدهم أهدافاً إستراتيجية داخل المملكة بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.

 

وتضررت سمعة الرياض كثيراً بعد واقعة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر 2018، وقالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وحكومات غربية، إنها تعتقد أن ابن سلمان، هو من أمر بقتل خاشقجي، وهو ما نفاه ولي العهد السعودي، لكنه أقر بأنه يتحمل المسؤولية النهائية عن مقتل خاشقجي، باعتباره الحاكم الفعلي للبلاد.

 

وقبل أيام تسلمت السعودية رسمياً ولأول مرة رئاسة مجموعة العشرين لمدة عام، ويرجح دبلوماسيون أن تمد مجموعة العشرين يد العون للرياض في تجاوز مشاكلها وتدفعها إلى إغلاق المزيد من الملفات الشائكة مثل حرب اليمن ومقاطعة قطر، قبل استضافة المملكة لأول قمة لقادة المجموعة في نوفمبر 2020.

 

مونديال 2022

في المقابل، هناك رغبة قطرية في إنجاز المصالحة قبل عام 2022، إذ تدرك الدوحة صعوبات تنظيم بطولة كأس العالم دون الظهير الخليجي، لاسيما في ظل وجود تحديات مختلفة.

 

وكان مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (menacc) أكد في رصد له أن قطر لن تستطيع الإيفاء بمتطلبات استضافة المونديال مع عدم إيجاد حل للأزمة الخليجية.

 

فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تؤوي الدوحة وضواحيها على الأرجح إن لم تتشارك معها دول أخرى في احتضان فعاليات كأس العالم 2022 أكثر من متوسط نصف مليون زائر من المتفرجين على امتداد شهر، فضلاً عن آلاف السياح الذين سيقصدون الدوحة خلال الشهر نفسه.

 

وبحسب خبراء سيضاعف اكتظاظ الزوار في الدوحة التي تأوي في الأساس هي وضاحيتها الرئيسية الريان 83% من السكان، من التحديات الأمنية، فكثافة الزوار بالعاصمة، ستمثل تحدياً ضخماً لتنظيم تنقلهم ومأواهم وتأمينهم وضمان أمن البلاد والمرافق الحيوية المتركزة بدورها في الدوحة.

 

 

موقع تركيا والإخوان

وبالحديث عن قرب مصالحة خليجية يبقى السؤال الأهم حول مدى مرونة الرياض في التخلي عن بعض مطالبها (شروطها) التي وضعهتا سلفاً أمام قطر.

 

ويقول مراقبون إن الرياض قد تتنازل عن الشرط الخاص بإغلاق قناة الجزيرة القطرية، في المقابل يمكن للدوحة أن تعلن تبرؤها من جماعة الإخوان المسلمين المصنفة في القاهرة والرياض جماعة إرهابية، والتي تأوي قطر عدداً كبيراً من ناشطيها وتوفر لهم منبراً إعلامياً عبر "الجزيرة".

 

لكن ماذا بالنسبة لتركيا، وتحديداً بمطلب دول المقاطعة إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر؟.

 

منذ بداية المقاطعة الخليجية لقطر تعزز التعاون بشكل غير مسبوق بين أنقرة والدوحة، حيث ازداد جم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 57% بالمقارنة مع العام 2017 ووصل إلى حدود 1,4 مليار دولار بنهاية عام 2018.

 

ومنذ بدء الأزمة، تعتمد قطر على تركيا بشكل كبير في استيراد المواد التي أصبحت عاجزة عن شرائها من جاراتها في الخليج، وبينها المواد الغذائية ومواد البناء.

 

في المقابل، تقدم الدوحة دعماً مالياً كبيراً لأنقرة، عبر عن نفسه خلال الأزمة المالية التركية العام الماضي، حيث حصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على دعم بقيمة 15 مليار دولار من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ولدى الدوحة استثمارات في تركيا بأكثر من 20 مليار دولار.

 

ووقع البلدان خلال السنوات الأخيرة سلسلة من اتفاقات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ومنها ما يتعلق بالمشاريع المرتبطة باستضافة دولة قطر لنهائيات بطولة كأس العالم 2022.

 

وسبق أن رفضت الدوحة مطالب دول المقاطعة بإغلاق قاعدة طارق بن زياد التركية التي تتسّع لنحو خمسة آلاف جندي وافتتحت رسميا عام 2015، واعتبرت ذلك وغيره من الشروط مساساً بسيادتها ومحاولة لفرض الوصاية على قراراتها.

 

ومع الحديث عن بودار مصالحة خليجية، وصل الرئيس التركي أردوغان الإثنين الماضي إلى الدوحة، ليعلن من هناك عن قرب افتتاح قاعدة عسكرية جديدة لبلاده في قطر تحمل اسم "خالد بن الوليد"، وهي الخطوة التي أثارت حنق دول المقاطعة.

 

وجاءت زيارة أردوغان للدوحة عشية انطلاق بطولة كأس الخليج العربي التي تشارك فيها دول المقاطعة لأول مرة منذ الأزمة في مؤشر لحدوث انفراج وشيك.

 

وبعث أردوغان خلال زيارته برسائل "طمأنة" إلى الداعين لإغلاق القاعدة التركية في قطر، قائلاً من الدوحة :"لا ينبغي لأحد أن ينزعج من وجود بلادنا في المنطقة"، مشيرا إلى أن من يطالبون بإغلاق القاعدة العسكرية التريكة في الدوحة لا يدركون أن قطر وقفت مع أنقرة في "لحظات عصيبة"، على حد تعبيره.

 

وفيما يرى البعض أن زيارة أردوغان التي وقع خلالها مع الجانب القطري 7 اتفاقيات منها اتفاقية تتعلق بتبادل العملات وأخرى في مجال التخطيط المدني، جاءت في محاولة للتشويش على المصالحة الخليجية الوشيكة، يرى آخرون أن هدفها هو ضمان الحفاظ على المكتسبات التركية وإظهار أنها غير قابلة للمساومة.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان