رئيس التحرير: عادل صبري 09:06 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الحكومة تتمسك بتصفية الحديد والصلب.. خسائر بالمليارات ولا جدوى للإصلاح

الحكومة تتمسك بتصفية الحديد والصلب.. خسائر بالمليارات ولا جدوى للإصلاح

أخبار مصر

شركة الحديد والصلب

الحكومة تتمسك بتصفية الحديد والصلب.. خسائر بالمليارات ولا جدوى للإصلاح

منى حسن 17 يناير 2021 15:16

أثار قرار الحكومة بتصفية شركة الحديد والصلب، موجة غضب عارمة، خلال الأيام الأخيرة، كونها واحدة من أقدم وأكبر شركات الحديد في الشرق الأوسط، فهي عبارة عن مجمع كامل للحديد والصلب في مدينة التبين بحلوان.

 

وأثيرت تساؤلات عدة حول الأسباب التي دفعت الشركة لإعلان التصفية، بالإضافة إلى تساؤلات حول مصير العمال العاملين بالشركة.

 

وردًا على تلك التساؤلات، أصدر مجلس الوزراء، اليوم الأحد، بيانًا يوضح فيه ملابسات القرار الذي تم اتخاذه، مستعرضا تقريرا مقدما من وزارة قطاع الأعمال العام بشأن شركة الحديد والصلب المصرية، وصولًا إلى قرار التصفية الذي اتخذته الجمعية العامة للشركة في 11/1/2021.

 

أرباح وخسائر الشركة

 

واستعرضت الوزارة في الجدول التالي أرباح / خسائر الشركة خلال العقدين من 1997-1998 الى 2017-2018، وذلك من واقع الدراسة التي قامت بها الشركة القابضة للصناعات المعدنية عام 2019:

تشير الأرقام الموضحة في العمود الثاني إلى تحقيق أرباح هامشية في أغلب السنوات خلال الفترة من عام 1997 / 1998 حتى الفترة 2002 / 2003 و لكنها في الحقيقة لا تعبر عن الواقع حيث كانت الشركة تقوم باستخدام الفروق الدائنة نتيجة لإعادة تقييم الأصول (الأراضى) بلغت 4092 مليون جنيه وذلك لتحقيق أرباح وهو ما كان مثار اعتراض من الجهاز المركزى للمحاسبات.

 

أما الأرباح التى حققتها الشركة خلال الفترة من 2006/2005 حتى عام 2010/2009 فقد تأثرت بإيرادات عرضية غير متعلقة بالنشاط مثل إيرادات سنوات سابقة ومخصصات انتفى الغرض منها، وفى حالة استبعاد هذه الإيرادات تتحول هذه الأرباح الى خسائر كما هو موضح بالأرقام في العمود الثاني باللون الأحمر.

 

وقد تعدت الخسائر في العامين التاليين 2018/ 2019 و 2019/ 2020 حاجز الـ1500 مليون و1000 مليون جنيه على التوالي.

 

أسباب الخسارة

 

وقالت الوزارة إن السبب الأساسي لتحقيق تلك الخسائر هو تقادم التكنولوجيا المستخدمة وانخفاض تركيز الحديد المستخرج من مناجم الشركة فى الواحات والذي لا يتعدى 50% فى المتوسط، مما يساهم فى الاستهلاك الكبير من فحم الكوك والغاز فى العملية الانتاجية وتضخم التكاليف المباشرة، حيث إن التركيز المطلوب للإنتاج بصورة اقتصادية هو فى حدود 60%.

 

كما أن سوء حالة الأفران والتوقفات المتكررة للفرن الرابع (وصلت إلى 92%) قد ساهمت في ارتفاع استهلاك الطاقة حيث وصل نصيب الطن المنتج من عناصر الطاقة في الحديد والصلب 44,3 مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل 20,6 مليون وحدة حرارية بريطانية/طن في المصانع المنافسة وذلك بخلاف الكوك الذي يصل نصيب الطن منه بالنسبة لشركة الحديد والصلب 1300 كيلو مقابل متوسط عالمي لاستهلاك الطن من 300-600 كيلو.

 

محاولات الحكومة لانتشال الشركة

 

واستعرضت الوزارة فيما يلي الحقائق الخاصة بالمحاولات التى قامت بها والشركة القابضة للصناعات المعدنية لانتشال الشركة من عثرتها:

 

- تم عام 2014 تكليف الاستشارى العالمى تاتا ستيل المتخصص فى هذه الصناعة بعمل دراسة شاملة لأوضاع شركة الحديد والصلب بتكليف من الشركة القابضة، وأصدر تقريره موضحا نوعية الأعمال المطلوبة لتطوير الشركة متضمنة المناجم والمصانع بالأفران وتقدير لحجم الاستثمارات المطلوبة آنذاك. وتم الإنتهاء من إعداد كراسة الشروط عام 2015 و لكن تأخر الطرح إلى منتصف 2017 وتم فتح العروض الفنية فى نهاية عام 2017.

 

- فى بداية عام 2018 تم الاستعانة بشركة تاتا ستيل مرة أخرى لتحديث الدراسة التي أعدتها في 2014 نظرا لمرور 4 سنوات من تاريخ اعداد التقرير الأول وتم تلقي التقرير المبدئي فى يوليو 2018 والذي أشار إلى حدوث أضرار كبيرة في الأفران نتيجة سوء التشغيل خلال ال 4 سنوات وعدم قدرة الإستشاري على تحديد حجم الضرر و بالتالي سبل الإصلاح، كما أشار إلى مدى واسع جدا للإستثمارات المطلوبة. وطلب الإستشاري تشغيل الأفران بالطاقة القصوى لمدة 3 أشهر متصلة مع رصد النتائج يوميا وهو ما لم تتمكن إدارة الشركة من عمله إذ بلغ مدى التشغيل المستمر 12 يوما فقط.

 

- في الربع الأول من عام 2019 تم دعوة بعض الشركات العالمية المتخصصة لتطوير وإدارة الشركة لمدة 20 عام بتمويل لا يقل عن 100 مليون دولار، مع تقديم الحوافز لها و أهمها تقليص العمالة إلى 4 آلاف عامل وسداد مديونيات الشركة والبالغة حينذاك حوالي 6.5 مليار جنيه. وتم سحب كراسة الشروط من 5 شركات وتقدم عرض وحيد على أساس مقاولة EPC وليس شراكة كما كان مطلوبا في الكراسة.

 

- بالتوازى مع محاولة البحث عن الشريك المتخصص كانت هناك إجراءات هيكلة ذاتية تقوم بها الشركة القابضة بإشراف من الوزارة منها تسوية بعض المديونيات المتزايدة على شركة الحديد والصلب للجهات السيادية والبنوك والشركة القابضة والتى تعدت ال 9 مليار جنيه، وتم بالفعل تسوية مديونيات لبنك مصر ووزارة البترول بقيمة 1.2 مليار جنيه.

 

تأثير التصفية على السوق

 

وبالنسبة للتخوف من تأثير تصفية شركة الحديد والصلب على السوق، أشارت الوزارة إلى أن إنتاج الشركة البالغ 112 ألف طن سنويا يمثل أقل من 1% من حجم السوق حيث إن الاستهلاك يتراوح بين 7 و8 ملايين طن سنويا، وحجم الطاقة الإنتاجية فى مصر حوالى 11.8 مليون طن سنويا، ويتم استيراد حوالى 2 مليون طن بأسعار أقل من المحلي.

 

حقوق العاملين

 

وبخصوص التشكيك في إجراءات التصفية وعدم مراعاة حقوق العاملين اكدت الوزارة على ما يلي:

 

- إن حقوق العاملين محمية بموجب القانون كما أن الوزارة أعلنت أكثر من مرة أن البرنامج يراعى أولا حقوق العاملين وهو ما حدث فى حالة تصفية شركة القومية للأسمنت على سبيل المثال.

 

- إن إجراءات البيع والتصفية يحكمها القانون بشكل تفصيلي كما تشرف عليها جهات رقابية على رأسها الجهاز المركزى للمحاسبات، سواء فى شركة الحديد والصلب أو أى شركة أخرى لأن القانون لا يختلف حسب حجم الشركة أو أهميتها.

 

وأكدت الوزارة على التزامها بتطوير الشركات التابعة لها فى كافة القطاعات بشرط كون المشروع ذو جدوى اقتصادية. وطرحت أمثلة لذلك:

 

- تم وضع خطة لتطوير شركة الدلتا للصلب تحت إشراف الشركة القابضة ورعاية وزارة قطاع الأعمال العام تتضمن مضاعفة الطاقة من 46 ألف طن بيليت يتم إنتاجها بخسارة إلى 500 ألف طن سنويًا بتكنولوجيا أفران الحث، إلى جانب إنشاء مسبك للزهر والصلب بطاقة إنتاجية 10 ألاف طن سنوياً و ذلك بتكلفة حوالى 800 مليون جنيه.

 

وقد انتهت أعمال المرحلة الأولى من التطوير ورفع الانتاجية إلى 250 الف طن من البليت وجارى استكمال تجارب التشغيل لافتتاحها.

 

- بالنسبة لشركتى المطروقات والنصر للمواسير فقد تم عمل دراسة شاملة لتطوير كلا منها بواسطة استشاري عالمى RCG وتم التعاقد مع نفس الاستشاري للاشراف على تنفيذ الخطة المقترحة وبتمويل من الشركة القابضة، وتجرى حاليا المرحلة الاولى منها للتأكد من امكانية رفع تركيز الخام.

 

- تم اختيار استشاري لمشروع التوسعات وتحديث الخلايا فى شركة مصر للألمنيوم والذي من المتوقع أن تصل تكلفته الى 13 مليار جنيه تمول بمزيج من القروض والتمويل الذاتى.

 

- في الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، جاري إنشاء خط جديد في شركة لعمل الفلنكات اللازمة لمشروعات السكك الحديد ، كما تم في 2020 الإنتهاء من مشروع تحديث شركة كيما بتكلفة تعدت 11 مليار جنيه.

 

- تشهد الشركة القابضة للغزل والنسيج أكبر مشروع تطوير منذ إنشاء المصانع في الثلاثينيات من القرن الماضي بتكلفة تتعدى ال 21 مليار جنيه.

 

- جار توقيع عقد مع شركة صينية كبرى لتأهيل مصنع النصر للسيارات بما يسمح بإنتاج سيارة كهربائية بطاقة 25 ألف سيارة.

 

تعويض العمال

 

وفى تصريح له ببرنامج حديث القاهرة المذاع على قناة "القاهرة والناس"، قال الدكتور هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال، إن الحديث المتعلق بالممتلكات الخاصة للشركة، "كلام فارغ، والمصنع مايسواش 10 صاغ، وسيتم تعويض العمال، والاستغناء عنهم، وليس من اختصاصى محاسبة من كان مسؤولا، وما سيحدث مزادات مفتوحة للجميع".

 

وأكد الوزير أنه إنه لا يوجد جدوى من تطوير مصانع الحديد والصلب، لأن الدولة تتحمل الكثير، مضيفا أن ما سيحدث إغلاق جزئي لأننا سنبقي على مناجم الحديد مع الجانب الأوكراني، وسنبيع المنتج إلى شركات الحديد، أما المصانع سيتم إغلاقها.

 

وفى مداخلة هاتفية لبرنامج "على مسئوليتي"، الذي يقدمه الإعلامي أحمد موسي على قناة "صدى البلد"، أوضح الوزير أن "القرار واضح وأعتذر للشعب المصري، عن تأخري عام قبل إعلانه"، وذكر أنه "سيتم إغلاق كافة الشركات التي لا أمل فيها، ومرتاح بنسبة 100% لقرار إغلاق شركة حلوان".

 

وفي المقابل، بدأ عمال الحديد والصلب، اليوم الأحد، اعتصاما مفتوحا داخل الشركة اعتراضا علي قرار الجمعية العمومية للشركة بغلق وتصفية المصانع  والذي صدر في 11 يناير الجاري .

 

وأشارت تقارير صحفية إلى أن العمال وأعضاء اللجنة النقابية تجمعوا امام مبنى الادارة وهتفوا بسقوط قرار التصفية، وطالب المعتصمون بإلغاء قرار التصفية والإغلاق وتطوير الشركة بما يليق بمكانتها وإمكانياتها الكبيرة كقلعة لصناعة الحديد والصلب بالشرق الأوسط ووفقا لامكانياتها الكبيرة التي تمكنها وتمهد لهذا التطوير.

 

وكانت عدة أحزاب ونقابات قد عبرت عن رفضها لقرار التصفية، بينما أعلنت دار الخدمات النقابية والعمالية مبادرة لإنقاذ الشركة ووقف قرار التصفية . وأكدت الدار أن تطوير الشركة ليس امرا مستحيلا كما يصوره البعض لكنه عملية تخضع للارادة والادارة الرشيدة معا، ودعت خبراء الصناعة إلى مناقشة بدائل التطوير والإصلاح الممكنة.

 

وشركة الحديد والصلب، هي إحدى شركات القطاع الأعمال العام وتتبع الشركة القابضة للصناعات المعدينة، وتعد من أقدم وأكبر شركات الحديد في الشرق الأوسط، فهي عبارة عن مجمع كامل للحديد والصلب في مدينة التبين بحلوان.

 

وترجع فكرة تأسيس الشركة إلى عام 1932 بعد نجاح مصر في توليد الكهرباء من خزان أسوان، إلا أنها ظلت حلم حتى جاء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وأخرجها من إطار الأحلام لتصبح حقيقة على أرض الواقع.

وتأسست شركة الحديد والصلب بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1954 كأول مجمع متكامل لإنتاج الحديد والصلب في العالم العربي برأسمال 21 مليون جنيه.

 

وطرح عبد الناصر الشركة في اكتتاب شعبي، وكانت قيمة السهم حينها نحو 2 جنيه مصري، وأقبل عليها عدد كبير من قبل المواطنين آنذاك، فضلا عن تعاون كافة أجهزة الدولة.

 

وبدأت الشركة في أول أعمالها في يوم 27 يونيو عام 1958، ذلك التاريخ المحفور في أذهان كل من شارك في تأسيس هذا الصرح ممن ساهموا في الاكتتاب إلى العمال الذين صنعت أيديهم باكورة الإنتاج بتلك القلعة الشامخة للصناعات الثقيلة.

 

ووصل انتاج شركة الحديد والصلب المصري سنويا إلى 1.2 مليون طن متري حديد تسليح، لكن ذلك المعدل تدهور في السنوات الأخيرة بسبب تقادم معدات الشركة وارتفاع تكلفة الانتاج بما يفوق سعر البيع، وهو ما كلف الشركة خسائر باهظة.

 

وتقدم شركة الحديد والصلب خدمات أخرى، منها تصنيع قطع الغيار، وتصنيع المعدات الاستثمارية، صناعة المعدات الكهربائية العاملة في مجال الصناعات الثقيلة.

 

وبرغم أهمية تلك الشركة إلا أنها تعرضت لخسائر كبيرة، أرجعها الخبراء إلى سوء الإدارات غير المؤهلة التي توالت على الشركة وتسببت في خسائر كبيرة أدت في النهاية إلى تصفية هذا الصرح العملاق.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان