رئيس التحرير: عادل صبري 07:47 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«رفح» بين فتح وحماس.. الأزمة القاتلة في الخغرافيا الخانقة

«رفح» بين فتح وحماس.. الأزمة القاتلة في الخغرافيا الخانقة

أحمد علاء 09 يناير 2019 22:40
"معبر رفح".. العنوان الأكثر جذبًا للانتباه في الأيام الأخيرة بشأن القضية الفلسطينية، وما أثاره من تعميق حدة الخلافات - المشتعلة في الأساس - بين حركتي فتح وحماس في بؤرة أوضاعها خانقة من الأساس، يدفع ثمنها الغزيّون.
 
مساء الأحد الماضي، أعلنت الهيئة العامة للشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية سحب موظفيها العاملين في معبر رفح بين قطاع غزة ومصر.
 
وأرجعت السلطة ذلك لما قالت إنّها "ممارسات حماس غير المقبولة" من خلال استدعاء عدد من موظفيها واعتقال آخرين والتنكيل بهم.
 
وكانت السلطة الفلسطينية قد تسلمت - في أول نوفمبر 2017 - مهام العمل والإشراف على معبر رفح الحدودي مع مصر ومعبر كرم أبو سالم التجاري جنوب قطاع غزة، إلى جانب معبر بيت حانون "إيريز" شمال القطاع.
 
وتمّ ذلك في حينه بحضور وفد مصري بموجب اتفاق المصالحة الذي وقعته حركتا فتح وحماس برعاية مصرية في 12 أكتوبر 2017 لتسليم إدارة القطاع لحكومة الوفاق الفلسطينية.
 
وقال مجلس الوزراء برئاسة الدكتور رامي الحمدالله: "منذ أن تسلمت الحكومة المعابر في القطاع، وحركة حماس تعمل على تعطيل أي مسؤولية لطواقمنا هناك والتحكم بشكل كامل خارج حدود المعبر، وعلى الرغم من ذلك تحملنا الكثير من هذه الممارسات حتى نستطيع تحمل مسؤولياتنا تجاه شعبنا الحبيب في قطاع غزة، وللتخفيف عن كاهله مما يعانيه من ويلات الحصار".
 
وأدان المجلس، الاعتداء على مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية في مدينة غزة، والعبث بمحتويات المكاتب وتخريب استوديوهات البث ومعداتها، والاعتداء على العاملين فيها من قبل عناصر تخريبية. 
 
واعتبر أنّ ما حدث ليس فقط اعتداء جبانًا على المؤسسة الإعلامية الرسمية، بل هو اعتداء تخريبي على ممتلكات الشعب الفلسطيني بأكمله، وعلى مؤسسة فلسطينية وطنية كانت وما زالت تشكل صوت الحق الفلسطيني الذي يعبر عن هموم الفلسطينيين وينقل أحداث قضيته العادلة للعالم أجمع ويكشف جرائم الاحتلال يوميًّا، وفق تعبيره. 
 
وأضاف: "من قام بهذا العمل التخريبي المدان والخطير المنافي لكل أخلاقنا الوطنية، يقدم خدمة مجانية لكيان الاحتلال الذي يسعى لإسكات الصوت الفلسطيني السياسي والإعلامي، ومحاولة مستميتة لاستكمال فصل قطاع غزة عن باقي الوطن".
 
وحمّل المجلس حركة حماس المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة بصفتها سلطة الأمر الواقع، وطالبها بالاعتذار، وبضرورة ملاحقة المعتدين والكشف عنهم، والعمل على منع تكرار مثل هذه الأعمال غير المسؤولة والخارجة عن القانون، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الخاصة والفئوية، مشددًا على أنّ النهج الذي تسلكه حماس في غزة يهدد بتدميرها تمامًا، وهو استمرار لانتهاكات حماس ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، وتحديدًا القطاع الإعلامي.
 
وفي محاولة للتخفيف عن هذا الوضع الخانق الذي صنعته الخغرافيا القاتلة، قررت السلطات المصرية فتح المعبر بشكل جزئي لعبور الأفراد والشاحنات التجارية باتجاه واحد فقط من مصر إلى قطاع غزة؛ لحين التوصّل لحلول تسمح بإعادة موظفي السلطة الفلسطينية مرة أخرى لإدارة المعبر.
 
وكانت مصر قد أوقفت حركة عبور المسافرين الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر بعد انسحاب موظفي السلطة الفلسطينية من المعبر الفلسطيني بسبب التوترات الراهنة بين حركتي فتح وحماس.
 
وقد أخطرت مصر، الجانب الفلسطيني بقطاع غزة بتوقف حركة العبور بمعبر رفح البري باتجاه مصر، بينما تسمح السلطات المصرية بعبور العالقين الفلسطينيين بالجانب المصري لقطاع غزة بالإضافة إلى إدخال الشاحنات التجارية.
 
ومع قرار إغلاق المعبر جزئيًّا، أجرى عدد من الفصائل، أبرزها "الجهاد الإسلامي" و"الجهة الشعبية لتحرير فلسطين"، اتصالات مع مسؤولين في المخابرات المصرية حول إغلاق المعبر لكونه أمرًا خطيرًا يؤثر على حياة المواطنين".
 
ودعت الفصائل، السلطات المصرية إلى ممارسة ضغوط على الرئيس محمود عباس كي يتراجع عن خطواته، وتحديدًا التي تمسّ المواطنين لا حماس
 
وبحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، ردّ مسؤولون مصريون بأنّهم يعملون على تجاوز الأزمة الحالية وترتيب قضية المعبر خلال أيام، بما يسمح بتواصل عمله كالمعتاد، لأن القرار هو استمرار فتح المعبر وفق توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
 
وفي سياق غير بعيد، قال مسؤولٌ في حركة "حماس" اليوم الأربعاء، إنّ الحركة تلقّت وعودًا إيجابية من المسؤولين المصريين بعودة عمل معبر رفح مع قطاع غزة بانتظام قريبًا.
 
ووصرح ذكر عضو الدائرة السياسية لحماس باسم نعيم لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية، بأنّ الحركة لا تتوقع وجود اتفاق بين السلطة الفلسطينية ومصر بشأن إغلاق معبر رفح، وتتطلع من الأخوة المصريين عدم التساوق مع خطوة السلطة الفلسطينية بخطوات تؤثر على عمل المعبر بشكل سلبي.
 
واعتبر نعيم أنّ خطوة السلطة الفلسطينية وُجهت أولًا وقبل كل شيء إلى الجهود المصرية المبذولة منذ أعوام لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي، وقال إنّ هذه خطوة إضافية لعقاب سكان قطاع غزة وتهدد بمزيد من المعاناة وتدهور الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية في القطاع.
 
وأوضح: "انتظام عمل معبر رفح في الأشهر الأخيرة أدى إلى تخفيف جزء من أزمات سكان قطاع غزة خاصة الطلبة والمرضى والتجار، وكنا نتوقع قفزة نوعية في عمل المعبر وانتظام عمله على مدار الساعة وفق ما كان تم الاتفاق عليه مع الجانب المصري وليس إغلاقه".
 
وتابع: "لا يجوز استخدام القضايا الإنسانية في إطار المناكفات السياسية، والجانب المصري يدرك جيدا مدى معاناة سكان قطاع غزة وأن حركة حماس بذلت الكثير من أجل تحقيق المصالحة".
 
واستطرد: "الجانب المصري يدرك أهمية تخفيف الاحتقان الحاصل في قطاع غزة وضرورة تجنب الانفجار الميداني فيه كونه يهدد بتداعيات بالأوضاع الأمنية في مصر باعتبار القطاع جزءا من الأمن القومي المصري".
 
في سياق الأزمة نفسها، أعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد لقرار السلطة بسحب موظفيها من معبر رفح، مؤكدًا أنّ ذلك يُشكل تهديدًا لمصالح سكان قطاع غزة، وانتهاكًا لحقهم في التنقل والحركة المكفول قانونًا.
 
وقال المركز - في بيان - إنّه يخشى من أن يكون هذا الإجراء استكمالاً للعقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة، والتي بدأتها في شهر مارس 2017، وكمقدمة للتخلي الكامل عن مسؤولياتها والتزاماتها القانونية تجاه مواطني القطاع.
 
كما حذّر من التداعيات الخطيرة التي قد يخلفها قرار السلطة الفلسطينية على سكان قطاع غزة، وخاصة على فئات المرضى الذين لا تتوفر إمكانية علاجهم في قطاع غزة، وطلبة الجامعات خارج قطاع غزة، وأصحاب الإقامات، وغيرهم. 
 
وطالب المركز، السلطة بالتراجع عن قرار سحب موظفيها من معبر رفح، وعودتهم بالسرعة الممكنة، لضمان التخفيف من معاناة سكان قطاع غزة، باعتبار معبر رفح المنفذ الوحيد لسكان القطاع في ظل القيود المشدّدة على السفر عبر معبر بيت حانون "إيريز".
 
هو الآخر، أعرب مركز الميزان لحقوق الإنسان عن قلقه من قرار سحب موظفي السلطة من معبر رفح، وانعكاسات هذا القرار على الأوضاع الإنسانية المتردية أصلًا، وتأثيراته السلبية التي تطال حق الإنسان في حرية الحركة والتنقل.
 
وقال المركز - في بيان - إنّ هذا القرار قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على المرضى وغيرهم من الطلبة وذوي الحاجات الإنسانية، في ظل القيود المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال على حركة وتنقل المواطنين عبر حاجز بيت حانون (إيرز).

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان