رئيس التحرير: عادل صبري 11:56 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الغاز مجددا.. هل نحن أمام تحالف مصري أوروبي يزعج روسيا والخليج؟

الغاز مجددا.. هل نحن أمام تحالف مصري أوروبي يزعج روسيا والخليج؟

محمد الوقاد 09 سبتمبر 2019 19:13

لا يبدو ملف الغاز الطبيعي في مصر قابلًا لأخذ أي حجم أصغر من حجمه، رغم كم التطورات السياسية والاقتصادية المحلية والإقليمية، والتي تسرق الاهتمام بلا شك، لكن هذا الملف يظل هو الأبرز، حاليًا ومستقبلًا.

 

ببساطة، يكمن السبب الأول وراء هذا الأمر في أن حجم الملف يزداد ولا يقل، يزداد بوتيرة متسارعة لم يعهدها المصريون من قبل، مع توالي الاكتشافات الغازية في بر مصر وبحرها، والأخير أثبت أنه مؤهل لأن يكون مستودع كنوز لا تنتهي، على الأقل لعدة عقود، وهو تطور من شأنه أن يحدث تغييرات درامية في تموضع مصر اقتصاديا وسياسيا، وعندما يتعلق الأمر بالطاقة، فالاقتصاد والسياسة يتداخلان بشكل قد يصعب معه فصلهما فعليا.

 

بعد التطور الأخير، الذي تناقلته وسائل إعلام دولية ومصرية، وأفردت له "مصر العربية" تحليلا، وهو إعلان المنظمة الدولية لمنتجي النفط والغاز OLGP انضمام مصر إليها، بات إعادة النظر في ملف ثروات مصر الغازية أمرا مهما، بالقياس إلى أن أعضاء تلك المنظمة ينتجون 40% من غاز العالم ونفطه.

 

أرقام سابقة

 

وخلال التحليل الذي نشرناه، منذ أيام، تمت الإشارة إلى عدة أرقام مهمة، أبرزها أن إنتاج مصر الغازي حاليا وصل إلى 7 مليارات قدم مكعبة يوميا، منها حوالي 3 مليارات قدم مكعبة من حقل "ظهر" فقط، والموجود بالبحر المتوسط قبالة السواحل المصرية.

 

نشرنا أيضا أنه في يونيو الماضي، نجحت مصر فى تحقيق أعلى معدل إنتاج بترولي في تاريخها، حيث بلغ الإنتاج البترولي، خلال هذا الشهر، حوالي 1.9 مليون برميل مكافئ يوميا، من الزيت الخام والغاز والمتكثفات.

 

ووفقا لتلك التطورات، من المؤكد أن القيادة السياسية في البلاد بات مفروضا عليها الترتيب جيدا لإحداثيات التموضع المصري الجديد، والذي سيكون سياسيا في الأساس، وفقا لما توقعته مراكز تحليل عالمية.

 

ومن المعروف أن الغاز سيكون هو مستقبل الطاقة في العالم، خلال الفترة المقبلة، بعد بداية أفول عهد النفط، لأسباب بيولوجية وبيئية.

 

بعد بدء ضخ الغاز من حقل "ظهر" البحري تحولت مصر في غضون أقل من سنتين من بلد مستورد للغاز إلى بلد مصدر له، اعتباراً من أوائل العام الجاري.

 

ويزيد حجم صادرات مصر الغازية اليومية حاليا على مليار قدم مكعب يومياً.

ومن المتوقع مضاعفة هذا الرقم أواخر العام الجاري، حسب تصريحات وزير البترول "طارق الملا" ومصادر الشركات المشغّلة للحقل.

 

ومع بدء عمليات الحفر لاستغلال الحقول المكتشفة تذهب كل التوقعات إلى أن مصر ستصبح في غضون أقل من عشر سنوات أحد أهم منتجي ومصدري الغاز في العالم.

 

ويدعم هذه التوقعات اتفاقا تم إبرامه بين مصر وإسرائيل لتصدير 70 مليار مكعب من الغاز الإسرائيلي عن طريق منصات الغاز المصري،  كما يدعمه اتفاقيات لتعاون مصري قبرصي مشابه.

 

يضاف إلى ذلك أن مصر تمتلك أضخم وأهم محطتين جاهزين لتسييل الغاز وتصديره من شرق المتوسط إلى أوروبا والعالم.

 

انزعاج روسي

 

وفي تحليل نشرته مؤسسة "دويتش فيله" الألمانية، قبل أسابيع، توقعت أن يشكل طوفان الغاز الذي يتفجر من الحقول المصرية وحقول شرق المتوسط، خبرا غير سار للدول المصدرة، وخاصة لروسيا التي تمد أوروبا بثلث احتياجاتها من الغاز الطبيعي عن طريق أنابيب تعبر شرق أوروبا وبحر البلطيق.

 

وبحسب التحليل، يتمثل الخطر الحقيقي على حصة روسيا في تطوير تقنيات تسييل الغاز وبمد أنابيب من مصر وشرق المتوسط قادرة على إيصال الغاز المتوسطي بسعر منافس لنظيره الروسي، الأنسب سعرا حتى الآن، مقارنة بالغاز القطري أو الأمريكي الذي يحاول دخول السوق الأوروبية بشكل أقوى.

 

وعلى ضوء السعي الأوروبي المتزايد والمدعوم أمريكيا لتقليص الاعتماد على الغاز الروسي، فإن تحالفا مصريا-شرق أوسطيا مع أوروبا يلوح في أفق سوق الطاقة، رغم مخاطر الإرهاب والنزاع القبرصي اليوناني، والقبرصي التركي على حقول الغاز المكتشفة في المياه القبرصية.

 

والنقطة الأهم هنا، بحسب المؤسسة الألمانية، هو أن ذلك الحلف من شأنه أن يقلل من نفوذ الدول النفطية الخليجية ومعها منظمة "أوبك" في هذه السوق، لأن الغاز طاقة نظيفة وأقل تكلفة.

 

وإذا كانت دول الخليج لا تسطيع فعل الكثير إزاء ذلك سوى زيادة ضخ النفط أو تقليصه، حسب توجهات السعر، فإن روسيا بدأت فعلياً بمد أنابيب ضخمة لنقل غازها إلى الصين وإلى تركيا، تحسبا لعواقب لا تحمد عقباها، على ما يبدو.

 

الغاز ودور مصر الإقليمي

 

وإذا كان طوفان النفط في مصر وشرق المتوس، أمر غير سار بالنسبة للمصدرين الرئيسيين، فإنه قد يشكل نعمة لمصر والمصريين، فهذه النعمة تضع مصر على طريق "النمو والثروة والنفوذ" في الشرق الأوسط حسب تقرير مطول لصحيفة "نيويورك تايمز" نشرته في 13 مارس الماضي.

 

ومما يعنيه ذلك أن الرئيس "عبد الفتاح السيسي" سيصبح شريكاً لا غنى عنه بالنسبة إلى أوروبا، على حد قول الصحيفة.

وعلى ضوء ذلك يمكن القول أن القاهرة يمكن أن تعود إلى لعب دورها السياسي في منطقة الشرق الأوسط، كما كان عليه الحال في خمسينات وستينات القرن الماضي، بعيداً عن نفوذ البترودولار السعودي والخليجي، الذي يرى محللون أنه أثر سلبا على دور مصر وتحركاتها في المنطقة، وجعل نفوذها غير متناسب مع نفوذ دول أخرى أقل منها في المساحة والتاريخ.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان