رئيس التحرير: عادل صبري 12:56 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الإعلام الغربي ومجزرة «المسجدين».. ازدواجية تكشف العنصرية وتتجاوز المهنية

الإعلام الغربي ومجزرة «المسجدين».. ازدواجية تكشف العنصرية وتتجاوز المهنية

العرب والعالم

الإرهابي الأسترالي برينتون تارنت

الإعلام الغربي ومجزرة «المسجدين».. ازدواجية تكشف العنصرية وتتجاوز المهنية

إنجي الخولي 17 مارس 2019 03:08

تجاهلت أغلب وسائل الإعلام الغربي وصف مجزرة نيوزيلندا بـ"العمل الإرهابي" واكتفت بالإشارة إليه على أنه "هجوم مسلح" ، في ازدواجية تعكس أقصى أشكال العنصرية المؤسسية ، فعملية طعن وإن لم يكن ورائها أي أسباب دينية أو سياسية إذا قام بها مسلم فهي "عمل إرهابي" ، ومذبحة راح ضحيتها أكثر من 50 شخصًا تصبح "مجرد "هجوم" ومنفذها "مسلح" !!.

 

والجمعة، شهدت مدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية مجزرة إرهابية بالأسلحة النارية والمتفجرات استهدفت مسجدي "النور" و"لينوود"؛ ما خلف أكثر من 50 قتيلا وعددا كبيرًا من الجرحى.

 

ومع اعتماد وسائل الإعلام على الكلمة والصورة، فقد استبدل الغرب الكلمات التي تكشف حقيقة الحادث من "مجزرة وعمل إرهابي " إلى "حادث ، وهجوم مسلح"، وبدلا من أن تعكس حقيقة الإرهابي جعلت منه "ملاك" حوله اليمين إلى "مجرم شرير" وأصبح مجرد "مسلح" و "مشتبه به"!.
 

حتى ان فيديو الهجوم أو صور الضحايا التي كانت تتصدر الصفحات الأولى ونشرات الأخبار في أي حادث آخر، منع بثها أو نشرها  ، ويعتبر نشر مشاهد العنف أو صور ضحايا أمر متعارف عليه في الإعلام لجذب تعاطف المشاهد أو الكشف عن مدى بشاعة أو إجرام الحادث ، فهو كشف للحقيقة وتحذير من خطر العنصريةوالإرهاب .

 

"هجوم ومجنون وحادث "!!

 

تجنبت كل من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وصحيفة "ديلي ميرور" في بريطانيا، فضلا عن صحيفتي "لوفيجارو" و"لو باريزيان" وإذاعة "فرانس إنفو" في فرنسا؛ وصف العمل الوحشي بـ"الإرهابي"، ما أثار انتقادات واسعة.

 

وعبر "تويتر"، قال سفير إيران لدى المملكة المتحدة، حميد بعيدي نجاد: "بالنسبة لإدارة بي بي سي، فإن عملية طعن في لندن تعد عملا إرهابيا؛ بينما تعتبر مجزرة في نيوزيلندا هجومًا وحسب".

 

كما أعربت وزيرة حقوق الإنسان الباكستانية، شيرين مزاري، عن استيائها، وقالت عبر "تويتر": "أتابع حاليًا قناة بي بي سي، وأنا مصدومة من عدم وصف مراسلها في نيوزيلندا الهجوم بالإرهابي".

 

وأضافت مزاري: "بدلا من ذلك، يصفون الهجوم الإرهابي بالقتل الجماعي! شيء مقزز".

صحيفة "ديلي ميرور" البريطانية لم تكتف بذلك، بل حاولت التخفيف من انتقاد الإرهابي المنفّذ "برينتون تارنت"، عبر إلقاء الضوء على جوانب بعينها من تاريخه الشخصي.

 

ونشرت الصحيفة صورة لـ"تارنت" في طفولته، مع تعليق جاء فيه: "الطفل الملاك الذي تحول إلى مجرم يميني شرير".

