رئيس التحرير: عادل صبري 11:59 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

السيسي طالب بإنهاء معاناتهم.. الروهينجا أتعس أهل الأرض

السيسي طالب بإنهاء معاناتهم.. الروهينجا أتعس أهل الأرض

أخبار مصر

جماعة الروهينجا

السيسي طالب بإنهاء معاناتهم.. الروهينجا أتعس أهل الأرض

أحلام حسنين 01 يونيو 2019 15:20

"لقد آن لهذه المعاناة أن تنتهي" كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته بالقمة الإسلامية التي انعقدت في السعودية أمس، يشير بها إلى تلك المأساة التي يعيشها أبناء جماعة الروهينجا المسلمة، إذ طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لتجنبيهم مخاطر ما يواجهونه من سلسلة من أعمال العنف والتطرف.

 

تلك الجماعة التي تحدث عنهم الرئيس السيسي، هم يمثلون الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم، وصل إلى أن منظمات وصحف أجنبية وصفتهم بأنهم "أتعس أهل الأرض"، فكم يتعرضون لمذابح وتهجير وعنف وعمليات إبادة، فقط لأنهم يعتنقون الديانة الإسلامية، فيدفعون الثمن قتيلا وتشريدا.

 

وخلال الأسبوع الماضى أكدت منظمة العفو الدولية إن الجيش البورمي ارتكب "جرائم حرب" جديدة وعمليات قتل خارج نطاق القانون وتعذيب في عملياته ضد المتمردين، وكانت هذه الولاية أيضا مسرحا لعمليات عسكرية أطلقها الجيش ضد الروهينجا المسلمين في 2017.

 

وأجبرت تلك الحملة قرابة 740 ألفاً من الروهينجا على الفرار إلى بنجلادش وسط أعمال عنف، وبحسب منظمة العفو فإن لديها أدلة جديدة على أن الجيش البورمى حاليا يرتكب جرائم حرب وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان ضد اتنية الراخين، مشيرة إلى عمليات قتل خارج نطاق القانون وتوقيفات عشوائية وتعذيب وإخفاء قسرى.

 

من هم؟

 

يعيش جماعة الروهينجا المسلمة، التي يبلغ عدد أفرادها 1.1 مليون نسمة، في جمهورية ميانمار (بورما)، يواجهون يوميا حملات إبادة وتطهير عرقي ممنهجة على يد الأغلبية البوذية التي تسكن البلاد، في الوقت الذي يقف فيه العالم عاجزًا عن إنقاذهم، بينما تشارك حكومة البلاد في حملة العنف وتدير ظهرها للانتقادات ودعوات إيقاف "المذبحة".

 

 

وتمر ميانمار حاليًا منذ سنوات بأزمة إنسانية هائلة، تدفع الآلاف من عرقية الروهينجا بالفرار هربًا من الاضطهاد، تحملهم قوارب مكتظة إلى البلاد المجاورة؛ ليعيشوا كلاجئين في بلاد قد لا تقدر على مساعدتهم، فتستمر معاناتهم، حتى يلاقوا الموت.

 

ويوصف الشعب الروهينجي بأنه أكثر الشعوب نبذا، فهم أكثر الأقليات اضطهادا في العالم، وقد جردوا من مواطنتهم منذ قانون الجنسية لسنة 1982،  فلا يسمح لهم بالسفر دون إذن رسمي، ومُنعوا من امتلاك الأراضي، وطلب منهم التوقيع بالالتزام بأن لا يكون لهم أكثر من طفلين.

 

وحسب تقارير منظمة العفو الدولية فإن مسلمي الروهينغيا لا يزالون يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة 1978، وقد فر العديد منهم إلى بنغلاديش المجاورة.

 

بداية الأزمة 

 

بحسب تقرير منشور في "الإيكونوميست" في أغسطس2015، تعود جذور الاضطرابات الحالية في بورما، إلى الماضي الاستعماري للبلاد، ففي 1826، ضمت بريطانيا الجزء الشمالي الغربي الحالي من البلاد، إضافة إلى الإقليم الذي يسكنه حاليًا من تبقى من مسلمي الروهينجا في ميانمار.

 

وبسبب قوانين الهجرة المتساهلة التي وضعتها الحكومة الاستعمارية البريطانية آنذاك؛ تدّفق المسلمون البنغال إلى الإقليم، كذلك عيّنت بريطانيا الأثرياء من جنوب الهند ممن عُرفوا بـchettyars (كان معظمهم من الدائنين ومقرضي الأموال) كمدراء ومشرفين على الإقليم الاستعماري الجديد، ليحلوا بذلك محل الفلاحين البوذيين ذوي الأصل البورمي.

 

وتركت تلك السياسات البريطانية الاستعمارية آثارها على البلاد، حتى تركت الصراع بينهم إرثا توارثته الأجيال ودفعت ثمنه جماعة "الروهينجيا"، بحسب الإيكونوميست".

 

وكانت هناك انتفاضة للروهينجا بين عامي 1948 و1961 للمطالبة بالانفاصل، غير أنها باءت بالفشل.

 

 

الأصل ؟

 

يرفض غالبية أعداء الروهينجيا بأنهم ينتمون إلى ميانمار، ويدّعون أن الروهينجا ينحدرون من أصل بنغالي ووجودهم داخل ميانمار ما هو إلا نتاج لحركة الهجرة غير الشرعية.

 

أما الروهينجا أنفسهم فيؤكدون أنهم من سكان ما قبل الاستعمار في ولاية راخين (آراكان) بميانمار.

 

وحسبما ذكر معهد الشرق الأوسط، فإن أول ظهور لمصطلح الروهينجا كان في عام 1799.

اختلف الأقوال في أصل المصطلح "روهينجيا"، إذ يؤكد بعض مؤرخي الروهينجيا مثل خليل الرحمن أن مصطلح روهنغيا مشتق من الكلمة لغة عربية "رحمة"، إذ تتبعوا المصطلح إلى القرن الثامن ميلادي حيث قصة حطام السفينة.

 

ووفقا لما قالوا فإن سفينة عربية تحطمت بالقرب من جزيرة رامري بها تجار عرب، وقد أمر ملك أراكان بإعدام التجار العرب الذين كانوا يصيحون:"الرحمة الرحمة"، فأطلق على هؤلاء الناس اسم راهام ومع مرور الزمن تبدل المصطلح إلى رهوهانج ثم روهنجيا.

 

ولكن خالف هذا القول كلا من جهير الدين أحمد الرئيس السابق لمؤتمر مسلمي بورما والسكرتير السابق للمؤتمر نظير أحمد، حيث جادلا بأن سلالة مسلمي حطام السفينة يطلق عليهم الآن ثامبو كيا وموجودون على سواحل أراكان، فإن كان صحيحا أن أصل مصطلح روهنجيا جاء من تلك المجموعة المسلمة فإن شعب الثامبو كيا هم أولى الناس بالإسم.

 

لذا فهم يقولون إن موطن أسلاف الروهنجية هو الروها في أفغانستان، أما المؤرخ تشودري فيقول خلال السكان المسلمين في ميانمار: أن مصطلح مروهاونج (مملكة أراكانية قديمة) قد حرّف إلى روهانج، وبالتالي فإن السكان تلك المنطقة سموا بالروهنجيا.

 

أما المؤرخين البورميون فيدعون أن مصطلح الروهنجيا لم يكن موجودا قبل سنوات عقد 1950، وذكر المؤرخ أيي خان من جامعة كاندا للدراسات الدولية أن مصطلح الروهنجيا جاء من أسلاف البنغاليين في عقد 1950 الذين هاجروا إلى أراكان فترة العهد البريطاني. 

 

مذابح واضطهاد

 

يتعرض الروهينجيين إلى العديد من أشكال التعذيب والابتزاز حتى أنه تم فرض قيود شديدة على حركة تنقلاتهم، وحُرمت الغالبية العظمى منهم من الجنسية البورمية.، ويتعرضون أيضا لعدة أنواع من الابتزاز والضرائب التعسفية ومصادرة الأراضي والإخلاء القسري وتدمير منازلهم وفرض قيود مالية على الزواج.

 

ويُستخدم الروهينجيين في أعمال السخرة في الطرقات ومعسكرات الجيش، وإن كان معدل أعمال السخرة قد انخفض في ولاية راخين الشمالية خلال العقد الماضي. 

 

وقد بدأ القمع والاضطهاد لهذه الأقلية المسلمة منذ القرن السابع عشر الميلاد، من قِبل حكام بورما، حتى وقعت مذبحة كبرى لمسلمى الروهينجا سميت بالمذبحة الكبرى وترتب عليها تدمير مئات القرى للمسلمين وقتل سكانها الذين قيل إنهم بلغوا 100 ألف مسلم.

 

عملية "الملك التنين"

 

في أعقاب "عملية الملك التنين" المسماة ناجامين للجيش البورمي في سنة 1978 فر أكثر من 200،000 من الروهينغيا إلى بنغلاديش، وتهدف تلك الحملة رسميا "بالتدقيق على كل فرد يعيش في الدولة، وتصنيف المواطنين والأجانب حسب القانون، واتخاذ الإجراءات ضد الأجانب الذين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة."

 

تلك الحملة استهدفت المدنيين مباشرة، مما أسفر عنه انتشار القتل على نطاق واسع والاغتصاب وتدمير المساجد بالإضافة إلى الاضطهاد الديني.

 

ومابين 1991-1992 جرت موجة جديدة من الهروب، إذ فر أكثر من ربع مليون روهينغي إلى بنجلاديش، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي قام بها الجيش البورمي من مصادرة الأراضي والسُخرة والاغتصاب والتعذيب, انتهاءً بالإعدامات دون محاكمة, كما أوردت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في تقريرها عام 2013.

 

وقد أجبر الجيش البورمي الروهينغيا على العمل دون أجر في مشاريع البنية التحتية والاقتصادية وفي ظروف قاسية،  وقد حدثت العديد من انتهاكات لحقوق الإنسان من الأمن خلال عمل السخرة للرهينغا المدنيين.

   

ثم بدأت المفوضية العليا للاجئين (المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) في تقديم المساعدات لإعادة توطين الروهينجا في بنغلاديش من عام 2005، ولكن ظهور مزاعم لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين هددت تلك الجهود.

 

إعادة الروهينغيا

 

وفي عام 2005 بدأت الخطوات في إعادة الروهينغيا، إذأعلنت بنجلاديش في 2009 أنها وبعد اجتماعها مع دبلوماسيون بورميون سوف تعيد حوالي 9,000 روهينغيََا يعيشون في المخيمات إلى بورما.

 

ووافقت الحكومة البورمية الجديدة، في 16 أكتوبر 2011، على استعادة لاجئين مسجلين من الروهينغي، ولكن استمرت عمليات الذبح والاضطهاد.

 

وفي عام 2014 قالت منظمة "ريفيوجيز إنترناشيونال" إنّ أكثر من 140 ألف روهينجي يعيشون في مخيمات للمشردين داخل ميانمار، حول عاصمة ولاية راخين في جنوب غربي البلاد، ويعتمدون بشكل كامل على المساعدات الدولية.


 

هروب الآلاف

 

وفى عام 2012، اندلعت توترات تمرد وشغب، وأدت إلى هرب عشرات الآلاف، من جماعة الروهينجا من ديارهم ولجوئهم إلى مخيمات للنازحين يتفشى فيها البؤس، ولا يستطيع من يعيشون في المخيمات مغادرتها، كما إنهم معزولون عن التجمعات السكانية الأخرى، وظلت أوضاعهم فى هذا السوء حتى تجددت أعمال العنف قبل عامين.

 

ويواجه الروهينجا عنفًا مستمرًا، كما يعانون من انعدام احتياجاتهم وحقوقهم الأساسية كالحصول على الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل,، حيث يعيشون في مناخ من التمييز العنصري؛ نظرًا لرفض ميانمار الاعتراف بهم كمواطنين.


وفى عام 2017 أعلنت الأمم المتحدة أن 124 ألف مواطن من مسلمى الروهينجا فروا من ميانمار إلى بنجلاديش، وذلك بسبب أعمال العنف الكبيرة التى يتعرضون لها وسط إدانة طويلة للمذابح التى تمارسها السلطات ضد هذه الأقلية، وهو ما أثار سخط المجتمعين الدولى والإسلامى.

 

ومنذ هذا التاريخ والكثير من المنظمات الدولية ترصد حالة العنف ضد هذه الأقلية بشكل مستمر، وتؤكد الأمم المتحدة أن اللاجئون على الحدود يصلون إلى المخيمات وهم مصابين وجوعى وبحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بما فى ذلك إلى الطعام والمأوى والرعاية الطبية.

 

استمرار المذابح

 

على الرغم من كون المشكلة ذات جذور قديمة، إلا أنها ازدادت سوءًا بشكل واضح في السنوات الأخيرة؛ إذ أدى انتقال ميانمار من حكومة يقودها العسكر إلى أخرى أكثر ديموقراطيةنوعًا ما إلى وقوع بعض من أسوأ أحداث العنف التي تعرض لها المسلمون هناك.

 

كما سمحت الحكومة الوطنية ضمنيًّا بصعود حركة 969، وهم مجموعة من الرهبان البوذيين يشتهرون بتقديمهم مبررات أخلاقية لتبرير موجة من سفك الدماء الموجهة ضد المسلمين حسبما أوردت تقارير رويترز.

 

ومنذ عام 2012 فرّ نحو 140,000 من الروهينجا تقريبًا،من شمال غرب ميانمار، وسط اشتباكات دامية مع الأغلبية البوذية.

 

تنديد العالم الإسلامي

ومع استمرار أعمال العنف والاضطهاد التي يتعرض لها الأقلية المسلمة من جماعة الروهينجا، نددت منظمة التعاون الإسلامي، بالوضع اللاإنساني الذي تعيشه أقلية الروهينجا المسلمة.

 

ودعت المنظمة في بيان أصدرته في ختام قمتها في مدينة مكة المكرمة بالسعودية في ساعة مبكرة من صباح يوم السبت ، إلى التحرك العاجل لوقف أعمال العنف ضدها وكل الممارسات الوحشية التي تستهدف هذه الأقلية مع منحها جميع الحقوق دون تمييز أو تصنيف عرقي".

 

وشددت المنظمة على أن "حكومة ميانمار تتحمل المسؤولية كاملة عن حماية مواطنيها وأكدت ضرورة الوقف الفوري لاستخدام القوة العسكرية في ولاية راخين".

 

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان