رئيس التحرير: عادل صبري 09:46 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

هل كان زيادة القوات الأمريكية في السعودية صحيحًا؟.. نظرة عن قرب (تحليل)

هل كان زيادة القوات الأمريكية في السعودية صحيحًا؟.. نظرة عن قرب (تحليل)

العرب والعالم

القوات الأمريكية في السعودية

هل كان زيادة القوات الأمريكية في السعودية صحيحًا؟.. نظرة عن قرب (تحليل)

محمد الوقاد 20 أكتوبر 2019 22:41

عندما سأل أحد المراسلين الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، قبل أيام، كيف يمكنه التوفيق بين تصريحاته بأنّه من الخطأ أن تبقى القوات الأمريكية في الشرق الأوسط وقيام الجيش الأمريكي بنشر قوات إضافية بالسعودية، كان رد الرئيس أن المملكة "حليف جيد للغاية"، وأنها "وافقت على الدفع لنا مقابل كل ما نفعله".

 

تعكس هذه الإجابة تفسيرًا مباشرًا، وعلى عادة "ترامب"، صادمًا، للمنهج الأمريكي الجديد في المنطقة، لكنها تفسر أكثر منهج "ترامب" في عدم التورط في الأماكن القاحلة في الشرق الأوسط، أو تلك التي لن يتأتى من ورائها مكسب مادي واقتصادي في الأساس، مثل سوريا.

 

ومن المعروف أن الاقتصادي لدى "ترامب" مقدم على السياسي، فهو رجل أعمال في النهاية، ولا يزال يقاوم التيار المعارض له داخل الإدارة الأمريكية، والذي يبدو متحفظا حيال تلك الممارسات، ويرى أن واشنطن تفقد بريقها السياسي في المنطقة لصالح روسيا، لكن "ترامب" لا يبدو مكترثا لهذا، طالما ظلت الدولارات تأتي بالمليارات من السعودية ودول الخليج، ليتم ضخها في الاقتصاد الأمريكي.

 

أقصى ضغط

 

ويقول العضو السابق في مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي، والمحلل "بول بيلار"، إن استراتيجية "أقصى ضغط" التي بدأت واشنطن تطبيقها ضد طهران هي المحرك الأساسي للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط حاليا.

 

ويضيف أن سيل الانتقادات التي تلقاها "ترامب" بعد انسحاب القوات الأمريكية في سوريا، كان كبيرا، وتم النظر إلى إيران كأحد "الفائزين" من هذا الإجراء، وزاد الضغط على "ترامب" لممارسة المزيد من الضغط على إيران، وردا على ذلك، قامت الإدارة بعمل شيئين.

 

الأول، كان اللجوء مرة أخرى إلى العقوبات. لكنه بئر في طريقه للنضوب، حيث فرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات تقريبا على كل شيء يمكن أن يخضع للعقوبة في الاقتصاد الإيراني.

 

أما الثاني فكان إرسال 1800 جندي إضافي إلى المملكة العربية السعودية. وتعزز هذه الخطوة نشر نحو 500 من الأفراد العسكريين الأمريكيين هذا الصيف في قاعدة الأمير سلطان الجوية السعودية، التي كانت أول عملية نشر من نوعها في المملكة منذ تحركات القوات المرتبطة بالغزو الأمريكي للعراق.

 

رسائل واشنطن

 

وفي تبريره لنشر القوات الإضافية في السعودية، قال وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر"، أن واشنطن أردات إرسال رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة تدعم شركائها في المنطقة.

 

والسبب الثاني المعلن من وزير الدفاع لنشر القوات أن الإجراء جاء "لضمان التدفق الحر للموارد الضرورية لدعم الاقتصاد العالمي". ويعد هذا الأساس المنطقي المعلن غريبا، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة، وليس إيران، هي التي بدأت هجوما على تدفق الموارد البترولية، باستخدام جميع الأدوات السياسية والاقتصادية المتاحة للضغط لمحاولة خفض الصادرات الإيرانية إلى الصفر، وبالتالي منع ما كان يمكن اعتباره "دعما للاقتصاد العالمي".

 

وكان السبب الثالث على لسان "إسبر" هو "إظهار التزامنا بالتمسك بالنظام الدولي القائم على القواعد، الذي كنا ندعو إيران منذ وقت طويل إلى الالتزام به".

 

وهذا السبب غير عقلاني أيضا، نظرا لأن الولايات المتحدة، وليس إيران، هي التي انتهكت بشكل صارخ الاتفاق النووي متعدد الأطراف، أو ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة، وتجاهلت القرار رقم 2231 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي كان بمثابة تبني واعتماد من المجتمع الدولي الرسمي لذلك الاتفاق.

 

ومن المحتمل أن تكون الوظيفة الرئيسية للقوات الأمريكية هناك بمثابة صناعة مبرر للحرب، حيث تضمن الخسارة المبكرة للأرواح الأمريكية في قتال يؤثر على الأراضي السعودية تورط الولايات المتحدة في الحرب التي قد تتلو ذلك.

 

خطر الإرهاب

 

ويرى "بيلار" أن زيادة القوات الأمريكية في السعودية يزيد من خطر تعرضها لهجمات انتقامية من إيران والمتشددين من تنظيمات "القاعدة" و "داعش"، مدللا على ذلك بأن إيران كانت المتهم الأول في تفجير الثكنات العسكرية في أبراج الخبر في السعودية عام 1996، وكان ذلك بمثابة رد مباشر على نشر الولايات المتحدة لجيشها على الأرض في جوارها.

 

ويعتقد "بيلار" أن التدفق الأمريكي في السعودية والعراق هو الذي صنع في الأساس سبب إنشاء التنظيمات المتشددة، حيث ظهر "أسامة بن لادن" كرد فعل على التواجد العسكري الأمريكي في المملكة والكويت، بعد الغزو العراقي للأخيرة عام 1990، وبدأ "بن لادن" في إطلاق تحركاته العسكرية لمهاجمة "العدو البعيد"، أي الولايات المتحدة.

 

خلاصة الأمر هو أن زيادة الانتشار العسكري الأمريكي في الخليج لن يجلب فقط الأموال إلى واشنطن، لكنه سيزيد من المتاعب أيضا، ومن هنا فإن الأمر برمته يبدو خاطئا، وفلسفة "ترامب" التي استند عليها في حملاته الانتخابية بإخراج الجيش الأمريكي من الحروب التي لا ناقة له فيها ولا جمل تبدو متهاوية، قياسا إلى كل ما يحدث.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان