رئيس التحرير: عادل صبري 11:22 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

حتى لا ننسى.. الذكرى الــ19 لاستشهاد أيقونة انتفاضة الأقصى «محمد الدرة»

حتى لا ننسى.. الذكرى الــ19 لاستشهاد أيقونة انتفاضة الأقصى «محمد الدرة»

العرب والعالم

جدارية تحمل ذكرى استشهاد الدرة

حتى لا ننسى.. الذكرى الــ19 لاستشهاد أيقونة انتفاضة الأقصى «محمد الدرة»

إنجي الخولي 30 سبتمبر 2019 03:06

«محمـد ... محمـد.. يعشعش في حضن والده طائرا خائفا.. من جحيم السماء، احمني يا ربى.. من الطيران إلى فوق! إن جناحي صغير على الريح.. والضوء أسود.. محمـد.. يريد الرجوع إلى البيت... خذني.. إلى بيتنا يا أبى.. كي أعد دروسي.. وأكمل عمري رويداً رويداً.. على شاطئ البحر، تحت النخيل» بهذه الكلمات رثى الشاعر محمود درويش من 19 عامًا الطفل محمد الدرة الذي تحولت صورته وهو مستشهد بين ذراعي أبيه لأيقونة لانتفاضة الأقصى.

 

أب وأبنه أعزلان يستتران خلف برميل أسمنتي، يمطرهما وابل من رصاص جيش الاحتلال، يد الأب تحاول جاهدة صد رصاص المحتل لكن محاولته اليائسة انتهت بيدين مرتعشتان ورصاصة تخترق ذراعه اليمني لتستقر في صدر فلذة كبده ليموت في الحال.

 

مشهد صغير يتكرر بسيناريوهات متعددة في الأراضي المحتلة ، بثه الصحفي شارل إندرلان، على الهواء في تقريره حول انتفاضة الأقصى الثانية على قناة "فرانس 2" التلفزيونية الساعة الثامنة مساء من مثل هذا اليوم 30 سبتمبر 2000.

 

التقرير الذي لم تتجاوز مشاهده الدقيقة الواحدة؛ كشف لمحة من وحشية وجرائم وطغيان الاحتلال الذي يفتك بالأطفال العزل، انتشر الفيديو والصورة التي أصبحت أيقونة للانتفاضة في بقاع الأرض ، ليحاكم الصحفي بتهمة التشهير بدولة الاحتلال الإسرائيلي في مفارقة ساخرة مريرة لواقع الاحتلال الذي يقلب الحق إلى باطل.

 

المصور طلال أبورحمة الذي سجل الحادث قال: «بدا لى جلياً أن إطلاق النار ناحية الطفل محمد وأبيه بشكل مُركّز ومتقطّع باتجاه مباشر ناحية الاثنين (الأب والطفل) وناحية مراكز قوات حفظ الأمن الفلسطينية وكانت الطلقات التي أودت بمحمد الدرة وأصابت أباه من أبراج المراقبة الإسرائيلية، لأنه المكان الوحيد الذي من الممكن إطلاق النار منه تجاه الأب والطفل».

في بادىء الأمر، أعلنت قوات الاحتلال تحمّلها المسئولية، كما أبدت دولة الاحتلال في البداية أسفها لمقتل الصبي، ولكنها تراجعت عن ذلك قائلة إن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية.

 

وسرعان ما انتفضت ماكينة الدعاية الصهيونية ضد الصحافي شارل إندرلان ورفيقه المصور التلفزيوني الفلسطيني طلال أبو رحمة، واتهموا شارل بفبركة الفيلم كله، بل زعموا أن محمد الدرّة لم يمت، ثم لاحقوا الصحفي قضائيًا وخلفه القناة وحكم بإدانته ودفع 7 آلاف يورو.

 

فيما بعد ألف شارل كتابًا بعنوان «موت طفل» أورد فيه اعتراف قائد العمليات في جيش الاحتلال الإسرائيلي جيورا عيلاد، الذي صرح لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في الثالث من أكتوبر 2000، بأن «الطلقات جاءت على ما يبدو من الجنود الإسرائيليين».

 

وأثار إعدام جيش الاحتلال للطفل الدرة مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، وهو ما دفعهم إلى الخروج في مظاهرات غاضبة ومواجهة الاحتلال، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات منهم.

 

وتميزت الانتفاضة الثانية، مقارنة بالأولى التي اندلعت عام 1987، بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

 

كما نفذت الفصائل الفلسطينية هجمات داخل المدن الإسرائيلية، استهدفت تفجير مطاعم وحافلات، تسببت بمقتل مئات الإسرائيليين.

 

و اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية «انتفاضة الأقصى» يوم 28 سبتمبر عام 2000، إثر اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون، لباحات المسجد الأقصى، فوقعت مصادمات بين المصلين وفلسطينيين والمئات من جنود الجيش الإسرائيلي، واستمرت هذه الانتفاضة حتى توقيع اتفاق هدنة بين الفلسطينيين وإسرائيل في فبراير 2005 بوساطة مصرية.

 

وراح ضحية انتفاضة الأقصى، 4412 فلسطينيا و48322 جريح، وكانت خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي تعدادها 334 قتيلا ومن المستوطنين 735 قتيلا وليصبح مجموع القتلى والجرحى الإسرائيليين 1069 قتيلا و4500 جريح وعطب 50 دبابة من نوع ميركافا ودمر عدد من الجيبات العسكرية والمدرعات الإسرائيلية.

 

كان من أبرز أحداث انتفاضة الأقصى اجتياح مخيم جنين ومقتل قائد وحدة الهبوط المظلي الإسرائيلية، إضافة إلى 58 جنديا، وإصابة 142 جنديا في المخيم.

 

وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول بالأحزاب السياسية والحركات العسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة، ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وعدد من كبار مؤسسي الحركة، وأبو علي مصطفى (مصطفى الزبري)، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

 

وخلال انتفاضة الأقصى زجّ الاحتلال بكلا القائدين مروان البرغوثي وأحمد سعدات في السجون وعشرات من قادة الفصائل الفلسطينية، واتُّهم سعدات وتنظيمه بالمسئولية عن اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.

 

وتوقفت انتفاضة الأقصى في الثامن من فبراير2005 بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنته لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي ولاستمرار المواجهات بمدن الضفة.

 

وكانت الانتفاضة الأولى أو "انتفاضة الحجارة"، قد اندلعت يوم 8 ديسمبر1987، في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين.

 

ويعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة إلى دهس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز بيت حانون شمال القطاع.

 

وهدأت الانتفاضة عام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية "أوسلو" بين الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان