من حين لآخر تعلن الحكومة عن فرص للتوظيف، مثل مسابقات المعلمين ووظائف مصلحة الضرائب والسكك الحديد وغيرها، فضلًا عما توفّره المشروعات القومية من فرص عمل وصلت إلى 5 ملايين فرصة للشباب، ولكن هل تستوعب هذه الوظائف الشباب الخريجين الذين وتلبي طموحاتهم؟، وهل تتداخل الوساطة فيها أم أنها تُرسخ للشفافية؟.

 

بحسب تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فإن المشروعات القومية خلقت 5 ملايين فرصة عمل للشباب، فضلا عن زيادة الأجور لكل العاملين في القطاع الحكومي. 

 

التماسات وظائف الضرائب

 

ومؤخرًا طرحت وزارة المالية وظائف شاغرة بمصلحة الضرائب للتعاقد على 1700 وظيفة ٧٠٠ وظيفة مأمور ضرائب فحص، ومأمور ضرائب حصر، بمسابقة مصلحة الضرائب المصرية رقم ١ لسنة ۲۰۲۰.

 

وقرّر الدكتور محمد معيط، وزير المالية، فتح باب الالتماسات اعتبارًا من السبت ٦ فبراير إلى الجمعة ١٢ فبراير الحالي للمتقدمين للوظائف، والذين تم إخطارهم بأنهم «غير مستوفين» وذلك من خلال الرابط الإلكتروني: «eg.gov.mof.Jobs://https».

 

وأكد الوزير على ضرورة الدقة في التأكد من إتاحة فرصة الاختبارات الإلكترونية المؤهلة للتعاقد على هذه الوظائف لكل المستوفين للشروط المحددة؛ وذلك ترسيخًا للشفافية والنزاهة والموضوعية في اختيار الكفاءات الشابة من أوائل خريجي كلية التجارة شعبة المحاسبة.

ووجَّه الوزير بمراعاة أعلى درجات الدقة في إجراءات المفاضلة بين المتقدمين للتعاقد على الـ ١٧٠٠ وظيفة مأمور ضرائب فحص، ومأمور ضرائب حصر، حيث تتولى لجنة محايدة فحص هذه الالتماسات؛ بما يُسهم فى ترشيح أفضل العناصر للعمل بمصلحة الضرائب.

 

ولفت الوزير إلى أن الحكومة حريصة على توفير فرص عمل لأوائل الخريجين؛ لتوظيف قدراتهم ومهاراتهم الذاتية والمعرفية، في الارتقاء بمنظومة العمل الحكومي، والإسهام الفعَّال في تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والمشاركة في صنع القرار بأسلوب علمي؛ بما يضمن تعزيز الحوكمة المالية والإدارية، وصون حقوق الخزانة العامة للدولة، ورفع كفاءة التحصيل الضريبي، وإرساء دعائم العدالة الضريبية.

مصير مسابقة المعلمين

واحدة من المسابقات الحكومية التي لاتزال تمثل أزمة يبحث النواب عن مصيرها، هي مسابقة الـ36ألف معلم، التي أتاحتها وزارة التربية والتعليم في عام 2019. 

 

ومؤخرا جدد آلاف المعلمين الذين تم اختيارهم في مسابقة 36 ألف معلم سنة 2019، بعقود مؤقتة، دعواتهم المطالبة بتجديد التعاقد معهم مرة أخرى، وذلك عبر حملات على مواقع التواصل الاجتماعي طالبوا فيها الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم بإعادتهم إلى وظائفهم.

 

 

وتعود مشكلة هؤلاء المعلمين إلى عام 2019، حين أعلنت وزارة التربية والتعليم في فبراير عن مسابقة لتعيين 36 ألف معلم بعقود مؤقتة، وتم اختيار العدد المطلوب من أصل أكثر من 120 ألف معلم كانوا قد تقدموا بأوراقهم للمسابقة.

 

وفي أبريل من العام ذاته، استلم المعلمون العمل المؤقت الذي دام لمدة ثلاثة أشهر على الأكثر، ومع بداية العام الدراسي في 2020، تفاجأ هؤلاء بقيام وزارة التربية والتعليم بعدم التجديد لهم والاستغناء عنهم قبل بداية العام الجديد، رغم اجتيازهم كافة الاختبارات والتدريبات فضلًا عن تحضيرهم للمستندات المطلوبة والتي كلفتهم مبالغ مالية كبيرة.

 

وزاد غضب هؤلاء المعلمين عندما أعلنت وزارة التربية والتعليم في مارس 2020، عن فتح باب التقدم لمسابقات تعيين 120 ألف معلم لسد العجز القائم في المدارس الحكومية، وأكدوا أنهم أولى من المتبارين الجدد.

 

وفقًا لتصريح سابق للمحامي عمرو عبد السلام، فقد "تعمَّدت وزارة التربية والتعليم عند إعلانها لشروط المسابقة، كتمان أو إغفال مدة التعاقد مع هؤلاء المعلمين".

 

وأوضح عبد السلام، أن "إغفال أو كتمان الوزارة لمدة العقد، وطبقا للمادة 125 من القانون المدني، فإن الوزارة قد تحايلت واستخدمت طريقة من طرق الغش والتدليس في التعاقد مع المعلمين، لهذا يعتبر العقد باطلًا أو قابل للإبطال بحسب القانون".

 

وفي تصريح له، أمام البرلمان في يناير 2021، قال الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم إن مسابقة 36 ألف معلم  تمت لمدة مؤقتة فقط، والوزارة كانت واضحة مع من تعاقدت معهم منذ البداية، مضيفا :"مفيش وظائف لا 36 ولا لـ120 ألف لحاجتها لموازنة".

 

وبحسب تصريحات أخرى قال وزير التعليم:"المسابقة لا تعني التعيين بالضرورة، فلم يسبق للوزارة أن قالت للمتقدمين «هعينكم»، ضاربا المثال على ذلك بالشركة التي تعلن عن فتح باب التقديم لمسابقة ويتقدم لها 100 شخص، متسائلا، هل الشركة ملزمة بتعيين جميع المتقدمين لها أم تجري لهم مقابلة «إنترفيو»، وبالتالي الوزارة لم تقل لهؤلاء المتقدمين، أنها ستقوم بتعيينهم.

 

أضاف الوزير :"جميع التعيينات بالدولة موقوفة، كما أن الوزارة لم تقل يوما إن بها تعيينات جديدة، وبالتالي لكي أقوم بتعيين معلمين جدد من أول 1200 جنيه فأكثر توضع في موازنة الدولة، فهذا أمر مستحيل، إذن نحن نتحدث عن عقود مؤقتة في كل المسابقات والعقود المؤقتة اسمها مؤقتة ولا تسمى تعيين".

 

فيما طالب المهندس إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وزير التربية والتعليم، بتعيين الـ36 ألف معلم الذين تم الاستغناء عنهم رغم العجز الواضح في أعداد المعلمين.

 

وأشار النائب إلى أنه تم عمل مسابقة جديدة لتوظيف ١٢٠ ألف معلم ولم يعين منهم أحد، وصرح الوزير سابقاً بوجود عجز ٣٢٠ ألف معلم، كما صرح أيضاً بأن الوزارة وفرت مبلغ ١.٦ مليار جنيه من الموارد الخاصة للوزارة وتقدم ٤٠٠ ألف للتعاقد ولم يتم تعيين أحد منهم حتى الآن.

 

 

كما تقدم النائب محمد الغول، بطلب للدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب لتقديم سؤال إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير التربية والتعليم والتعليم الفنى بشأن المعلمين الذين تقدموا لمسابقة شغل وظائف على البوابة الإلكترونية للتوظيف.

 

وقال النائب، في بيان له، إنه بعد مراوغة من الوزارة والبوابة الإلكترونية دامت من شهر أكتوبر 2019 وحتى الآن، لم تفِ الوزارة بتصريحاتها ووعودها، بل صرح الوزير ونائبة الحالي بأنه لا يوجد لدى الوزارة ميزانية للتعاقد مع أحد، وأن الوزارة لم تعد أحدا بالتعيين، بعد أن جمعت الوزارة ملايين الجنيهات من الخريجين العاطلين عن العمل.

 

5 ملايين فرصة عمل للشباب

 

وإلى جانب المسابقات التي تعلنها الوزارات الحكومية، هناك أيضا المشروعات القومية التي تعكف عليها الحكومة على مستوى الجمهورية، والتي ساهمت في توفير 5 ملايين فرص عمل للشباب حسبما صرح بذلك الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.

 

وقال مدبولي، في اجتماع رئاسة الوزراء بتاريخ 3 ديسمبر 2020، إن الدولة انتهجت زيادة الأجور لكل العاملين في القطاع الحكومي وتشجيعه في القطاع الخاص، مقابل كبح جماح التضخم، مؤكدا أنه للمرة الأولى المواطن يبدأ يشعر بهذه الزيادة.

 

وأضاف مدبولي:"المشروعات القومية خلقت 5 ملايين فرصة عمل: "لو مكنش المشاريع دي اتعملت كان الشباب اللي بيتخرج وبيدور على فرص عمل هيعمل إيه؟"، لافتا إلى أن : 3.6 مليون أسرة يحصلون على دعم نقدي من خلال برنامج تكافل وكرامة، ومن المقرر أن يصل العدد إلى 4 ملايين أسرة.

 

شارع 306

 

ومن الوسائل التي أتاحتها الحكومة لتوفير فرص عمل للشباب بدلا من شبح البطالة مشروع " شارع 306"، وهو عبارة عن عربات طعام ومشروبات ومثلجات متحركة وثابتة بأسعار في متناول الجميع، لها فروع في الدقي ومساكن شيراتون وطنطا ودمياط، ولكن هل يلبي طموحات الشباب الخريجين؟

 

وشارع 306 أسسته شركة "تحيا مصر" القابضة للاستثمار والتنمية، وبمشاركة أسواق مصر إكسبريس للتطوير والإدارة، وهو مكون وحدات ثابتة ومتحركة متنوعة ما بين مأكولات سريعة ومشروبات ومثلجات، وعربات مصممة وفقًا لمعايير أوروبية.

 

 

وبحسب شادي سالم، مدير المشروعات بصندوق تحيا مصر، فإن مشروع شارع 306 يستهدف القضاء على شبح البطالة وتوفير فرص عمل آمنة للشباب، وتنظيم الأسواق كأحد عناصر التصدي للاقتصاد الموازي، كما أنه يوفر أماكن آمنه لتنزه الشباب والعائلات، ليحصلوا فيه على الخدمات التي يريدونها، وتقدم فيها الأطعمة وفق الاشتراطات الصحية.

 

وعما إذا كانت عربات الطعام مشروعا بديلا للقضاء على البطالة، يقول أحمد.ع، خريج كلية الطب وشقيقه على عربة "هامبورجر"،  يقوم بصناعة السندوتشات الجاهزة وتقديمها للزبائن، إن هذا المشروع يوفر دخل كبير ويساعده على المعيشة وغلاء الأسعار.

 

ولجأ أحمد وشقيقه للعمل بمشروع عربية الطعام بدلا من العمل بمجال دراسته، إذ يرى أن ربح هذا المشروع ربما يكون أكبر بكثير من الذي سيحصل عليه حال توظيفه بجهة حكومية. 

 

فيما تقول سحر وهبي، أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج، إن تخصيص عربيات أكل لتشغيل الشباب مبادرة جيدة وخطوة هامة من الحكومة للقضاء على البطالة ولكنها سلاح ذو حدين.

 

وأوضحت وهبي، فى تصريح سابق لمصر العربية، أن الجانب الإيجابى لخطة الدولة لتوفير أماكن لتشغيل الشباب أمر إيجابي، ولكن التخوف والسلاح الأخطر السلبي هو اعتماد الشباب على هذه المشروعات وعدم العمل في مجالات دراستهم الجامعية.

 

وأضافت :"ليس من المنطقى أن يذاكر شباب خلال سنوت عمره ويدخل الجامعة ويتخصص فى مجال عمل مثل الطب أو الهندسة وغيرها وفي نهاية الأمر يترك هذا المجال ويعمل على "عربية أكل" كطريقه للقضاء على  البطالة".

 

وقالت أستاذ الإعلام إن تشغيل الشباب والقضاء على البطالة فى حد ذاته أمر هام ويحتاج لمواجهة مجتمعية لحماية الشباب، ولكن يجب أن نوفر فرص عمل أخرى للشباب وخريجي الجامعات فى مجالات تخصصهم والعمل على إخراج شباب واعٍ ومفكّر يقود المجتمع وليس فقط شباب صاحب مشروع للوجبات السريعة.

 

تراجع البطالة 

 

وفي 15 نوفمبر 2020  أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نتائج بحث القوى العاملة للربع الثالث (يوليو - سبتمبر) لعام 2020، حيث بلغ معدل البطالة  7,3% من إجمالي قـوة العمـل مقابل 9,6% فى الربع الثاني من عام 2020 بانخفاض قدره 2,3 ٪، وبانخفاض قدره  0,5٪ عن الربع المماثل من العام السابق.

 

 

ويرجع هذا الانخفاض إلي عودة الأنشطة اليومية المعتادة لطبيعتها وذلك بعد التخفيف التدريجي للقرارات الاحترازية التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

 

وسجل تقدير حجـــم قـــــوة العمــــل 28,171 مليون فرد مقابل 26,689 مليون فرد خلال الربع السابق بنسبة ارتفاع  مقدارها 5,6٪  وقد بلغت قوة العمل فى الحضر 12,429 مليون فرد بينما بلغت فى الريف 15,742 مليون فرد. أما على مستوى النوع فقد بلغ حجم قوة العمل للذكور 23,688 مليون فرد بينما بلغت للإناث 4,483 مليون فرد.

 

ويرجع سبب ذلك الارتفاع إلي زيادة اعداد المشتغلين خلال هذا الربع نتيجة انهاء قرار الحظر الجزئي الذى اتخذته الدولة خلال جائحة كورونا.

 

فيما سجل عدد المتعطلين 2,061 مليون متعطل بنسبة 7,3٪ من  إجمالى قوة العمل (1,381 مليون ذكور ،680 ألف إناث) مقــابـل 2,574 مليون متعطل فى الربع الثاني  2020 بانخفاض قـدره 513 ألف متعطل  بنسـبة  19,9٪، وبـانخفاض قــدره  151  ألف متعطل عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة 6,8٪.

 

فيما صرح إلهامى الميرغنى، الخبير الاقتصادي وأمين عــام مجلــس أمنــاء حزب التحالف الشعبى الاشتــراكى، بأن البيانات الصادرة عن بعض الجهات الرسمية لا تتفق من حيث حجم قوة العمالة وحجم البطالة، زاعما استبعاد  أكثر من 3 ملايين عامل من نسب معدلات البطالة.

 

خطة 2021 

 

وفي إطار الحديث عن توفير فرص العمل، فإن وزارة القوى العاملة قد أعدت خطة لعام 2021، تعمل على إطلاق المنصة الوطنية لمعلومات سوق العمل المصري بهدف تجميع بيانات ومعلومات سوق العمل، وتحليلها والعمل من خلال نتائجها لتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

 

وبحسب وزير القوى العاملة محمد سعفان، فإن الهدف من هذه المنصة هو دعم متخذي القرار في الوقوف علي واقع سوق العمل الحالي وتحديد الرؤى المستقبلية، وذلك بمشاركة القطاع الخاص، فضلا عن ممثلي الوزارات المختصة والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

 

وبحسب سعفان فإن الملامح الأساسية لبرنامج عمل الوزارة في العام الجديد 2021، يرمي إلى توفير فرص عمل لائقة للشباب من خلال توثيق التعاون مع أصحاب الأعمال والمستثمرين لزيادة فرص العمل المعروضة.

 

كما يهدف برنامج الوزارة لعام 2021 إلى تعزيز تشغيل الفئات الأولى بالرعاية وتوفير فرص تدريبية مناسبة لذوي القدرات الخاصة في مبادرة "مصر بكم أجمل" وتأهيلهم للحصول علي فرص عمل ملائمة لهم، والعمل الحر وريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.