رئيس التحرير: عادل صبري 11:01 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بنشر مبادئها الشيوعية.. الصين تفرض «دينًا جديدًا» على مسلميها

بنشر مبادئها الشيوعية.. الصين تفرض «دينًا جديدًا» على مسلميها

العرب والعالم

لافتة كانت مكتوبة بالعربية لأحد المحال جرى محوها في بكين

بنشر مبادئها الشيوعية.. الصين تفرض «دينًا جديدًا» على مسلميها

معتز بالله محمد 04 أغسطس 2019 23:37

ترددت في السنوات الأخيرة توصيفات مختلفة للإسلام تحمل دلالات متباينة، بينها "الإسلام الوسطي" و"المعتدل" و"الراديكالي"، فيما استخدم مصطلح "الإسلام السياسي" للإشارة تحديدًا إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، وصولًا إلى "الإسلام الصيني".

 

و"الإسلام الصيني"، مصطلح بدأ استخدامه أواخر العام الماضي من قبل بكين، ويعني التحقق من تبني المسلمين للقيم الشيوعية الصينية، وترسيخ الروح الوطنية ومفاهيم الثقافة الصينية بين أبناء المجتمعات المسلمة، بكلمات أخرى تطويع الإسلام ليتوافق مع الأفكار الماركسية واللينينية السائدة في البلاد.

 

وتفيد إحصاءات رسمية بوجود 30 مليون مسلم في الصين، منهم 23 مليونا من الإيجور في إقليم شينجيانج (تركستان الشرقية) شمال غربي البلاد، فيما تقدر تقارير غير رسمية عدد المسلمين بقرابة 100 مليون، أي نحو 9.5 % من السكان.

 

والجمعة الماضية بدأت السلطات فرض "الإسلام الصيني" بالعاصمة بكين عبر سلسلة إجراءات حملت طابعاً عنصرياً واضحاً.

 

شرعت الصين في إزالة اللوحات المكتوبة باللغة العربية من على مطاعم ومحلات العاصمة، بما في ذلك عبارة "حلال" التي تعبر عن المأكولات الإسلامية، والتي يجد فيها السائح المسلم ضالته هناك.

 

وبحسب تقارير صحفية، شمل إزالة اللوحات المكتوبة بالعربية جميع المطاعم وشركات بيع المواد الغذائية، ومحلات الجزارة والمخابز، ومحلات الوجبات الخفيفة والسريعة التي تبيع مأكولات "الحلال".

 

وأجبرت السلطات أصحاب تلك المحال إلى إزالة كلمة "حلال" بالعربية، ووضع عبارة "تشينغ جين" والتي تعني الحلال بلغة "الماندراين" الرسمية في الصين، فيما اضطر آخرون إلىتغطية العبارات المكتوبة باللغة العربية أو عبارة "حلال"، بالورق والمواد اللاصقة.

 

وتطمح بكين في نشر "الإسلام الصيني" في إطار خطة عمل أعلنتها العام الماضي مدتها 5 سنوات، تنتهي أواخر 2022.

 

لكن هذه الإجراءات المثيرة للجدل لم تبدأ في بكين، بل سبقتها تركستان الشرقية والتي تتهم الصين باعتقال أكثر من مليون من سكانها الإيغور بينهم الكثير من المثقفين والأكاديميين في معسكرات اعتقال بالإقليم.

 

وفي أكتوبر 2018 أطلقت السلطات حملة في أورومتشي عاصمة إقليم تركستان الشرقية ضد منتجات الحلال، بررتها أنذاك برغبتها في "وقف تدخّل الإسلام في الحياة العلمانية، ووقف تغذية التطرف."

 

وأقسم قادة الحزب الشيوعي في عاصمة الإقليم على "خوض معركة حاسمة" ضد منتجات الحلال، بحسب ما ورد في مذكرة نشرت على الحساب الرسمي للمدينة على موقع "ويتشات" الصيني الشهير للتواصل الاجتماعي.

 

ونقلت التقارير تأكيدات قادة الحزب الشيوعي في أورومتشي  على أنهم سيطلبون من الموظفين الحكوميين وأعضاء الحزب إظهار الإيمان الشديد بالأفكار الماركسية واللينينية، وليس الدين، بالإضافة إلى التحدث باللغة الصينية في الأماكن العامة.

 

وفي 12 أكتوبر 2018 انتقدت صحيفة "جلوبال تايمز"" الناطقة باسم الحكومة وضع ملصقات على منتجات بينها الألبان ومعجون الأسنان وغيرها توضح أنها "حلال".

 

واعتبرت أن "الميل العام إلى المنتجات الحلال يطمس الحدود بين الدين والعلمانية، ومن ثم يكون من السهل السقوط في مستنقع التطرف الديني".

 

وتنفي بكين انتقادات قاسية من قبل جماعات حقوقية وحكومات أجنبية باعتقال مليون من مسلمي الإيغور، مؤكدة أنها تتخذ فقط إجراءات صارمة ضد "التطرف" و"النزعة الانفصالية" في الإقليم.

 

ولم تطل الحملة منتجات الحلال في تركستان الشرقية فحسب بل طالت العديد من المظاهر الإسلامية، إذ منعت الصين اللحى "الطويلة جدا" والحجاب في الإقليم، وفرضت على أصحاب السيارات هناك وضع أجهزة نظام تحديد المواقع (جي بي إس) للتتبع الإلكتروني.

 

تفاعل غربي وتواطؤ عربي

ويتفاعل الإعلام  والمنظمات والحكومات الغربية مع ما يحدث لمسلمي الإيغور من حملات قمع وانتهاكات ممنهجة من قبل السلطات، فيما يغض الإعلام والأنظمة في البلدان العربية الطرف عن كل ما يحدث هناك.

 

وأمس السبت أعلن حزب "الخضر" الألماني، أن السلطات الصينية رفضت استقبال النائبة "مارغريته باوزه"، ضمن قائمة وفد برلماني ألماني، يعتزم زيارة الصين قريباً، على خلفية انتقادها وضع مسلمي الإيغور.

 

فيما حذر التلفزيون الألماني "دويتشه فيله"، من أن الرفض الصيني لزيارة النائبة يهدد بإلغاء زيارة الوفد البرلماني برمتها.

 

ورأت النائبة الألمانية المرفوضة زيارتها في قرار الصين "محاولة لإخراس نواب يعملون لأجل حقوق الإنسان على نحو واضح وصريح".

 

في المقابل، يلتزم الإعلام العربي الصمت تجاه معاناة الإيغور، وذلك تماشياً مع الموقف الرسمي للعديد من الأنظمة العربية التي صورت ما يحدث لمسلمي الإيغور من مآس على أنه إعادة تأهيل لهم، مرددة بذلك ادعاءات بكين.

 

وأمس السبت، تظاهر ناشطون من الإيغور أمام سفارة قطر في واشنطن لمطالبة الدوحة بعدم إبعاد "ابليكيم يوسف" (53 عاماً) إلى الصين، معتبرين أن الناشط العالق في مطار الدوحة مهدد بالموت والاعتقال هناك.

 

إلا أن المفاجأة الحقيقية حدثت في 13 من يوليو الماضي، عندما وجهت 37 دولة بينها السعودية وقطر والجزائر، رسالة إلى الأمم المتحدة تدعم فيها بكين، وذلك ردا على رسالة مماثلة وجهتها 22 دولة غالبيتها غربية، تهاجم فيها سياسة الصين في إقليم تركستان الشرقية.

 

الرسالة التي بعثتها الدول المؤيدة للصين إلى كولي سيك رئيس مجلس حقوق الإنسان والمفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه، حملت توقيع دول مثل السعودية وقطر والجزائر وسوريا وروسيا وكوريا الشمالية والفلبين.

 

وبارك الموقعون على الرسالة ما وصفوه "الإنجازات الصينية اللافتة على صعيد حقوق الإنسان"، لافتين إلى أنهم "علموا بالأضرار الهائلة التي تسبب بها الإرهاب والتوجه الانفصالي والتطرف الديني لكل المجموعات الإثنية في شينجيانغ (تركستان الشرقية).

 

وأضافت الدول الموقعة "في مواجهة التحدي الخطير للإرهاب والتطرف، اتخذت الصين سلسلة إجراءات لمكافحة الإرهاب والتطرف في شينجيانغ، وخصوصا عبر إنشاء مراكز تعليم وتدريب مهنية"، معتبرة أن "الأمن عاد" إلى المنطقة.

 

دعوات المقاطعة

وحيال الصمت العربي الرسمي، أطلق ناشطون قبل أيام حملة دعوا خلالها لمقاطعة المنتجات والبضائع الصينية، التي غزت الأسواق العربية على مدى السنوات الأخيرة.

 

ويؤكد هؤلاء أن سلاح المقاطعة التجارية قد يكون سلاحاً فاعلاً في دفع الصين التي تعول كثيرا على السوق العربية، إلى تغيير سياستها تجاه مسلميها، ووقف الانتهاكات بحقهم.

 

ومن بين الداعين للمقاطعة التجارية، النائب المصري السابق محمد الفقي الذي كتب على حسابه بموقع "تويتر" يقول :" الصين قررت حظر الطعام الحلال وحظر أية رموز للدين الإسلامي، وهي مستمرة في إبادة مسلمي الإيجور ..هل نملك مقاطعة منتجات الصين؟!".

 

فيما كتبت مغردة باسم "ندى الورد" تقول :"الصين تقتل الايجور (الأقليه المسلمة) والمسلمون لا حياة لمن تنادي، حاولوا قدر الإمكان مقاطعة المنتجات الصينية واستبدالها بالماليزي أو التركي، انصروا إخوانكم المسلمين بأي موقف مهما كان ضعيفا".

 

في المقابل، يشكك البعض في جدوى تلك الدعوات التي لا تزال في المهد، معتبرين أن المقاطعة حل غير منطقي نظراً لما تمتاز به المنتجات الصينية من رخص ثمنها وسهولة الوصول إليها بالأسواق، مع عدم وجود بدائل متاحة لبعضها.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان