ودعت مصر، اليوم الإثنين، مناضلا سياسيا وعماليا من الدرجة الأولى، كرس حياته للمطالبة بحقوق العمال وأصحاب المعاشات، وخاض مسيرة طويلة للدفاع عن البسطاء والفقراء ومصالح العمال، فكان نصيرهم لذا لقبوه بـ "نائب الغلابة ونصير أصحاب المعاشات"، إنه البدري فرغلي.
فبعد صراع مع المرض تعرض البدري فرغلي، البرلماني السابق ورئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، لوعكة صحية خلال الأيام الأخيرة، ألزمته دخول العناية المركزة حتى غيبه الموت اليوم، ليترك ورائه سيرة ومسيرة حافلة بالنضال السياسي والعمالي.
عاش البدري فرغلي حياته من أجل البسطاء، كف بصره، لكنه لم يفقد البصيرة أبدا وهو يدافع عن الغلابة، مرة عن العمال، وأخرى عن أصحاب المعاشات، ومرات عن الناس جميعا في شوقهم إلى العدل والكفاية والحرية، كما قال في نعيه الكاتب عمار علي حسن.
خاض البدري فرغلي طيلة حياته عددا كبيرا من المعارك مع وزراة التضامن الاجتماعي للدفاع عن حقوق أصحاب المعاشات، وظل مدافعا عنهم بين المحاكم حتى نجح في الحصول على حكم العلاوات الخمس.
وتحت قبة البرلمان ولأربع دورات متتالية، كان البدري فرغلي علامة بارزة للنواب، لم تغيره حصانة ولا مقعد، بل كان يناضل لأجل مدينته بورسعيد وللدفاع عن حقوق أصحاب المعاشات ومصالح العمال، فقدم في ذلك العديد من الاستجوابات والأسئلة، وخاض المعارك مع الوزراء.
البدري فرغلي، هو أحد مؤسسي حزب التجمع وعضوا بالأمانة العامة، بدأ رحلته في النضال منذ أن كان شابا في الثامنة عشر من عمره، حين شارك في المقاومة الشعبية في بورسعيد، التي وُلد بها عام 1947، لأب كان يعمل بالشحن والتفريغ في الميناء، و6 أخوة.
لم يعرف البدري فرغلي في طفولته وشبابه معنى الترفيه، كما صرح بذلك في إحدى الحوارات التلفزيونية، حيث سار على خطى والده في الميناء ولم يتركه إلا على أعتاب البرلمان، أو كما قال :"روحت من باجور القمح للبرلمان".
اشتهر البدري فرغلي منذ شبابه بدفاعه عن حقوق الغلابة والبسطاء والعمال، حتى دفعه محبيه للترشح رغما عنه ليصبح عضوا في البرلمان، وبالفعل نجح لأربع دورات متتالية أن يكون عضوا بارزا مناضلا تحت قبة البرلمان.
ورغم أن سنوات حياته لم تكن هادئة ومليئة بالمعارك السياسية والاجتماعية والعمالية، إلا أنه رحل في هدوء عن عمر يناهز الـ 74 عاما.
وفاة البدري فرغلي خلفت حزنا كبيرا لدى العديد من السياسيين والصحفيين والكتاب، فسطروا جزءا من مسيرته على صفحاتهم الشخصية، تخليدا لذكراه ومواقفه.
ويقول الكاتب والسياسي عمار علي حسن :"انطوت اليوم صفحة ناصعة من تاريخ مصر السياسي والاجتماعي برحيل البدري فرغلي، المناضل الذي عاش حياته من أجل البسطاء. كف بصره، لكنه لم يفقد البصيرة أبدا، وهو يدافع عن الغلابة، مرة عن العمال، وأخرى عن أصحاب المعاشات، ومرات عن الناس جميعا في شوقهم إلى العدل والكفاية والحرية".
وأضاف عمار: "كان حضوره البهي يؤكد دوما أن في مصر رجالا وطنيين شجعانا، لا يضرهم من خالفهم، وطالما كان بيننا حديث لم ينقطع عما يجب أن نفعل، وها هو قد ذهب وتركنا على الطريق، نستعيد صوته الأجش العميق الواثق يدافع عن كل جميل ونبيل في حياتنا".
وفي وداعه قال المحامي الحقوقي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية خالد علي :"وداعاً للعامل والنائب والمناضل الاشتراكى الجسور البدرى فرغلى، صاحب العطاء والكفاح الذى لم يتوقف دفاعاً عن شعب مصر، وحقوق فقرائه وفئاته المهمشة، والذى قدم نموذج استثنائى للأداء النيابى سواء كان داخل البرلمان أو خارجه، فاللهم أدخله فسيح جناتك، واغفر له بقدر ما قدمه من عطاء دفاعاً عن هذا الوطن وشعبه ومقدراته".
وعنه قال الكاتب الصحفي ونقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش :"رحيل البدري فرغلي .. رمز للقائد الشعبي الطبيعي .. انحيازاته كانت محجوزة مقدما للفقراء والبسطاء .. ومواقفه الوطنية حسمتها دائما حسبة الضمير . تغمده الله برحمته و عوضنا عنه خيرًا".
وقال الفقيه الدستوري نور فرحات في نعي البدري فرغلي :"المصابيح تنطفئ تباعا ، والشموع تحترق، ولكن يبقي ضوؤها باهرا يضئ مسيرة وطن، وداعا بدري فرغلي عاش ومات مناضلا صلبا من أجل الفقراء، رحمه الله وأكرم مثواه".
ونعاه ياسر الهضيبي، عضو مجلس الشيوخ، قائلا :"وداعًا البدري فرغلي، مناضل سياسي واجتماعي في تاريخ مصر، عاش حياته من أجل البسطاء، مدافعًا عن القيم الوطنية ومصالح العمال، فكان نصيرهم".
واستطرد الهضيبي:"عاش البدري فرغلي حياته كلها من أجل الحق، لم ينتفع من منصبه بأموال، ولكن ستلازمه وتسبقه للسماء دعوات المهمومين والمحتاجين الذين ظل مدافعًا عنهم حتى آخر لحظة، خالص عزاءنا لأسرة الفقيد وذويه وللشعب المصري، داعيًا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع مغفرته".