 

وصفت صحيفة "ذا كورير ميل" الاسترالي "منفذ المجزرة بأنه "رجل مجنون" ، كما اكتفت وكالة "سبوتنيك" الروسية بوصف الارهابي بأنه "منفذ هجوم " و"مشتبه به"، في "حادث اطلاق نار"!.

 

وذهبت "ديلي ميرور" أبعد من ذلك من خلال الإثناء عليه بتصريحات لأصدقائه، قالوا إنه "كان مدربًا لطيفًا يقدم برامج رياضية مجانية للأطفال".

 

وتعليقًا على الخبر، قال أحد نشطاء "تويتر"، ويدعى "مات وين"، إن الصحيفة ذاتها وصفت منفذ هجوم في الولايات المتحدة بـ"الداعشي المجنون".
 

بدوره، قال الناشط "آدم ولكر"، عبر تويتر" إن "ديلي ميرور" ابتعدت عن القيم الأخلاقية الصحفية، واصفًا الصحافة الغربية بأنها "مثال للعنصرية المؤسسية".

 

وتكرر المشهد ذاته مع صحيفتي "لوفيغارو" و"لو باريزيان" وإذاعة "فرانس إنفو" الفرنسية، التي حرصت على تكرار وصف هجوم باريس، في 13 نوفمبر 2015، بالعمل الإرهابي.

 

لا "إرهابي" أو إسلاموفوبيا

 

وتجاهلت أبرز وسائل الإعلام الأمريكية، وصف مذبحة المسجدين في نيوزيلندا، بالعمل الإرهابي أو الإسلاموفوبي.

 

وسائل إعلامية كـ "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، و"ول ستريت جورنال"، و"سي إن إن"، تجنبت استخدام عباراتي "الإرهاب" و"الإرهابي" في نقل خبر المذبحة التي راح ضحيتها عشرات الأبرياء أثناء إقامتهم صلاة الجمعة في مدينة كرايست تشيرتش.

 

فبينما وصفت صحيفة نيويورك تاميز سفاح المسجدين بـ "المشتبه" و"المسلّح"، اكتفت صحيفة "واشنطن بوست" بوصفه بـ"المهاجم المسلح".

 

كما سلكت قناة "سي إن إن" ومعها صحيفة وول ستريت جورنال، الطريق نفسه متجاهلين وصف المجرم بـ "الإرهابي".
 

وسائل الإعلام هذه، انتقدت خطابات العنصرية للرئيس دونالد ترامب، وذكّرت بهجمات مماثلة استهدفت الكنائس والكُنس؛ إلا أنها لم تطرق إلى خطابات ترامب المناهصة للإسلام.

 

 وقف "سكاي نيوز" أستراليا

 

أوقفت قناة "سكاي نيوزيلندا" بث رفيقتها "سكاي نيوز" أستراليا بسبب بث مقاطع الفيديو الذي صوره منفذ هجوم مسجد كرايست تشيرش على فيسبوك.

 

وفي تغريدةٍ نُشرت السبت قالت قناة سكاي نيوزيلندا، وهي مستقلة عن محطة سكاي نيوز، إنَّها قررت حذف القناة الأسترالية من منصتها بسبب إذاعتها المقطع المؤلم وفقاً لصحيفة "الجارديان " البريطانية.

وقالت في بيانها على تويتر: «إنَّنا نساند رفاقنا النيوزيلنديين، واتخذنا قراراً بحذف قناة سكاي نيوز أستراليا من منصتنا حتى نتأكد من أنَّها لن تبث اللقطات المؤلمة من أحداث الأمس».

 

وكانت قناة روبرت مردوخ الأسترالية التلفزيونية المدفوعة من بين القنوات التي اختارت عرض المقطع الذي صوره الارهابي للهجوم بكاميرا احترافية، أثناء قتله 50 شخصاً في مسجدين في كرايست تشيرش .

 

وقالت الشرطة النيوزلندية في بيان: «تُدرك الشرطة أنَّه يجري تداول لقطات مؤلمة للغاية متصلة بالحادث الذي وقع في كرايست تشيرش على الإنترنت. ونشجع بقوة على عدم مشاركة الرابط.

ونعمل على حذف كل النسخ المتوفرة من المقطع».

 

وبث الارهابي مقطع فيديو مدته 17 دقيقة على موقع فيسبوك، صوَّر قيادته سيارته إلى المسجد وترسانة أسلحته، واطلاقه النار خلال تنفيذ المذبحة التي قام بها للمصلين داخل المسجد .

 

وأوقفت الهيئات الإعلامية الغربية التي استخدمت الفيديو المقطع عند دخوله المسجد واكتفت بتصوير 18 ثانية فقط.

وحذفت مواقع فيسبوك ويوتيوب وتويتر المقطع، لكن يجري تحميل نسخ جديدة منه باستمرار.

 

 خاصة أن سكاي نيوز أستراليا بثت المقاطع بشكل متكرر ، مما أثار الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وعرضته أيضاً القناة نفسها على شاشاتٍ في صالات شركة الطيران الأسترالية كانتاس في المطارات.

 

وطُلب من شركة كانتاس الإدلاء بتعليق. وقالت متحدثة باسم سكاي نيوزيلندا لصحيفة "جارديان استراليا" ان الشركة تجري مفاوضاتٍ مع سكاي نيوز أستراليا حول موعد إعادة القناة إلى منصتها.
 

وقالت متحدثة باسم القناة على مواقع التواصل الاجتماعي في تغريدةٍ لها على تويتر: «إنَّنا نساند رفاقنا النيوزيلنديين ولا نرغب في عرض اللقطات المؤلمة التي نُشرت في هذا الوقت. وسنستأنف الخدمة عند توفرها».

 

وتضيف: «لا تزال جميع القنوات الإخبارية الأخرى متاحة. يمكنكم مشاهدة بي بي سي وورلد وسي إن إن على تطبيق SKY GO».

 

وتدافع القنوات عن بث اللقطات بأنها حذرت من طبيعة المشاهد

ودافعت قناة أسترالية أخرى، وهي نتوورك 10، عن قرارها بتضمين أجزاء من مقطع الفيديو على موقعها 10 Daily كجزءٍ من تغطيتها الإخبارية يوم الجمعة.

 

وقالت متحدثة باسم القناة: «نشعر بصدمة هائلة وحزن عميق إزاء الأحداث المأساوية التي وقعت في كرايست تشيرش اليوم. ومثله مثل غيره من المنافذ الإعلامية، عرض موقع Daily 10 لقطاتٍ لمسلح يمشي باتجاه باب المسجد. وقد حذَّرنا من طبيعة المشاهد في الخبر المصاحب للمقطع. ولم نعرض أي لقطاتٍ من داخل المسجد».

 

 ولم تعرض هيئة الإذاعة الأسترالية التسجيل الصوتي أو المقطع الذي جرى تصويره بكاميرا احترافية، لكنَّها عرضت بعض الصور على الهواء وعبر الإنترنت. وقد جرى تداول مقطع الفيديو المُعّدل بدرجة كبيرة على جميع المواقع الإخبارية، مصحوباً بتحذيراتٍ حول محتواه المؤلم.

وعلى الرغم من أن عدد الضحايا تعد الـ 50 قتيلاً، ونحو 50 مصاباً، إلا أن وسائل الإعلام الغربية لم تبث صورةً واحدةً لجثث القتلى ، أو صوراً لدماء الضحايا، حتى بعد رفع جثث القتلى والمصابين، وجاءت الصورة الوحيدة التي بها دماء على ملابس بيضاء لشخص يبدو أنه غير مصاب، لكنه ربما كان يُسهم في إنقاذ ضحية.

 

 

ووجهت السلطات في نيوزيلندا تهمة القتل إلى الإرهابي الأسترالي برينتون هاريسون تارانت، وعلى خلفية الحادثة، تعهدت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن بإصلاح قوانين الأسلحة النارية في البلاد.

 

ومثل الإرهابي أمام محكمة جزئية في كرايستشيرش، والتي أمرت بحبسه لحين عرضه على المحكمة العليا في الخامس من أبريل.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان