اليوم انتهت مهلة الستين يوما التي كانت منحتها إيران لأوروبا، لإنقاذ اتفاق 2015 النووي، بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق قبل عام.
انتهاء المهلة جاء في وقت ترتبك فيه العلاقات الإيرانية مع غالبية البلدان، صدام مع الولايات المتحدة وبعض دول الخليج، وآخر قبل أيام مع بريطانيا، بعد احتجاز الأخيرة لناقلة نفط إيرانية في منطقة جبل طارق.
سيناريوهات كثيرة عبر عنها مراقبون بشأن المرحلة المقبلة، أولها: محاولة أوروبا تمرير الاتفاق أحادية الجانب رغم انسحاب أمريكا، وثانيها: الانصياع وراء قرار أمريكا ورفض الاستمرار في الاتفاق، لكن في هذه الحالة من الموتقع أن تستمر طهران في التخصيب، وهو ما هددت به في الماضي، وربما يكون الخيار الدولي وقتها، توجيه ضربة عسكرية على طهران.
لكن ما يزيد الأمر صعوبة، هو قدرة إيران العسكرية في الرد على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، عبر صواريخها الباليستية من جانب، واستهداف مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة، خصوصا الخليجية.
وقبل ساعات، قال متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها ستعقد الأربعاء المقبل اجتماعا خاصًا بشأن البرنامج النووي الإيراني، في وقت تنتهي فيه اليوم مهلة الستين يوما التي حددتها إيران للأوروبيين لإنقاذ اتفاق 2015.
ويأتي الاجتماع بناء على طلب من الولايات المتحدة بعد تجاوز إيران الحد المسموح لها به من تخزين اليورانيوم المخصب وفق اتفاقية 2015، التي انسحبت منها الولايات المتحدة العام الماضي.
وقالت البعثة الإيرانية لدى الوكالة إنه ليس من مهام الأخيرة النظر في التطورات الحالية الخاصة بالاتفاق النووي.
ووصفت البعثة دعوة واشنطن لعقد الاجتماع بأنها مهزلة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة هي التي خرقت الاتفاق النووي.
ويجري الترتيب لاجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت تنتهي فيه غدًا الأحد مهلة الستين يوما التي حددتها إيران للدول الأوروبية للالتزام بتعهداتها في الاتفاق النووي.
ومع انتهاء المهلة تبدو الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) تحت الضغط المزدوج من طهران وواشنطن. وترى هذه الدول أن رد الفعل الإيراني من شأنه أن يعرض الاتفاق للخطر.
وتقول رئيسة مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية الإيرانية آن جينيتي إنه "يجب الإبقاء على الاتفاق حيا" رغم أن "الأمر ليس سهلا وأتفهم فقدان المسؤولين الإيرانيين الثقة، وأفهم أيضا حشرنا في الزاوية وتحديهم لنا، ولكن من دون المحافظة على الاتفاق لا أتصور كيف يمكننا التحاور".
وتضيف "نطالب إيران بوقف الاستفزازات وطبعا بعدم الانسحاب من الاتفاق والتوقف عن مخالفته كما يفعلون حاليا".
أما المستشارة في النزاعات السياسية الدولية إنياس لوفلاوا فترى أن الموقف الأوروبي غامض لأنه يطالب إيران باحترام الاتفاق ولا يقوم بأي شيء لإجبار أميركا على فعل الشيء ذاته.
وتقول إن هذا الموقف يشكل خطورة على الأوروبيين لأنهم في نهاية المطاف سيجدون أنفسهم خارج التسوية.
قي المقابل وبعد انتهاء المهلة الإيرانية، قال كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي عباس عراقجي إن بلاده سترفع اليوم الأحد نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 3.67% التي كانت مقررة في الاتفاق النووي الذي وقعته مع دول غربية في عام 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة منذ نحو عام، كما أعلن أن إيران ستخفض التزاماتها في ذلك الاتفاق.
وأضاف عراقجي في مؤتمر صحفي نظمته اليوم الأحد في العاصمة طهران مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية- أن بلاده أعطت فرصة للدبلوماسية عاما كاملا، مؤكدا أن تخفيض إيران التزاماتها لا يعني خروجها من الاتفاق.
وقال عراقجي "سنقدم شكوى بشأن الخطوات التي أقدمت عليها واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي"، وأضاف "نريد إنقاذ الاتفاق ونطالب الأطراف الأخرى بالوفاء بالتزاماتها".
وأكد أن طهران اتخذت خطوة رفع تخصيب اليورانيوم، لأن الأوروبيين لم يلتزموا بتعهداتهم التي ينص عليها الاتفاق.
يذكر أنه في الثامن من مايو من العام المنصرم، قررت إدارة ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، لكن الملفت أنّ واشنطن تركت الباب مفتوحًا أمام التفاوض مجددًا من أجل التوصل إلى اتفاق جديد يسدّ كل الثغرات التي في اتفاق صيف 2015 والذي يعتبره دونالد ترامب من أسوأ الاتفاقات التي عقدتها الولايات المتحدة.
وبعد الانسحاب الأمريكي، أعلنت أوروبا تمسّكها بالاتفاق كمنطلق لمفاوضات جديدة تؤدي إلى تعديله كي تحقق هدفين آخرين غير وقف البرنامج النووي الإيراني، يتعلّق الأول بالسلوك الإيراني على الصعيد الإقليمي، الذي تبقى الميليشيات المذهبية التي تسرح وتمرح في دول عربية عدّة، أفضل تعبير عنه..
أمّا الهدف الثاني، فيتعلّق بالصواريخ الباليستية التي تطورها إيران والتي تستهدف حاليًا المملكة العربية السعودية انطلاقًا من اليمن.
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق النووي مع إيران، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، تم التوصل له في يوليو 2015، مع قوى دولية بعد ما يقرب من 20 شهراً من المفاوضات، وقد اعتُبر في حينه انتصاراً كبيراً للدبلوماسية بمنطقة الشرق الأوسط، التي لا تدع الحروب فيها للسياسة مجالاً للتحرك.
واتفقت بموجبه إيران والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا، وهي المجموعة المعروفة باسم "5 + 1"؛ والاتحاد الأوروبي، على رفع العقوبات الدولية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني مقابل تفكيك طهران برنامجها النووي.