من الجيزة إلى أسوان مسافة طويلة قرّر شاب في نهاية عقده الثاني أن يقطعها على ظهر حماره "ونيسة"، في رحلة تستغرق شهرًا يوثق بها عادات وتقاليد "الصعيد الجواني" وبطولات الحاضر والماضي. 

بهاء العمدة، هو شاب في التاسعة والعشرين من عمره، من محافظة سوهاج، قرّر أن يخوض تجربة ربما هي الأولى من نوعها في مصر، يصطحب فيها "حمار" أطلق عليه "ونيسة"، ينتقل به من قرية لقرية يوثق رحلته عبر بث مباشر على صفحته على موقع فيس بوك.

البعض استنكر على العمدة كونه يستقل الحمار ويرهقه في السفر، وكان بإمكانه أن يستقل أي وسيلة أخرى، ولكنّه يبرر ذلك بأنَّ هذه كانت وسيلة أجدادنا في السفر، ويريد أن يستعيد تلك العادات البسيطة التي أصبحت غائبة عن الأجيال الحاضرة.

يقطع العمدة المسافات على ظهر الحمار وهو يرتدي الزي الصعيدي "الجلابية والعمة" يراها شرفا ووساما على رأسه لا يجب أن يتبرأ منه كما يأخذ عليه البعض أنه شاب جامعي ويرتدي مثل هذا الزي، ولكنه يرى فيه حضارة قديمة لايزال يتباهى بها الغرب، بينما نحن من نقلد الغرب في ثيابهم ونتخلى عن ملابس أجدادنا.

يقول العمدة :"أنا لما تخرجت من الجامعة اتخرجت بالعمة والجلابية، أنا بعشق الصعيد الجواني، نفسي أقدم أهلي وناس بالجلابية والعمة، واحنا نتشرف بالزي دا، دا تراث لكن احنا ديما بنقلد الغرب، حتى لبسنا مش مهتمين به رغم أنه تخرج به علماء".

يصطحب بهاء العمدة بخلاف الحمار، سيارة 7 راكب بداخلها كافة ما يحتاجه من مآكولات وشراب ومستلزمات الحمار، وهاتف محمول يسجل عليه ما يراه من عادات وتقاليد.

بدأ بهاء العمدة رحلته من محافظة الجيزة قبل 8 أيام، واستمر في طريقه حتى وصل إلى قرية قلوصنا بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، وهناك استضافته إحدى الأسر بالقرية وبينما يسجل عبر بث مباشر عن عادات تلك القرية، صادف مرور شرطي، فسأله ماذا يفعل واصطحبه معه إلى نقطة شرطة قلوصنا. 

يروي بهاء ما حدث معه، عبر بث مباشر على صفحته على موقع فيس بوك، وأنه أثناء تواجده داخل قرية قلوصنا جرى التحفظ عليه من قبل أحد الضباط، واصطحبه معه إلى نقطة الشرطة، وسأله إذا ما كان معه ترخيص أم لا، وقام بالتحقق من هويته.

ويضيف العمدة :"قولت له إني معي حمار لا تحتاج إلى رخصة، وانا بوثق عادات الصعيد الجواني في رحلة من الجيزة لأسوان، وعاملوني بكل احترام وسجلوا بياناتي، وقالولي دا إجراء أمني طبيعي، وطلبوا مني أي قرية أعدي عليها أخد إذن من نقطة الشرطة".

وبعد التحقيق معه أفرجت الشرطة عن بهاء العمدة، وحتى لا يتكرر معه صعوبات أخرى، طالب الجهات الأمنية بأن تمنحه الموافقة على التسجيل، مضيفًا :"احنا بنقدم حاجات جميلة للناس عن الصعيد الجواني، وعن العادات والتقاليد ومعاناة الناس مع عادات الزواج، وعادات الثأر السيئة، ومش بنسيء للدولة بأي شيء".

"ديما بنقول الصعيد الجواني حكم ومعاني وحكاوي من زمان وحشاني"، هكذا يمدح بهاء العمدة الصعيد، مؤكدا أنه سيواصل رحلته بالحمار "ونيسة" حتى يشعر أهالي القرى أنه واحد منهم يشبه عاداتهم وحياتهم البسيطة التي يعشها هو أيضًا، فيسردون الحكاوي ويستعيدون الأمجاد، ويحدثون الشباب عن بطولات وحضارة أجدادهم ويباهون بها العالم أجمع.