رئيس التحرير: عادل صبري 02:42 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

إيران لن تغلق «هرمز».. هذا هو خيارها الأصح للتلاعب بواشنطن والتحكم بأسعار النفط

إيران لن تغلق «هرمز».. هذا هو خيارها الأصح للتلاعب بواشنطن والتحكم بأسعار النفط

العرب والعالم

مضيق هرمز - ارشيفية

إيران لن تغلق «هرمز».. هذا هو خيارها الأصح للتلاعب بواشنطن والتحكم بأسعار النفط

إنجي الخولي 02 مايو 2019 02:51

بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن قرار إيقاف الإعفاءات لبعض الدول لشراء النفط من إيران قامت الأخيرة بإحياء تهديدٍ قديم، بإغلاق مضيق هرمز الذي يُعد ممراً مائياً استراتيجياً رئيسياً يمر من خلاله خُمس صادرات النفط العالمية تقريباً.

 

هذه اللهجة ليست جديدة بالطبع؛ فعلى مر السنين الماضية، هدَّد النظام الإيراني مراراً بإغلاق المضيق في إطار التوترات السياسية المستمرة بينه وبين الغرب، وقد كان آخر هذه التهديدات في ديسمبر الماضي، حين حذَّر الرئيس الإيراني حسن روحاني من أن النظام الإيراني يدرس اتخاذ تلك الخطوة بالفعل إذا مضى البيت الأبيض قُدُماً واستهدف صادرات النفط الإيرانية.

 

 

الإغلاق تهديد يظل مستبعداً

 

لكن على الرغم من كل تهديدات طهران، ما زال الإغلاق الإيراني المباشر للمضيق أمراً مستبعداً بشدة، مع أنَّ النظام الإيراني لديه القوة العسكرية لفعل ذلك (وهو شيء تُحذِّر منه أجهزة الاستخبارات الأمريكية منذ سنوات)، وذلك لأنَّ العواقب الاستراتيجية على طهران ستكون مُدمِّرة.

 

إغلاق إيران للمضيق يعني الحرب بالنسبة لواشنطن، وإيران لا ترغب بذلك ، فالإغلاق سيُعد بمثابة ذريعة حرب بالنسبة للجيش الأمريكي، الذي سيرد رداً حاسماً بفرض حصارٍ مفتوح على المضيق. وهذا سيسفر عن عواقب وخيمة على النظام الإيراني، الذي يعتمد على صادرات النفط لتمويل أكثر من ثلث ميزانيته الفيدرالية ، وستعود هذه الخطوة كذلك بنفعٍ مباشر على إدارة ترامب.

 ففي الوقت الراهن، ما زالت السلطات الإيرانية تأمل في أن يواصل عملاؤها الرئيسيون شراء نفطها الخام على الرغم من الضغط الأمريكي. لكنَّ السير المعتاد لواردات تلك البلدان من النفط الإيراني سيصبح مستحيلاً إذا سيطرت الولايات المتحدة على المضيق الاستراتيجي.

 

واعتبر المحلل الأمريكي، جيمس روبنز، الباحث البارز لشئون الأمن القومي في "مجلس السياسة الخارجية الأمريكية"، أن "طهران ترتكب خطأ فادحا إذا كانت تعتقد أن ليس لديها ما تخسره من خلال التهديد بإغلاق المضيق أو أنها تجعل الآخرين يعانون مثلها".

 

وقال روبنز أن "مضيق هرمز قناة دولية محمية ومحاولة إغلاقها بالقوة ستكون غير قانونية .. والأهم من ذلك أن المادة 37 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) تضمن المرور العابر إلى المجاري المائية المستخدمة في الملاحة الدولية بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة وجزء آخر من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة " وهذا ينطبق بوضوح على مضيق هرمز ، بحسب "العربية.نت".

 

وأكد أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة ليست طرفًا في المعاهدة، فقد اعترفت بأحكام الاتفاقية كأجزاء فعالة في القانون الدولي العرفي.

 

وربما تعتقد طهران أن الدول المتعاطفة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل روسيا ستستخدم حق النقض ضد أي محاولة للسماح باستخدام القوة لإعادة فتح المضيق، لكن الاضطراب الناجم عن الإغلاق يمكن أن يكون عميقًا لدرجة أنه سيختبر حتى استعداد موسكو للوقوف إلى جانب شريكها الاستراتيجي.

 

وأضاف أن "الولايات المتحدة ودول منطقة الخليج ستكون بلا شك مستعدة للقيام بعمل عسكري بغض النظر عما إذا كانت الأمم المتحدة قد سمحت باستخدام القوة أم لا".

 

وأكد روينز أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على وجه الخصوص لا يعتقد أن الولايات المتحدة مقيدة قانونًا في ردها على استفزازات إيران لمجرد أن الأمم المتحدة اختارت عدم التحرك".

 

وشدد المحلل الأميركي البارز على أن الولايات المتحدة مستعدة لهذا السيناريو حيث أظهرت مناورات "تحدي الألفية" لعام 2002 مدى تكلفة مثل هذه المواجهة.

 

ومع ذلك رأى روبنز أن "قوات التحالف البحرية لن تندفع ببساطة إلى المضيق لتستقر عليه أسراب الطائرات بدون طيار والقوارب الصغيرة ذات الهجوم السريع والصواريخ المضادة للسفن التي تطلق على الشاطئ".

 

وأضاف: "سيكون هناك تحضير شامل لساحة المعارك من قبل الأصول الجوية وقوات العمليات الخاصة قبل وضع أي سفن حربية في موقع يعرضها للتهديد".

 

وقال إن "الرد العسكري الأمريكي على إغلاق المضيق لن يكون مقصورًا على منطقة هرمز، حيث تُعتبر جميع السفن والغواصات السطحية العسكرية الإيرانية، سواء كانت منتشرة أو في الميناء، أهدافًا مشروعة ، وكذلك أي طائرات عسكرية إيرانية".

 

وتابع: "ستستهدف البنية التحتية للاتصالات في إيران، فضلاً عن مراكز الإمداد ودوائر القيادة والسيطرة والقيادة العسكرية الرفيعة المستوى".

 

كما رأى أن "من شأن المواجهة العسكرية المفتوحة من هذا النوع أن تدعم حجة شن ضربات استراتيجية ضد المنشآت النووية الإيرانية المعروفة أو المشتبه فيها".

 

بالمقابل، اعتبر روبنز أنه "سيكون من الخطأ أن ترد إيران على الضغوط الاقتصادية بحرب مفتوحة حيث لا تهدف العقوبات الاقتصادية المتجددة إلى إحداث صراع، وإنما تشجيع طهران على الموافقة على المفاوضات بشأن اتفاق واسع النطاق لاستبدال خطة العمل الشاملة المشتركة الخاطئة بشأن الاتفاق النووي لعام 2015".

 

واستشهد روبنز بتصريحات الرئيس الأمريكي العام الماضي التي أعلن فيها أن واشنطن تسعى إلى "القضاء على تهديد برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية ووقف أنشطتها الإرهابية في جميع أنحاء العالم ومنع نشاطها المهدد في جميع أنحاء الشرق الأوسط وكذلك وضع حد لطموحات إيران النووية".

 

واختتم بأن "إغلاق مضيق هرمز لن يؤدي إلا إلى زيادة عزلة إيران في المجتمع الدولي وإعاقة المفاوضات وتهيئة الظروف للصراع الذي ستدفع له طهران ثمنًا باهظًا".

 

 

بدائل أخرى لاستخدام المضيق

 

لكن لا يعني أيٌّ من ذلك أنَّ إيران لا تُمثِّل تهديداً حقيقياً على المضيق، إذ يمكن للحكومة الإيرانية أن تلحق ضرراً حاداً بالاقتصاد العالمي، ليس بإغلاق المضيق مباشرة، بل بخنق حركة السير فيه.

 

فعن طريق الحد من الحركة التجارية التي تتدفق عبر ذلك الممر المائي المهم (بإجراء تدريباتٍ عسكرية على سبيل المثال)، يمكن للنظام الإيراني أن ينجح في رفع التكلفة الحدية للنفط العالمي دون منح الولايات المتحدة ذريعةً واضحة لاتخاذ إجراء مضاد.

وعلاوةً على ذلك، فنظراً إلى أنَّ حلفاء أمريكا في منطقة الخليج سيستفيدون أيضاً من ارتفاع سعر النفط العالمي، من المرجح أن يلتزموا الصمت تجاه التلاعب الإيراني بالمضيق، على الأقل ما دامت إيران تثبت أنَّها راعية موثوقة للممر المائي ، بحسب "عربي بوست".

 

مسئولي الإدارة الأمريكية، عند إعلان إلغاء الاستثناءات المتعلقة باستيراد النفط الإيراني، أعربوا ثقتهم بأنَّ هذه الخطوة لن تُربك سوق الطاقة العالمية، لكنَّ المخاوف بشأن العواقب المحتملة لسياسة ترامب قد أدَّت بالفعل إلى ارتفاع أسعار النفط. وإيران لديها الآن القدرة على جعل الوضع أسوأ في ظل وضعها العسكري في المضيق.

 

وبذلك ستكون إيران أكثر مرونة في مواجهة العقوبات؛ لأنَّ ارتفاع أسعار النفط سيدعم النظام الإيراني حتى مع انخفاض إجمالي حجم صادراته.

 

طهران بدأت بتطبيق الخيار الأصلح

 

ويبدو أنَّ هذا بالضبط هو ما يفكر به المسئولون في طهران. إذ أعلنت البحرية الإيرانية خططاً لإجراء تدريبات مشتركة مع روسيا بالقرب من مضيق هرمز في إشارةٍ واضحة للغرب بأنها تمتلك الإرادة والوسائل للتأثير في حركة الملاحة البحرية عبر المضيق إذا تعرَّضت للاستفزاز.

 

وأعلنت طهران عزمها إجراء مناورات بحرية جديدة في المنطقة ستغلق بها المنطقة لفترة غير معلومة.

 

وأعلن قائد القوة البحرية بالجيش الإيراني أن إيران وروسيا ستجريان مناورات مشتركة هذا العام في السواحل الجنوبية لإيران.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن الأميرال حسين خانزادي القول ،الاثنين،  إنه "على أساس المحادثات التي أجريت هذا العام مع القوة البحرية الروسية، فإن الأسطول البحري الروسي سيأتي إلى مياه إيران الجنوبية لإجراء مناورة بحرية مشتركة، وسيرسو في الأسطول الجنوبي".

 

ولم يذكر خانزادي تحديدا الموعد الذي ستجرى فيه المناورات.

 

وأشار إلى أن البحرية الإيرانية عازمة على مواصلة التدريب والتعاون التقني مع البحرية الروسية.

 

فإيران كانت قد دعت مسبقا الصين وروسيا إلى إشراك وحدات بحرية لها في المناورات العسكرية وهذا ما سيعطي طهران غطاء سياسيا دوليا من دولتين كبيرتين وبالتالي فإن التحرك الأمريكي قد يبقى في موقف المتفرج مع إمكانية حصول احتكاكات قليلة بين الأطرف في المنطقة.

 

وتهدف إيران من خلال هذه الإجراءات تقويض حركة النفط العالمية ومنع الدول الخليجية المصدرة للنفط من نقل صادراتها إلى الدول الأخرى، وتعد هذه الطريقة أسلوبا من أساليب إيران للضغط على الدول المستوردة للنفط لحثها على رفع الصوت في وجه ترامب وإدارته الأمريكية من جهة، وخلق أزمة عالمية على مستوى توفر المواد النفطية ومستوى أسعار بيعها ما سيؤدي إلى تدخل سياسي كبير لاحتواء الأزمة في مهدها.

 

وكان قائد القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، قد قال أنه لا نية عند طهران لغلق مضيق "هرمز"، إلا إذا اضطرت لذلك.

 

وأضاف باقري، في تصريح للصحفيين على هامش الملتقى الثالث والعشرين لقادة ورؤساء قوات الشرطة، الأحد: "إذا لم يعبر نفط إيران من مضيق هرمز فإن نفط الآخرين (دول الخليج) لن يعبر من المضيق"، مضيفا "هذا الأمر ليس بمعنى أنه لدينا نية بإغلاق المضيق، إلا إذا وصل عداء الأعداء لمكان لم يبق لنا فيه خيار غير ذلك"، وفقا لوكالة "أنباء فارس" الإيرانية.

 

يذكر أن مضيق هرمز يعتبر من أهم الممرات البحرية في العالم وذلك بسبب مرور نحو 40% من الإنتاج العالمي من النفط عبره، حيث يمر من خلاله ما بين 20 إلى 30 ​ناقلة نفط​ يوميا.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان