رئيس التحرير: عادل صبري 10:58 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

«سد النهضة».. 9 سنوات من المفاوضات مصيرها «الفشل»

«سد النهضة».. 9 سنوات من المفاوضات مصيرها «الفشل»

أخبار مصر

الرئيس السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين

«سد النهضة».. 9 سنوات من المفاوضات مصيرها «الفشل»

أحلام حسنين 18 سبتمبر 2019 23:04

بعد 9 سنوات من المفاوضات والاتفاقات وتبادل الزيارات والحديث عن بوادر انفراجة حول سد النهضة الأثيوبي، يبدو أن الطريق مسدود، لم تفلح المفاوضات في حل الأزمة في ظل تعند الجانب الأثيوبي ورفضه للمقترح المصري.

 

فمنذ أيام انتهت جولة جديدة من المفاوضات بين مصر وأثوبيا والسودان بشأن سد النهضة، بعد توقف دام سنة و3 أشهر، دون مناقشة الأمور الفنية الخاصة بالسد، وهو ما يعني فشل طريق المفاوضات حسبما أعلن مسؤلون مصريون.

 

رفض دون نقاش

 

كانت مصر قد أعلنت أن إثيوبيا "رفضت دون نقاش" خطتها المتعلقة بجوانب رئيسية في تشغيل سد النهضة، وفي الوقت ذاته رفضت القاهرة مقترحا إثيوبيا واعتبرته "مجحفا وغير منصف".

 

وتمثل فترة ملء الخزان عقبة أمام مفاوضات الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) حول سد النهضة، إذ تريد إثيوبيا ثلاث سنوات، وتريد مصر من سبع إلى عشر سنوات.

 

وفي 28 أغسطس المنصرم أعلن وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيلشي بكلي، أن مصر طلبت ملء الخزان على مدار سبع سنوات، وأن إثيوبيا ردت بخطاب، من دون أن يذكر فحواه.

 

وشدد بكلي على استمرار العمل في السد، معلنا أن التوربينات ستبدأ في توليد الطاقة بعد سنة وثلاثة أشهر، وفقا للخطة الموضوعة، بحيث يكتمل بناء السد في 2023.

 

وأعلن سامح شكري وزير الخارجية، تعثر مفاوضات سد النهضة التي تجرى منذ نحو 9 سنوات.

 

وكان وزراء الري في كل من مصر و السودان و إثيوبيا، اجتمعوا في القاهرة في 15 و 16 سبتمبر الجاري، وحضر الاجتماع أعضاء اللجان الفنية والبحثية والمتخصصين في الدول الثلاث، بحسب وزارة الري. 

 

وأوضحت الوزارة أن الاجتماع  لم يتطرق للجوانب جوانب الفنية، واقتصر على مناقشة الجوانب الإجرائية والتداول حول جدول أعمال الاجتماع، دون مناقشة المسائل الموضوعية، وذلك بسبب تمسك إثيوبيت برفض المقترح المصري.

 

المقترح المصري

 

ويشمل المقترح المصري6 بنود من بينها إخطار مصر بحجم الملء والتخزين خلال سنوات الجفاف، ومواعيد صرف التفريغ والكمية المحددة، حتى لا تتأثر السدود الخلفية لسد النهضة في السودان أوالسد العالي.

 

أما الخطة الإثيوبية لتشغيل السد النهضة ستؤدي إلى اقتطاع نحو 15 مليار متر مكعب من المياه، مما سيؤدي إلى تدمير آلاف الأفدنة الزراعية بمصر، ووقف عملية استصلاح الزراعة.

 

يضر مليون مصري

 

ووفقا لوزير الري المصري محمد عبد العاطي، فإن تمسّك إثيوبيا بمواقفها المتطرفة إزاء المطالب المصرية بإطالة فترة الملء الأولى للخزان الرئيسي للسد، سيؤدي إلى حدوث مشكلة كبيرة تهدد ببوار 200 ألف فدان في مصر، نتيجة خفض حصة مصر من مياه النيل بما يتجاوز 2%.

 

وأضاف عبد العاطي، في تصريحات صحفية، أن ذلك يهدد بتضرر مباشر لنحو مليون مواطن يعملون في الزراعة والأنشطة المتعلقة بها، وقد يساهم في زيادة الهجرة غير الشرعية.

 

محطات في المفاوضات

 

وقبل أن تتعثر مفاوضات سد النهضة إلى هذا الحد، جرت سلسلة طويلة من المفاوضات سعت فيها مصر، لعدم إقامة السد الذي يحرمها من 174 مليار متر مكعب من المياه، ولكن كان نهايتها الفشل.

 

 

تعود بداية أزمة سد النهضة إلى الأول من مايو من عام 2010، حين خرجت إثيوبيا معلنة عزمها بناء السد، لتبدأ التنفيذ في 28 مايو 2013، ثم أعلنت تخزين المياه في شهر يوليو 2015.

 

عام 2011 


وكانت بداية سلسلة المفاوضات في سبتمبر في عام 2011 حين اتفق عصام شرف أول رئيس وزراء بعد ثورة 25 يناير 2011، مع نظيره الإثيوبي ميلس زيناوي، على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء السد الإثيوبي، والتي تشكلت من 10 خبراء مصريين وإثيوبيين وسودانيين و4 خبراء دوليين محايدين.

 

2013 

في مايو2013 انتهت اللجنة من عملها وخلصت بعدما رأت بدء بناء السد إلى عدة توصيات مهمة بإجراء دراسات هندسية: تتعلق بارتفاع السد وسعة تخزينه وأمان السد، ودراسات مائية: تتعلق بمؤامة السد مع المياه التي يقف أمامها ونسب التسرب، و دراسات بيئية: تتعلق بعمل دراسات اقتصادية واجتماعية وتأثير ذلك على الدول المحيطة بالسد.

 

السيسي يستأنف المفاوضات

 

ولما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، طلب خلال اجتماعه مع رئيس وزراء إثيوبيا، هيلي ماريام ديسالين، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في 25 يونيو 2014، التي عقدت في عاصمة غينيا الاستوائية "مالابو"، استئناف المفاوضات مرة أخرى.

 

واتفق وزيرا الري المصري والإثيوبي على تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي والبدء في مفاوضات بحضور السودان، وتشكيل "لجنة وطنية" لتنفيذ توصيات اللجنة الدولية المشكلة في 2012 من خلال مكتب استشاري عالمي.

 

وخلال القمة الثلاثية بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان، في الخرطوم، وقّع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين، وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة".

 

ونص الإعلان على: "تقوم المكاتب الاستشارية بإعداد دراسة فنية عن سد النهضة في مدة لا تزيد عن 11 شهرًا، ويتم الاتفاق بعد انتهاء الدراسات على كيفية إنجاز سد النهضة وتشغيله دون الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان".

 

وثيقة" إعلان المباديء"

 

وفي 23 مارس 2015، وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني آنذاك عمر البشير،  ورئيس وزراء إثيوبيا هايلي ديسالين، وثيق  "إعلان مبادئ سد النهضة"، وذلك خلا قمة ثلاثية بين الثلاث في الخروطوم.

 

ونصت الوثيقة على :"تعد المكاتب الاستشارية دراسة فنية عن سد النهضة في مدة لا تزيد عن 11 شهرًا، ويتم الاتفاق بعد انتهاء الدراسات على كيفية إنجاز سد النهضة وتشغيله دون الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان".

 

وفي المقابل صرح وزير الإعلام والاتصالات الإثيوبي غيتاشو رضا، في حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية في مايو 2016، أن حكومة بلاده توشك على إكمال 70 % من بناء "سد النهضة"، وأن ما تم إنجازه يتضمن الأعمال الإنشائية والهندسة المدنية، وتركيب التوربينات وعمليات هندسة المياه.

 

تعثر المفاوضات

 

وبعد سلسلة طويلة من المفاوضات المتعثرة أعربت مصر في سبتمبر 2017 عن قلقها البالغ من عدم حسم نقاط الخلاف في التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري.

 

وعادت مفاوضات سد النهضة في17 أكتوبر 2017 حين زار وزير الري موقع سد النهضةالإثيوبي، لأول مرة لمتابعة الأعمال الإنشائية والتحقق من التفاصيل الفنية في إطار أعمال اللجنة الثلاثية الفنية.

 

وفي نوفمبر 2017 استضافت القاهرة على مدى يومين جولة جديدة للمفاوضات بين وزراء الموارد المائية الثلاثة، ولكن أعلنت السودان وإثيوبيا رفض التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات "سد النهضة"، وأكدت مصر عدم التوصل لاتفاق.

 

وأكد وزير الري آنذاك الدكتور محمد عبدالعاطي أن عدم التوصل لاتفاق يثير القلق على مستقبل التعاون ومدى قدرة الدول الثلاث على التوصل للتوافق المطلوب بشأن سد النهضةوكيفية درء الأضرار التي يمكن أن تنجم عنه بما يحفظ أمن مصر المائي.

 

رفض إثيوبيا

 

واقترح وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه نظيره الإثيوبي في ديسمبر 2017، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بأن يشارك البنك الدولي كوسيط محايد في أعمال اللجنة الثلاثية، التي تبحث في تأثير إنشاء سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصبّ، مصر والسودان.

 

ولكن رفضت إثيوبيا في يناير 2018 المقترح المصري بإشراك البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة.

 

فشل مفاوضات 2018

 

وفي 13  مارس 2018 أعلن السفير السوداني لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، عن توجيه الخرطوم دعوة رسمية للجانب المصري، لعقد اجتماع ثلاثي لوزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات في السودان وإثيوبيا ومصر، بشأن سد النهضة، في يومي 4 و5 أبريل 2018 بالخرطوم والتي انتهت بالفشل.

 

وكان موعد آخر أخفقت فيه جولة جديدة من المفاوضات في منتصف أبريل الماضي، بعد 17 ساعة من مفاوضات كانت تستضيفها العاصمة السودانية الخرطوم، لإجراء محادثات بشأن مخاوف مصر من سد النهضة، ومحاولة الوصول إلى اتفاق مشترك.

 

وأعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، رفع اجتماع اللجنة الثلاثية الخاصة بسد النهضة دون الوصول إلى توافق أو الخروج بقرار مشترك، لكنه وصف المحادثات بأنها كانت "بناءة ومهمة"، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية في السودان.

 

وأشار وزير الخارجية السوداني إلى أن الأطراف مازالت على خلاف بشأن قضايا فنية، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل.

 

كما أعلن سامح شكري وزير الخارجية، عدم الوصول إلى اتفاق في جولة المفاوضات، وقال في تصريحات صحفية، إن المشاورات كانت شفافة وصريحة، وتناولت كافة الموضوعات ولكن لم تسفر عن مسار محدد ولم تؤت بنتائج محددة يمكن الإعلان عنها.

 

وكانت المفاوضات تتركز حول اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات التي يجريها المكتبين الاستشاريين الفرنسيين، والذي سبق ورفضت السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات "سد النهضة"، فيما وافقت مصر على التقرير في جولة المفاوضات السابقة نوفمبر 2017.

 

قسم أبي أحمد وراء السيسي

 

وبعد تعثر المفاوضات، فتحت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، في يونيو 2018، بابا جديد بعث الطمأنينة لدى المصريين رغم تخوفات البعض من ألا تصدق إثيوبيا في قسمها بعدم الإضرار بمياه النيل في مصر.

 

ففي الزياردة طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي من رئيس الوزراء الإثيوبي أن يردد وراءه القسم قائلًا: «واللهِ واللهِ لن نقوم بأي ضرر للمياه في مصر»، وأكد أبي أحمد، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنه يجب أن ينسى الشعبان المصري والإثيوبي ما جرى في الماضي، ليبدأ مرحلة جديدة من المحبة والمودة والتعاون.

 

إرجاء المفاوضات 

 

وفي 25 سبتمبر 2018 توجه الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الري إلي العاصمة الإثيوبية "أديس بابا" للمشاركة في الاجتماع الثلاثي للجنة الفنية بحضور وزراء السودانن وإثيوبيا .

 

ولكن أعلنت وزراة الري عدم التوصل لنتائج جديدة، وإرجاء المفوضات إلى وقت آخر، إذ قال وزير الري حينها :"لم نصل لاتفاق حول النقاط العالقة".

 

وبعد انقطاع المفاوضات منذ ذلك التاريخ لنحو عام و3 أشهر، عادت حلقة جديدة من سلسلة المفاوضات التي تنتهي بالفشل.

 

اجتماع 30 سبتمبر

 

وفي ضوء هذا التعثر، تقرر عقد اجتماع عاجل للمجموعة العلمية المستقلة في العاصمة السودانية الخرطوم خلال الفترة من 30 سبتمبر الجاري إلى 3 أكتوبر القادم لبحث المقترح المصري لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

 

ومن المقرر أيضا مناقشة مقترحات إثيوبيا والسودان، على أن يعقبه مباشرة اجتماع لوزراء المياه في الدول الثلاث يومي 4-5 أكتوبر، لإقرار مواضع الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة، بحسب بيان وزارة الري الصادر الإثنين الماضي.  

 

ومصر ترى أن المفاوضات الفنية خلال الاجتماعات القادمة في الخرطوم لابد أن تكون على أساس حسن النية من أجل الوصول لاتفاق يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، وفق أحكام اتفاق إعلان المبادئ الموقع في مارس 2015، بحسب وزارة الري. 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان