رئيس التحرير: عادل صبري 04:37 مساءً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

هل تتسبب تركيا في تصالح بشار الأسد مع دول الخليج؟ (تحليل)

هل تتسبب تركيا في تصالح بشار الأسد مع دول الخليج؟ (تحليل)

العرب والعالم

علاقات أردوغان بالخليح متدهورة حاليا

هل تتسبب تركيا في تصالح بشار الأسد مع دول الخليج؟ (تحليل)

محمد الوقاد 25 أكتوبر 2019 22:29

أدت العملية العسكرية التي شنتها تركيا على شمالي سوريا، خلال الأيام الماضية، إلى تغير في ديناميات التعاطي الخليجي مع الأزمة السورية، لدرجة دفعت محللين إلى القول بأن التدخل التركي فتح بابا ذهبيا أمام نظام "بشار الأسد" لإعادة علاقات دافئة مع دول الخليج، والتي كانت قد أخذت موقفا أكثر راديكالية من النظام السوري، في بداية الحرب هناك، قبل سنوات، والتي قمع خلالها "الأسد" معارضيه المسلحين بوحشية.

 

وعلى الرغم من أن تركيا أوقفت مؤقتا عمليتها العسكرية، المسماة "نبع السلام"، بعد أن تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار مدته 5 أيام بوساطة أمريكية في 17 أكتوبر الجاري، إلا أن تصرفات أنقرة قد تؤثر تأثيرا عميقا على الطريقة التي تتعامل بها دول الخليج مع الحرب في سوريا، وشكل تحالفها مع الولايات المتحدة، كما ستؤثر على أي مسار محتمل للمصالحة الخليجية.

 

سوريا "الشقيقة"

 

وفي حين كانت ردود فعل السعودية والإمارات على عملية "غصن الزيتون" التركية في "عفرين"، في يناير 2018، عبارة عن دعوات غامضة لإنشاء هيكل أمني جماعي عربي والدفاع عن "وحدات حماية الشعب" التي يغلب عليها الأكراد، عبرت كلتا الدولتين بوضوح عن تضامنهما مع "الدولة السورية" في أعقاب عملية "نبع السلام".

 

ووصفت الإمارات، التي أعادت تأسيس علاقاتها مع دمشق في ديسمبر 2018، سوريا بـ "الدولة العربية الشقيقة"، بينما أكدت السعودية بحذر أكبر على أهمية الحفاظ على سيادة سوريا وسلامة أراضيها.

 

وامتنعت السعودية والإمارات أيضا عن تقديم الدعم المادي لقوات "سوريا الديمقراطية" أو "قوات حماية الشعب"، على الرغم من أن كلا البلدين قدم مساعدة عسكرية للقوات الكردية في سوريا في الماضي.

 

ويرى باحث الدكتوراه بجامعة أوكسفورد والمحلل "صامويل راماني" أن السعودية تعارض خطة تركيا إنشاء منطقة آمنة، شمالي سوريا، لكنها لن تكون راغبة في فتح جبهة حرب بالوكالة مع أنقرة، حال قدمت دعما صريحا إلى القوات الكردية.

 

ووفقا لهذا، ترى الرياض التقارب مع الحكومة السورية، أفضل طريقة لحماية مصالحها، لاسيما بعد أن بادر النظام السوري، خلال الأيام الماضية، إلى صياعة شراكة بطعم الاضطرار مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

 

التقارب مع روسيا

 

وفي تصريحات نقلتها صحيفة "المونيتور" قال السفير الأمريكي السابق في اليمن "جيرالد فايرستاين" إن السعودية لديها سبب إضافي حالي للتقارب مع النظام السوري بعد أن كانت في زعامة الدول التي تطالب بالإطاحة بـ"بشار الأسد"، وهو التقارب مع روسيا.

 

وأضاف أن الرياض تخط حاليا استراتيجية جديدة للتقارب مع موسكو، بعد أن فقدت الثقة بشكل كبير في الشراكة مع الولايات المتحدة، ومن هنا جاءت رغبة السعودية في مواءمة موقفها مع شركاء الروس الإقليميين الرئيسيين، وهم الآن يقبعون في دمشق.

 

ويرى "راماني" أنه على الرغم من أن التقارب الكامل بين السعودية وسوريا قد يستغرق بعض الوقت، فقد تساعد عملية "نبع السلام" في إزالة واحدة من آخر العقبات المتبقية أمام عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

 

وفيما يتعلق بالآثار الجيوسياسية الأوسع لعملية "نبع السلام"، تسبب قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في منح الضوء الأخضر لهجوم تركيا في تساؤلات لدى شخصيات بارزة في الخليج حول مصداقية واشنطن كحليف، وجعلت الدول الخليجية قلقة من إمكانية أن تتنكر أمريكا لهم كما فعلت مع الأكراد.

 

قلق من الأمريكيين

 

وفي 13 أكتوبر الجاري، كتب "عبد الخالق عبد الله"، وهو أكاديمي سياسي بارز في أبوظبي: "اليوم، أدارت أمريكا ظهرها للأكراد، وتركتهم فريسة لـ(الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان؛ فمن ستتخلى عنه غدا؟"، ووافقته "ابتسام الكتبي"، رئيس مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي، بقولها إن انسحاب واشنطن من جانب واحد من سوريا أظهر أن "أمريكا لم تعد حليفا موثوقا به".

 

ونقلت "المونيتور" عن "الكتبي" قولها إن "أي فراغ ناتج عن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة سيخلق فرصة لروسيا والصين"، وأن حلفاء أمريكا مثل الإمارات "سيحاولون تنويع تحالفاتهم وشراكاتهم"، على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال شريكهم الرئيسي.

 

وكان المعلقون السعوديون عموما أكثر حذرا من نظرائهم الإماراتيين بشأن انتقاد السياسة الأمريكية في سوريا، لكن وسائل الإعلام السعودية عرضت مناقشات حول تخلي واشنطن المتعمد عن تأثيرها في الشرق الأوسط، وضرورة قيام الرياض بتوسيع نطاق التواصل مع الشركاء غير الغربيين.

 

وما زاد من قلق الخليج إزاء التعاطي الأمريكي مع الحملة العسكرية التركية على شمالي سوريا هو أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أصر على موقفه الداعم لتركيا في البداية، والصامت في أحيان كثيرة عن اتخاذ فعل حقيقي، رغم أن الكونجرس والبنتاجون كانا يبديان انزعاجهما الكبير مما يحدث، لكن "ترامب" ضرب بآرائهم عرض الحائط.

 

يبقى الإشارة إلى أنه، ومنذ أشهر طويلة، وحد الهجوم التركي على سوريا كل من السعودية والإمارات مع الكويت في موقف واحد لإدانة الأمر، لكن ما عكر صفو تلك الأجواء كان إصرار قطر على خرق هذه الحالة، وتأييد العملية التركية، وهو الأمر الذي يزيد من تعقيد فرص المصالحة الخليجية، وفقا لـ"راماني".

 

ويعكس هذا الأمر أن هناك عدم اهتمام متزايد من قطر بمجلس التعاون الخليجي بشكل أصبح شديد الظهور، وأن هناك "اعتماد استراتيجي لقطر على أنقرة بسبب الحصار المستمر عليها"، وفقا لما قاله "جيرد نونيمان"، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "جورج تاون" في قطر.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان