رئيس التحرير: عادل صبري 12:28 مساءً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

أمل حسين.. طفلة يمنية كشفت وجه الحرب القبيح

أمل حسين.. طفلة يمنية كشفت وجه الحرب القبيح

أخبار مصر

الطفلة اليمنية أمل حسين

أمل حسين.. طفلة يمنية كشفت وجه الحرب القبيح

سارة نور 06 نوفمبر 2018 13:00

 

تشيح "أمل" ببصرها بعيدا عن هذه الحرب المستعرة التي أهدرت طفولتها وبراءتها في أتون صراعات صفرية بين الكبار لا تعرف عنها شيئا جعلتها طريحة فراش بائس في مستشفى لم تعد تستطيع تخفيف آلام مرضاها.

 

رقدت أمل حسين التي لم يتعد عمرها أصابع اليد بصمت أمام المصور الذي أراد أن تبعث الصغيرة التي التصقت عظامها بجلدها المتهالك برسالة تنبيه قاسية لهذا العالم لعله ينظر إلى الوضع المأسوي الذي خلفته الحرب في اليمن.

 

صورة واحدة لأمل (7 سنوات) جابت العالم شرقا وغربا، صارت كناقوس خطر يدق منذرا بحدوث كارثة وشيكة في اليمن التي تأن تحت وطأة الحرب المستمرة منذ مارس 2015 حتى اليوم على السلطة بين جماعة أنصار الله الحوثي وعبد الربه منصور هادي مدعوما بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

 

الصغيرة أمل ذات العينين الجاحظتين التي أصبحت أيقونة ملهمة ومعبرة عن ملايين الأطفال الذين يعانون مثلها، وجهت لطمة قاسية على وجه التقاليد العربية التي أخبرتها أن (الكبار يعرفون أكثر ولا بد أن تسمع كلامهم)، لكنها اليوم تعرف بشاعة الحرب أكثر من أي كبير من هؤلاء الذين دمروا الطفولة بطائراتهم.

 

 

بعد 3 أيام فقط من خروجها من إحدى المشافي بشمالي اليمن الأسبوع الماضي، بحسب الصحيفة الأمريكية نيويورك تايمز، رحلت الصغيرة، بعيدا حيث نعيم مقيم لأمثالها، فلا حرب هناك ولا جوع  ولا كبار يتصارعون على سلطة لا يملكون منها شيئا.

 

 

عانت أمل التي صرخت في وجه العالم، قبل وفاتها من القيء والإسهال المتكرر، فأخبر الطبيب والداتها بضرورة نقلها إلى مستشفى يبعد نحو 15 ميلا، لكن الفقر مصحوبا بارتفاع أسعار الوقود والحيالة المعيشية الصعبة ، لم يمكنوا الوالدة من الاستجابة لمشورة الطبيب.

 

"لم يكن لدي نقود لنقلها إلى المستشفى"، هكذا قالت أم أمل لـ"نيويورك تايمز" بقلب مفطور على ابنتها، مضيفة: " قلبي مكسور.. كانت أمل تبتسم دائما.. الآن أنا قلقة على أطفالي الآخرين".

رحيل أمل بعد انتشار صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي أحدثت هزة عنيفة لدى رواد "فيس بوك" و تويتر" والمنظمات الدولية التي تعمل في المجال الإنساني، إذ يقول ياسين العامري  أحد رواد "فيس بوك": (وفاة الطفلة أمل حسين التى ابكت صورتها العالم ..أطفال اليمن :ضحايا حرب بن سلمان وبن زايد العبثية.. عار على الامة لو كان لها ضمير).

 

( بعد 4 سنوات يكسر الإعلام اﻻميركي صمته وتتصدر "أمل حسين" صدارة الصحف اﻻميركية وهي شهيدة!صحوة جاءت متأخرة 4 سنوات عن "امل"..وجه أمل هو وجه كل طفل يمني).. هكذا تفاعل أحد المغردين على موقع "تويتر" مع وفاة أمل.

 

خِيرْت كابالاري، مدير اليونيسف الإقليمي في الشرق الأوسط لشمال أفريقيا  لم يفوت فرصة موت أمل في مؤتمر صحفي للمنظمة الدولية، أول أمس الأحد، إذ قال: "أود أن تكون هذه اللحظة لحظة لكي نتذكّر فيها "أمل" لتسكن في ذاكرتنا".

 

وأضاف كابالاري أن أمل ليست الطفلة اليمنية الوحيدة التي عانت هذا المصير فهنالك 30 ألف طفل في اليمن يقضون كل سنة من  جراء سوء التغذية كأحد أهم الأسباب من وراء ذلك، مشيرا إلى أن اليمن أصبحت جحيم للأطفال، ليس فقط  لـ 50 – 60% من الأطفال بل لكل طفل وطفلة في اليمن.

 

وبحسب الموقع الإليكتروني لمنظمة اليونسيف -إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة وتهتم بالطفولة- فأن يعاني 1,8 مليون طفل في اليمن يعاني من سوء التغذية الحاد، 400,000 طفل يعانون من سوء تغذية مهدِّد للحياة يعيش منهم 40% ويموت طفل كل 10 دقائق من أمراض ممكن الوقاية منها بسهولة.

كالاباري يوضح أن نصف أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن، بالإضافة إلى 1.1  مليون إمرأة حامل ومرضعة، أي عندما يلدن أطفالهن يعلمن أن معدل الولادة سيكون قليل.

 

ويتابع أن سوء التغذية المزمن له أثر على نمو الطفل. 50% من الأطفال (دون سن الخامسة) الذين يعانون من سوء التغذية المزمن، جميعهم لن ينموا أو يطوّروا قدراتهم الذهنية الكاملة. فهذا سيئ بالنسبة لهم وبالنسبة لليمن إذا ما أردنا أن تصبح اليمن دولة تنعم حياة جيدة.

 

 

 يقول كالاباري: (سنحت لي الفرصة لأتكلم مع عائلات كثيرة تحصل على مساعدات نقدية بسيطة تقدمها يونيسف ل- 1,5  مليون عائلة من الأكثر فقراً. هذه العائلات اخبرتنا أن السلع الأساسية لم تعد متوفرة لهم، شراء الخضروات والفواكه الطازجة لم تعد متوفرة لهم، ليس لأنها لم تعد متوفرة فهي تذهب بالطريق من صنعاء إلى الحديدة، ولكنهم لأنهم لا يستطيعون تحمل ثمنها).

 

ويستطرد: (الأسماك اللحوم جميعها لم تعد خيارا بالنسبة للكثير من العائلات بالتالي الآن تستطيعون الفهم لماذا هنالك هذه المستويات من سوء التغذية ويعاني الأطفال من الإسهال المزمن لأن مياه الشرب لم تعد متوفرة للعائلات).

 

يؤكد أن السبب في ذلك  أن اليمن بلد تعاني من شح المياه حيث يجب أن تضخ من الآبار والحفر التي عمقها  1.5 متر وبالتالي تحتاج لمضخات كبيرة، هذه المضخات تحتاج إلى وقود، ولسوء الحظ ترتفع اسعار الوقود ولهذا أصبحت أسعار مياه الشرب باهظة الثمن وغير متوفرة لأعداد كبيرة من العائلات). .

 

( اليونيسف ليس بيدها وقف الحرب، ولكننا نقف نيابة عن الأطفال بدعوة أطراف النزاع المجتمعين هذا الشهر برعاية المبعوث الأممي،  للوصول الى وقف إطلاق النار. ندعو جميع الأطراف عندما يجتمعون في السويد أن يفكروا بـ"أمل" وكأنها ابنتهم وأن يضعوا الأطفال في صلب نقاشاتهم فوق المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية والمادية).. نداء أخير وجهه خِيرْت كابالاري، مدير اليونيسف الإقليمي.

 

أما برنامج الغذاء العالمي فيوضح على موقع الإليكتروني أن ما يقرب من 18 مليون شخص في البلاد يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهذا يعني أنهم لا يملكون الطعام الكافي من بين هؤلاء أكثر من 8 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد ويعتمدون كلياً على المساعدات الخارجية .

 

وأكد البرنامج -الذي يواجه نقصاً في التمويل يبلغ نحو 622 مليون دولار- أن أكثر من نصف الأسر تشتري المواد الغذائية بالدين، وبزيادة قدرها 50% مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة فيما تم تعليق رواتب موظفي القطاع العام منذ سبتمبر 2016، ما أثر على ما يقرب من 30 في المائة من اليمنيين الذين يعتمدون على الرواتب الحكومية والمعاشات التقاعدية.

 

ودعا برنامج الغذاء العالمي إلى تيسير عملية وصول الإمدادات الحيوية  مثل الغذاء والوقود والأدوية دون معوقات إلى من هم في أشد الحاجة للمساعدة وذلك لتفادي المجاعة ، إذ بات الوضع الإنساني في اليمن هشاً للغاية، وأي خلل في الإمدادات الحيوية قد يتسبب في موت الملايين من الناس جوعاً..

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان