رئيس التحرير: عادل صبري 11:18 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بعد عامين من تعويم الجنيه | اقتصاد «يحبو» ومواطن «مطحون» .. و3 مخاوف

بعد عامين من تعويم الجنيه | اقتصاد «يحبو» ومواطن «مطحون» .. و3 مخاوف

السيد عبد الرازق 04 نوفمبر 2018 11:50

سيظل الثالث من نوفمبر عام 2016 عالقا في أذهان المصريين كموعد لتحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه)، الذي كان شرطا رئيسي لإتمام الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، ومن ثم الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

 

فخلال العامين الماضيين، عانى المصريون من أوضاع اقتصادية، يعتبرها البعض الأكثر قسوة في السنوات الماضية، حيث تضاعفت أسعار السلع والخدمات التي قصمت ظهر الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل.

 

ورغم أن الضرر من قرار التعويم قد لحق جميع القطاعات الاقتصادية بالبلاد، إلا أن هناك خمسة مؤشرات بارزة كان لها النصيب الأكبر من الأثر السلبي، وهذه المؤشرات هي: أسعار السلع والخدمات، والديون، التضخم، عجز الموازنة، الاستثمارات المحلية.


إلا أنه وبعد عامين من تعويم الجنيه، بدأت تظهر مؤشرات إيجابية في عدة قطاعات على رأسها التصنيفات الإيجابية للاقتصاد الدولي، وكذلك ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية، وعودة السياحة بشكل أكبر وارتفاع الاحتياطي النقدي.

 

فيما جاء تقرير «عين على الدين» الصادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذي يتابع نتائج برنامج قرض صندوق النقد الدولي، ليشير إلى ثلاث مخاطر عالمية تواجه استمرارية البرنامج ووضع الاقتصاد المصري

 

ويحدد التقرير المخاطر العالمية التي تواجه برنامج «الإصلاح»، في ارتفاع أسعار البترول العالمية، وتحسن قيمة الدولار أمام العملات العالمية، وارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة.

 

"مصر العربية" تعرض في سياق التقرير التالي ماذا حدث للاقتصاد المصري خلال العامين من إيجلبيات وسلبيات وكيف تأثر المواطنون جراء برنامج الإصلاح الاقتصادي وأبرز المخاوف على مدى استمراريته..


** غلاء الأسعار

ارتفاع تكاليف المعيشة أبرز السلبيات المباشرة الناتجة عن قرار التعويم، وأجمع خبراء الاقتصاد على أن المصريين قد خسروا أكثر من نصف قوتهم الشرائية نتيجة انخفاض سعر الجنيه، وارتفاع معدلات التضخم  مقارنة بما قبل قرار التعويم. 

 

وشهدت  أسعار المواد البترولية ارتفاعا ثلاث مرات منذ قرار التعويم، الأولى في نوفمبر 2016 بالتزامن مع القرار، والأخرى في نهاية يونيو 2017، وذلك ضمن خطة تستهدف إلغاء دعم الطاقة فيما عدا البوتاجاز بنهاية يونيو 2015، بحسب برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
 
فالحكومة لم تراع أصحاب الدخول الضعيفة، بل فرضت عليهم ضرائب دخل أيضا، وكذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 14% منذ يوليو الماضى وكذلك رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق في العاصمة القاهرة، بنسب تتراوح بين 50 و150 و250 بالمائة.
  
ولمواكبة الارتفاع الكبير في الأسعار، لجأ كثير من المصريين إلى تحسين دخلهم من خلال العمل في وظيفة ثانية وأحيانا ثالثة.


** التضخم

وتضم قائمة الخاسرين من تعويم الجنيه المواطنين الذين يتقاضون أجورا بالجنيه المصري وهم يشكلون الغالبية الكاسحة من أبناء الشعب، وإن كانت درجة التأثر تتفاوت حسب الدخل المادي.

 

وبالطبع تتعرض الفئات صاحبة الدخل المنخفض والمتوسط لأكثر درجة من التأثر بسبب تعويم الجنيه، بينما تتراجع درجة تأثر أصحاب الدخول العالية.


واكتوى المصريون خلال العامين الماضيين منذ التعويم بنار الأسعار، حيث تراجعت القوة الشرائية للعملة المصرية بشكل ملحوظ من تحرير سعر الصرف.


وسجلت معدلات التضخم أرقاما قياسة خلال العامين بلغت في بعض الأأحياة إلى 35 % إلا أنه يشهد تراجعا خلال الشهور العشرة الأخيرة حيث في سبتمبر الماضي لإجمالي الجمهورية 15.4 بالمائة إلا أنه وحسب اقتصاديين رقم لا يمت للواقع بصلة وأن النسبة الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.

 

و تستهدف الحكومة خفض معدلات التضخم لتصل إلى 10% بنهاية العام الحالي 2018،  بناء على توصيات صندوق النقد الدولى.

 

واعتبر خبراء اقتصاديون أن معدلات التضخم الحالية في مصر أعلى بكثير مما تعلنه الحكومة؛ لأن هناك حالة من الركود التضخمي تتمثل فى ضعف الإنتاج وارتفاع معدلات الطلب وأسعار السلع في ظل قوة شرائية منخفضة للعملة.
 
وأوضحوا أن معدلات التضخم تؤثر بشكل كبير على الطبقات المتوسطة والفقيرة، وأن الطبقة الوسطى حاليًا لم تعد في استطاعتها المعيشة بالمرتبات السابقة بسبب ضعف القوة الشرائية.
 

** الديون

 

مع توسع الحكومة في الاقتراض من الخارج لسد عجز الموازنة العامة وتوفير العملة الصعبة في البلاد، ارتفع نصيب المواطن المصري في الدين الخارجي منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي بنسب كبيرة.


وأظهرت أحدث بيانات للبنك المركزي أن نصيب المواطن في الدين الخارجي ارتفع إلى 841 دولار في نهاية يونيو الماضي مقابل 573.1 دولار قبل تعويم الجنيه.
 
وأعلن البنك المركزى ارتفاع حجم الدين الداخلى ليسجل نحو 3.695 تريليون جنيه فى نهاية شهر يونيو الماضى، فى مقابل نحو 3 تريلوينات قبل تعويم الجنيه.

 

وساهم تحرير سعر الصرف في زيادة شهية الاقتراض لدى الحكومة المصرية، بسبب شروط صندوق النقد الدولي التي تطالب بوصول الاحتياطي النقدي لمستويات مرتفعة.

 

فسجل إجمالى الدين الخارجي لمصر نحو 92.64 مليار دولار في نهاية يونيو الماضى، فى مقابل نحو 67 مليار دولار نهاية ديسمبر 2016.

 

أحمد العادلي، الخبير الاقتصادي، قال إن ارتفاع الديون الخارجية والداخلية المصرية خطر كبير  ونخشى أن ندخل في حلقة مفرغة تتمثل فى قيام الحكومة بالاستدانة من الداخل والخارج، ما يؤدى إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة، وارتفاع فوائد هذه القروض دون إنتاج تستطيع من خلاله الحكومة تسديد هذه الديون، ثم تقوم الحكومة بالاقتراض مرة أخرى لتسديد أقساط الديون المستحقة بسبب عجزها عن السداد من إيراداتها.

 

وأشار إلى أن هذه الدائرة تظل مستمرة طالما لا يوجد ناتج محلي حقيقي ومصادر دخل تحسن من العجز في الميزانية أو تقلل منه على الأقل، وهو ما يدفع ثمنه في النهاية المواطن البسيط الذي يكتوي بنيران الأسعار.

 

وأوضح أن ارتفاع الديون المستمر يؤدى إلى اتخاذ قرارات تصيب الاقتصاد بكل الأمراض سواء تضخم أو ركود أو توقف للاستثمارات.

 

ولفت إلى أن ارتفاع الدين الخارجي منطقى، نتيجة الفجوة التمويلية التى أصابت مصر خلال السنوات السابقة والتى أجبرتنا على الاقتراض لسدها.

 

وأشار إلى أن الوضع الحالى للديون غير مقلق بشرط العمل على خطة طموح لوقف الاقتراض تدريجيا وخلق منافذ تنتج إيرادات عبر زيادة الإنتاج وتحسين الصادرات حتى نسدد من خلالها هذه الديون وكفاءات إدارية تستطيع التعامل مع الموقف.

 

وتعمل وزارة المالية حاليا، على استراتيجية من أجل هيكلة الدين وخفضه، تتضمن وضع سقف للاقتراض المحلي والخارجي، من أجل خفض الدين العام، مع مد آجال الديون الخارجية.


** عجز الموازنة ورفع أسعار الفائدة

ويمتد أثر التعويم إلى عجز الموازنة بسبب ارتفاع تكلفة استيراد الحكومة للقمح والمواد البترولية وغيرها من المواد الأخرى من ناحية، وارتفاع تكلفة خدمة الدين الحكومي، بالإضافة إلى قرار رفع سعر الفائدة 6% منذ نوفمبر الماضى، وذلك على نحو يؤثر بشكل مباشر على تكلفة اقتراض الحكومة.

 
ووفقا للموازنة العامة للعام المالي الحالي 2018- 2019  ارتفع الإنفاق على الفوائد إلى 541 مليار جنيه، وتستهدف مصر ألا يتجاوز معدل عجز الموازنة 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري.


إلا أنه بعد ارتفاع أسعار النفط عالميا لـ85 دولار للبرميل وتقييمه فى الموازنة العامة بـ67 دولارا،  اعتبر خبراء اقتصاديون أن الارتفاعات المتتالية لأسعار البترول ستؤثر بشكل كبير على عجز الموازنة العامة المصرية.


وأشاروا إلى أن ارتفاع سعر البترول سوف يأكل ثمار الإصلاح الاقتصادي الذى قامت به الحكومة فى الفترة الأخيرة وتخفيض الدعم على الوقود والكهرباء وغيرها من السلع والخدمات. 

 

** الاستثمارات المحلية والمصانع المتوقفة

لم يكن قرار التعويم هينًا خاصة على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فتوابع الزلزال لم ترحم أحدًا، فالمصانع المصرية أصبحت في مهب الريح بعد ارتفاع سعر الدولار وبالتالي ارتفاع سعر مستلزمات الإنتاج التي تتخطى أحيانا 66% من مكونات الإنتاج.


وخلال العامين الماضيين، برزت أزمة بين كبار الصناع والقطاع المصرفي إثر ارتفاع أسعار الدولار والفائدة معا تمثلت في طلب البنوك من المصنعين شراء الدولار بالأسعار الجديدة حتى بالنسبة للاعتمادات المستندية (تمويلات البنوك لعمليات الاستيراد من الخارج) ما أدى إلى تحول حسابات الكثير من المصانع في المصارف من دائنة إلى مدينة، وتطالب البنوك هذه المصانع بسداد مديونياتها بسرعة.

 
كما أن ارتفاع أسعار الفائدة ووصولها إلى 18.75% للاقتراض أثر بشكل كبير على الاستثمارات التى تعتمد بشكل كبير على الاستدانة من البنوك لتمويل المشروعات، ما أدى إلى توقف 10500 مشروع حتى الآن تسعى الحكومة حاليا إلى إعادة تشغيلها.


** صادرات ضعيفة

 انخفاض قيمة عملة أي بلد يعني زيادة صادراتها، نظراً للميزة التنافسية التى ستتاح للسلعة أمام السلع المنافسة لها فى الأسواق الخارجية، إلا أنه لم ينجح في مصر وبدت نسبة الصادرات ضعيفة مقارنة بتأثير انخفاض العملة.

 
وبينما تعلن وزارة التجارة والصناعة بشكل شبه يومى عن تحسن أداء الصادرات المصرية، وارتفاع قيمتها مقارنة بالعام 2015، تأتى تفاصيل الأرقام والبيانات الصادرة عن الوزارة نفسها لتؤكد أن أداء قطاع التصدير لا يزال متواضعاً، مقارنة بسنوات مضت. 


** انهيار الطبقة الوسطى

أحمد خزيم، المستشار الاقتصادي، قال إنه لقياس إصلاحات أو إيجابيات قرض صندوق النقد الدولي وتعويم الجنيه، يجب أن نبحث 3 أشياء هامة، أولهم مقدار "حجم السعادة" أو رضا الأغلبية من الشعب عن حالتهم الاجتماعية، وثانيهم التعويم أو تحرير سعر الصرف، ما هو إلا قرار من ضمن مجموعة قرارات صعبة وعنيفة أدت في النهاية إلى الوضع الذي نحن فيه، وثالثًا بعد قرارات 3 من نوفمبر نتساءل.. هل انخفض حجم الاقتراض؟، وهل زادت الإصلاحات؟ وما نتائج ذلك.

 
وأضاف خزيم فى تصريحات سابقة لـ"مصر العربية"، أنه من الواضح أن قرارات التعويم أدت إلى انهيار الطبقة المتوسطة.


** الإيجابيات

وبعد عامين على التعويم، ظهرت مؤشرات إيجابية في عدة قطاعات على رأسها التصنيفات الإيجابية للاقتصاد الدولي عقب قرض صندوق النقد، وكذلك ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية، وعودة السياحة بشكل أكبر وارتفاع الاحتياطي النقدي وانخفاض الواردات.

 

** اختفاء السوق السوداء

نتج عن قرار تعويم الجنيه اختفاء شبه كامل للسوق السوداء للدولار واتجاه المواطنين للسوق الرسمي للصرف وهو البنوك بعد ترك السوق للعرض والطلب.

 

واعتبر اقتصاديون أ تعويم الجنيه تسبب فى اختفاء شبه كامل للسوق السوداء للدولار الأمريكى فى مصر، ونشوء ما يشبه نظام صناعة سوق مركزى بالبنوك الرئيسة تتحكم فى المعروض والمطلوب الدولارى بصفة عبر يومية كما أن قوائم الانتظار قد اختفت، وتوافرت العملة الصعبة إلى حد كبير للوفاء بالالتزامات الأساسية واحتياجات الاستيراد ذات الأولوية.

  
** التصنيف الائتماني

ورفعت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلى إيجابية عند مستوى (B3).

 

جاء ذلك في تقرير الوكالة الصادر في 28 أغسطس 2018، وهو ما يعد أفضل تصنيف ائتماني يحققه الاقتصاد المصري منذ 7 سنوات، وهو ما يعني تزايد ثقة المؤسسات الدولية في القدرة المستقبلية على سداد الالتزامات.

 

وأرجعت الحكومة المصرية ذلك لتزايد ثقة المجتمع الدولي في الاقتصاد المصري للإصلاحات الهيكلية، التي قامت بها الحكومة في إطار تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.


وكانت وكالة "فيتش" قد رفعت أيضا تصنيف مصر مؤخرا إلى B موجب (يناير 2018) بعد أن كان B مستقر (يونيو 2017).

 

كما قامت مؤسسة ستاندرد آند بورز برفع تصنيفها إلى B بنظرة مستقرة (11 مايو 2018) بعد أن كان B سالب (10 نوفمبر 2016).


** الاحتياطي النقدي

واصل احتياطي النقد الأجنبي لمصر ارتفاعه للشهر الثالث والعشرين على التوالي، في نهاية شهر سبتمبر الماضي حيث سجل 44.459 مليار دولار، مقابل 44.419 مليار دولار، في نهاية أغسطس الماضي.


إلا أن خبراء يعتبرون زيادة الاحتياطي الشهور الماضية من القروض وليست من موارد عادية ، مثل الصادرات والسياحة وقناة السويس والإستثمار الأجنبى المباشر ، وهكذا كلما زاد الاحتياطى يزيد الدين الخارجى أكثر منه فى نفس الوقت ، والنتيجة أن الدين الخارجى أصبح يمثل أكثر من ضعف الاحتياطى فى يونيو الماضى .

 

وأكدوا أن مسئولي البنك المركزي لا يجب أن يفرحوا ويسعدوا بارتفاع الاحتياطي النقدي لأنهم يعلموا مصادره جيدا وأنها ديون تكلفتها على الأجيال القادمة وسيدفعها المصريون من ضرائبهم فى الموازنة العامة.
  

** تحويلات المصريين بالخارج

رغم تعدد التبعات السلبية لتحرير سعر صرف الجنيه، استجابة لأحد الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي مقابل قرض قيمته 12 مليار دولار إلا أن بارقة أمل بدأت تلوح في الأفق بعد زيادة معدل تحويلات المصريين بالخارج.


وتعد التحويلات من أهم مصادر العملة الأجنبية للبلاد، حيث يقدر عدد المصريين العاملين في الخارج بنحو 8 ملايين مصري، يتواجد حوالي 70% منهم فى دول الخليج العربي، و30% في أوروبا ودول أمريكا الشمالية، وتعتبر مصر من أكبر الدول العربية التي تتلقي تحويلات سنوية والسادسة على مستوى العالم.

 
إلا أن الإقبال عليها كان ضعيفا للغاية، بسبب الفرق الكبير بين سعر الدولار في البنوك والسوق السوداء، وهو ما تغير بعد تحرير سعر الصرف، حيث زادت التحويلات.


وكان البنك المركزي المصري، قد أعلن أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لتبلغ 4ر26 مليار دولار في العام المالي (2017 – 2018) بزيادة قدرها 6ر4 مليار دولار مقارنة بالعام المالي السابق له، وأشار البنك إلى أنه بزيادتها إلى 4ر26 مليار دولار، فإن تحويلات المصريين بالخارج تعادل أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بمصر، والتي بلغت 7.7 مليار دولار في العام المالي 2017 - 2018.

 
الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية قال إن أهمية زيادة تحويلات المصريين بالخارج تكمن في أنها تضيف للمعروض من الدولار في الاقتصاد المصري.

 

وأضاف الدسوقي أن "هذه التحويلات لها أهمية بالغة في الحفاظ على استقرار سعر الصرف والذي يحدده العرض والطلب، فكلما زاد المعروض من الدولار زاد استقرار سعر الصرف، والذي قد يؤدي إلى تحسين قيمة الجنيه المصري أيضا".

 

وتابع الدسوقي أن "تحويلات المصريين بالخارج تزيد المعروض من الدولار في السوق المصري، ما يعني زيادة المدخرات الدولارية ومن ثم زيادة قدرة البنوك على الإقراض بالدولار وليس فقط بالجنيه المصري"، مؤكدا أن ذلك كله يصب في احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي.
 
** معدل النمو
 هالة السعيد، وزيرة التخطيط المصرية، قالت إن معدل النمو السنوي للاقتصاد المصري في العام المالي 2017/2018 المنتهي آخر يونيو الماضي، بأعلى وتيرة في 10 سنوات مسجلاً 5.3 في المائة.

وأضاف الوزيرة أن الناتج المحلي الإجمالي لمصر نما في الربعين الثالث والرابع من العام المالي السابق، بأعلى معدل نمو ربع سنوي منذ 8 سنوات وصل إلى 5.4 في المائة، كما شكل الاستثمار وصافى الصادرات أهم المصادر الرئيسية لتحقيق النمو، بنسبة بلغت 74 في المائة.


** الاستثمارات الأجنبية

كان الرابح الأكبر من تعويم الجنيه فى مصر المستثمرون الأجانب فى سندات وأذون الخزانة، فمع تحرير سعر الصرف  فقد الجنيه نحو نصف قيمته وأصبح الدولار الذي يمتلكه المستثمر يمكنه من شراء عدد أكبر من أذون وسندات الخزانة بالجنيه قد يصل إلى الضعف، كما فتح شهية المستثمرين الأجانب نحو الاستثمار في هذه الأدوات الإجراءات المصاحبة للتعويم وتشديد السياسة النقدية خلال أول عام بعد تحرير سعر الصرف وهو ما قفز بأسعار العائد على هذه الأدوات.

 
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة 7% منذ التعويم، في مدة لم تتجاوز 10 أشهر، وهو ما زاد من جاذبية الاستثمار في أدوات الدين الحكومي، التي تطرحها من أجل سد العجز في الموازنة العامة.

 

 قبل أن يرفع المركزي التركي أسعار الفائدة إلى نحو 26  % ومن قبل الأرجنتين 40 لتبدأ الاستثمارات الأجنبية في الخروج تدريجيا.

** السياحة

ويصب قرار تعويم الجنيه المصري في صالح السائح الأجنبي والعاملين في قطاع السياحة، حيث يشكل تراجع قيمة العملة المحلية عامل جذب للسائحين بالقدوم إلى مصر، ما يرفع من عوائد قطاع السياحة.

 

فقبل التعويم، كان السائح الوافد الذي بحوزته ألف دولار مثلا، يحصل على سلع وخدمات بما يعادل 8700 جنيه، وفقا للسعر الرسمي، أصبح بعد التعويم حاليا لديه نحو 18 ألف جنيه لشراء مزيد من السلع والخدمات، وإن تحركت أسعارها، حسب نوعها، مستوردة أو محلية.

 

وتعول مصر على السياحة في توفير 20% من احتياجاتها من العملة الصعبة، التي تراجعت  كميتها في الفترة الأخيرة، ودفعت بالجنيه المصري إلى الهبوط أمام الدولار إلى نحو لامس 18 جنيها في السوق الرسمية.

 
وعانى قطاع السياحة فى مصر بشكل كبير منذ قيام ثورة 25 يناير 2011 بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة فضلا عن حادث سقوط الطائرة الروسية فى 2015 والذى على إثره منعت روسيا السفر إلى مصر ما حرمها من 3 مليون سائح على الأقل.

 
وعقب حادث الطائرة فرضت روسيا حظرا على السفر إلى مصر بينما حظرت بريطانيا السفر إلى سيناء، ومن المتوقع وصول الإيرادات السياحية بنهاية هذا العام إلى 6 مليارات دولار رغم عدم رفع الحكومة الروسية الحظر على الرحلات السياحية لمصر بعد.

وبلغ عدد السياحة الوافدة إلى مصر، 5.061 ملايين سائح خلال النصف الأول 2018، مقابل 3.560 ملايين سائح عن نفس الفترة من العام الفائت.


3 مخاوف

جاء تقرير «عين على الدين» الصادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذي يتابع نتائج برنامج قرض صندوق النقد الدولي، ليشير إلى ثلاث مخاطر عالمية تواجه استمرارية البرنامج ووضع الاقتصاد المصري

 

ويحدد التقرير المخاطر العالمية التي تواجه برنامج «الإصلاح»، في ارتفاع أسعار البترول العالمية، وتحسن قيمة الدولار أمام العملات العالمية، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية.

 

«وتشير تلك المخاطر إلى أنه على الرغم من الثلاث سنوات العجاف الماضية، في سبيل الإصلاح الاقتصادي، يظل هيكل الاقتصاد المصري ضعيفًا. وتلقي تلك المخاطر الضوء على أن تحسن المؤشرات قد لا يعني بالضرورة تحسن الأوضاع، إذا ما بقي الاقتصاد الحقيقي هشًّا، وثماره لا توزع بشكل عادل. وقد يكون في ذلك فرصة لتحسين المؤشرات عن طريق تحسين جذري يعمل لصالح أغلبية المواطنين»، بحسب التقرير.

 

** ارتفاع أسعار البترول العالمية
تشهد أسعار البترول العالمية حاليًا صعودًا حادًا، حيث سجل وقود برنت أكثر من 86 دولارًا للبرميل في وقت سابق من الشهر الجاري، وهو أعلى سعر له خلال أربع سنوات. ويأتي الصعود الأخير في أسعار الوقود العالمية، مدفوعًا بتوقعات انخفاض العرض من إيران على خلفية العقوبات الأمريكية.

 

«تزيد الأسعار العالمية للبترول، التي وصلت إلى مستويات قياسية، من مخاطر الإصلاح في مصر»، بحسب تقرير «عين على الدين»، والذي يرصد توقع صندوق النقد الدولي في واحدة من مراجعاته الأخيرة بأن تكون لارتفاع أسعار الوقود العالمية آثار سلبية على فاتورة دعم الطاقة وبالتالي أهداف خفض عجز الموازنة العامة.

 

«وقد أعد مشروع الموازنة للعام المالي القادم 2018/ 2019 على أساس سعر البرميل بين 60 – 64 دولارًا… وكل دولار زيادة في سعر البرميل العالمي يؤدي إلى زيادة مخصصات دعم الطاقة في الموازنة بـ 3 – 4 مليارات جنيه»، بحسب التقرير.

 

وأمام الحكومة اختيارين لمواجهة هذا الصعود في الأسعار العالمية، إما أن تتحمله بالكامل، ما يؤدي إلى ارتفاع فاتورة الدعم لتتخطى المستهدف، وهو ما يعني فشل انعكاس رفع الأسعار على الناس خلال العامين الماضيين على تغيير هيكل الموازنة، أو أن تستمر الحكومة في رفع الأسعار على الناس لتُحمِلهم على الأقل جزء من ارتفاع الأسعار العالمية، وهو الإجراء الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأسعار العام. 

 

وترصد المبادرة أن مخاطر ارتفاع أسعار البترول العالمية هي واحدة من العوامل التي وضعها صندوق النقد لتصوره عن المخاطر التي تهدد برنامج القرض، والتي يتوقع خلالها ارتفاع التضخم خلال عام ٢٠١٨ إلى ٢١،٥٪.

 

** تحسن قيمة الدولار أمام العملات العالمية
شهدت الشهور الأخيرة وتحديدًا منذ الربع الثاني من العام الحالي تحسنًا ملحوظًا في مؤشر الدولار الذي يعكس قيمته أمام عدد من العملات الأخرى. ويُرجِع تقرير «عين على الدين» الثالث هذا الصعود إلى قرار رفع سعر الفائدة الأمريكي التي لحقت تعافي الاقتصاد الأمريكي من الأزمة العالمية.

 

لكن يعد هذا التعافي أمرًا سلبيًا بالنسبة للأسواق الناشئة ومنها مصر، حيث استغل المستثمرون الدوليون فترة انخفاض قيمة الدولار للاقتراض بالعملة الأمريكية في ظل سعر فائدة يقارب الصفر، أي الاقتراض بتكلفة ضئيلة، لكي يعيدوا استثمار هذه الأموال في الأسواق الناشئة التي تتبنى أسعار فائدة مرتفعة. ويعني تحسن قيمة الدولار وارتفاع سعر الفائدة الأمريكي أن الاقتراض من الولايات المتحدة لم يعد منخفض التكلفة.

 

ويرصد صندوق النقد الدولي التحول الذي بدأ بالفعل في استثمارات الأجانب في أسواق ناشئة منها مصر. وكانت الحكومة أعلنت في شهر يوليو خروج أكثر من خمسة مليارات دولار من استثمارات الأجانب في أوراق الدين الحكومية لتسجل 17.5 مليار دولار بنهاية يونيو مقارنة بـ 23.1 مليار دولار بنهاية مارس. لكن يُرجِح عاملون بسوق المال في مصر أن تكون خرجت من مصر دولارات أكثر في الشهور اللاحقة، بحسب رويترز.

 

ويشكل هذا الأمر ضغطًا على مصادر التمويل في مصر، والتي تتضمن الأموال الساخنة وخاصًة استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية.

 

بالإضافة إلى ذلك أصبحت تكلفة الاقتراض العالمية أعلى، ويمثل ذلك على مستوى القروض السيادية، مثل سندات «اليوروبوند» التي تلجأ إليها مصر لتمويل عجز الموازنة العامة والوفاء بالتزاماتها الخارجية، من سداد الديون واستيراد السلع الأساسية، ويؤدي هذا الأمر إلى ارتفاع في بند خدمة الدين، والذي يستحوذ بالفعل على ما يقارب 40% من الموازنة العامة.

 

ويرصد تقرير المبادرة، تحذير مؤسسة موديز، من أن مصر واحدة من أربع دول عربية ضمن أكثر عشر دول تأثرًا بتضييق ظروف التمويل الدولية. «تلك الدول تملك معدلات دَين مرتفعة، قدرة محدودة على تحمل عبء الدَّين ومخاطر كبيرة لإعادة تدوير الديون. ومن ثم هي عرضة لأثر كبير على عجز الموازنة».

 

** ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة

وبالفعل أدى هذا الأمر بالإضافة إلى أزمات أخرى في الأسواق الناشئة إلى رفع عدد منها أسعار الفائدة لتجنب خروج رؤوس الأموال، وآخرها تركيا والأرجنتين.

 

ويضع هذا الأمر مصر في مأزق، حيث كان من المفترض أن يبدأ البنك المركزي المصري في خفض سعر الفائدة كي يحفز القطاع الخاص على التوسع وخلق فرص عمل، والاقتصاد على النمو. لكن إذا استمر المركزي في خفض سعر الفائدة سيواجه أزمة عند خروج رؤوس الأموال. وبالتالي، تواجه مصر منافسة الأسواق الناشئة على هذه الأموال من خلال رفع أسعار الفائدة.

 

ورفع المركزي المصري سعر الفائدة بنسبة 3% في نوفمبر 2016، ليصل عائد الإيداع والإقراض للیلة واحدة إلى 14.75% و15.75% على التوالي. ثم رفع المركزي سعر الفائدة بقيمة 2% في شهر مايو 2017، وأضاف 2% أخرى في شهر يوليو من نفس العام، لتصل إلى 18.75% على الإيداع و19.75%على الإقراض. ثم مع تراجع التضخم بدأت لجنة السياسات النقدية في شهر فبراير من العام الحالي بخفض الفائدة، وذلك بمقدار 1%، ثم خفضت الفائدة مرة أخرى بواقع 1% في شهر مارس لتسجل 16.75% على الإيداع و17.75%على الإقراض. ومنذ ذلك الحين استمر المركزي في إبقاء سعر الفائدة ثابتة.

 

ويعد الأثر المباشر والأكبر لخروج رؤوس الأموال هو انخفاض قيمة الجنيه المصري، حيث أصبح عُرضة لهذه التقلبات العالمية بعد تعويم الجنيه في نوفمبر 2016. ويؤدي انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى ارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية منها القمح والوقود.

وتشكل هذه المخاطر العالمية تهديدًا عامًا لأهداف برنامج صندوق النقد في مصر، والتي كانت تشمل خفض عجز الموازنة، إلغاء دعم الوقود وتحرير سعر الصرف.

 

ويتطلب الإصرار على تحقيق هذه الأهداف في ظل التغيرات العالمية تحميل عبئها على المواطنين من خلال انخفاض أكبر في قيمة الجنيه وما له من أثر على زيادات أكبر في الأسعار، والتضخم، ورفع تكلفة الاقتراض الداخلي وما له من أثر سلبي على توسع القطاع الخاص وخلق الوظائف.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان