رئيس التحرير: عادل صبري 02:58 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

احتجاحات إيران.. الملالي يواجهون الغضب بسردية «جواسيس أعداء الثورة»

احتجاحات إيران.. الملالي يواجهون الغضب بسردية «جواسيس أعداء الثورة»

العرب والعالم

مظاهرات إيران.. الثورة في إيران

احتجاحات إيران.. الملالي يواجهون الغضب بسردية «جواسيس أعداء الثورة»

محمد الوقاد 17 نوفمبر 2019 18:34

"من المؤكد أن بعض المواطنين مستاءون من هذا القرار ولربما يلحق  الضرر ببعضهم.. لكن التخريب والإحراق يتم عن طريق مثيري الشغب وليس شعبنا.. إن الثورة المضادة وأعداء إيران يدعمون دائما التخريب ويزعزعون الأمن ويستمرون في فعل ذلك".

 

ما سبق كان أول تصريح من المرشد الأعلى الإيراني، "علي خامنئي" على الاحتجاجات التي اندلعت قبل يومين في أرجاء إيران، بعد قرار السلطات رفع أسعار المحروقات.

 

ويشير هذا التصريح إلى أن مسئولي نظام الملالي في طهران ماضون في التعامل مع الاحتجاجات التي ضاقت ذرعا بالأوضاع الاقتصادية الصعبة والفساد السياسي، بسردية "أعداء الدولة والثورة"، والتي ستتطور – حتما – خلال الأيام القليلة المقبلة إلى سردية "جواسيس أمريكا والغرب"، بوصفهم "الشيطان الأكبر"، وفق التصورات التي يسوقها النظام.

 

وتمثل سردية الجواسيس وأعداء "الثورة الإسلامية" تاريخا شديد الرسوخ في عقلية قادة إيران، وبدأت هذه السردية في الظهور والتطور سريعا بعد قليل من وصول الملالي إلى حكم إيران بعد ما عرف بـ"الثورة الإسلامية".

 

وفي مثل هذه الأيام تقريبًا، قبل 40 عامًا  اقتحم مجموعة من الطلاب الإسلاميين الثوريين السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا موظفيها كرهائن. وكانت الحكومة الإيرانية الثورية الجديدة، بقيادة "الخميني"، قد وصفت السفارة بأنها "عرين للتجسس".

 

البحث عن الجواسيس

 

ومنذ وقت الاستيلاء على السفارة، قضت الجمهورية الإسلامية عقودا في البحث عن جواسيس ومتسللين أينما كان هناك أثر قوي للغرب.

 

وربما لأول مرة منذ ثورة 1979، بدأت هذه العقلية في التغير، داخل دوائر الاستخبارات وبين الجمهور على حد سواء.

 

وقد دفعت حملة "أقصى ضغط"، من قبل إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، النظام السياسي الإيراني المنقسم نحو التجانس والإجماع حول مسائل الأمن والبقاء.

 

وبخلاف ذلك، أدت الإخفاقات الفادحة في الاستخبارات، التي سمحت لإسرائيل باستخراج أكثر من نصف طن من "المحفوظات الذرية" الإيرانية من مستودع في طهران العام الماضي، إلى جانب تقلص موارد الدولة نتيجة للعقوبات، إلى إعادة تقييم هائلة بشكل نادر داخل أجهزة المخابرات والأمن الإيرانية.

 

وفي مواجهة التهديدات العسكرية المتزايدة في الخارج، واحتمالات الشغب والاضطرابات في الداخل، يبدو أن القادة الإيرانيين خلصوا إلى أنهم لم يعد بإمكانهم التغاضي عن الوجود المحتمل للعملاء والجواسيس، ليس فقط في المكاتب المنتخبة في البلاد مثل الرئاسة والبرلمان التي يتمتع السياسيون الإصلاحيون بنفوذ كبير فيها، ولكن أيضا في أكثر المؤسسات ثورية وعداء للغرب في الدولة.

 

وفي 24 أغسطس الماضي، أثار وزير الاستخبارات الإيراني "محمود علوي" ناقوس الخطر بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الجمهورية الإسلامية.

 

وروى "علوي"، أن "الأعداء أصبحوا قريبين جدا". وألمح إلى اختراق مراكز قوة متشددة مثل "الحرس الثوري الإيراني"، الذي يدير منظمته الاستخباراتية الموازية.

 

ومضى "علوي" للإعلان عن تشكيل "إدارة تجسس" داخل وزارة الاستخبارات، تتمثل مهمتها الرئيسية في المراقبة "الثابتة" عن كثب لأجزاء من أجهزة الدولة.

 

وأشار إلى هذه الأجزاء كفروع من الدولة يعتقد أن فيها الآلاف من العناصر المعادية التي تدعمها وكالات الاستخبارات الأجنبية، وأنهم قد زرعوا أنفسهم على مدى فترة طويلة تصل إلى 20 عاما، في استراتيجية بطيئة للتسلل داخل مفاصل الدولة الإيرانية.

 

وأكد "علوي" أن استئصال الجواسيس لن يأتي بالعثور على أولئك الذين يبدون متعاطفين مع دول أجنبية بشكل صريح، ولكن بالتدقيق في من هم عكس ذلك؛ حيث "عادةً ما يتبنى الجواسيس أهم الشعارات الثورية، ويتهمون الآخرين بالخيانة بسرعة كبيرة، قبل أن تظهر خيانتهم"، وفقا لـ "علوي".

 

توسع الاتهام

 

وفقا لما سبق، فإن سردية الجواسيس والأعداء ستزدهر خلال الفترة المقبلة في إيران، وستتوسع على أسس جديدة، قائمة على أن الجميع متهم، حتى أولئك الذين يجهرون بتأييدهم التام وولائهم لنظام "الولي الفقيه"، فما بالك بالمعارضين الذين يتواجدون بالشوارع حاليا، ويصرخون لإصلاح الاقتصاد والسياسة.

 

مدير مركز الدراسات الإيرانية المعاصرة في موسكو "رجب سفاروف" أن هذه النقطة تحديدا، تثير الخطر حول القيادة في إيران، حيث يخشى القادة الإيرانيون من أن يؤدي التشكيك في المتشددين إلى إضعاف قاعدة دعمهم وهز سيطرتهم على السلطة.

 

وقد جعل "خامنئي" نقطة تعزيز مكانة وولاية مراكز السلطة المتشددة أحد أولوياته.

 

وفي خطاب ألقاه في 26 سبتمبر الماضي، حث المرشد الأعلى، السلطات الإيرانية على توظيف "قوى متدينة وثورية" في "المراكز الحرجة" للدولة، لأنهم، على حد تعبيره، "نفس الأشخاص الذين اقتحموا الساحات" دفاعا عن الجمهورية الإسلامية خلال الاحتجاجات الشعبية في عامي 2009 و2017 "لإحباط الأعداء".

 

من هنا، يبدو التخبط سيد الموقف بين جهاز أمني عتيد يصر على النظر بعين الشك للجميع، ويسير على فرضية أن الكل متآمر حتى يثبت العكس، وهي عكس الفرضية الطبيعية بأن أي متهم هو برئ حتى تثبت إدانته، وبين سلطة ترى أن التوسع في هذا الأمر سيجعل الحياة السياسية في البلاد جحيما، في وقت شديد الحساسية لطهران إقليميا ودوليا.

 

تجربة مظاهرات 2009

 

ويقول "سفاروف" إنه في عام 2009، وعندما خرج المتظاهرون في شوارع إيران، والذين عرفوا باسم "الحركة الخضراء"، احتجاجا على ما اعتبروه تزويرا للانتخابات الرئاسية الإيرانية لصالح "أحمدي نجاد"، لجأ "خامنئي" إلى الحرس الثوري للمواجهة، وبرسعة طور الأخير وحدة الاستخبارات الخاصة به وحولها إلى منظمة أكبر قد تكون بمثابة كيان مواز لوزارة الاستخبارات الحكومية.

 

ويدل هذا على أن "خامنئي" ماض في تصوراته القائمة على أن كل المعارضين والمحتجين جواسيس.

 

وخلافا لوزارة الاستخبارات، التي تهتم بمراقبة أنشطة التجسس المحتملة المتعلقة بالخارج، يبدو أن وحدة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري ستركز بشكل أساسي على حماية النظام من التحديات الداخلية،  وستتولى مهمة منع الخروج عن النهج، واحتمالات تحدي النظام، وحتى مراقبة التمرد داخل صفوف الاستخبارات والجيش الحكوميين، أو، بمعنى آخر، حماية جوهر الجمهورية الإسلامية الثورية.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان