رئيس التحرير: عادل صبري 02:30 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

تواجه الركود بالتخفيضات.. من ينافس قناة السويس؟

تواجه الركود بالتخفيضات.. من ينافس قناة السويس؟

أخبار مصر

المنطقة لاقتصادية بقناة السويس

تواجه الركود بالتخفيضات.. من ينافس قناة السويس؟

أحمد الشاعر 21 ديسمبر 2020 15:40

قررت هيئة قناة السويس تخفيض رسوم العبور لناقلات النفط العملاقة التي تسافر بين شمال أوروبا وجنوب شرق آسيا بنسبة 48%، وذلك في محاولة للحفاظ على مكانة القناة باعتبارها ممرا حيويا للنقل البحري.

 

وبدأت الهيئة في تطبيق التخفيض مطلع الشهر الجاري ويستمر حتى 31 مايو من العام المقبل.

 

من ينافس قناة السويس؟

 

محفوظ طه نائب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس السابق لفت إلى أن القرار لا علاقة له بخط أنابيب النفط المقترح بين إسرائيل والإمارات، والذي جاء بعد اتفاق التطبيع المبرم بين البلدين في وقت سابق من العام الحالي.

 

وأوضح طه أن التخفيضات التي أقرتها الهيئة جاءت بهدف جعل القناة أكثر تنافسية، وأنه لم يُتخذ مع وضع خط الأنابيب في الاعتبار.

 

 ومع ذلك، فإنه من المتوقع أن يكون المشروع بمثابة قناة رئيسية بين أوروبا وآسيا، ويمكن أن يقلل عائدات الحكومة المصرية من قناة السويس بشكل كبير، لأنه سيقلل من اعتماد أوروبا والشرق الأوسط على قناة السويس في إمدادات الطاقة.

 

هذا المشروع يمكن أن يحظى بدعم أمريكي، إذ تضغط واشنطن من أجل إيجاد مسارات عبور جديدة للنفط والغاز في الشرق الأوسط وتقليل الاعتماد على مضيق هرمز قبالة السواحل الإيرانية، حسب ما صرح به وزير الطاقة الأمريكي دان برويليت لشبكة سي إن بي سي.

 

وقدم برويليت، الذي من المتوقع أن يعين الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بديلا له خلال 4 أسابيع، مقترحا بنقل البترول والغاز عبر إسرائيل لكنه لم يستبعد مصر تماما من الخطة.

 

 وقال برويليت إنه "لو تمكنا من نقل الغاز الطبيعي إلى سواحل مصر أو إسرائيل، سيمكننا بعد ذلك نقله عبر البحر المتوسط، بدلا من المرور عبر نقاط الاختناق المعتادة الأخرى"، في إشارة إلى أن مصر يمكن أن تكون بوابة مهمة لصادرات الغاز الطبيعي إلى الغرب.

 

روسيا

 

 تعمل موسكو حاليا على جذب السفن التجارية للمرور عبر مياه المحيط المتجمد الشمالي بدلا من قناة السويس. الخبر الجيد هنا أن روسيا لا تتوقع جذب السفن إلى المسار الخاص بها على مدار العام حتى نهاية العقد الحالي، لكنها ربما تعرض تغطية تكاليف التأمين الإضافية لشركات الشحن البحري.

 

 أما الخبر السيئ فهو أن المسار الذي تقدمه روسيا أقصر بنحو 3 آلاف ميل بحري مقارنة بقناة السويس. وفي حين أنه ما زال غير قابل للعبور على مدار العام بأكمله، فإننا لن نتفاجأ لو ساعد تغير المناخ موسكو على تسريع خططها.

 

عائدات قناة السويس ارتفعت منذ بداية العام الجاري بنسبة 8% على أساس سنوي لتحقق 5.72 مليار دولار، طبقا لتصريحات رئيس الهيئة أسامة ربيع الأسبوع الماضي.

 

ولم تتغير عائدات القناة كثيرا خلال العام المالي 2020/2019 رغم انخفاضها في البداية بسبب الجائحة، إذ سجلت 5.72 مليار دولار مقابل 5.75 مليار دولار في العام المالي السابق، بينما تراجعت بنسبة 9.6% خلال مايو على أساس سنوي، بسبب تراجع حركة التجارة عالميا مع تفشي وباء "كوفيد-19".

 

طريق رأس الرجاء الصالح

 

في مايو 2020، تراجعت أسعار النفط ، مع انخفاض حركة التجارة العالمية، بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا حول العالم، وهو ما دعا بعض سفن الشحن إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، بدلا من استخدام قناة السويس، للحد من التكلفة المادية، رغم طول الوقت المستغرق في الرحلة.

 

وفي ذلك الوقت قللت هيئة قناة السويس في مصر - التي تعد الممر المائي الأبرز في العالم - من أهمية تغيير تحالفين ملاحيين خطوط سير بعض سفنهما، بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالميا، وسط مخاوف البعض من تأثيرات ذلك على عوائد القناة مستقبلا.

 

وقالت هيئة القناة، التي يمر عبرها نحو 10 بالمئة من حركة التجارة العالمية، إن تغيير خطوط سير بعض السفن جاء بالتنسيق بين التحالفين وإدارة القناة، التي تتواصل مع الشركات الملاحية بشكل دائم، "للوقوف على طلباتها ودراستها والاستجابة لبعضها".

 

وعلّق جورج صفوت، المتحدث الرسمي باسم هيئة قناة السويس، إن ثلاث سفن فقط تابعة لخط CMA-CGM وتحالف 2M الملاحي عبروا طريق رأس الرجاء الصالح، في شهر أبريل الماضي، ومايو ، موضحا: "ذلك الأمر حدث بالتنسيق مع هيئة قناة السويس، وهناك سفن أخرى تابعة للخطين الملاحيين المذكورين عبروا القناة، خلال الأسابيع الماضية".

 

وتوفر قناة السويس، وهي ممر مائي اصطناعي بطول 193 كيلومترا يربط البحر الأحمر بالمتوسط، ما يتراوح بين خمسة إلى 15 يوما في المتوسط، من وقت الرحلة مقارنة بالطرق الأخرى.

 

ووفقا لدراسة جديدة أجرتها شركة "ألفالاينر"، وهي شركة متخصصة في الملاحة البحرية وعبور السفن، "فقد ارتفع عدد الحاويات، التي اختارت استخدام طريق رأس الرجاء الصالح وتجاوز قناة السويس، إلى أعلى مستوى تاريخي في وقت السلم، بما في ذلك 20 رحلة على الأقل من وإلى آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية".

 

قناة السويس تواجه الركود بالتخفيضات

 

ويقول حمدي برغوث، خبير النقل البحري: "التخفيضات المباشرة من شأنها خفض إيرادات قناة السويس، ويصعب تغييرها في المستقبل، لأن ذلك يعتبر تخفيضا لتكلفة العبور في القناة على المدى الطويل"، وفقا لبي بي سي.

 

واقترح برغوث، وهو عضو سابق في هيئة موانئ البحر الأحمر، منح الخطوط الملاحية بعض الإجراءات التحفيزية، مثل نسب مجانية من حمولة السفن.

 

وأضاف برغوث أن قناة السويس قد تفقد نحو 15 في المئة من إجمالي إيراداتها، وهو الأمر الذي يصفه بـ "الكارثة"، مطالبا الحكومة المصرية بأن تركز على إيرادات قناة السويس، بخلاف رسوم العبور، حتى تتمكن من التعامل مع انكماش حركة الملاحة في القناة.

 

وليست هذه المرة الأولى، التي تواجه قناة السويس أزمة كهذه، ففي مطلع عام 2016، قالت تقارير صحفية إن الأسعار المنخفضة للنفط، في ذلك الوقت، قد جعلت عشرات من سفن البضائع تتجنب دفع التعريفات المكلفة لقناة السويس، وهو ما دفع إدارة القناة لاتخاذ قرارات بتخفيضات كبيرة آنذاك.

 

وتعتبر قناة السويس ثالث أكبر مصادر النقد الأجنبي لمصر، بعد تحويلات المصريين في الخارج والسياحة، على الترتيب، وبلغت إيراداتها 5.9 مليار دولار في العام المالي الماضي.

 

ومنذ إفتتاح مشروع إزدواج قناة السويس في أغسطس 2015 ، حتى ديسمبر الجاري، أصدرت الهيئة أكثر من 42 منشورا ملاحيا ما بين منح حوافز وتخفيضات أو تعديل لنسب التخفيضات للسفن العابرة ومن بينها سفن الحاويات والصب الجاف وناقلات الغاز والبترول، وفقا لبيانات موقع هيئة قناة السويس الرسمي.

 

تأثير اتفاقيات التطبيع على قناة السويس

 

الاتفاقيات المبرمة بين إسرائيل وبعض دول الخليج قد يكون لها تأثير سلبي على مصر من الناحية الاقتصادية، لاسيما في مجالات التجارة والسياحة وجذب الاستثمارات، هكذا علق الخبير الاقتصادي أحمد النجار، لافتا إلى أن التطبيع قد يلحق الضرر بقناة السويس.

 

وأوضح النجار، في تصريحات لموقع "سبوتينك"، أن حركة النقل بين إسرائيل ودول الخليج عن طريق مد خط سكك حديدية، سيفقد قناة السويس الكثير، وهو ما يعني أن إسرائيل ستصبح ترانزيت بين الخليج وأوروبا وهو ما سيكون على حساب حركة النقل عبر قناة السويس.

 

وفي السياق نفسه قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن مصر تواجه بسبب اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين، خسائر في قناة السويس، إذ سيتم استبدال جزئي القناة التي تعد مصدر مالي مهم لمصر، ببدائل أرخص لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض عن طريق أنابيب النقل التي توصل بين ميناءي إيلات وعسقلان.

 

وبحسب الخبير الاقتصادي نصر عبدالكريم، في تصريحات صحفية، فإن هذا الخط بين الإمارات وإسرائيل يعني أن تفقد قناة السويس بريقها، ويؤذي مصر ومركزها الاستراتيجي، بجانب مضيق هرمز الذي يمر منه 40% من النفط العربي.

 

ويمر من قناة السويس نحو 10% من حجم التجارة العالمية، وكانت مصر تخطط لزيادة هذه السعة إلى 12 % بحلول عام 2023، ولكن أصبح خط النقل النفطي الجديد "إيلات-عسقلان" يمثل تحديا كبيرا أمام قناة السويس المصرية.

 

ويهدف الخط الملاحي الإسرائيلي إلى نقل النفط من الخليج إلى أوروبا بدون المرور عبر قناة السويس، التي تأتي نحو 17% من عائداتها من ناقلات النفط، وتعد أحد مصادر العملة الأجنبية لمصر.

 

فيما أشار عواد أبو عواد، الباحث بمركز القدس للدراسات الإسرائيلية، إلى أن خط النقل النفطي إيلات-عسقلان سوف يحقق لإسرائيل أرباحاً بقيمة 3 مليارات في العام الأول، و10 مليارات أخرى بعد 7 سنوات على تشغيله.

 

وبحسب ما أعلنه وزير المواصلات السابق يسرائيل كاتس، فإن تشغيل خط السكة الحديد لربط حيفا والإمارات، لنقل البضائع الخليجية عن طريق البر، سيرفع حجم التبادل التجاري الإسرائيلي الخليجي بعد مرور 10 سنوات إلى 30 مليار دولار، مما يعني ثلث قيمة التجارة الخارجية الإسرائيلية.

 

منافسة قوية

 

لم تكن الخسائر المتوقعة جراء التطبيع الخليجي الإسرائيلي تقف عند قناة السويس، بل تمتد إلى قطاع السياحة أيضا وفقا للخبير الاقتصادي أحمد النجار، موضحا أن الإمارات ستصبح منافسا قويا على صعيد السياحة، بحيث تكون المزارات السياحية في إسرائيل وجهة منافسة للمزارات المصرية، خاصة أن طبيعة التطبيع في الخليج تقلل من مقاومة التطبيع الشعبي.

 

وأضاف أن الخليج يمثل أحد الأسواق أمام الصادرات المصرية، ولكن في ظل وجود علاقات اقتصادية بين إسرائيل ودول الخليج تعني مواجهة السلع المصرية منافسة قوية مع مثيلاتها الإسرائيلية، منوها إلى أن إسرائيل أيضا ستمثل منافسة لمصر في جذب الاستثمارات المباشرة.

 

وذهب النجار، في تصريحات صحفية، إلى أن التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج قد يصل إلى مشاريع مشتركة تصبح فيها إسرائيل ناقل التكنولوجيا الأمريكية والأوروبية إلى دول الخليج، وتوطين الاستثمارات الخليجية في دول الخليج نفسها، ومن ثم يؤثر على تدفق الاستثمارات الخليجية لمصر.

 

 

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان