رئيس التحرير: عادل صبري 09:04 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

تركيا تريد حصد ثمار الخلاف السعودي الإماراتي.. فهل تنجح؟ (تحليل)

تركيا تريد حصد ثمار الخلاف السعودي الإماراتي.. فهل تنجح؟ (تحليل)

العرب والعالم

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تركيا تريد حصد ثمار الخلاف السعودي الإماراتي.. فهل تنجح؟ (تحليل)

محمد الوقاد 22 أكتوبر 2019 22:42

خلال الفترة الماضية، شكلت الشراكة القوية بين السعودية والإمارات في المنطقة نقطة نفوذ حلت مكان نقاط تقليدية تاريخية في الشرق الأوسط، لاسيما أن الدولتين كانتا الأكبر سياسيا واقتصاديا في دول مجلس التعاون الخليجي.

 

وعند الحديث عن نقطة النفوذ القوية ذلك، يستتبع الأمر التأكيد على أن أي خلل يحدث بهذه النقطة حاليا سيتجاوز تأثيره الرياض وأبوظبي، بل ومنطقة الخليج بالكامل، نظرا لتفاعل تلك القوى مع دوائر أخرى، أبرزها الدائرة المصرية، والدائرة التركية، والمغربية، وبات التفاعل بين تلك الدوائر مؤثرا في حاضر المنطقة ومستقبلها.

 

لكن الاختلاف الذي بدأ يظهر، مؤخرا، بين مواقف أبوظبي والرياض في اليمن، والمحادثات الإماراتية الإيرانية، والمحاولات المزعومة للمصالحة بين قطر والسعودية، أفضت إلى تكهنات بأن هناك تصدعات ناشئة في التحالف السعودي الإماراتي.

 

وكشف هجوم "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم من الإمارات، على قوات الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في عدن، عن خطط أبوظبي لإحياء أجندة الانفصاليين في جنوب اليمن، وهي خطوة أثارت الدهشة في الرياض.

 

وجاء ذلك بعد أنباء مماثلة التأثير حول إجراء الإمارات محادثات أمنية بحرية مع طهران.

 

وعلى الرغم من التصريحات الصادرة عن أبوظبي، التي تفيد بأن المحادثات لا تمثل أي تقدم في العلاقات الإماراتية الإيرانية؛ إلا أن توقيتها أشار إلى أنها اختارت التواصل مع إيران لاحتواء تصاعد التوترات في المنطقة.

وفي الوقت نفسه، وفرت التقارير الإعلامية عن الوساطة الكويتية بين السعودية وقطر، مسارا سياسيا بديلا للتفاعلات داخل مجلس التعاون الخليجي.

 

ومع ظهور الخلافات السعودية الإماراتية إلى العلن، قد يكون الأمر مجرد مسألة وقت حتى تتحول هذه الاختلافات الأولية إلى تصدعات كاملة في التحالف بينهما. وحتى إذا لم تتوسع هذه التصدعات، فإن هذه الاختلافات تُظهر أن السعودية والإمارات أبعد ما يكون عن التوافق في جميع القضايا الإقليمية.

 

ويشير الوضع أيضا إلى المصالح الجيوسياسية الإقليمية المتباينة في اليمن وليبيا وحتى في الصومال والسودان كنقاط ساخنة محتملة للخلاف.

 

ووفقا للكاتب والمحلل التركي "بولنت أراس"، في تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي"، قبل أيام، فإن أنقرة قد تكون بصدد صياغة استراتيجية لإحداث خرق في حالة الجمود العدائي الحالي بينها وبين كل من السعودية والإمارات، خصوصا الأولى، استغلالا لحالة التصدع المتوقعة بين الرياض وأبوظبي.

يبدو الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" مستعدا لاستخدام جميع الوسائل الممكنة للحد من دور ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان" في صياغة السياسة السعودية، وهو يسعى لتعزيز سلطة عناصر أخرى مناوئه له داخل قيادة المملكة.

 

ووفقا لـ"أراس"، فإنه إذا تمكنت تركيا والسعودية من المصالحة في المسائل الإقليمية، فقد يكون من الممكن إيجاد حل للاضطرابات في سوريا وحتى في اليمن، وهو ما يشبه مبدأ لعبة "الدومينو".

 

وبحسبه، مكن للسعوديين مساعدة تركيا على التصالح مع مصر، في مقابل دور تركي متوازن في سوريا والعراق ولبنان ضد إيران.

 

وأدت السياسة السعودية، المتمثلة في تجميع كتلة معادية لإيران في المنطقة، وتحركاتها العدوانية من اليمن إلى قطر، والرغبة في دعم "صفقة القرن" التي يقدمها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، أدت إلى إحباط التطلعات التركية حول إشراك الرياض في سياستها الإقليمية. ولم تترك المعارضة السعودية التي لا تتزعزع لـ"الإخوان المسلمين" أي مجال للتعاون بين أنقرة والرياض.

 

ولكن، من وجهة نظر تركيا فإن الممثل الأكثر إشكالية والمسؤول الأكبر عن التباعد مع السعودية هي الإمارات، ويقول "أراس" إن أبوظبي تمكنت من إقناع السعوديين بأن أنقرة والدوحة عدوان.

 

ورغم أن أبوظبي تُظهر مرونة أكبر في السياسات الإقليمية، كما ظهر في اليمن وإيران، لا يمكن للمرء أن يتوقع ذوبان الجليد في العلاقات التركية الإماراتية، ويبدو من غير المرجح أن تغير التصدعات في التحالف السعودي الإماراتي مواقف الإمارات تجاه تركيا، ما لم تتوسع تلك التصدعات إلى أخاديد كبيرة مدمرة.

 

لكن الحالة الآن تشير إلى أن صانعو السياسة في أنقرة من جهة، والرياض وأبوظبي من جهة أخرى، لا يزالون في حالة تأهب قصوى للتعامل مع سياسات بعضهم البعض.

 

ويتعمق نطاق التنافس بسبب السياسات التي تشمل، من بين أمور أخرى، دعم تركيا العسكري لحكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس، وزيارة والتقارب السعودي مع قبرص، وتوسيع تركيا لتواجدها العسكري في قطر، واتصالات أبوظبي والرياض مع الأحزاب الكردية السورية.

ورغم ذلك، ونظرا لأن التصدعات السعودية الإماراتية من غير المرجح أن تدفع أي من الدولتين الخليجيتين إلى الابتعاد عن النزاعات الإقليمية، فليس هناك احتمال لحدوث تغيير إيجابي في علاقات أنقرة بالرياض أيضا.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان