رئيس التحرير: عادل صبري 05:13 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

وسط تباين أوروبي.. أمريكا تخفض إسهامها في ميزانية «الناتو» وألمانيا تزيدها

وسط تباين أوروبي.. أمريكا تخفض إسهامها في ميزانية «الناتو» وألمانيا تزيدها

العرب والعالم

مستقبل الناتو في خطر

وسط تباين أوروبي.. أمريكا تخفض إسهامها في ميزانية «الناتو» وألمانيا تزيدها

إنجي الخولي 29 نوفمبر 2019 07:30

في ذكرى مرور 70 عامًا على إنشاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل التباين بين الدول الأعضاء حول مصيره، قررت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تخفيض مساهماتها في التمويل السنوى للحلف، الذي يسعى لاسترضاء ترامب قبيل قمة الأسبوع المقبل، بموجب اتفاق جديد.

 

ومع تباين موقف فرنسا وألمانيا بشأن مصير الحلف، حيث وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحلف بأنه في حال "موت سريري " بينما أكدت ألمانيا على أهمية الحفاظ على الحلف الذي يخدم مصالح برلين كما قالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، أعلنت واشنطن أنها ستخفض إسهامها في الميزانية التشغيلية للحلف فيما تزيد ألمانيا دفعاتها .

 

وقبل حوالي شهر على قمة حلف شمال الأطلسي المقررة في لندن يوم الرابع من ديسمبر، أثيرت التساؤلات حول طبيعة الحلف وتاريخه وجدواه مع تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التي انتقد فيها الأطلسي وما آلت إليه الأمور بسبب الخلافات بين الحلفاء، معتبرا أن هذا الحلف بات في حالة "موت سريري".

وردًا على تصريحات ماكرون قالت ميركل إن حلف شمال الأطلسي هو الركيزة الأساسية لبنية ألمانيا الدفاعية وأضافت أنه يتعين على الدول الأوروبية الاضطلاع بمزيد من المسؤوليات في الحلف.

 

كذلك حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من تقويض حلف شمال الأطلسي، وكتب في عمود نشرته مجلة (دير شبيغل) على موقعها الإلكتروني «سيكون من الخطأ أن نقوض حلف شمال الأطلسي. بدون الولايات المتحدة لن تتمكن ألمانيا ولا أوروبا من حماية نفسها على نحو فعال».

 

وأضافت «سنطور نظم أسلحة معاً في المستقبل. ويشمل ذلك مشروع طائرات مقاتلة جديدة فضلاً عن دبابة».

 

تقاسم التكلفة

 ودأب ترامب على انتقاد الأعضاء الأوروبيين، معتبرا أنهم يستغلون الولايات المتحدة، مشيرا بالتحديد إلى ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في القارة، لتلكؤهم في الوفاء بتعهد للحلف بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.

 

ويتركز غضب ترامب على ميزانيات الدفاع الوطني الأوروبية، اشتكى مسئولون أمريكيون أيضا من حجم إسهام الولايات المتحدة في التكاليف التشغيلية للحلف، واتفق التكتل الذي يضم 29 دولة الآن على إجراء تغيير، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".

وعبَّر ترامب عن رغبته في مغادرة حلف الناتو عدة مرات، كما أخبر مسئولي الأمن القومي في يوليو 2018، أنه يعتقد أن الحلف استنزاف للولايات المتحدة.

 

ويطالب ترامب الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2 % من الناتج المحلي، لتوافق متطلبات الحلف، وهو ما يمثل أحد أهم النقاط الخلافية بين واشنطن والدول الأوروبية، بشأن "الناتو" .

وتحتل الولايات المتحدة المركز الأول في نسبة الإنفاق العسكري بين دول الحلف، وتبلغ مساهمتها 3.5% من قيمة الناتج القومي الإجمالي، وتنفق أغلب دول الحلف نسبا أقل من 2%، مع تعهد بأن تصل إلى نسبة 2% بحلول عام 2024، وهو ما يثير حفيظة الرئيس ترامب.

 

 وقال مسئول في الحلف: "جميع الحلفاء وافقوا على صيغة جديدة لتقاسم الكلفة، بموجب الصيغة الجديدة، تتم زيادة حصص التقاسم لغالبية الحلفاء الأوروبيين وكندا، فيما تنخفض حصة الولايات المتحدة"، موضحا: "هذا دليل مهم على التزام الحلفاء تجاه الحلف وتجاه تقاسم أكثر عدلا للأعباء".

 

وتسهم واشنطن حاليا بـ22,1% من ميزانية الحلف، ما مجموعه 2,5 مليار دولار (2,37 مليار دولار) في 2019، وألمانيا 14,8%، بموجب صيغة ترتكز على إجمالي الدخل الوطني، وبموجب الاتفاقية الجديدة، ستخفض الولايات المتحدة اسهامها وصولا إلى 16,35% من إجمالي الموازنة، وسيرتفع إسهام ألمانيا إلى نفس المستوى، فيما سيدفع حلفاء آخرون مبالغ أكبر.

ورغم أن المبالغ المعنية ضئيلة نسبيا من الناحية العسكرية، أنفق التحالف الذي يضم 29 دولة ما مجموعة ترليون دولار على الدفاع في 2018، إلا أن ليس جميع الحلفاء سعداء بالخطوة.

 

وقال دبلوماسيون إن فرنسا رفضت الموافقة على الترتيبات الجديدة وستبقي إسهامها عند نفس المستوى وهو 10,5%، معتبرة أن الاتفاق على تغيير الأرقام تم ترتيبه بين ترامب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من دون استشارة الحلفاء الآخرين بصورة صحيحة.

 

بدايات الحلف وتاريخه

ويعود تاريخ إنشاء الحلف الذي أطلق علي "الناتو"إلى عام 1949،  استجابة لضرورات الحرب الباردة النامية حينها، لكن نهاية تلك الحرب لم تنه الناتو، بل على العكس توسع الحلف ليشمل بعض دول الاتحاد السوفيتي السابق، ويصبح أكبر تحالف عسكري في زمن السلم بالعالم.

 

ووجدت أوروبا نفسها بعد الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، مدمرة، فكانت بحاجة إلى مساعدات هائلة لإعادة الإعمار، وإنعاش اقتصادها، وهنا جاء دور واشنطن التي وجدت، آنذاك، في أوروبا حاجزًا ضد التمدد الشيوعي السوفيتي، وبرزت خطة مارشال التي اقترحها وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال، وتنص على برنامج مساعدات اقتصادية واسعة النطاق لأوروبا، وهو ما أفضى إلى بروز فكرة المصالح المشتركة والتعاون بين أمريكا وأوروبا.

 

 

وإثر سلسلة أحداث أعقبت الحرب العالمية الثانية، تسبب بها الاتحاد السوفيتي، وأحدثت قلقًا لدى الأوروبيين، شعرت واشنطن أن مخاوف الأوروبيين قد تدفعهم إلى التفاوض مع السوفييت والتحالف معهم، ولمنع ذلك رأت إدارة الرئيس الأمريكي هاري ترومان تشكيل تحالف أوروبي أمريكي من شأنه أن يلزم الولايات المتحدة بتعزيز أمن أوروبا الغربية التي كانت على استعداد لتطبيق سيناريو من هذا النوع.

ووفقًا لمصادر تاريخية اقترح السيناتور الجمهوري آرثر فاندنبورغفي أيار/مايو عام 1948، قرارًا يدعو إلى إبرام معاهدة أمنية مع أوروبا الغربية، لتنطلق المفاوضات المكثفة لعدة أشهر بين واشنطن وأوروبا إلى أن تم الإعلان عن إنشاء الحلف في الرابع من أبريل 1949 والذي ضم، في البداية، الولايات المتحدة وكندا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وآيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال وبريطانيا، وفي عام 1952، انضمت اليونان وتركيا إلى الحلف.

 

وبانضمام ألمانيا الغربية عام 1955 إلى الحلف، سعى الاتحاد السوفييتي إلى المواجهة عبر توقيع معاهدة وارسو مع عدد من الدول الشيوعية التابعة للاتحاد السوفيتي في شرق أوروبا.

 

حلف الناتو الذي بدأ، عند تأسيسه، بـ 12 دولة، يضم في عضويته حاليًا 29 دولة، إذ انضمت إسبانيا للحلف عام 1982، وتبعتها كل من التشيك، والمجر، وبولندا عام 1999.

 

وفي عام 2004، انضمت دول بلغاريا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، في حين انضمت كل من كرواتيا وألبانيا عام 2009، بينما كانت دولة الجبل الأسود (مونتينيغرو) آخر الدول المنضمة للحلف، إذ انضمت عام 2017.

 

ويقع المقر الرئيسي للناتو في العاصمة البلجيكية بروكسل، إذ يحضر المئات من المسئولين بالإضافة إلى الخبراء المدنيين والعسكريين إلى مقر الناتو بشكل متكرر، لتبادل المعلومات ومشاركة الأفكار والمساعدة في إعداد القرارات عند الحاجة، وذلك بالتعاون مع وفود الدول الأعضاء والموظفين في مقر الناتو.

وبالإضافة إلى دوره التقليدي في الدفاع الإقليمي عن الدول الحلفاء، لعب الناتو دورًا في عدد من القضايا والنزاعات الدولية، ففي التسعينيات، أوقف إراقة المزيد من سفك الدماء في البوسنة وكوسوفو، كما تدخل في أفغانستان، وساعد في منع القرصنة قبالة القرن الإفريقي، وأسهم في محاولات معالجة أزمة اللاجئين والمهاجرين في أوروبا، وقام بتدريب القوات العراقية على محاربة داعش بشكل أفضل، وغيرها من المهام التي اضطلع بها الناتو.

 

وفي السنوات الأخيرة، أصبح الدفاع الإلكتروني أولوية قصوى بالنسبة لحلف الناتو نظرًا لشيوع الهجمات السيبرانية، كما يساعد الحلف، الذي يملك خبراء دفاع إلكترونيين، الحلفاء على تعزيز دفاعاتهم الإلكترونية من خلال تبادل المعلومات حول التهديدات، أو عند التعرض لهجوم.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان