"البشرية في طريقها نحو انقراض جماعي"، هذا ما توصلت إليه نتائج تقرير مكونا من 150 دراسة أخرى مجمعة لفريق من علماء دوليين، حذر من مستقبل مظلم للغاية لكوكب الأرض، في ظل ما يعانيه من تحديات أبرزها التغيرات المناخية، التي اعتبرها العلماء المشكلة الأسوأ التي ستواجه العالم الفترة المقبلة.
وتشير الدراسة المنشورة في في مجلة "Frontiers in Conservation Science "، ونقلها موقع "الحرة"، إلى أن كوكب الأرض قد يواجه مستقبلا مروعا من الانقراض الجماعي والتدهور الصحي والاضطرابات المناخية على المدى البعيد، أحد ذلك الانهيار هو التغييرات المناخية.
وبحسب الدراسة فإن هناك تجاوز بيئي هائل تمثل في الاستخدام المتزايد للوقود الحفري، والتي سمحت بفصل الطلب البشري عن التجديد البيولوجي، بواقع 85 بالمائة من الطاقة التجارية، و65 بالمائة من الألياف، فضلا عن أن معظم المواد البلاستيكية تُنتج الآن من الوقود الحفري.
إلى ذلك حذر عالم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، من انقراض الجنس البشري بسبب الغازات الدفيئة التي ينتجها النشاط الصناعي للإنسان، إذ أن غالبية استخدامات الطاقة في العالم تتضمن التسخين، لإنتاج الكهرباء أو التدفئة وتبريد المباني والمركبات أو تصنيع الصلب والأسمنت أو الأنشطة الصناعية الأخرى، وينطوي ذلك على كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري في البيئة.
إنجازات لمواجهة التغيرات المناخية
وأمام هذه التحديثات التي تواجه العالم من تغيرات مناخية تلحق أضرارا كثيرة بكوكب الأرض، وضعت الحكومة المصرية خطة لاتخاذ العديد من الإجراءات للحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وفي هذا السياق أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، على اهتمام الوزارة بقضية التغيرات المناخية التى تشغل العالم بأسره نظراً لخطورتها على كوكب الأرض، مشيرة إلى الجهود الكبيرة التى اتخذتها وزارة البيئة للحد من آثارها السلبية خلال العامين الماضيين سواء على المستوى الوطنى أو الدولى.
ومن أبرز الإجراءات التي اتخذتها وزارة البيئة المصرية خلال العامين الماضيين، استكمال تنفيذ مشروع الخريطة التفاعلية لمخاطر ظاهرة التغيرات المناخية على جمهورية مصر العربية، والذي يتم على ثلاثة مراحل بالتعاون مع إدارة المساحة العسكرية والهيئة العامة للأرصاد الجوية ومركز بحوث المياه التابع لوزارة الموارد المائية والري.
ويهدف المشروع إلى مساعدة متخذي القرار على تحديد المناطق المعرضة للمخاطر المحتملة من تغير المناخ، بما قد يؤثر على تنفيذ خطة التنمية فى الدولة واتخاذ التدابير اللازمة فى القطاعات التنموية المختلفة، وكذا اقتناص فرص تمويلية للتكيف من الجهات الدولية.
وكانت وزيرة البيئة قد أشارت، في تقرير حول إنجازتها في مجال التغيرات المناخية، إلى أنها عملت جاهدة من أجل إعادة هيكلة المجلس الوطنى للتغيرات المناخية إلى أن صدر قرار من السيد رئيس مجلس الوزراء بشأن إعادة هيكلتة وتم إنعقاد أولى جلساته برئاسة رئيس مجلس الوزراء.
استراتيجية المواجهة
وتعمل وزارة البيئة على وضع إطار عام للإستراتيجية الوطنية الموحدة للتعامل مع قضية التغيرات المناخية، وإدخالها ضمن الخطط والاستراتيجيات القطاعية لتدريب العاملين فى الوزارات المعنية عليها.
ومنذ 2018 وقد بدأ تنفيذ مشروعات التغيرات المناخية، والتي تنقسم إلى مشروعات ممولة من الموازنة الخاصة للوزارة كمشروع الخريطة التفاعلية، ومشروعات ممولة من صندوق المناخ الاخضر، كمشروعات كلاً من "تعزيز التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ومناطق دلتا النيل في مصر"، بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري.
وهناك مشروع "إطار تمويل الطاقة المتجددة في مصر" بالتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، وبرنامج "تحويل نظم تمويل المناخ" بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD).
وبحسب وزيرة البيئة، فإن هناك مشروعات ممولة من صندوق التكيف كبرنامج بناء مرونة نظم الأمن الغذائي بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي بالقاهرة والجهاز التنفيذي لمشروعات التنمية الشاملة التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
كما نفذت وزارة البيئة عدد من المشروعات كمشروع بناء القدرات لخفض الانبعاثات، والذي نفذته وزارة البيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، ومشروع بناء القدرات في مجال الرصد والإبلاغ والتحقق من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإجراءات التكيف والتخفيف (Measurement, Reporting & Verification MRV) بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.
إضافة إلى ذلك هناك مشروع التقرير الأول المحدث كل سنتين تم تقديمه لسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للتغيرات المناخية فى 2019، فضلا عن البدء فى تنفيذ مشروع الإبلاغ الوطني الرابع في 2019 والذي يتضمن إعداد تقرير يقدم لسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بالمناخ.
وشاركت وزارة البيئة في تنفيذ مشروعات بالتعاون مع الجهات الأخرى، كمشروع التنمية بالمشاركة فى المناطق الحضرية وهو برنامج ممول من وزارة التنميــة الاقتصاديــة الألمانيــة إلى جانب الاتحاد الأوروبي و مؤسسة بيل وميلندا جيتس.
وأعدت وزارة اليئة مسودة لنهائية للبدء فى مشروع "تحويل نظم تمويل المناخ"، الذى يهدف إلى تقديم قروض طويلة المدي والدعم الفني لعدد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بتكلفة 150 مليون يورو.
ويعتمد مشروع تحويل نظم تمويل المناخ على تمويل مشترك بين الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وصندوق المناخ الأخضر لتمويل الاستثمارات التي تستوفي معايير الاستحقاق والتي سيتم تحديدها من خلال دراسة ما قبل التكوين، حيث سيتم التركيز بشكل محدد على أربعة قطاعات وهى "السياحة المستدامة وإدارة المخلفات والمياه والصرف الصحي والنقل".
وسيتم إدارة هذا القرض عن طريق عدد من البنوك الوطنية، كما تقدم الوكالة الفرنسية للتنمية منحة قدرها 1.5 مليون يورو لتغيير انماط القطاع المصرفى فى مصر، ليتواكب مع ما أعلنته البنوك التنموية الدولية بشأن عدم تمويل مشروعات تؤثر بصورة مباشرة على زيادة حدة التغيرات المناخية.
الاستثمارات الخضراء
ووفقا لتقرير أعدته وزارة البيئة عن استراتيجية مواجهة التغيرات المناخية، فإن الوزارة اتخذت إجراءات بالتعاون مع الوزارات الأخرى كالمالية والتخطيط لدمج البعد البيئى فى كافة خطط ومشروعات الدولة، والعمل على دعم الاستثمارات الخضراء التى تساهم فى مواجهة التغيرات المناخية.
وكانت من أهم هذه المشروعات طرح وزارة المالية لأول سندات خضراء سيادية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تم إعداد محفظة من المشروعات الخضراء المؤهلة بقيمة 1.9 مليار دولار، وتم طرح الإصدار الأول لتلك السندات بقيمة 750مليون دولار.
إلى جانب ذلك بذلت وزارة البيئة مساعيها في مجال المفاوضات الدولية حول تغير المناخ، التي أصبحت تحظى باهتمام عالمي متزايد وباتت في قلب أولويات الاجندة الدولية والمجتمع الدولي، في ظل تفاقم أزمة تغير المناخ وتأثيراتها متعددة الأبعاد التفاوضية.
و تضمنت أبرز تلك الجهود رئاسة المحور الخاص بتمويل المناخ مع ألمانيا خلال الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ ببولندا عام 2018.
وقد أدى نجاح الرئاسة المصرية والألمانية في التوصل إلى توافق في إطار هذا المسار، إلى تذليل العقبات أمام التوصل إلى التوافق في المسارات الأخرى للمفاوضات، مما أدى إلى التوصل إلى برنامج عمل اتفاق باريس، واعتماده في ختام المؤتمر، الأمر الذي كان محل إشادة كبيرة من كافة الدول ومن الأمين العام للأمم المتحدة الذي أثنى على دور مصر المحوري في هذا الصدد.
وفي نفس السياق استمرت مصر في تقديم الدعم والمساندة للمجموعة الافريقية، مما ساهم في إدراج المبادرة الافريقية للتكيف، التي كانت مصر قد اقترحت فكرتها وقامت بتصميمها وتطويرها بالتعاون مع المنظمات والاجهزة الافريقية، وأجهزة الأمم المتحدة، وأطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر تغير المناخ في باريس في ديسمبر 2015.