مازالت الأزمة بين الرئيس دونالد ترامب، والكونجرس الأمريكي مشتعلة، على إثر محاولات مجلس الشيوخ المستمرة الوقوف ضد قرارات الرئيس.
وعارض مجلس الشيوخ أكثر من قرار للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من بينها أزمة الجدار العازل، وتسليح المملكة العربية السعودية بالنووي، وأخيرًا الحرب ضمن قوات التحالف في اليمن.
واستخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، حق النقض ضد قرار للكونجرس يسعى لإنهاء مشاركة واشنطن في حرب التحالف بقيادة السعودية في اليمن. وفقاً للبيت الأبيض
إضعاف للسلطة
وخلال استخدام الفيتو، قال الرئيس الأمريكي: "هذا القرار محاولة غير ضرورية وخطيرة لإضعاف سلطاتي الدستورية، وهو ما يعرض للخطر أرواح مواطنين أمريكيين وجنودا شجعانا، في الوقت الحالي وفي المستقبل".
وأضاف ترمب أن الدعم الأمريكي ضروري لـ"حماية أمن أكثر من 80 ألف أمريكي يعيشون في بعض دول التحالف التي كانت عرضة لهجمات الحوثيين من اليمن".
وفي أول رد فعل على الفيتو ، قال وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش، الأربعاء: إن تأكيد الرئيس الأمريكي على الدعم للتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن إشارة إيجابية استراتيجية وفي وقتها.
وتقود السعودية تحالفا عسكريا عربيا في اليمن ينفذ، منذ 26 مارس 2015، عمليات لدعم قوات الجيش الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لاستعادة مناطق سيطرت عليها جماعة "أنصار الله" في يناير من العام ذاته.
سابقة تاريخية
ومثّل التصويت سابقة تاريخية في الولايات المتّحدة كونها المرّة الأولى التي يحدّ فيها الكونجرس صلاحيات الرئيس في ما يتعلق بالحروب في الخارج، خصوصا أن حزب الرئيس يهمين على مجلس الشيوخ.
ويعتبر القانون خطوة أقدم عليها المشرّعون الأمريكيون القلقون من سقوط أعداد متزايدة من الضحايا المدنيين وتداعيات هذه الحرب على السكّان الذين تتهدّدهم المجاعة.
كما أتت هذه الخطوة في الوقت الذي صعّد فيه المشرّعون الأمريكيون من معارضتهم للرياض بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول في أكتوبر الماضي.
ولم يكن تصويت مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، بأغلبية 247 صوتا مقابل 175 ولا تصويت مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بأغلبية 54 صوتا مقابل 46 كافيا لإبطال الفيتو الذي يحتاج إلى أغلبية الثلثين في المجلسين.
وكان ترامب هدّد باستخدام الفيتو الرئاسي لوأد اقتراح القانون هذا.
شرطي سيئ
والأحد قال السناتور الديموقراطي كريس مورفي، وهو أحد أبرز منتقدي حرب اليمن، إنّه حتّى وإن استخدم ترامب الفيتو الرئاسي ضد اقتراح القانون هذا، فإنّ الكونجرس بإمكانه دوماً أن يمارس دور «الشرطي السيئ» في الضغط على المملكة لتغيير سلوكها في اليمن.
وقال مورفي في مؤتمر صحفي تعليقاً على تقرير مجموعة الأزمات الدولية إنّ "هذه ليست مسألة تتعلّق بما إذا كان التحالف سيهزم الحوثيين أم لا، لقد تمّت الإجابة على هذا السؤال".
وأضاف أنّ "الحوثيين سيكون لهم دور كبير وهام في الحكم المستقبلي لليمن، لذلك فإن المسألة تتعلق بتقرير كيف سيعيش السعوديون مع هذا الأمر بطريقة لا تهدّد مصالحهم الأمنية على المدى الطويل".
نووي السعودية
ومنذ فترة طرح أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مشروع قرار يطالب بمنع الولايات المتحدة من مدّ السعودية بتكنولوجيا السلاح النووي.
ويفرض المشروع- الذي أعده الديمقراطيان جيف ميركلي وإد ماركي والجمهوري راند بول- حدودًا على التعاون النووي المدني بين البلدين، ومنها منع تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم، وهما وسيلتان تستخدمان في صنع أسلحة نووية.
وشدد أعضاء مجلس الشيوخ هؤلاء على ضرورة إلزام السعودية بأشد معايير منع الانتشار النووي في حال تسليمها التكنولوجيا النووية، كما حذّروا من ضرورة ضمان ألا تساعد بلادهم بشكل غير مقصود طرفًا يتصرف "بشكل سيئ على الساحة العالمية" على تطوير أسلحة نووية.
وقال ميركلي في بيان "إذا كانت السعودية ستضع يدها على التكنولوجيا النووية، من الضروري للغاية أن نلزمها بأشد معايير منع الانتشار النووي".
وأضاف "ينبغي ألا تساعد أمريكا بشكل غير مقصود في تطوير أسلحة نووية لطرف يتصرف بشكل سيئ على الساحة العالمية".
ويُعدّ القرار في حال صدوره غير ملزم للحكومة، لكن من شأن صدوره أن يضغط على إدارة الرئيس للسعي من أجل اتفاق بمعايير أشد.
وقدم مشرعون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون يمنح الكونجرس دورًا أكبر في إبرام أي اتفاق مع السعودية بمجال الطاقة النووية، ويشترط موافقة مجلسي النواب والشيوخ على أي اتفاق بهذا الشأن.
ويجري وزير الطاقة ريك بيري محادثات مع مسؤولين من السعودية بشأن الاستفادة من التكنولوجيا النووية الأمريكية.
ترامب يتحدى
واستضاف الرئيس دونالد ترامب قبل فترة مسؤولين بشركات للطاقة النووية في محادثات بشأن الحفاظ على القدرة التنافسية للقطاع مع كل من فرنسا والصين وروسيا.
وتحاول إدارة ترامب تطوير صناعة التكنولوجيا النووية داخليًا وخارجيًا، في وقت تعاني فيه من نقص إمدادات الغاز الطبيعي الرخيص السعر، وتكاليف السلامة المرتفعة في الداخل.
وقد يؤدي صدور قرار من هذا القبيل إلى الضغط على الإدارة الأمريكية للسعي إلى تشديد المعايير في أي اتفاق.
وتقول السعودية إنها تريد تحقيق اكتفاء ذاتي في إنتاج الوقود النووي، وإنها غير مهتمة بتحويل التكنولوجيا النووية إلى الاستخدام العسكري.
لكن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قال لقناة (سي بي إس) التلفزيونية العام الماضي: إن المملكة ستطور أسلحة نووية إذا أقدمت عدوتها اللدود إيران على ذلك.
رفض سعودي
ورفضت السعودية في محادثات سابقة توقيع اتفاق مع واشنطن يحرم الرياض من تخصيب اليورانيوم.
وأصدرت السعودية في العام الماضي قائمة بأسماء شركات أمريكية، وكورية جنوبية، وفرنسية، وصينية، وروسية سمحت لها بتقديم عروض لمشروع للطاقة النووية. وسيختار العرض الفائز في 2019.
ومن المرجح أن تبيع شركة وستنغهاوس الأمريكية لبناء المفاعلات النووية تكنولوجيا نووية للسعودية في أي اتفاق يتم بين البلدين.
وقال كريس كرين الرئيس ومدير التشغيل في إكسيلون كورب، أكبر شركة أمريكية لتشغيل مفاعلات الطاقة النووية، للصحفيين إن ترامب عبَّر عن دعمه خلال الاجتماع مع مسؤولي الشركات يوم الثلاثاء لكنه طالبهم بتوضيح توقعاتهم.